الحوسبة الخضراء
Green Computing
الحوسبة الخضراء: تعريفها، وأهميتها (Green Computing: Definition and Importance):
يسود اعتقاد بين الناس أنَّ أجهزة الحاسوب لا تضرُّ بالبيئة، وأنَّها تستهلك كمِّيات قليلة من الطاقة. وهذا الاعتقاد غير صحيح؛ فهي قد تلحق ضررًا كبيرًا بالبيئة، وتُضاعِف من مشكلة التلوُّث البيئي؛ إذ أشارت بعض الدراسات إلى أنه من بين 250 مليار دولار تُنفَق سنويًّا على تشغيل أجهزة الحاسوب في مختلف أنحاء العالَم ما نسبته 15 % فقط من الطاقة هو الذي يُستهلَك في العمليات الحاسوبية الفعلية، في حين تُهدَر بقيَّة الطاقة أثناء عدم استخدام أجهزة الحاسوب، وتركها في وضع التشغيل. ولا شكَّ في أنَّ هذه الطاقة المُستهلَكة تُعَدُّ سببًا رئيسًا لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. ومن ثَمَّ، فإنَّ الطاقة المُدَّخَرة في أجهزة الحاسوب وعمليات الحوسبة تُؤدّي - في حال استخدامها- إلى تلويث البيئة بأطنان من انبعاثات الكربون سنويًّا.
تعريف الحوسبة الخضراء
تُعرَّف الحوسبة الخضراء بأنَّها الاستخدام البيئي المسؤول لأجهزة الحاسوب والموارد التكنولوجية ذات الصلة، الذي يَحُدُّ من التأثير السلبي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البيئة. وتحقيقًا لهذا الهدف؛ تُستخدَم أفضل الطرائق والوسائل في تصميم أجهزة الحاسوب والخوادم، وتصنيعها، وإعادة تدويرها؛ ما يُقلِّل من آثارها الضارَّة بالبيئة. يُطلَق على الحوسبة الخضراء أيضًا اسم التكنولوجيا الخضراء( Green IT )، أو التكنولوجيا المستدامة (Sustainable IT)
أهمية الحوسبة الخضراء:
تُسهِم الحوسبة الخضراء في تقليل استهلاك الطاقة، وتَحُدُّ من انتشار النفايات الإلكترونية؛ ما يُفْضي إلى خفض التكاليف التشغيلية، وتعزيز مبدأ الاستدامة البيئية. ولهذا تعمل الحوسبة الخضراء على تحسين كفاءة الطاقة، واستخدام مصادر الطاقة المُتجدِّدة، وتدوير النفايات الإلكترونية. وهي تهدف إلى الحدِّ من نِسَب الانبعاثات الكربونية الناجمة عن استخدام تكنولوجيا المعلومات؛ ما يُسهِم في حماية البيئة، وإنتاج تكنولوجيا نظيفة ومستدامة وصديقة للبيئة. يُمكِن إجمال العوامل الرئيسة التي تَحْكُم عمل الحوسبة الخضراء في ما يأتي:
1. كفاءة الطاقة (Energy Efficiency ): يتمثَّل ذلك في تصنيع أنظمةٍ لتكنولوجيا المعلومات مُوفِّرةٍ للطاقة الكهربائية، مثل: الأجهزة الحاصلة على تصنيف نجمة الطاقة (Energy Star) ومصادر الطاقة المُتجدِّدة، والبرمجيات التي تستهلك قليلًًا من الطاقة.
2. ترشيد الموارد ( Resource Reduction ): يتمثَّل ذلك في تقليل استخدام المواد الخطرة والموارد غير المُتجدِّدة، وتعزيز فكرة إعادة التدوير.
3. افتراضية الخوادم ( Virtualization Servers ): يتمثَّل ذلك في استعمال خادم مادي واحد لإدارة أنظمة التشغيل المُتعدِّدة واستخدام التجزئة الافتراضية لتشغيل مجموعة متنوعة من التطبيقات على الخادم نفسه وتقليل عدد الخوادم في مراكز البيانات، ما يؤدي إلى ترشيد استهلاك الطاقة.
