مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

صاحب الجنتين

اللغة العربية - الصف العاشر

سورة الكهف سورة مكية اشتملت على عدد من القصص وهي:قصة أصحاب الكهف ، وقصةصاحب الجنتين، وقصةسيدنا موسى والعبد الصالح ، وقصة ذي القرنين ، وقصة آدم وإبليس.أما فضل سورة الكهف فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء ، يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين  "

درسنا اليوم قصة من قصص سورة الكهف وهي قصة صاحب الجنتين. انظر إلى هذه الصور :

صورة( أ)                                                                                                        صورة (ب)                                                                                                       صورة(ج)

ما علاقة هذه الصور ببعضها؟  تناولت هذه الصور قصة من القصص التي وردت في سورة الكهف ؛ وهي قصة صاحب الجنتين،فتمثل الصورة (أ) بداية القصة والصورة (ب )وسطها والصورة (ج )نهايتها .

اقرأ الآيات الكريمة الآتية مراعياً أحكام التجويد :

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَاضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا* كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً* وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لَصَحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَاْ أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً* وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً* قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً* لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا* وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَدًا* فعسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا* أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا* وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا* وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً* هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} (32ـ44).

معاني المفردات

{جَنَّتَيْنِ}: بستانين.

{وَحَفَفْنَاهُمَا}: أحطناهما.

{يُحَاوِرُهُ} المحاورة: مراجعة الكلام في المخاطبة.

{نَفَراً}: أنصاراً وأعواناً.

{تَبِيدَ}: تفنى.

{قَائِمَةً}: كائنة.

{حُسْبَانًا}:الآفة المهلكة ،عذاباً .

{صَعِيدًا }: أرضاً لا نبات فيها.

{زَلَقًا}: أرضاً ملساء مستوية لا نبات فيها. وأصل الزلق ما تزلق عليه الأقدام ولا تثبت.

{غَوْرًا}: ما ذهب وغار في الأرض.

{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ}: كناية عن الهلاك.

{يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ}: كناية عن الندم.

{خَاوِيَةٌ}: خالية، فارغة، هاوية.

{عُرُوشِهَا}: العروش جمع عرش وهو السَّقف. والمراد به هنا الكروم التي سقطت على الأرض.

{عُقْبًا}: عاقبة.

الشرح:

{ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ }

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: اضرب للناس مثل هذين الرجلين، الشاكر لنعمة الله ، والكافر لها، وما صدر من كل منهما، من الأقوال والأفعال، وما حصل بسبب ذلك من العقاب العاجل والآجل، والثواب، ليعتبروا بحالهما، ويتعظوا بما حصل عليهما،  فأحد هذين الرجلين الكافر لنعمة الله الجليلة، جعل الله له جنتين، أي: بستانين من أعناب.

{ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ } أي: في هاتين الجنتين من كل الثمرات، وخصوصا أشرف الأشجار، العنب والنخل، فالعنب في وسطها، والنخل قد حفها - فحصل فيه من حسن المنظر وبهائه، وبروز الشجر والنخل للشمس والرياح، التي تكمل بها الثمار، وتنضج وتتجوهر، ومع ذلك جعل بين تلك الأشجار زرعا، فلم يبق عليهما إلا أن يقال: كيف ثمار هاتين الجنتين؟ وهل لهما ماء يكفيهما؟ فأخبر تعالى أن كلا من الجنتين آتت أكلها، أي: ثمرها وزرعها ضعفين، أي: متضاعفا { و } أنها { لم تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا } أي: لم تنقص من أكلها أدنى شيء، ومع ذلك، فالأنهار في جوانبهما سارحة، كثيرة غزيرة.

{ وَكَانَ لَهُ } أي: لذلك الرجل { ثَمَرٌ } أي: عظيم ولهذا اغتر هذا الرجل بهما، وتبجح وافتخر، ونسي آخرته.

