(1) قالَ تعالى: "وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا وَبِذِي القُرْبى وَالْيَتامَى وَالْمَساكِينِ وَالْجَارِ ذي الْقُرْبى وَالْجَارِ الجُنُبِ وَالصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ".
(سورَةُ النِّساءِ: 36)
(2) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ _صلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ_ : "ما زالَ جبريلُ يُوصيني بالجارِ حتّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ".
(صحيحُ البُخاريّ: 6015، وصحيحُ مُسلِمٍ: 2625)
(3) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ _ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما _ قالَ: "قالَ رَجُلٌ لِلنَّبيِّ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : يا رسولَ اللهِ، كَيْفَ لي أنْ أعْلَمَ إذا أحْسَنْتُ أوْ إذا أسَأتُ؟ فَقالَ النَّبيُّ _صلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ_ : إذا سَمِعْتَ جيرانَكَ يقولونَ: قَدْ أحسَنْتَ، فَقَدْ أحْسَنْتَ، وإذا سَمِعْتَهُمْ يقولونَ: قَدْ أسَأتَ، فَقَدْ أسَأتَ".
(ابنُ ماجَه: 4223)
(4) عَنْ ابنِ عَبّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_، عَنِ النَّبِيِّ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ أنَّهُ قالَ: "لَيْسَ المُؤمِنُ مَنْ باتَ شَبْعانَ وجارُهُ طاوٍ".
(سُنَنُ البيهقيِّ: 9537)
(5) قالَ أبو شُرَيْحٍ العَدوَيُّ خُوَيْلِدُ بنُ عمرِو، قالَ رسولُ اللّهِ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : "واللّهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ. قالُوا: ومَا ذاكَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: الجارُ الَّذي لا يأمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ. قالوا: وما بَوائِقُهُ؟ قالَ: شَرُّهُ".
(صحيح البُخاريّ: 616)
(6) عَنْ أبي ذَرٍّ _رَضِيَ اللهُ عنهُ_ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : "يا أبا ذَرٍّ، إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً فأكْثِرْ ماءَها، وتعاهَدْ جيرانَك".
(صحيحُ مُسلِمٍ: 2625)
(7) عَنْ أبي هُرَيْرَةَ _رَضِيَ اللهُ عنهُ_ أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى رسولِ اللهِ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ _ فقالَ: "إنَّ لي جارًا يُؤذيني". قالَ: "انْطَلِقْ، فَأخْرِجْ متاعَكَ إلى الطَّريقِ"، فَفَعَلَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النّاسُ يقولونَ: ما شأنُكَ؟ فَجَعَلَ يقولُ: جاري يُؤذيني، فَجَعَلُوا يقولونَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أخْزِهِ، فَبَلَغَهُ ذلكَ فأتاهُ، فقالَ: ارْجِعْ إلى مَنْزِلِكَ فواللهِ لا أؤذيكَ أبَدًا".
(البُخاريُّ / الأدَبُ المُفرَدُ: 124)
(8) صَعِدَ الأحنَفُ بنُ قَيْسٍ فَوْقَ بَيْتِهِ فأشْرَفَ على جارِهِ، فقالَ: سَوْءَةٌ سَوْءَةٌ؛ دَخَلْتُ على جاري بِغَيْرِ إذْنٍ، لا صَعِدْتُ فَوْقَ هذا البيتِ أبدًا.
(مكارِمُ الأخلاقِ لابنِ أبي الدُّنيا ص: 87)
وجاءَ في قِصَصِ التُّراثِ:
(9) يُحكى أنَّ أعرابيًّا كانَ يُجيرُ قُبَّرَةً عَشَّشَتْ في حِماهُ، وكانَ هذا الأعرابيُّ يَعِدُّهَا جارَةً لَهُ، وناداها مَرَّةً مُهَدِّئًا مِنْ رَوْعِها حينَ طارَتْ مِنْ أمامِهِ وقَدْ خافَتْ مِنْ ناقَةٍ أنْ تَمُرَّ فوقَ بَيْضِها:
يـــا لَــكِ مِـــــنْ قُـــــــبَّـــــرَةٍ بِـــــمَــــعـــــمَـــــري قَـــــــــدْ ذَهَـــــبَ الـــــصَّـــــيّــــادُ عَــنْـــــكِ فـــــــابْــــــشِــــــــرِي