4. الحوسبة السحابية( Cloud Computing ): يتمثَّل ذلك في استخدام الموارد المشتركة في
مراكز البيانات المركزية على السحابة الإلكترونية؛ ما يُوفِّر كثيرًا من الطاقة مقارنةً باستخدام الخوادم الفردية ومراكز البيانات الفعلية.
5. تصميم مراكز البيانات( Data Center Design ): يتمثَّل ذلك في تصنيع أنظمة تبريد مُوفِّرة للطاقة، وإعداد ترتيبات أفضل للخوادم، وتوزيع الطاقة على نحوٍ يَحُدُّ من استهلاكها.
6. إدارة النفايات الإلكترونية ( E-waste Management ): يتمثَّل ذلك في التخلُّص الآمن من النفايات الإلكترونية، وإعادة تدويرها؛ ما يَحول دون
7. تلويث البيئة بالمُكوِّنات الخطرة، مثل المعادن الثقيلة.المشتريات المستدامة لتكنولوجيا المعلومات ( Sustainable IT Procurement ): يتمثَّل ذلك في شراء الأنظمة التكنولوجية الصديقة للبيئة، مثل: الأجهزة المُوفِّرة الطاقة، والأجهزة التي تحوي على القليل من المُكوِّنات الخطرة.
8. العمل عن بُعْد، والتعاون الافتراضي ( Telecommuting and Virtual Collaboration ): يتمثَّل ذلك في تقليص عمليات السفر والتنقُّل؛ ما يُفْضي إلى تحجيم البصمة الكربونية وخفضها.
9. كفاءة البرمجيات ( Software Efficiency ): يتمثَّل ذلك في ابتكار حلول برمجية تُستخدَم فيها الموارد بأكثر الطرائق فاعلية.
10. دعم مصادر الطاقة المُتجدِّدة ( Promotion of Renewable Energy Sources ): يتمثَّل ذلك في استخدام موارد الطاقة المُتجدِّدة، والإفادة منها في تشغيل البِنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات.
طرائق تطبيق الحوسبة الخضراء:
تتعدَّد أوجه تطبيق الحوسبة الخضراء، ويُمكِن إجمالها في ثلاثة مستويات؛ الأوَّل يُمثِّله الأفراد، والثاني يُمثِّله المجتمع، والثالث تُمثِّله المؤسسات والشركات. وفي ما يأتي بيان لذلك:
1. طرق تطبيق الحوسبة الخضراء على مستوى الأفراد:
يُمكِن للأفراد الإسهام في تحسين بيئة التكنولوجيا المستدامة عالميًّا باتِّباع الخطوات الآتية:
أ. إطفاء الأجهزة غير المُستخدَمة: يجب فصل أجهزة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية عن مصدر التيار الكهربائي بعد الانتهاء من استخدامها؛ للحدِّ من استهلاك الطاقة.
ب . ضبط الأجهزة على وضع السكون: يجب برمجة الأجهزة على وضع السكون في حال عدم استخدامها مُدَدًا طويلة؛ ما يُسهِم في ترشيد استهلاك الطاقة.
ج . ضبط إعدادات الطاقة: يجب اختيار الوضع المُوفِّر للطاقة في الأجهزة الإلكترونية عند ضبط إعدادات الطاقة فيها؛ ما يَحول دون استهلاك كثير من الطاقة.
د. استخدام الأجهزة المُوفِّرة للطاقة: يُفضَّل شراء الأجهزة التي تحمل ملصق نجمة الطاقة ( Energy Star )، وتستهلك طاقة أقل، وتُحافِظ - في الوقت نفسه- على الطاقة المُستخدَمة بكفاءة عالية.
هـ. إعادة التدوير: يجب التخلُّص من الأجهزة الإلكترونية التالفة بصورة آمنة وصحيحة، تتمثَّل في إعادة التدوير؛ ما يُقلِّل من انتشار النفايات الإلكترونية، ويَحُدُّ من تلوُّث البيئة.
