الحــال
أقرأُ الجملتين الآتيتين ، وأستنتجُ الفرقَ في المعنى بينهما :
1- أُقدِّرُ المزارعين المُخلصينَ في عملهم .
2- أُقدِّرُ المزارعين مُخلصينَ في عملهم .
- نلاحظ ( المُخلصينَ ) في الجملة الأولى نعتت الاسم الذي قبلها ( المزارعين ) ، وتبعتها بالتعريف ، والتذكير ، والجمع ، والعلامة الإعرابيّة فهي نعت .
- بينما في الجملة الثّانية جاءت كلمة ( مخلصين) حالًا ، حيث بيّنت هيئة المزارعين عند حدوث الفعل ، ولو سألنا :
كيف أقدِّر المزارعين ؟ سيكون الجواب : مخلصين .
أتأمَّل الأمثلة الآتية :
أ- قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ) ( 28 ) سورة النّساء .
- كيف خُلِقَ الإنسانُ ؟
ضعيفًا .
ب- يقطف الفلاحون ثمارَ الزيتونِ ، وهم مبتسمون .
- كيف يقطف الفلاحون ثمارَ الزيتونِ ؟
وهم مبتسمون.
** نُلاحظُ أنَّ الإجابة عن الأسئلة السّابقة تتحقّقُ في الكلمات والتراكيب اللّغويّة الملوّنة بالأحمر.
** إذا بحثنا في العلاقة بين هذه الكلمات والتّراكيب وما يسبقها من كلمات ملوّنة بالأزرق ، نجدُ أنّها بيّنت هيئتها عند حدوث الفعل ، وأنّها تلازمها وتُصاحبها ؛ ففي المثال ( أ ) تكون الحال كلمة ( ضعيفًا ) ، ويكون صاحب الحال هو ( الإنسان ) الذي بيّنت الحال هيئته .
أستنتجُ
الحالُ : وصفٌ نكِرة يأتي بعد تمام الكلام ، وحكمه : النّصب ؛ ليبيّن هيئة صاحبه عند حدوث الفعل .
أنواع الحال وإعرابها
تأتي الحال على أنواع متعددة :
أ- قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ) ( 28 ) سورة النّساء .
ألاحظُ أنّ الحال قد جاءت مفردة ( ضعيفًا ) أي كلمة وليست جملة.
إعراب الحال عندما تكون مفردة :
ضعيفًا : حال منصوبة ، وعلامة نصبها تنوين الفتح الظّاهر على آخرها .
ب- أُحِبُّ الْفتَى ينْفِي الْفَوَاحِشَ سَمْعُهُ كأَنَّ بِهِ عَنْ كُلِّ فاحِشَةٍ وَقْرَا
( سالم بن وابصة الأسديّ ، شاعر أمويّ )
ألاحظُ أنّ الحال في قول الشّاعر في المثال ( ب) جاءت جملة ، ونوعها ( جملة فعليّة )، حيث بدأت بفعل .
الإعراب :
ينفي : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل .
الفواحشَ : مفعول به مقدّم منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره .
سمعُهُ : فاعل مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره ، وهو مضاف .
الهاء : ضمير متصل مبني في محل جرّ بالإضافة.
والجملة الفعلية ( ينفي الفواحشَ سمعُهُ ) في محل نصب حال .
ج- يقطف الفلاحون ثمارَ الزيتونِ ، وهم مبتسمون .
ألاحظُ أنّ الحال في قول الشّاعر في المثال ( ج) جاءت جملة ، ونوعها ( جملة اسميّة ) ، حيث بدأت باسم ، مسبوقةً بحرف الواو ؛ لذا تُسمّى هذه الواو ( واو الحال ) .
الإعراب :
- وهمْ مبتسمون .
الواو : واو الحال : حرف مبنيّ على الفتح ، لا محلّ له من الإعراب .
همْ : ضمير منفصل مبنيّ على السكون في محل رفع مبتدأ .
مبتسمون : خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو ؛ لأنّه جمع مذكر سالم .
والجملة الاسميّة ( هم مبتسمون ) في محل نصب حال .
د- يعمل فريقُ الكشّافةِ في مدرستي بهمّةٍ عاليةٍ ؛ لإنجاز عملٍ تطوُّعيٍّ يُسهمُ في تجميلِ بيئةِ المدرسةِ .