خَـــــلا لَــــكِ الــــجَـــــــوُّ فـــبيضِي واصْفِرِي ونَـــــــقّــــــــري مـــــــــا شِـــــــــــئْـــــــــــتِ أنْ تُــــــــــنَــــــــــقِّــــــري
فـــــــأنـــــتِ جــــاري مِـــنْ صُــروفِ الــحَـــذَرِ إلــــــــى بُـــــــلــــــــوغِ يَـــــــــوْمِـــــــــــــكِ الـــــــــــــمُـــــــــــــقَـــــــــــــدَّرِ
(الأندَلُسيّ، شَرْحُ كِتابِ الأمثالِ، تحقيقُ: إحسانُ عبّاس، مُؤَسَّسَةُ الرِّسالةِ، بيروت، لُبنان، ط1، 1971 م)
♦ جَوُّ النَّصّ:
تَتَناوَلُ النُّصوصُ السّابِقَةُ جُملَةً مِنْ مكارِمِ الأخلاقِ المُختَصَّةِ بِقواعِدِ التَّعامُلِ الإنسانيِّ وتنظيمِ المُجتَمَعِ، ومِنْها التَّعامُلُ مَعَ الجيرانِ والتَّوصِيَةُ بِهِمْ، ومُراعاةُ حُقوقِهِمْ وتأكيدُها، والإحسانُ إليهِمْ، وجَعْلُ مِعْيارِ التَّفاضُلِ بَيْنَ الخُلُقِ وعَدَمِهِ هُوَ ما يقولُهُ الجيرانُ، وفي هذا كُلِّهِ دَعْوَةٌ وتوجيهاتٌ لِلتَّحَلّي بِحُسْنِ الجِوارِ وتَفَقُّدِ الجيرانِ، كما يَعْرِضُ جانِبًا آخَرَ مِنْ حُسْنِ الجِوارِ في رِعايَةِ الحيوانِ وتَفَقُّدِ حالِهِ والرِّفْقِ بِهِ.
الشَّرح
(1) قالَ تعالى: "وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا وَبِذِي اُلْقُرْبى وَالْيَتامَى وَالْمَساكِينِ وَالْجَارِ ذي الْقُرْبى وَالْجَارِ الجُنُبِ وَالصّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ".
(سورَةُ النِّساءِ: 36)
معاني المُفرَدات:
الكلمة |
المعنى |
وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى |
الجارُ القريبُ في الصِّلة والسَّكن |
وَالْجَارِ الجُنُبِ |
الجارِ غَيْرِ القَريبِ |
وَالصّاحِبِ بِالْجَنْبِ |
الرَّفيقِ في السَّفَرِ والحَضَرِ |
السَّبيلِ |
الطَّريق، وسُمِّيَ المُسافِرُ ابنَ سَبيلٍ لِمُلازَمَتِهِ لَهُ، أيْ: الطَّريق |
• اشْرَحِ الآيةَ السَّابِقةَ شرحًا تامًّا.
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسانًا): أيْ وَحِّدوهُ وعَظِّموهُ ولا تُشرِكُوا بِهِ شَيْئًا مِنَ الأشياءِ صَنَمًا أو غيره، واسْتَوصُوا بِالوالِدَيْنِ بِرًّا وإنعامًا وإحسانًا وإكرامًا.
(وَبِذي الْقُرْبَىٰ وَاليَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ): أيْ وأحْسِنُوا إلى الأقارِبِ عامَّةً، وإلى اليتامى والمساكينِ خاصَّةً.
(وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ): أيِ الجار القريب فَلُهُ عَلَيْكَ حَقُّ الجِوارِ وحَقُّ القَرابة.
(وَالْجَارِ الْجُنُبِ): أيِ الجار الأجنبيّ الَّذي لا قَرابَةَ بَيْنَكَ وبَيْنَهُ.
(وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ): هُوَ الَّذي صَحِبَكَ إمّا رَفيقًا في سَفَرٍ، أو جارًا مُلاصِقًا، أو شريكًا في تَعَلُّمِ عِلْمٍ، أو قاعِدًا إلى جَنْبِكَ في مَجْلِسٍ أو غَيْرِ ذلِكَ، مَنْ لَهُ أدنى صُحبَةٍ الْتَأمَتْ بَيْنَكَ وبَيْنَهُ، فَعَلَيْكَ أنْ تَرْعى ذلِكَ الحَقَّ ولا تنساهُ.
(وَابْنِ السَّبِيلِ): أيِ المُسافِر الغريب الَّذي انْقَطَعَ عَنْ بَلَدِهِ وأهْلِهِ.
واعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ بِالانْقِيادِ لَهُ، ولا تَعْبُدُوا مَعَهُ سِواه، وأحْسِنُوا إلى الوالِدَيْنِ بِإكرامِهِما وبِرِّهِما، وأحْسِنُوا إلى الأقارِبِ واليتامى وذَوي الحاجَةِ، وأحسِنُوا إلى الجارِ ذي القرابَةِ، والجارِ الَّذي لا قرابَةَ لَهُ، وأحْسِنُوا إلى الصّاحِبِ المُرافِقِ لَكُمْ، وأحْسِنُوا إلى المُسافِرِ الغريبِ الَّذي انْقَطَعَتْ بِهِ السُّبُلُ.
