الدّرس الثّالث : أقرأُ بطلاقةٍ وفَهْمٍ .
(1.3 ) أقرأُ
إلى الصّامدينَ غَرْبَ النَّهرِ
*غرب النّهر : الضِّفَّة الغربيّة لنهرِ الأردنِّ (فلسطين) .
أحبّائي
نداء لأهل فلسطين وحُذفت أداة النّداء للدلالة على القُرب المعنويّ .
أخُطُّ إليكمُ الآن
أخطُّ : أكتبُ .
أكتبُ لكم الآن في الوقت الحالي قصائدي .
ومِثلُكُم على الشّفتينِ أُغنيةٌ
أنتم يا أهل فلسطين محور حديثي فأصبحتم كالأغنية التي أتغنّى بها .
دلالة كلمة أغنية : كثرة ذكر فلسطين والحديث عنها .
كَتَبْتُ حروفَها الحمراءَ في ليلٍ مِنَ الحِقْدِ
كتبتُ هذه القصيدة بحروف لونها أحمر ( دلالة لونيّة ) لون دم الشهداء ، في ليلة مليئة بالحقد والغضب من الاحتلال وما يفعله في أرض فلسطين .
مُضَمّخةٌ بكلِّ الطّيبِ والأندادِ والوَرْدِ
مُضَمّخةٌ : مُلطّخة .
الأنداد : مفردها ( النَّدّ ) : نوع من الطّيب يُخلط فيه المسك والكافور .
- هذه الحروف موجّهة للشهداء لذا فهي مُلطّخة برائحة الطّيب والمسك .
ورائعةٌ كأْعيُنِكُمْ
الحروف التي أخطّها رائعة كروعة عيونكم التي تُشعُّ أملًا .
اختار ( العيون ) لأنّها هي التي تبثّ الأمل .
وصابرةٌ بِرغْمِ اللّيلِ والسّجَّانِ والبُعدِ
هذه العيون صابرة وصامدة رغم كلّ ما يتعرض له الفلسطينيّون من ظُلم الاحتلال .
- الليل : رمز الاحتلال . - السّجّان : رمز الأسر .
- البُعد : رمز التهجير .
أُجَمِّعُها على اللُّقيا
وأنْثُرُها على الوَعْدِ
وأَبْكي حينَ أذكرُكُمْ
- أجمّع هذه الحروف وكلي أمل بلقائكم بعد التّحرير ، وأنثرها فرحًا بهذا النّصر والتحرير فهذا عهدي لكم ، وأبكي شوقًا للقائكم فذكركم لا يغادرني .
وأذكرُ غُربَةَ الأطفالِ خلْفَ السُّورِ والبابِ
أتذكّر أطفال فلسطين المحاصرين خلف الأسوار والأبواب .
- يُشير الشّاعر هنا إلى قضية أسْر الأطفال .
وأهتِفُ مِنْ أسايَ المُرِّ ، مِنْ شوقي لأحبابي
أسايَ : حزني.
أصرخ بعلو صوتي ألمًا ومرارةً وشوقًا لأحبابي هناك .
متى يا أيُّها الإنسانُ في ذا العالم الكابي
تردُّ اللّيلَ عن وَجْهي ، وتخْنُقُ شِرعَةَ الغابِ ؟
الكابي : العاثرُ ، العاجزُ ، يُدعى إلى الخيرِ فلا يُجيبُ .
- صرختُ بأعلى صوتي أُناشدُ العالم أستصرخهم : متى يا أيها الإنسان العاجز الذي ترى ما يتعرض له الشّعب الفلسطينيّ وتبقى بلا حِراك ؟ متى ستتحرّك لنُصرة القضيّة وتردّ الاحتلال وتقضي على شريعة ظلم الاحتلال .
أحبّائي
ومن عامٍ وبينكُمُ وبيْني عالمٌ آخرْ
حين فارقتكم منذ عام صرتُ في عالم آخر ( الشّعور بالغربة والضياع ) .