و . التقليل من عمليات الطباعة وإعادة تعبئة أحبارها: يُنصَح بالطباعة على وجهي الورقة، وتصغير حجم الخط عند الطباعة؛ ما يُرشِّد استهلاك الورق والحبر، علمًا بأنَّ إعادة تعبئة حبر الطابعة أفضل من شراء القطعة الخاصة بذلك( Cartridges) في تطبيق الحوسبة الخضراء.
ز. تخطيط عمليات الشراء لأجهزة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية: يجب التفكير مَلِيًّا قبل شراء أجهزة الحاسوب والأجهزة الإلكترونية، والتأكُّد أنَّها تُناسِب طبيعة الاستخدام، وتفي بالغرض المنشود.
2.طرائق تطبيق الحوسبة الخضراء على مستوى المجتمع:
يُمكِن تطبيق الحوسبة الخضراء على مستوى المجتمع باتِّباع الخطوات الآتية:
أ. التوعية والتثقيف: يُقصَد بذلك نشر الوعي بأهمية الحوسبة الخضراء وفوائدها؛ ما يُحفِّز المجتمع على اتِّخاذ خطوات فاعلة للحدِّ من الآثار التكنولوجية الضارَّة بالبيئة.
ب .تشجيع السياسات البيئية: يتمثَّل ذلك في دعم الأنظمة والتشريعات التي تُعزِّز استخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة، مثل القوانين الضريبية المُحفِّزة للشركات التي تنتهج مبادئ الحوسبة الخضراء في أعمالها وأنشطتها.
ج . التعاون مع المُنظَّمات البيئية: تحرص المؤسسات والشركات والدوائر الحكومية
والخاصة على العمل مع المُنظَّمات التي تهتمُّ بالبيئة، وتُسهِّل سُبُل تطبيق مبادرات الحوسبة الخضراء؛ ما يُعزِّز الجهود المشتركة لتحقيق أهداف التنمية البيئية المستدامة.
3. طرائق تطبيق الحوسبة الخضراء على مستوى المؤسسات والشركات:
يُمكِن للمؤسسات والشركات أنْ تُسهِم في تطبيق الحوسبة الخضراء بالتزام جملة من الإجراءات، أبرزها:
أ. تصميم الأجهزة بكفاءة عالية: يؤدّي اعتماد مواصفات خاصة في تصميم أجهزة الحاسوب إلى ترشيد استهلاك الطاقة، وضمان عمل الأجهزة مُدَدًا طويلةً؛ ما يزيد من أَمَدِ التحديث المستمر، ويُخفِّض استهلاك الموارد بصورة كبيرة.
ب. استخدام الطاقة المُتجدِّدة: يؤدّي استعمال مراكز البيانات لمصادر الطاقة المُتجدِّدة إلى تقليل الاعتماد على الوَقود الأحفوري، وخفض نِسَب الانبعاثات الكربونية.
ج . إدارة النفايات الإلكترونية: يتمثَّل ذلك في سَنِّ تشريعات تُعزِّز إعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية، وإتلافها بصورة صحيحة تَحُدُّ من آثارها السلبية في البيئة، إضافةً إلى استخدام المواد الخام المستدامة والقابلة لإعادة التدوير.
د. افتراضية الخوادم: يُقصَد بذلك تخصيص خوادم افتراضية مُتعدِّدة لجهاز واحد؛ سعيًا لتقليل استهلاك الطاقة والمساحة.
هـ . تحسين كفاءة البرمجيات: يتمثَّل ذلك في تطوير برمجيات تستهلك طاقة أقل، وتعمل بكفاءة أكثر، فضلًًا عن إطالة عمر الأجهزة؛ لتقليل الحاجة إلى استبدالها المُتكرِّر.
و. تصميم مبانٍ خضراء ومستدامة: يُسهِم التصميم الجيِّد للمؤسسات والمباني في ترشيد استهلاك الطاقة، ويتمثَّل ذلك في اعتماد أنظمة حديثة للتدفئة والتبريد والتهوية، تتضمَّن استخدام ممرّات باردة أو ممرّات ساخنة بحسب الحاجة.
