تناولنا في الدرس السابق القيم الإيمانية والأخلاقية المستفادة من السيرة النبوية وفي هذا الدرس سنتعرف على القيم المهاريّة :
أولا : مفهوم القيم المهارية :
هي القيم التي تتعلق بالقدرات والإمكانات المكتسبة لدى الإنسان والتي تساعده على تسهيل سبل حياته والتكيف مع مجتمعه وتكوين علاقات إيجابية مع الآخرين ، وتسيير سبل حياته، كالتعلم والتواصل والقيادة والحوار
ثانيا : عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالقيم المهارية :
1_ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على اكتشاف المهارات لدى الصحابة / وتعلمها / وإنمائها / وضرورة إتقانها / وحسن توظيفها .
**من الأمثلة على اكتشاف النبي صلى الله عليه وسلم للمواهب :
- أنه أرسل معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري قاضيين على اليمن لمعرفته بمهارتهما في القضاء
_ أرسل مصعب بن عمير إلى المدينة المنورة لنشر الإسلام فيها لمعرفته بمهارته في إقناع الناس بالحجة والمنطق
_ استثمر مهارة حسان بن ثابت في الشعر لخدمة الإسلام والمسلمين
- طلب من زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية لكي يترجم للنبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيه من كتب ورسائل بهذه اللغة
ثالثا : نماذج من القيم المهارية :
من القيم المهارية التي حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تربية الصحابة عليها : القيادة / بناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين / الحوار / إدارة الوقت
1* مهارة القيادة **
- تعريف القيادة : هي محاولة التأثير في الناس وتوجيههم لإنجاز الهدف المطلوب
- لا يمكن الوصول لهذه المهارة إلا إذا امتلك الإنسان شخصية تتمتع بالمسؤولية ومعرفة الآخرين والحرص على نفعهم وخدمتهم
_ مثال من السيرة ( النبي القائد) : كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لمن بعده في القيادة ، فكان يتمتع بأخلاق القائد الناجح من شجاعة وعدل وصبر وحزم ونزاهة ولباقة وشورى وحسن التعامل فأحبه الناس واقتدوا به
- الدليل الشرعي : ربّى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة على مهارة القيادة ، والمسؤولية دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
2 ** مهارة بناء العلاقات الإيجابية مع الآخرين **
- تتضمن هذه المهارة كثيرا من الكفايات التي ينبغي أن يمتلكها المسلم مثل : القدرة على فهم الآخرين ومنطلقاتهم / وحسن التعامل معهم
- مثال من السيرة : احتوت السيرة توجيهات كثيرة لحسن التعامل مع الناس
المهارة | الدليل |
---|---|
المرونة في التعامل وتجاوز الزلات والرفق واللين | قال تعالى : (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) |
الحث على نشر السلام ( التحية ) بين الناس | قال صلى الله عليه وسلم ( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم .. أفشوا السلام بينكم ) |
الاستئذان قبل الدخول للبيوت | قال صلى الله عليه وسلم : (الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع ) |
الحث على البشاشة في وجوه الناس | قال صلى الله عليه وسلم : (تبسمك في وجه أخيك صدقة ) |
زيارة المرضى والاطمئنان عليهم وتطييب خاطرهم | ____________________ |
3 ** مهارة الحوار **
أهمية الحوار :
- الحوار هو الوسيلة الأساسية للتواصل
- فالإنسان كائن بشري لا يعيش إلا مع غيره
- ولا بد من الحوار مع من حوله للتعبير عن احتياجاته والعيش معهم
** أمثلة من السيرة على اسلوب الحوار المتأمل للسيرة النبوية يدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم
- كان يتقن فن الحوار وأساليبه وآدابه / فيحترم من يحاوره ويكلمه بتهذيب دون شتم أو سب أو إيذاء ، الحديث ( ليس المؤمن بالطعّان ولا اللّعان ولا الفاحش ولا البذيء).
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يستمع جيدا للآخرين فلا يقاطعهم ويدعم آراءه بالحجج والبراهين العقلية المنطقية
- ومن ا|لأمثلة على حسن أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في الحوار مع الناس :
أن فتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب منه أن يأذن له بالزنا / فزجره أصحابه / فنهاهم عن ذلك / وقال له : أدنه ، فدنا منه الفتى ، وأخذ يحاوره بالإقناع ، فقال له : أتحبه لأمك ؟ قال لا والله جعلني الله فداك ، قال وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم ... قال : أتحبه لابنتك ؟ ... أتحبه لأختك ؟ .. أتحبه لعمتك ؟ .. أتحبه لخالتك ؟ .. وكلما سأله يقول له: لا والله جعلني الله فداك ، ويقول له وكذلك والناس لا يحبونه ، ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليه ودعا له ( اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصّن فرجه ) ، فلم يلتفت الشاب لشيء مما جاء به من الرغبة بالزنا.
- استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب الحوار مع غير المسلمين باللطف واللين ... فقد حاور مشركي قريش وحرص على هدايتهم حتى أرهق نفسه فأنزل الله تعالى: (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) وعلى المسلم أن يتعلم آداب الحوار ويالتزم بها مع الناس جميعهم وع والديه وابنائه وأقاربه ومعلميه وطلابه وزملائه في العمل
4 ** مهارة إدارة الوقت **
_ أهمية تنظيم الوقت : الموازنة بين الأهداف والواجبات / زيادة سرعة إنجاز العمل / وتقليل الأخطاء
- اعتنى الإسلام بتنظيم الوقت / فجعل العبادات في مواعيد محدودة، أوقات معلومة لا تصح إلا بها /
- وعدّ الوقت أمانة يسأل عنها يوم القيامة.
- دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تنظيم الوقت واستثماره فيما يفيد وحذر من تضييعه والتفريط به ، الحديث ( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك /وصحتك قبل سقمك / وغناك قبل فقرك / وفراغك قبل شغلك / وحياتك قبل موتك )