الفلسفةُ العربيةُ الإسلاميةُ
أتخيّلُ نفسي هناكَ: أستاذًا للفلسفةِ، ودُعيتُ لمُؤتمَرٍ عالميٍّ حولَ الفلسفةِ العالميةِ، وقدّمْتُ فيهِ ورقةً بحثيةً عنِ الفلسفةِ في الوطنِ العربيِّ.
علمُ الكلامِ: علمٌ علم يقتدر به على اثبات العقائد الدينية بأدلتها اليقينية. |
اشتُهِرَ مفهومُ الفلسفةِ في الحضارةِ الإسلاميةِ بِما عُرِفَ باسمِ (علمِ الكلامِ)؛ الّذي ظَهَرَ لمواجهةِ مَنْ شكّكوا في أفكارِ الإسلامِ، وبناءِ تصوُّرٍ ورؤيةٍ شموليةٍ حولَ الكونِ والإنسانِ والحياةِ.
تطوّرَتِ الفلسفةُ العربيةُ الإسلاميةُ بعدَ ترجمةِ كتبِ الفلسفةِ اليونانيةِ واطّلاعِ الفلاسفةِ المسلمينَ عليها، إذْ تبنَّوا بعضَ ما يتوافقُ منَ الفلسفةِ اليونانيةِ معَ العقيدةِ الإسلاميةِ.
أوّلًا: عواملُ نشأةِ الفلسفةِ العربيةِ الإسلاميةِ
أسهمَتْ مجموعةٌ منَ العواملِ في نشأةِ الفلسفةِ العربيةِ الإسلاميةِ، منْ أهمِّها:
- الاختلافاتُ الفكريةُ والمذهبيةُ الّتي أسهمَتْ في نشوءِ الفِرَقِ الإسلاميةِ.
- التوسُّعُ في قارّاتِ آسيا وإفريقيا وأوروبا، وما رافقَهُ منَ انفتاحٍ على حضاراتِ الأُمَمِ وثقافاتِها.
- تطوُّرُ حركةِ الترجمةِ، ولا سيَّما ترجمةِ كتبِ الفلسفةِ اليونانيةِ.
السببُ: الاختلافاتُ الفكريةُ والمذهبيةُ والتوسع والاطلاع على حضارات العالم وتطور حركة الترجمة |
النتيجةُ: نشوءُ النقاشاتِ في مسائلِ العقائدِ والكونِ والحياةِ. |
ثانيًا: أبرزُ الفلاسفةِ العربِ والمسلمينَ
الكِنْدِيُّ: وُلِدَ في الكوفةِ بالعراقِ في القرنِ التاسعِ الميلاديِّ، وهوَ علّامةٌ عربيٌّ مُسلمٌ، لُقِّبَ بِـ "فيلسوفِ العربِ"، وقدِ اشتُهِرَ بدراسةِ الفلكِ، والفلسفةِ، والفيزياءِ، والرياضياتِ، وبرعَ في الموسيقا.
حَظِي الكِنْدِيُّ بمكانةٍ رفيعةٍ في العصرِ العبّاسيِّ، ويُعَدُّ منْ أشهَرِ مُترجِمي عصرِهِ، عيّنَهُ الخليفةُ المأمونُ مُشرِفًا على مكتبةِ "بيتِ الحكمةِ"، ثمَّ عيّنَهُ الخليفةُ المُعتصِمُ مُربِّيًا خاصًّا لأبنائِهِ؛ لحكمتِهِ وذكائِهِ.
ردَّ الكِنْدِيُّ على أفكارٍ فلسفيةٍ غيرِ صحيحةٍ، مثلِ: الخلودِ في الحياةِ وإنكارِ يومِ البَعْثِ، وناقشَها بكلِّ حكمةٍ ومنطقيةٍ. وقدْ وضعَ قواعدَ لعلمِ الموسيقا في العالمِ العربيِّ والإسلاميِّ، فاقترحَ إضافةَ الوَتَرِ الخامسِ إلى العودِ، ووضعَ سُلَّمًا موسيقيًّا ما يزالُ يُستخدَمُ في الموسيقا العربيةِ منِ اثنتَيْ عشرةَ نغمةً. تُوُفِّيَ في بغدادَ عامَ 260 هجريةً.
