أتخيّلُ نفسي هناكَ: أتجوّلُ في إحدى الساحاتِ العامّةِ في أثينا القديمةِ، أمامي سقراطُ؛ كبيرُ فلاسفةِ اليونانِ، يتجوّلُ بينَ الناسِ ويناقشُهُمْ.
علمُ المنطقِ: هوَ علمُ الاستدلالِ الصحيحِ المُؤَدّي إلى الوصولِ إلى نتائجَ وحقائقَ عنِ الخالقِ والكونِ والإنسانِ. |
الفلسفةُ: كلمةُ يونانيةُ الأصلِ، تتكوّنُ منْ مقطعَينِ: (Philo) ويعني "حُبُّ"، وَ(Sophia) ويعني "الحكمةُ"، فإذا جُمِع المقطعانِ معَ بعضِهِما صارَ المعنى: "حُبُّ الحكمةِ". والفيلسوفُ هوَ مُحِبُّ الحكمةِ، وهوَ الشخصُ الّذي يطلبُ المعرفةَ ويسعى إلى الحقيقةِ.
التفكيرُ الفلسفيُّ
السعيُ إلى المعرفةِ أمرٌ طبيعيٌّ في الإنسانِ الّذي يطلبُ دومًا إجاباتٍ عنْ أسئلةٍ ويثيرُ أسئلةً جديدةً. والفلسفةُ طريقُ العقلِ في التفكيرِ، وهيَ النشاطُ الّذي يسعى الإنسانُ فيهِ إلى فهمِ طبيعةِ النفسِ والكونِ، وبهذا تكونُ الفلسفةُ بحثًا مُنظَّمًا عنِ المعرفةِ، يقومُ بهِ الإنسانُ عنْ طريقِ التفكيرِ المنطقيِّ.
سماتُ التفكيرِ الفلسفيِّ
- الدهشةُ: هيَ ما يُثيرُ الأسئلةَ في عقلِ الإنسانِ حولَ الذاتِ والمصيرِ والحرّيةِ والأشياءِ، وتدفعُ إلى التأمُّلِ والتفكيرِ وطرحِ الأسئلةِ.
إذا رأى إنسانٌ عاديٌّ نبتةً تنمو وسطَ أرضٍ قاحلةٍ فإنَّهُ يندهشُ منْ جمالِ هذا المنظرِ أوْ منْ غرابتِهِ، أمّا الفيلسوفُ فدهشتُهُ تقودُهُ لطرحِ أسئلةٍ عديدةٍ، مثلِ:
- كيفَ استطاعَتْ هذِهِ النبتةُ أنْ تنموَ في هذا الوسطِ القاحلِ؟
- منْ أينَ تحصلُ على الماءِ؟
- كيفَ طوّرَتْ قُدُراتِها لتتحمّلَ الحَرَّ الشديدَ؟
- لِمَ هذِهِ النبتةُ وليسَ نبتةً سواها؟
- مهاراتُ التعلّمِ: أوضّحُ أوجهَ الشبهِ والاختلافِ بينَ الدهشةِ الفلسفيةِ والدهشةِ الانفعاليةِ.
- أوجه الشبه: كلاهما دهشة تدفع الإنسان إلى الوقوف والتامل بما حصل.
- أوجه الأختلاف:
- الدهشة الإنفعالية: دهشة وتأمل من جمال او غرابة هذا المنظر.
- الدهشة الفلسفية: دهشة وتأمل تقود إلى طرح اسئلة عميفة حول الظاهرة.
- التأمُّلُ: أَيِ الاستغراقُ والتعمُّقُ في التفكيرِ في موضوعٍ مُحدَّدٍ أوْ مشكلةٍ ما أوْ قضيةٍ مُعيَّنةٍ؛ لفهمِ طبيعتِها وتحليلِها.
- الشموليةُ: تعني أنَّ الفلسفةَ تبحثُ في الحقولِ المعرفيةِ والأشياءِ كافّةً، وفي مبادئِ الأشياءِ وأُصولِها.