ز. شراء الأجهزة والمعدّات التي تُرشِّد استهلاك الطاقة: يتمثَّل ذلك في شراء أجهزة حاسوب مُوفِّرة للطاقة، مثل أجهزة الحاسوب المحمولة ( Laptop ) التي تستهلك طاقة
أقل ممّا تستهلكه الأجهزة المكتبية (Desktop)
مُعوِّقات تطبيق الحوسبة الخضراء:
تُواجِه الحوسبة الخضراء تحدِّيات عديدة تُؤثِّر سلبًا في تطبيقها، وتتمثَّل أبرزها في ما يأتي:
1. التكلفة العالية: تُحجِم بعض الشركات عن انتهاج طريق الحوسبة الخضراء بسبب التكلفة المادية المرتفعة بالنسبة إليها. فقد يتطلَّب استخدام الأجهزة والتكنولوجيا المُوفِّرة للطاقة وجود استثمارات أوَّلية ضخمة؛ ما يُمثِّل عائقًا أمام الشركات والأفراد.
2. التدريب: يتطلَّب تطبيق مبادئ الحوسبة الخضراء تدريب الموظفين على كيفية استخدام التكنولوجيا الخضراء؛ ما يُرهِق كاهل بعض المؤسسات والشركات.
3. التحديث المستمر: يتعيَّن على المؤسسات والشركات - في ظلِّ التطوُّر السريع للتكنولوجيا متابعة آخر التحديثات والتقنيات الجديدة في مجال الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الحاسوب؛ لضمان ديمومة ترشيد الاستهلاك في الطاقة. وهذا يُحتِّم عليها الاستغناء عن الأجهزة القديمة التي لديها، وشراء أجهزة جديدة؛ ما يُمثِّل تحدِّيًا رئيسًا لها.
4. البِنية التحتية: قد تكون البِنية التحتية القائمة غير مُلائِمة لتطبيق مبادئ الحوسبة الخضراء؛ ما يُحتِّم على المؤسسات والشركات إدخال كثير من التعديلات والتحديثات الإضافية.
5. ثقافة الوعي البيئي: يُعَدُّ الجهل بأهمية الحوسبة الخضراء أحد أبرز التحدِّيات التي تَحُدُّ من تطبيق مبادئ الحوسبة الخضراء؛ إذ لا تَحْفل كثير من المؤسسات والشركات بالمشكلات البيئية (مثل التغيُّر المناخي) عند تصنيع الأجهزة التكنولوجية أو شرائها.
تطبيق الحوسبة الخضراء في الأردن:
يبذل الأردن كثيرًا من الجهود الدؤوبة لتطبيق مبادئ الحوسبة الخضراء في مختلف المؤسسات والوزارات الحكومية
مثل: وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، ووزارة البيئة، ووزارة الطاقة والثروة المعدنية. كذلك تبنَّت العديد من الشركات في القطاع الخاص فكرة الحوسبة الخضراء، وأخذت تَغُذُّ الخُطى نحوها؛ سعيًا لتحسين كفاءة مواردها، وتقليل انبعاثات غاز الكربون، وتوفير الطاقة. وقد تمثَّل ذلك في اتِّخاذ العديد من الإجراءات والمبادرات التي تدعم الاستدامة البيئية، مثل:
1. مبادرات التوعية: يتمثَّل ذلك في تنظيم حملات توعية تُعرِّف الناس بأهمية الحوسبة الخضراء وفوائدها.
2. التشريعات والسياسات: يتمثَّل ذلك في وضع القوانين والتشريعات التي تُعزِّز استخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة، وتُحفِّز المؤسسات والشركات على تطبيق مبادئ الحوسبة الخضراء، بما تُقدِّمه لها من حوافز وتسهيلات.
3. الاستثمار في الطاقة المُتجدِّدة: يتمثَّل ذلك في تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية التي تُزوِّد مراكز البيانات بحاجتها من الطاقة، وتُخفِّف العِبء والضغط على الشبكة التقليدية للطاقة.
4. التعاون مع الشركات: يتمثَّل ذلك في تحفيز الشركات على تبنّي مبادئ الحوسبة الخضراء، عن طريق تقديم الحوافز المالية والتقنية لها؛ ما يُسهِم في تعزيز الاستدامة البيئية، ويَحُدُّ من تَبِعات البصمة الكربونية.