أناقشُ: يعكسُ تطوُّرُ الموسيقا تطوُّرَ الثقافةِ والفكرِ الإنسانيِّ.
الموسيقى ليست مجرد أصوات وإيقاعات؛ بل هي مرآة تعكس تطور الثقافات والأفكار
الإنسانية عبر الزمن. في كل حقبة تاريخية، يمكن رؤية كيف تأثرت الموسيقى بالأحداث
الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية.
الموسيقى تعكس تطلعات وآمال البشر، وتظل وسيلة قوية لتوثيق تطورنا الثقافي
والفكري.
الفارابيُّ: وُلِدَ أبو نصرٍ محمدُ الفارابيُّ عامَ 870 م في مدينةِ فارابَ (في جمهوريةِ كاخستانَ حاليًّا)، وأُطلِقَ عليهِ لقبُ "المعلّمِ الثاني". تبنّى الفارابيُّ آراءَ أرسطو، ودرسَ الطّبَّ، والمنطقَ، وعلمَ الاجتماعِ، وانتقلَ للدراسةِ في بيزنطةَ؛ لاهتمامِهِ باللغةِ والفكرِ اليونانيِّ.
ألف الفارابيّ في الفلسفةِ، والطّبِّ، والرياضياتِ، والمنطقِ، والسياسةِ، والموسيقا، ويُعَدُّ كتابُ "المدينةُ الفاضلةُ" أبرزَ أعمالِهِ في الفلسفةِ، وفيهِ حاولَ الفارابيُّ تكوينَ صورةٍ عنْ مجتمعٍ فاضلٍ وفقًا للمبادئِ الرئيسةِ الّتي تقومُ عليها فلسفتُهُ وآراؤُهُ في السعادةِ والأخلاقِ والكونِ.
- أناقشُ: لُقِّبَ الفارابيُّ بِـ "المعلّمِ الثاني".
دلالة على أهميته في الفلسفة العربية الاسلامية واذا كان ارسطو هو المعلم الأول فإن الفارابي يأتي من حيث الأهمية في المرتبة الثانية.
ابنُ رُشْدٍ: فيلسوفٌ، وفقيهٌ، وطبيبٌ، وفَلَكِيٌّ، وقاضٍ، وفيزيائيٌّ عربيٌّ مسلمٌ أندلسيٌّ، وُلِدَ في قرطبةَ عامَ 1126م، ونشأَ في أسرةٍ فقهيةٍ.
تولّى ابنُ رُشْدٍ القضاءَ في إشبيليةَ، ثمَّ في قرطبةَ، ما أسهمَ في تنقُّلِهِ في مختلفِ أنحاءِ المغربِ.
اطّلعَ على مُؤلَّفاتِ أرسطو وأفلاطونَ، ووافقَ أفلاطونَ في الفضائلِ الأربعِ الأساسيةِ: العدالةِ، والحكمةِ، والشجاعةِ، والعفّةِ. وتميّزَ بشرحِهِ الوافي لفلسفةِ أرسطو، فلُقِّبَ بِـ "الشارحِ الأكبرِ لفلسفةِ أرسطو".
قدّمَ ابنُ رُشْدٍ نقدًا لنظريةِ بطليموسَ، وأعطى تفسيراتٍ أفضلَ لحقيقةِ الكونِ، ووصفًا للقمرِ. منْ أهمِّ كتبِهِ: أرسطو، وجوامعُ سياسةِ أفلاطونَ. تُوُفِّيَ ابنُ رُشْدٍ في مراكشَ عامَ 1198م.