- يُشير إلى حَدَث عظيم هو : احتلال فلسطين وتشريد أهلها.
رهيبٌ مْثلُ صحراءَ تَتِيهُ بِرمْلها القَدَمُ
وألفُ مَفازةٍ مُرَّةْ
تَتِيه : تضيعُ ، وتضلُّ الطّريقَ . مفازة : صحراء .
- هذا العالم مثل الصحراء التي تتيه بها الأقدام ويضيع صاحبها فهي ألف صحراء لا طعام فيها ولا شراب حتى أنّ الإنسان لا يستطيع الفوز بالنجاة منها .
و شوقي رَغْمَ عُمقِ الجُرْحِ في الأحشاء يَضِطَرِمُ
يَضْطَرِمُ : يشتعلُ ، جذرها ( ض ر م ) .
- شوق الشّاعر رغم الألم والجراح العميقة يزداد ويكبر ويشتعل في الأحشاء .
فأبكي مرَّةً ندمًا
ويَبْكي مرَّةً ندمُ
- يبكي الشّاعر مرّة ويبكي النّدم معه دلالة على ( شدّة الحزن )، بسبب احتلال فلسطين وتشريد أهلها .
************************
وطيِّبةٌ بيادِرُكُمْ
فما زالتْ بكُلِّ الحُبِّ والأشْواقِ والقَمْحِ
تُضمِّدُ بالرُّؤى جُرحي
وتزرعُني على الشّطآنِ في مَنْفايَ أغْنيةً
أُوَقِّعها مَعَ الصُّبْحِ
لأغسلَ بالرّحيقِ العَذْبِ عن شَفَتَيَّ مَوّالًا
وأغْسِلَ لَعْنةَ المِلْحِ
بيادركم : مفردُها (بَيْدَر ) وهو موضعٌ يُدْرسُ فيه القمحُ أو نحوُهُ حتّى يخرجَ سُنْبُلُهُ .
تُضَمِّدُ : تربط وتشدّ على الجرح ، جذرها ( ضمد ) .
الرؤى : الآمال والأمنيات مفردها .
الشّطآن : مفردها : (شاطئ) وهو الأرض الملاصقة للبحر.
أُوَقِّعها : أثبّتها وأجددها .
لَعْنة : عذاب .
-رغم الاحتلال إلا أنّ أراضيكم بكلّ ما فيها من الحبّ والشّوق والخير تداوي جراحنا وتُنسينا آلامنا ، كلمة ( بيادر ): دلالة على الأمل بالنّصر والتّحرير .
-رائحة البيادر الطّيبة وصلت الشّاعر رغم المنفى والبُعد فجعلته يشعر وكأنّه نبتة مزروعة عند شطآن فلسطين .
- من شدّة شعوره بالقرب يجدّد هذا العهد كلّ يوم مع نسمات الصباح الباكر .
- يريد الشّاعر من حروفه السعيدة أن تغسل شفتيه من كلّ موّال ( كلمة موّال تشير إلى النشيد الحزين ) وأن تمحو عنهما الألم ، فتزول لعنة ( الأرض المالحة ).
أحبّائي
غدًا ألقاكُمُ وَجْهًا ، ولا ألقاكُمُ صورةْ
وأَقرَأُكُمْ بِسِفْرِ المَجْدِ والتّاريخِ أُسطورةْ
وأَحْمِلُكُمْ كما الرّاياتِ فوقَ القُدْسِ خفّاقةْ
وفي كلِّ الأكُفِّ البيضِ أزرعُ ورديَ الذّابلْ
سِفْر : كتاب . خفّاقة : مرفرفة .
الأكف البيض : أيدي المقاومين .
وردي الذّابل : دلالة على الأحلام المدفونة .
( هذا المقطع يشير إلى تفاؤل الشاعر ).
