مدرسة جواكاديمي

هنا يمكنك تصفح مدرسة جو اكاديمي، المنهاج، اسئلة، شروحات، والكثير أيضاً

الإسلام والتفكير

العلوم الإسلامية - الصف الأول ثانوي أدبي

التَّعلُمُ القبليُّ

  • العقل من نعم الله تعالى العظيمة التي مَنَّ بها على الإنسان، وبه يتميز عن بقية المخلوقات، وقد جعله الله تعالى مناط التكليف.
  • وحثّ القرآنُ الكريم على توظيف العقل بالتفكّر والتدبّر في الكون الفسيح؛ للوصول إلى حقائق الإيمان وقوانين الكون وأسراره، قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

 

الفهمُ والتحليلُ
التفكير السليم يصل بالإنسان إلى الإيمان بوجود خالق عظيم ووحدانيته، واكتشاف السُّنن الكونية واستخدامها في إعمار الأرض.

أولاً: مفهوم التفكير وأهمّيّته
التفكير: هو  سلسلة من النشاطات التي يقوم بها العقل للوصول إلى حلٍّ لمشكلةٍ ما، أو اتخاذ القرارات، أو الوصول إلى الحقائق، أو التخطيط، أو التطوير، أو الابتكار، أو الاكتشاف.

 

ويعدّ التفكير من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان. وله أهمّية كبيرة في حياته، إذ إنََّه:
 أ. يساعد على حلّ المشكلات عن طريق توليد مجموعة متنوعة من الحلول لمشكلة ما واختيار أفضلها، وقد كان النبي ﷺ يجمع أصحابه  إذا عرض للمسلمين أمر ويستمع لآرائهم وأفكارهم، ثم يختار ما يناسبهم كما حدث في غزوات بدر وأُحُد والخندق وغيرها.
ب. يساعد على اتخاذ القرارات السليمة في الوقت والمكان المناسبين علميًّا وعمليًّا، ومن ذلك ما كان من الخليفة أبي بكر الصديق في تعامله مع المرتدين وإنفاذه جيش أسامةَ بن زيدٍ لقتال الروم؛ ليرسل رسالة إلى جميع الناس بأن المسلمين ما زالوا في قوتهم ولا شيء يُضعِفُ عزيمتهم.
 ج. يؤدي إلى كشف الحقائق وتجنب الظنون والادعاءات غير الموثوق بها عن طريق الحصول على المعلومات الدقيقة، ومن ثَمَّ، تحليلها وإصدار الحكم بشأنها خصوصًا في ظل الانتشار الواسع لوسائل الاتصال، وانتشار المعلومات غير الموثوق بها انتشارًا كبيرًا، وقد قَصّ علينا القرآن الكريم براءة نبي الله يوسف عليه السلام بعد أن شهد شاهد من أهل امرأة العزيز بذلك، قال تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ).
د. يُعوِّد على التخطيط للمستقبل بأسلوب علميّ مبنيّ على المعطيات الصحيحة كما فعل سيدنا رسول الله ﷺ لما أنشأ المجتمع الجديد في المدينة المنّورة، حيث كان قرار الهجرة والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار مبنيًّا على معطيات تؤكّد صِدق الأوس والخزرج والتزامهم في بيعتي العقبة الأولى والثانية.
هـ. يؤدي التفكير السليم إلى الحصول على أفكار جديدة مبدعة أو حلول غير مطروحة من قَبلُ، كما كان من خالد بن الوليد الذي وضع خططه العسكريّة الإبداعيّة التي فاجأت العدو وغيرت مسار كثير من المعارك، ويقود التفكير والتجريب وإعمال العقل إلى اكتشاف سُنن الله تعالى في الكون، واختراع ما يفيد الإنسان في حياته عبر التفكير السليم، ومن أمثلة ذلك ما توصّل إليه العالم المسلم ابن الهيثم رحمه الله عند اكتشافه الطريقة العلميّة للإبصار.
و. يساعد على بناء إنسان قادر على التعامل مع ظروف الحياة وأحداثها ومتغيراتها، والتمكن من التحليل والتقييم والنقد ليصل إلى الحقيقة، فينتقل من التبعيّة والتقليد إلى الإبداع الذي يبني المجتمع ويقوده إلى التقدّم في المجالات كلها.