 

{ 34-36 } { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا }
 

أي: فقال صاحب الجنتين لصاحبه المؤمن، وهما يتحاوران، { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } فخر بكثرة ماله، وعزة أنصاره من عبيد، وخدم، وأقارب، وهذا جهل منه، ثم لم يكفه هذا الافتخار على صاحبه، حتى حكم، بجهله وظلمه، وظن لما دخل جنته، فـ { قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ } أي: تنقطع وتضمحل { هَذِهِ أَبَدًا } فاطمأن إلى هذه الدنيا، ورضى بها، وأنكر البعث، فقال: { وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي } { لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا } أي ليعطيني خيرا من هاتين الجنتين، وبهذا يكون من أجهل الناس، وأبخسهم حظا من العقل، فأي تلازم بين عطاء الدنيا وعطاء الآخرة، حتى يظن بجهله أن من أعطي في الدنيا أعطي في الآخرة،  { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } ووصفه بالظلم يدل على تمرده وعناده.

{ 37-39 } { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًاوَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ }

أي: قال له صاحبه المؤمن، ناصحا له، ومذكرا له حاله الأولى، التي أوجده الله فيها في الدنيا { مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا } فهو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد والإمداد، وواصل عليك النعم، ونقلك من طور إلى طور، حتى سواك رجلا، كامل الأعضاء والجوارح المحسوسة، والمعقولة، وبذلك يسر لك الأسباب، وهيأ لك ما هيأ من نعم الدنيا، فلم تحصل لك الدنيا بحولك وقوتك، بل بفضل الله تعالى عليك، فكيف يليق بك أن تكفر بالله الذي خلقك من تراب، ثم من نطفة ثم سواك رجلا، وتجحد  نعمته، وتزعم أنه لا يبعثك، وإن بعثك أنه يعطيك خيرا من جنتك؟! هذا مما لا ينبغي ولا يليق. ولهذا لما رأى صاحبه المؤمن حاله واستمراره على كفره وطغيانه، قال مخبرا عن نفسه، على وجه الشكر لربه، والإعلان بدينه: { لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا } فأقر بربوبية لربه، وانفراده فيها، والتزم  طاعته وعبادته، وأنه لا يشرك به أحدا من المخلوقين، ثم أخبره أن نعمة الله عليه بالإيمان والإسلام، ولو مع قلة ماله وولد، أنها هي النعمة الحقيقية، وأن ما عداها معرض للزوال والعقوبة عليه والنكال، فقال:

{ 39-44 } { إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا * أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا }

أي: قال للكافر: أنت -وإن فخرت علي بكثرة مالك وولدك، ورأيتني أقل منك مالا وولدا -فإن ما عند الله، خير وأبقى، وما يرجى من خيره وإحسانه، أفضل من جميع الدنيا، التي يتنافس فيها المتنافسون.

{ فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا } أي: على جنتك التي طغيت بها وغرتك { حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ } أي: عذابا، بمطر عظيم أو غيره، { فَتُصْبِحَ } بسبب ذلك { صَعِيدًا زَلَقًا } أي: قد اقتلعت أشجارها، وتلفت ثمارها، وغرق زرعها، وزال نفعها.

{ أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا } أي: غائرا في الأرض { فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا } أي: غائرا لا يستطاع الوصول إليه بالمعاول ولا بغيرها، وإنما دعا على جنته ، غضبا لربه، لكونها غرته وأطغته، واطمأن إليها، لعله ينيب، ويراجع رشده، ويبصر في أمره.

فاستجاب الله دعاءه { وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ } أي: أصابه عذاب، أحاط به، واستهلكه، فلم يبق منه شيء، والإحاطة بالثمر يستلزم تلف جميع أشجاره، وثماره، وزرعه، فندم كل الندامة، واشتد لذلك أسفه، { فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا } أي على كثرة نفقاته الدنيوية عليها، حيث اضمحلت وتلاشت، فلم يبق لها عوض، وندم أيضا على شركه، وشره، ولهذا قال: { وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا }

قال الله تعالى: { وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا } أي: لما نزل العذاب بجنته، ذهب عنه ما كان يفتخر به من قوله لصاحبه: { أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } فلم يدفعوا عنه من العذاب شيئا أي: كيف يكون له أنصارا على قضاء الله وقدره الذي إذا أمضاه وقدره، لو اجتمع أهل السماء والأرض على إزالة شيء منه، لم يقدروا؟"

ولا يستبعد من رحمة الله ولطفه، أن صاحب هذه الجنة، التي أحيط بها، تحسنت حاله، ورزقه الله الإنابة إليه، وراجع رشده، وذهب تمرده وطغيانه، بدليل أنه أظهر الندم على شركه بربه، وأن الله أذهب عنه ما يطغيه، وعاقبه في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد خيرا عجل له العقوبة في الدنيا. وفضل الله لا تحيط به الأوهام والعقول، ولا ينكره إلا ظالم جهول.

{ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي: في تلك الحال التي أجرى الله فيها العقوبة على من طغى، وآثر الحياة الدنيا، والكرامة لمن آمن، وعمل صالحا، وشكر الله، ودعا غيره لذلك، تبين وتوضح أن الولاية لله الحق، فمن كان مؤمنا به تقيا، كان له وليا، فأكرمه بأنواع الكرامات، ودفع عنه الشرور ، ومن لم يؤمن بربه ويتولاه، خسر دينه ودنياه، ففي هذه القصة العظيمة، اعتبار بحال الذي أنعم الله عليه نعما دنيوية، فألهته عن آخرته وأطغته، وعصى الله فيها، أن مآلها الانقطاع والاضمحلال، وأنه وإن تمتع بها قليلا، فإنه يحرمها طويلا، وأن العبد ينبغي له -إذا أعجبه شيء من ماله أو ولده- أن يضيف النعمة إلى موليها ومسديها، وأن يقول: { ما شاء الله، لا قوة إلا بالله } ليكون شاكرا لله متسببا لبقاء نعمته عليه، لقوله: { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ } وفيها: الإرشاد إلى التسلي عن لذات الدنيا وشهواتها، بما عند الله من الخير لقوله: { إِنْ تَرَن أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ } وفيها أن المال والولد لا ينفعان، إن لم يعينا على طاعة الله كما قال تعالى: { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا } وفيه الدعاء بتلف مال ما كان ماله سبب طغيانه وكفره وخسرانه، خصوصا إن فضل نفسه بسببه على المؤمنين، وفخر عليهم، وفيها أن ولاية الله وعدمها إنما تتضح نتيجتها إذا انجلى الغبار وحق الجزاء، ووجد العاملون أجرهم فـ { هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا } أي: عاقبة ومآلا.

 

الفوائد المستفادة من قصة صاحب الجنتين :


1- أخذ العظة والعبرة من حال من خدعته الدنيا بما أظهرت له من الملذات، وعدم عصيان الله أو نسيان الآخرة.

2- النعمة التي ينعم الله -تعالى- بها على عباده هي مُلكٌ لله، يؤدي الإنسان حقّها بالشُكر، وإن لم يستخدمها في طاعة الله لا تتحقّق منها أي فائدة، وتكون سببًا في بطلان أعماله.

3- ينعم الله على عباده ليبتليهم وينظر هل يشكرون أم يكفرون. 

4- كلّ النعم ما عدا الإسلام والإيمان معرضةٌ للزوال، وهما النعمتان الحقيقيتان وإن كان كلّ ما سواهما قليلًا فكلّه زائل ولا يُفيد يوم القيامة.



الكناية

تعريفها : بأنها تعبير تم استعماله في غير معناه الأصلي الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي. أو هي لفظ يعتمد على معنيين أحدهما ظاهر غير مقصود والآخر مخفي وهو المقصود، 

مثال:
وقف مرفوع الرأسويأتي المعنى الظاهر للجملة بأنه رفع رأسه إلى أقصى ارتفاع، بينما يدل المعنى الخفي لها على الفخر والاعتزاز.

قول الله تعالى ” ويوم يعض الظالم على يديه “: نجد أن المعنى الظاهر في هذه الآية هو عض الأيدي، ولكن المعنى الخفي هو الشعور بالندم الشديد.


هناك ثلاثة أنواع للكناية وهي: الكناية عن الصفة والكناية عن النسبة والكناية عن الموصوف.

1-الكناية عن الصفةوهي الكناية التي تدل على صفة تلازم المعنى المخفي في الجملة مثل (الصدق والأمانة والاحترام والتقدير، إلخ)اي ذكر العنصر الموصوف مع صفة ما ولكنها ليست المقصودة، وإنما المقصود صفة أخرى تُفهم من معنى الجملة.

مثال:
ألقى الجندي سلاحه : المعنى الظاهر هو إلقاء السلاح، بينما المعنى الخفي أو الصفة المقصودة هي الاستسلام.

