أتعرَّفُ شعراءَ الأبياتِ
ينتمي شعراء هذه الأبيات إلى العصرينِ الأُمويّ والعبّاسيّ ، وفد عُرفوا بقصائد الغزل العذريّ الرّقيق ، التي تصوّر مشاعر العشّاق الصّادقة ، ورهافة أحاسيسهم ، وهم :
1- أبو صخر عبد الله بن سلْم السَّهْميُّ الهُذليّ (ت 80 هـ ) :
شاعر أمويّ ، وله في عبد الله بن مروان وأخيه عبد العزيز مدائح كثيرة .
2- الصّمّة بن عبد الله بن الطّفيل بن قرّة بن هُبيرة القُشيري ( ت 95 هـ ) ،
شاعر إسلاميّ بدويّ ، من شعراء الدّولة الأمويّة ، ولِجدِّه قُرّة بن هُبيرة صُحبةٌ بالنّبيّ – صلّى الله عليه وسلّم – ووِفادة .
3- عبد الله بن الدُّمينة هو عبد الله بن عُبيد ( ت 130 هـ ) ، شاعر عباسيّ، أمّا الدُّميْنة فهي أُمُّه ، كان رقيق الغزل ، وله مَنزِلة شِعريّة عالية .
أَتَعرّفُ جَوّ النَّصِّ
تُصنَّف هذه الأبيات تحت غرض الغزل العذريّ العفيف ، وتُبيّن صدق الشّعراء ، ونبلَهم ، وتساميَهم في الحبّ؛ لما تكشفُ عنه من حالة العاشق النّفسيّة ، وتواصله مع الموجودات من حوله ورغبته في وصال محبوبته ، وأثر الفِراق في نفسِه وجسده :
1- ففي أبيات ( عبد الله بن الدُّميْنةِ ) حديث عن الوجد والاشتياق الذي يكابده المحبّون ؛ إذ يحوّل الهوى الإنسان من شخصٍ صلب إلى شخص ذي مشاعر رهيفة ، يبكيه ذِكرُ الأحبّة . وينكرُ الشّاعر زَعْم مَنْ قال : إنّ الدّنوَّ من المحبوب قد يُسبّب فُتورًا في العلاقة معه ، وإنّه قد يكسبه سلوًّا ، إلا أنّ الشّاعر جرّب القُرب والبُعد معًا ، فانتهى إلى أنَّ مِن القرب ما يوازي البُعد ألمًا ؛ بخاصّة إذا كان المحبوب لا يُبادل حبيبه الهوى .
2- وفي أبيات ( أبي صخر الهُذليِّ ) كانت عاطفة الحبِّ متّقدةً ؛ لفرط ما عاناه من فراق محبوبته ؛ حتّى إنّه يحسد الوحش في تآلفه الآمن ، بل إنّه يدفع بعاطفته إلى مُنتهاها ، فيطلبُ الموت لما فيه من الحشرِ الذي يُحقّق اللّقيا ، ويشكو أنّ الدّهر سعى دومًا إلى التفريق بينهما .
3- وفي أبيات ( الصِّمَّة بن عبد الله القُشَيْريّ ) تنقل الأبيات قصّته ؛ إذ أحبَّ ابنةَ عمِّه ريّا وخطبها إلى أبيها ، إلا أنّ أباها اشترط مَهْرًا بلغ خمسين من الإبل ، فذهب أبوه إلى عمّه وساق إليه الإبل ، فلمّا عدّها عمّه وجدَها تنقص بعيرًا واحدًا ، وأقسمَ ألّا يقبلها إلّا كاملة ، فغضب أبوه وحلف ألا يزيده ، وهكذا اختلفا ، وتعثَّر الزواج ، فرحل الصِّمَّة إلى الشّام ، وقال هذه القصيدة حنينًا إلى محبوبته .