 

ثانيًا: دعوة الإسلام إلى التفكير

  • حثّ الله سبحانه وتعالى الإنسان على التفكر والنظر في الكون والتأمل في الظواهر الكونية المختلفة، الذي يصل به إلى العلم ومعرفة سُنن الله تعالى وقوانينه، قال تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
  • وهناك كثير من الآيات القرآنية التي خُتِمت بالدعوة إلى النظر، والتفكّر، والتبصّر، والاعتبار، والتفقُّه، والتذكر كقوله تعالى: (أَفَلَا يَعْقِلُونَ)، وقوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا).
  •  وفي مقابل ذلك، نهى الإسلام عن كلّ ما من شأنه إهمال العقل وتغييب الفكر، مثل:
    • النهي عن اتباع الظنّ، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا).
    • وتحريم إتيان الكهان والاعتقاد بما يقولون، لأن ما يقومون به يتعارض مع إعمال العقل والتفكير، فالغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، والخوض فيه يضيع على الإنسان وقته وجهده، ويصرفه عن الأمور النافعة، عَنْ مُعاويةَ بنِ الحَكَمِ السُّلَمي قالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُمورًا كُنَّا نَصْنَعُها في الجاهليةِ، كُنا نأتي الكُهَانَ، قَالَ: "فَلَا تَأْتُوا الكُهَانَ" قَالَ قُلْتُ: كُنَّا نَتَطَيَّرُ، قَالَ: "ذاكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ في نَفسِهِ، فَلا يَصُدَّنَّكُمْ".
      • الكُهَانَ: الذين يدّعون معرفة الغيب.
      • فَلا يَصُدَّنَّكُمْ: فلا يمنعكم عن الأمر الذي أردتم فعله.
    • ولما كَسَفَتِ الشَّمسُ يومَ ماتَ إبراهيمُ ابنُ رسولِ اللهِ ﷺ، فظنّ النّاس أنّها كسفت لموته، قام النَّبيُّ ﷺ حتى دخل المسجد، فصلّى في النّاس ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال ﷺ: "إنَّ الشَّمس والقمَرَ لا يَنْكَسِفانِ لِمَوتِ أحَدٍ، فَإذا رأيتُموهما فصَلوا، وادعوا حتّى يُكشَفَ ما بِكُمْ".


ثالثًا: الأمور التي تساعد على تنمية التفكير لدى الإنسان
 أ. الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، والاستقامة على منهجه، فهو سبب الخير والتوفيق في الأمور كلّها، قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ).
ب. الاطلاع على سِيَر الأنبياء عليهم السلام:

  • وفي مقدّمتهم سيدنا محمّد ﷺ، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
  • ومجالسة العلماء، والمفكّرين، والمبدعين ومحاورتهم. والاطلاع على خبراتهم وطريقة تفكيرهم والإفادة منها.
  • وتجنّب المثبّطين، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ).

ج. تحصيل المعرفة والعلوم:

  • والاطلاع على كلّ ما يمكن أن يحفزّ العقل إلى التفكير.
  • وقراءة الكتب التي تعنى بالتفكير والإبداع.
  • وحضور الدورات المتخصّصة في ذلك.
  • والاطلاع على سِيَر المفكّرين والعلماء وقصص النجاح التي حقّقوها عبر التاريخ.

 

الإثراءُ والتَّوسُّعُ
هناك كثير من الطرائق التي تعين على التفكير بصورة إبداعيّة، منها:

1. التفكير بالطريقة العكسيّة: فمثلًا، دَرَجَ العُرْف على أنّ المريض يذهب إلى المستشفى، لكن، لماذا لا يأتي المستشفى إليه؟ وبهذه الطريقة استُحدِثت فكرة الزيارات المنزلية، التي خففت على المرضى آلام الحركة والمعاناة في الذهاب والإياب، ومن ذلك أيضًا ذهاب النَّبيِّ ﷺ إلى قتال الأعداء في غزوة تبوك وكانوا قد تجهزوا لغزو المسلمين في المدينة المنورة، وما زالت هذه الفكرة في تطور مستمرّ.
2. التفكير بطريقة الدمج: فمثلًا بالدمج بين الهاتف النقال وبين الكاميرا، أصبح لدينا هواتف تمكننا من إجراء المكالمات المرئيّة، ومن ذلك: أنَّ المسجد في عهد النَّبيِّ ﷺ كان له أكثر من مهمة فهو مكان للصلاة، واستقبال الوفود، والتعليم، وغير ذلك.

 

دراسةٌ مُعمَّقةٌ
هناك العديد من الدراسات التي عنيت بموضوع التفكير، منها كتاب (التفكير النمطيّ والإبداعيّ)، الذي تناول مفهوم التفكير الإبداعيّ، وتحديات العصر للتفكير الإبداعيّ وأهم العوامل المعوِّقة والعوامل المشجّعة له، وطرائق تنمية التفكير.
 

القيمُ المستفادةُ
1.  أُقدِّرُ موقف الإسلام من التفكير.
2.  أستعينُ بالله سبحانه وتعالى في جميع شؤون حياتي.
3.  أُحسنُ التخطط لحياتي.