قول الله تعالى ” ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط “: المعنى الظاهر لتعبير يدك مغلولة إلى عنقك هو إحكام قبضة اليد حول العنق بينما المعنى الخفي أو الصفة المقصودة هي صفة البخل، كذلك تعبير تبسطها كل البسط: فيأتي المعنى الظاهر هو فتح اليدين ولكن المعنى الخفي لها أو الصفة المقصودة هي صفة التبذير.

2-كناية عن النسبةوهي الكناية التي تشير إلى الموصوف وصفته ولكنها لا تنسب إليه مباشرة، بل لشيء يدل عليه أو يرتبط به كالنسبة إلى حسن الخلق أو فصاحة اللسان. ويمكن تعريفها أيضًا بأنها هي الكناية التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شيء متصل بالموصوف (الفصاحة، البلاغة، الخير) حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه. مثل :(الفضلُ يسير حيث سار) كِناية عن نسبة الفضل إليه دون ذِكره مع نسبة الفضل إلى المكان الذي يتواجد فيه وليس إليه مُباشرةً،وكما في قولنا الكرم بين ثوبيه.

أمثلة أخرى:
الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه : وهي كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة لأنها موجودة في كلامه وإلى البلاغة لأنها تظهر في لسانه.

قول المتنبي” وأسمعت كلماتي من به صمم “: ويأتي المعنى الظاهر لبيت الشعر بأن الأصم يمكنه سماع شعر المتنبي، ولكن نرى أن المعنى الخفي هو مدح المتنبي لشعره نسبة إلى سماع الأصم له.

3-كناية عن الموصوفوهي الكناية التي تذكر الصفة ولا تذكر الموصوف، أي تشير إليه باستخدام شيء خاص فيه كلقب أو تركيب معين. ويمكن تعريفها أيضًا بأنها هي التي يُكنى بها عن ذات أو موصوف (اللغة، السفينة) وهي تُفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف.

مثال:
قول الله تعالى ” فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت “: وهذه الآية كناية عن سيدنا يونس لأنه يُلقب بصاحب الحوت.

يا ابنة اليم ما أبوك بخيلًاوابنة اليم هو تعبير يُكنى به عن السفينة.



 

 

علامات الترقيم ومواضعها

 

الفاصلة (، )

مواضعها :

1 – بين الجمل التي يتكون من مجموعها كلام تام في معنى معين ، مثل :

إن العلم للنفس الإنسانية كمال تتحلى بفضائله ، وهو نور العقل ، وسراج القلب ، به تنال الشرف ، وتكتسب الفخر .

2 – بين أنواع الشيء وأقسامه ، مثل :

أنواع المادة ثلاثة : أجسام صلبة ، وأجسام سائلة ، وأجسام غازية .

 

3 – بعد المنادى ، مثل :

يا رجل ، اتق الله .

4– بين الشرط وجوابه ، وخاصة إذا طالت جملة الشرط ، مثل :

إذا لم تحترم من هم أكبر منك ، فقد تقل مروءتك .

5 – بين القسم وجوابه ، مثل :

والله ، لأكرمنك .

6– بعد حرف الجواب ، مثل :

نعم ، إني أحب العمل .

 

الفاصلة المنقوطة (؛ )

تدل على وقف أطول من الفاصلة ، وتوضع :

1 – بين جملتين تكون ثانيتهما مسببة عن الأولى ، مثل :

لقد غامر بماله كله في مشروعات لم يخطط لها ؛ فتبدد هذا المال .

2 – بين جملتين تكون ثانيتهما سببا للأولى ، مثل :

لم يحرز أخوك ما كان يطمع فيه من درجات عالية ؛ لأنه لم يتأن في الإجابة ، ولم يحسن فهم المطلوب من الأسئلة .

 

النقطة (.)

تدل على وقف تام ، وتوضع :

1 – في نهاية كل جملة تامة المعنى ، والتي لا تحمل معنى التعجب أو الاستفهام ، مثل :

القناعة كنز لا يفنى .

2 – في نهاية كل فقرة ، مثل :

إذا أغلقت الشتاء أبواب بيتك وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان ، فانتظر قدوم الربيع ، وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي ، وانظر بعيدا فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني ، وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبيه فوق أغصان الشجر .