- الاتساقُ: يُقصَدُ بِهِ التماسكُ والانسجامُ في الأفكارِ والمواقفِ، وعدمُ وجودِ تناقضٍ بينَ الأفكارِ الّتي تُقدَّمُ، وأنَّ خطواتِ التفكيرِ مُنسجِمةٌ لا تتعارضُ في ما بينَها، فالفلسفةُ تفكيرٌ مُنَظَّمٌ يخلو منَ الأفكارِ المُتناقِضةِ.
- المنهجيةُ: يتّسمُ التفكيرُ الفلسفيُّ بالالتزامِ الصارمِ بمنهجّيةٍ واضحةٍ تتضمّنُ توظيفَ العقلِ والحواسِّ، والاعتمادِ على الاستدلالِ والبرهانِ والاستنتاجِ والاستقراءِ.
نشاطٌ: أتعاونُ معَ زملائي/ زميلاتي على تنظيمِ جلسةٍ حواريةٍ نتأمّلُ فيها مشكلةَ تزايدِ الحوادثِ المروريةِ في الأردنِّ، ونحلّلُها، ومن ثمَّ تقديمِ اقتراحاتٍ لمعالجتِها.
توجيه الطلبة إلى ضرورة التفكير في ظل عدد من المعطيات، مثل : احترام القانون، وعي السائق والمشاه، تنظيم الشوارع، التزايد السكاني
مهاراتُ التفكيرِ الفلسفيِّ
حتّى يكونَ تفكيرُ الإنسانِ فلسفيًّا لا بُدَّ منَ امتلاكِهِ مجموعةٍ منَ المهاراتِ الفلسفيةِ، وأهمُّها:
- الشّكُّ: عدمُ قبولِ ما نعتقدُهُ منْ آراءٍ وأفكارٍ وما نَعُدُّهُ أمرًا مُسلَّمًا بِهِ، أوْ هوَ التردُّدُ بينَ نقيضَينِ لا يجزمُ العقلُ في ترجيحِ أحدِهِما على الآخرِ؛ لوجودِ خصائصَ أوْ سِماتٍ مُتعادلةٍ في الحكمَينِ. ويُقسَمُ الشّكُّ إلى نوعَينِ، هما: الشّكُّ المُطلَقُ، والشّكُّ المنهجيُّ.
- الشّكُّ المُطلَقُ: موقفٌ فلسفيٌّ أساسُهُ الاعتقادُ بأنَّنا لا نعرفُ أيَّ شيءٍ مُطلَقًا، وكثيرٌ منَ الفلاسفةِ لا يوافقونَ هذا الرأيَ.
- الشّكُّ المنهجيُّ: موقفٌ فلسفيٌّ نقديٌّ يتّخذُهُ الفيلسوفُ للتأكُّدِ منْ أنَّ ما نعرفُهُ يقينيٌّ وصحيحٌ.
وكلُّ تفكيرٍ يتضمّنُ الشّكَّ المنهجيَّ هوَ بالضرورةِ تفكيرٌ نقديٌّ؛ لكونِهِ يقتضي إعادةَ النظرِ في المعارفِ والأفكارِ، ويُبعدُنا عنِ الأفكارِ الدوغمائيةِ (الوثوقيةِ).
التفكيرُ الدوغمائيُّ (الوثوقيُّ): تُعَدُّ الوثوقيةُ موقفًا فلسفيًّا يعتقدُ بإمكانِ المعرفةِ، ولكنَّهُ يُصِرُّ على المعرفةِ الفرديةِ، ويَعُدُّها المعرفةَ الّتي يجبُ الوثوقُ بها. ويعتقدُ الوثوقيّونَ أنَّ المعرفةَ الّتي يحملُها الفردُ هيَ الوحيدةُ الصالحةُ، وأتباعُ هذا الموقفِ يرفضونَ مواقفَ الآخَرينَ. |
- النقدُ: هوَ تحليلُ الأفكارِ بالمنطقِ والحُجَجِ العقليةِ قبلَ قبولِها أوْ رفضِها، وهوَ تصنيفٌ للأفكارِ إنْ كانَتْ صحيحةً أمْ غيرَ صحيحةٍ.