- يتفاءل الشاعر بذهابه إلى أرض فلسطين ولقاء شعبها وجهًا لوجه وستُسطّر انتصارتهم وتضحياتهم كأسطورة في كتب التّاريخ .
- سنحملكم على الأكتاف كرايات النّصر الكبيرة ترفرفون فوق سماء القدس.
- حين يلتقي الشّاعر سيضع بين أيديهم أحلامه التي ذبلت وكادت أن تموت كي تحيا من جديد عندما تشتمّ عبق النّصر وتُسقى من ماء العزّ والكرامة .
ليُسْكَبَ فوقَه الطَّلُّ
و يُحسَرَ عنْكُمُ الظِّلُّ
وأجمعُ من زُهورِ الفجرِ ، يا أحبابُ لي ، طاقةْ
لأنثرَها على القُدْسِ
قُبيلَ ولادةِ الشّمسِ
الطَّلّ : المطر .
طاقة : حُزْمَةٌ منَ الزّهور . ( باقة من الأخطاء اللُّغويّة الشّائعة)
يُحسر : ينتهي .
يُسكب فوق هذا الزّرع مطر خفيف يزيده نموًّا وإشراقًا ، (المطر) دلالة على ( دماء الشهداء ) .
هذا الاحتلال سينتهي وسيشرق ضوء النّصر .
قُبَيْل ( اسم تصغير لكلمة قبل ) أي : قُبَيل الفجر بقليل ( دلالة على النّصر ).
وإنَّ الشَّمسَ ، يا أحبابُ ، عَنْ عمّانَ لنْ تغْرُبْ
عَنِ الأُردنِّ لَنْ تغْرُبْ
و إنَّ السّيفَ في الكفَّيْنِ ، يا أحبابُ ، لنْ يتعبْ
- الشمس لن تغيب عن عمان والمراد هنا أنّ الأمل لن يُفارق أهل الأردنّ ، دلالة على روح العروبة التي تجمع الشّعبين .
- الأردنّ مستمرة في الدفاع عن فلسطين حتى يعود الحقّ لأصحابه .
(صلواتٌ للفجرِ الطّالع ، خالد محادين )
**********************************************************************************
أتعرّفُ شاعرَ القصيدةِ
- خالد محادين ( 1941 - 2015 )
-وُلِد في الكرك ، أنهى الّثانوية العامّة في مدرسة الكرك (1985)
- حصل على شهادة الدبلوم المتوسط في اللغة العربية وآدابها من دار المعلمين في عمّان ( 1960 ).
- نال جائزة الدّولة التّقديريّة في حقل الشّعر من وزارة الثقافة في ليبيا .
- نال جائزة الحسين للإبداع الصّحفيّ عن ( أفضل مقالة )(2007) .
- من دواوينه الشّعريّة : " صلواتٌ للفجر الطّالع " (1969).
" حصاد الرّحلة الحزينة " ( 1982 ) .
" نركض وحيدين ولا نلتقي " ( 2000 ) .
"ما تبقّى في مواقدِنا يكفي لعشرة مواسم " ( 2007 ) .
له مقالات ، مثل : "لا أملأُ قلمي بحبر الآخرين "(2010)
*************************************
أتعرّفُ جوَّ النصَّ :
شغلت القضيّة الفلسطينيّة الشّاعر خالد محادين مذ كان صغيرًا ، مناديًا بسقوط الاحتلال .
ظلّت عُروبة فلسطين وقضية التّصدي لها تحكمان سلوكه وفكره كما يقول .
بعد حرب ( 1967 ) نظم الشّاعر قصائد عديدة في الأرض المحتلّة ، مجّد فيها المقاومة ، ورأى فيها الأمل في التّحرير.
قصيدة " إلى الصّامدين غرب النّهر " هي الأغنية الأولى من الأغنيات الثّلاث التي كتبها في ديوانه الشّعريّ الأول
" صلوات للفجر الطّالع "
*********************************************************