 

النقطتان ( : )

تستعملان في سياق التوضيح والتبيين ، وتوضع :

1 – بين القول وصاحبه ، مثل :

قال المعلم : عليكم بالعمل .

2 – بعد فعل بمعنى قال ، مثل :

صاح القوم : يا إلهي .

3 – قبل الكلام المقتبس أو المنقول ، مثل :

من الأقوال المأثورة : من نمّ لك ، نمّ عليك .

4 – قبل التعداد ، أو بين الشيء وأقسامه ، مثل :

المرء بأصغريه : قلبه ولسانه .

5 – قبل التمثيل ، مثل :

يكون الفاعل مرفوعا ، مثل : جاء المعلمُ .

6 – قبل التفسير ، مثل :

عَذَلَ : لامَ .

 

علامة الحذف

هي نقط أفقية أقلها ثلاثة ، وترسم هكذا ( ) .وتوضع مكان الكلام المحذوف .مثل:

إن الغرض الأسمى من التربية الخلقية حسن السلوك والأخلاق في جميع شئون الحياة ؛ في المنزل ، والمدرسة ، والمعمل ، والمجتمع ، والسلطة التنفيذية… ولتحقيق هذه الغاية يجب أن يعلم الطفل كيف يميز الطيب من الخبيث ، والحسن من القبيح ، ثم يختار الأول منهما ، وينبذ الثاني .

علامة الاستفهام

ترسم علامة الاستفهام هكذا ( ؟ ) .

توضع بعد الجملة الاستفهامية ، سواء أكانت أداة الاستفهام مذكورة في الجملة ، أم محذوفة ، فمثال المذكورة :

– أهذا كتابك ؟

– متى عدت من السفر ؟

ومثال المحذوفة :

تسمع الكلام المكذوب عني وتسكت ؟ أي أتسمع ، أو هل تسمع ؟ فأداة الاستفهام هنا مقدرة .

 

علامة التعجب

ويسميها بعضهم علامة التأثر ، وترسم هكذا ( ! ) .

وتوضع في نهاية كل جملة تدل على :

1 – التعجب ، مثل : ما أجمل الطبيعة !

2 – الإغراء ، مثل : العملَ العملَ !

3 – التحذير ، مثل : إياك والكذب !

4 – الدعاء ، مثل : تعسا للمجرم !

5 – الاستغاثة ، مثل : يا للناس للفقير !

6 – الفرح ، مثل : يا فرحتاه !

7 – الندبة ، مثل : وا كبداه !

8 – الترجي ، مثل : لعل الله يرحمنا !

9 – قد تجتمع علامة الاستفهام وعلامة التعجب إذا كانت الجملة تحمل معنى التعجب ، مثل :

– كيف تشكوني والظالم غيري ؟!

 

الشرطة ( )

وتستعمل في المواضع الآتية :

1 – للدلالة على توزيع الحوار بدلا من ” قال ” أو ” أجاب “ ، مثل :

دار الحوار الآتي بين الأستاذ والطالب :

– الأستاذ : هل راجعت دروسك جيدا ؟

– الطالب : نعم ، وأنا على أتم الاستعداد للامتحان .

– الأستاذ : أتمنى لك النجاح والتوفيق .

2 – في أول الجملة الاعتراضية  ، وآخرها ، مثل :

سافر أخي – وفقه الله – إلى باريس .

 

القوسان ( )

1 – يوضع بينهما الكلام العامي أو غير العربي مثل:

أ- من الكلمات العامية الأردنية ( الرايب) .

ب- (تشيخوف) كاتب روائي روسي .

علامة التنصيص

ترسم علامة التنصيص  هكذا ( « » ) ،

ويوضعان في أول الكلام المنقول ، وآخره ، بنصه حرفيا ، سواء أكان جملة أم فقرة مثل :

حكي عن الأحنف بن قيس أنه قال : ” ما عاداني أحد قط إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال : إن كان أعلى مني عرفت له قدره ، وإن كان دوني رفعت قدري عنه ، وإن كان نظيري تفضلت عليه ” .

 

علامة التابعية

ترسم علامة التابعية هكذا ( = ) .

وتكون مكان الكلمة المطابقة لما فوقها ، مثل :

محمد : مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة .

صادق : خبر = ، = = = = .