ألاحظُ أنّ الحال في قول الشّاعر في المثال ( د) جاءت شبه جملة ، ونوعها ( جار ومجرور) ، حيث بدأت بحرف جر واسم مجرور .
الإعراب :
بهمّةٍ :
الباء : حرف جر مبنيّ لا محل له من الإعراب .
همّةٍ : اسم مجرور وعلامة جرّه تنوين الكسر .
وشبه الجملة من الجار والمجرور في محل نصب حال .
هـ - تَقَدَّمَ الفَارِسُ فَوقَ الِحصَانِ.
ألاحظُ أنّ الحال في قول الشّاعر في المثال ( هـ) جاءت شبه جملة ، ونوعها ( ظرفيّة ) ، حيث بدأت بظرف ( فوقَ ) .
الإعراب :
فوقَ : ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهر على آخره ، وهو مضاف .
الحصانِ : مضاف إليه مجرور وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره .
وشبه الجملة الظرفيّة ( فوقَ الحصانِ ) في محال نصب حال .
أنواع الحال: |
1- مفردة . |
2- جملة : أ- اسميّة . ب- فعليّة . |
3-شبه جملة : أ- جار ومجرور. ب- ظرفيّة . |
أستنتجُ
- أجدُ أنّ
الحال – إذا كانت جملةً أو شبه جملةٍ – لا تكون منصوبة مباشرة ، بل في محلّ نصب .
===============================================================================
( 2 ) التَّقديمُ والتَّأخيرُ
أناقشُ زميلي في ترتيب الجملتين :
1- العفو عنك صدرَ . 2- صدرَ عنكَ العفو .
ألاحظُ في المثال الأوّل تقدمت كلمة العفو ؛ وذلك لاستعجال المسرّة والفرح للمتّهم . وكان الأصل أنْ يُقال كما في المثال الثّاني .
يسمّى الأسلوب في المثال الأول ( التّقديم والتأخير) .
وهو علم من علوم المعاني في البلاغة العربيّة.
وفيه يتقدّمُ ما الأصل فيه أن يتأخّر ؛ تبعًا لمقصد المتكلّم ، أو مراعاة لحال المخاطَب .
من أغراض التّقديم والتأخير :
أ- وَعَلَيَّ لِلأَحبابِ فَرضٌ لازِمٌ لَكِنَّ كَفّي لَيسَ تَملُكُ دِرهَما
( إيليّا أبو ماضي ، شاعر مهجريٌّ )
ألاحظُ أنّها جملة اسميّة تأخّر المبتدأ فيها عن خبره؛
( وعليَّ ) أيْ أنا المخصوص بهذا الواجب لا أحد سواي ، فالأصل أن يأتي المبتدأ أوّلًا يتلوه الخبر
( فرضٌ لازمٌ عليَّ للأحباب ) . فحصل التّقديم هنا للاختصاص .
ب- ثلاثةٌ يُذهبنَ الغمَّ والحزنَ : الماءُ ، والخُضرةُ والوجهُ الحَسَنُ .
ألاحظُ تقدّم العدد ( ثلاثةٌ ) وتأخُّر المعدود ليتشوّق إليه السّامع ؛ لأنّ الإنسان إذا سمع العدد مجموعًا يشتاق إلى تفصيل آحاده . فالأصل أنْ يُقال : (الماءُ ، والخُضرةُ والوجهُ الحَسَنُ ، ثلاثةٌ يُذهبنَ الغمَّ والحزنَ) ، لكنّ المتحدّث قدّم اللفظ ( ثلاثةٌ ) للتّشويق وإثارة السّامع . فحصل التّقديم هنا للتّشويق.
ج- عظيمٌ أنت أيّها المعطاءُ .
وفي المثال الثّالث ، كان الأصلُ أنْ يُقال : ( أنتَ عظيمٌ أيّها المعطاء ) ، وقد تقدّمتْ كلمة ( عظيمٌ ) هنا ؛ للتّعظيم .
أستنتجُ
التّقديم والتّأخير هو التّغيير الحاصل في ترتيب عناصر الجملة لغرضٍ بلاغيٍّ .
مِنْ أغراضِ التّقديم والتّأخير
1- الاختصاص . 2- التّشويق . 3- التّعظيم .