- قضيةٌ للنقاشِ: أتخيّلُ نفسي في حلقةٍ نقاشيةٍ استضافَها نادٍ ثقافيٌّ، وأستخدمُ النقدَ بوصفِهِ مهارةَ تفكيرٍ فلسفيٍ لإبداءِ رأيي في الآثارِ السلبيةِ لوسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ.
- التحليلُ: يقومُ على أساسِ تقسيمِ الكُلِّ إلى الأجزاءِ المُكوِّنةِ لَهُ؛ لشرحِهِ وفهمِهِ. وتتمثّلُ المهمّةُ الأولى للفلسفةِ بتحليلِ ظواهرِ الواقعِ الّذي يعيشُ فيهِ الإنسانُ، بتفكيكِ كلِّ ظاهرةٍ إلى عناصرِها البسيطةِ الّتي تتكوّنُ منها؛ ليَسهُلَ فهمُها.
تُعنى الفلسفةُ بالواقعِ الّذي يعيشُهُ الإنسانُ، وفي ما يدورُ في المجتمعِ منْ أحداثٍ ثقافيةٍ، وسياسيةٍ، واجتماعيةٍ، واقتصاديةٍ، وتبحثُ في أسبابِها بدلًا منَ الاكتفاءِ بما يظهرُ فقطْ. وبعدَ فَهْمِ الواقعِ يُنْقَدُ، أيْ تُبيَّنُ الصورُ السلبيةُ في الفكرِ السائدِ في المجتمعِ وتُمَيَّزُ منَ الصورِ الإيجابيةِ، ويكون نقدًا هادفًا يُسهمُ في تجاوزِ الواقعِ ووضعِ حلولٍ لمشكلاتِهِ.
- أناقشُ العبارةَ الآتيةَ: نستطيعُ عنْ طريقِ التحليلِ فَهْمَ الواقعِ وتفسيرَهُ.
- تُعنى الفلسفةُ بالواقعِ الّذي يعيشُهُ الإنسانُ، والبحث في الأسباب من خلال تقسيمِ الكُلِّ إلى الأجزاءِ المُكوِّنةِ لَهُ لشرحِهِ وفهمِهِ
- التركيبُ: يقومُ على جمعِ العناصرِ المُكوِّنةِ للظاهرةِ منْ أجلِ فهمِها. فبعدَ تحليلِ الظاهرةِ إلى مُكوِّناتِها تعيدُ الفلسفةُ تركيبَها منْ جديدٍ؛ للوصولِ إلى استنتاجاتٍ حولَها وحولَ العناصرِ المُكوِّنةِ لها.
أهميةُ الفلسفةِ
للفلسفةِ أهميةٌ كبيرةٌ للفردِ والمجتمعِ:
- أهميةُ الفلسفةِ للفردِ: تُمكِّنُ الفلسفةُ الفردَ منْ تنميةِ مهاراتِهِ، مثلِ: الفهمِ، والاستدلالِ العقليِّ، والقدرةِ على الحوارِ، إذْ تجعلُ الفلسفةُ الفردَ مُنسجِمًا معَ نفسِهِ، مُتَّسِقًا معَ ذاتِهِ مُتقبِّلًا الآخَرَ، فيحاورُهُ ويتسامحُ معَهُ ويحترمُهُ. وتُنمّي الفلسفةُ وعيَ الفردِ بذاتِهِ وبالمجتمعِ المحيطِ بِهِ.
- أهميةُ الفلسفةِ للمجتمعِ: تكمنُ أهميةُ الفلسفةِ للمجتمعِ في تحليلِ الواقعِ، والبحثِ في التحدياتِ ونقدِ الجوانبِ المختلفةِ في الثقافةِ والتربيةِ والعلاقاتِ الاجتماعيةِ، ولا يقتصرُ دورُها على ذلكَ، بلْ يقترنُ باقتراحِ الحلولِ المناسبةِ لتلكَ التحدياتِ.