- اكتشفت قريشٌ فشلَ خُطَّتِها، وأنَّ الرَّسولَ ﷺ قد أفلت من بين أيديها، فراحت تبحثُ عنهُ في كلِّ مكانٍ.
- حتَّى وصلت إلى بابِ غارِ ثَورِ الذي اختبأَ فيهِ هوَ وصاحِبُهُ أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه.
- فصَرَفَ اللهُ تعالى أبصارَهم عنِ النَّظَرِ في الغارِ، ونَجَّى رسولَهُ ﷺ وصاحِبَهُ.
- وقد ذكرَ اللهُ تعالى هذا الموقفَ في كتابِهِ، فقالَ: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا".
مُغادَرَةُ الغارِ
- في صبيحةِ اللَّيلَةِ الثَّالِثةِ خرج الرَّسولُ ﷺ وصاحِبُهُ من الغارِ.
- فانطَلقا ومَعهُما عامرُ بنُ فُهَيرَةَ لِيَخدِمَهُما، ثمَّ سَلكا طَريقًا غَيرَ الطَّريقِ المعروفَةِ، مُستَعينينَ بعبدِ اللهِ بنِ أُريقطِ لِيَدُلَّهُما على الطَّريقِ.
- وبينما رَسولُ اللهِ ﷺ وصاحِبُهُ في الطَّريقِ إذ لَحِقَ بِهِما سُراقَةُ بنُ مالِكٍ، وكانَ يبحَثُ عنهُما للفوزِ بالجائِزَةِ التي جعلَتها قُريشٌ لِمَن يأتي بِهما، وهيَ مئةُ ناقَةٍ.
- كان كُلَّما حاولَ الاقترابَ منهُما غارَت أقدامُ فَرَسِهِ في الرِّمالِ، فَلمَّا أيقَنَ أنَّهُ لن يَصِلَ إليهِما، وَعَلِمَ أنَّهُما مَحفوظانِ بِحفظِ اللهِ تعالى، طَلَبَ من رَسولِ اللهِ ﷺ الأمانَ وعاهَدَهُما أن يُخفيَ خَبَرَهُما، فبشَّرَهُ النَّبيُّ ﷺ إن فعَلَ ذلِكَ بأَن يَكونَ لَهُ سُوارا كِسرى.
- ثُمَّ عادَ سُراقَةُ إلى مكَّةَ المُكرَّمَةِ، وقَد تَحَقَّقَ وعدُ النَّبيِّ لِسُراقَةَ في عَهدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه.
أتعلم:
- كسرى: لقَبٌ يُطلَقُ على مُلوكِ الفُرسِ.
الوصولُ إلى المدينَةِ المُنَوَّرَةِ
- وَصَلَ الرَّسولُ ﷺ إلى منطقة قُباءٍ على مَقرُبَةٍ منَ المدينةِ المنوَّرَةِ، ومكثَ فيها أيَّامًا، وبَنى فيها أوَّلَ مَسجِدٍ في الإسلامِ (مسجِدِ قُباءٍ).
- ثُمَّ غادَرَها مُتَّجِهًا إلى المدِينةِ المنوَّرةِ؛ فوجَدَ المُسلِمينَ من مُهاجِرينَ وأنصارٍ ينتَظِرونَ وُصولَهُ ﷺ بشوقٍ ولَهفَةٍ، فاستَقبَلوهُ بِفَرَحٍ وسُرورٍ وهُم يُرَدَّدونَ الأناشيدَ.
- وتسابقَ الأنصارُ لاستِضافَةِ النَّبيِّ ﷺ، فنَزَلَ ضَيفًا على أبي أيُّوبِ الأنصارِيِّ .
- ثُمَّ بدأَ المسلِمونَ بِبِناءِ المسجِدِ الذي عُرِفَ بالمَسجِدِ النَّبويِّ، وبَنَوا بيتًا للنَّبيِّ ﷺ بجوارِهِ.
- كانَتِ الهِجرَةِ النَّبويَّةُ الشَّريفَةُ من مكَّةَ المكرَّمةِ إلى المدينةِ المنوَّرةِ انطلاقَةً لبناء دولَةِ الإسلام، وإعزازًا لِدينِ اللهِ تعالى، وبدايَةَ خَيرٍ ونَصرٍ وبَرَكَةٍ على الإسلامِ والمُسلِمينَ.