(2) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ _صلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ_ : "ما زالَ جِبْريلُ يُوصيني بِالجارِ حتّى ظَنَنْتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ".
(صحيحُ البُخاريّ: 6015، وصحيحُ مُسلِم: 2625)
• اشْرَحِ الحديثَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
جاءَتْ تَعاليمُ الإسلامِ تَدْعو إلى ما فيهِ خَيْرُ العِبادِ، والعَمَلِ على تآلُفِهِمْ وتَرابُطِهِمْ، ومِنْ ذلك: الأمرُ بِالإحسانِ إلى الجارِ.
وفي هذا الحديثِ أخْبَرَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ أنَّ جِبْرِيلَ _عَلَيْهِ السَّلام_ كَرَّرَ عَلَيْهِ الوَصِيَّةَ بِالجارِ، وهُوَ القَريبُ مِنَ الدَّارِ، قَريبًا كانَ أو أجنَبيًّا، مُسلِمًا كانَ أو كافِرًا، وذلِكَ بِالإحسانِ إليه، ورِعايَةِ ذِمَّتِهِ، والقِيامِ بِحُقوقِهِ، ومُوَاساتِهِ في حاجَتِهِ، والصَّبْرِ على أذاه، ولِكَثْرَةِ ما أَوْصَى جِبْرِيلُ _عَلَيْهِ السَّلامُ_ بالجارِ، ظَنَّ النَّبيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ أنَّ اللهَ تعالى سَيُشرِكُ الجارَ في ميراثِ جارِهِ، بِحَيْثُ يكونُ الجِوارُ أحَدَ أسبابِ الإرثِ!
(3) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعودٍ _ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما _ قالَ: "قالَ رَجُلٌ لِلنَّبيِّ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : يا رسولَ اللهِ، كَيْفَ لي أنْ أعْلَمَ إذا أحْسَنْتُ أوْ إذا أسَأتُ؟ فَقالَ النَّبيُّ _صلّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ_ : إذا سَمِعْتَ جيرانَكَ يقولونَ: قَدْ أحسَنْتَ، فَقَدْ أحْسَنْتَ، وإذا سَمِعْتَهُمْ يقولونَ: قَدْ أسَأتَ، فَقَدْ أسَأتَ".
(ابنُ ماجَه: 4223)
• اشْرَحِ الحديثَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
يَروي عَبْدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ، أنَّهُ: "قالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : يا رسولَ اللهِ، كَيْفَ لي أنْ أعْلَمَ إذا أحْسَنْتُ أو إذا أسَأتُ؟، أي: كَيْفَ يَعْلَمُ المَرْءُ أنَّهُ مُحْسِنٌ أو مُسيءٌ في أفعالِهِ وأحوالِهِ في الدُّنيا، وما مِقْياسُ ذلِكَ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : "إذا سَمِعْتَ جيرانَكَ" أيْ: جميعَ الجيرانِ أو مُعظَمَهُمْ؛ لِعَدَمِ اجْتِماعِهِمْ على الضَّلالَةِ أو الخَطَأِ غالِبًا، "يقولون: أنْ قد أحْسَنْتَ، فَقْدْ أحْسَنْتَ، وإذا سَمِعْتَهُمْ يقولونَ: قَدْ أسَأتَ، فَقَدْ أسَأتَ"، أيْ: إذا قالُوا وشَهِدُوا أنَّكَ أحْسَنْتَ أو أسَأتَ في الأمرِ أو في دينِكَ وحَياتِكَ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْكَ ما شَهِدُوا لَكَ بِهِ، وخاصّةً المُؤمِنينَ مِنْهُمْ؛ لِأنَّهُمْ شُهَداءُ عَلى بَعْضِهِمْ؛ وذلِكَ لِأنَّ الجِيرانَ هُمْ أقْرَبُ النّاسِ إلَيْكَ، وأوَّلُ مَن يَقَعُ عَلَيْهِمْ تعامُلاتُ المَرْءِ، فَيَظْهَرُ أثَرُ ما في قَلْبِهِ وما يَعْتَقِدُهُ في سُلوكِهِ مَعَهُمْ، مَعَ أنَّ الإحسانَ إلى الجيرانِ أَوصى بِهِ اللهُ سُبحانَهُ ورَسولُهُ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_
(4) عَنْ ابنِ عَبّاسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_، عَنِ النَّبِيِّ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ أنَّهُ قالَ: "لَيْسَ المُؤمِنُ مَنْ باتَ شَبْعانَ وجارُهُ طاوٍ".
(سُنَنُ البيهقيِّ: 9537)
معاني المفردات:
الكلمة |
المعنى |
بــــــــاتَ |
نامَ |
طـــــــاوٍ |
جائِع |
• اشْرَحِ الحديثَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
لَيْسَ المُؤمِنُ الكامِلُ بِالَّذي يَشْبَعُ وجارُهُ جائِعٌ إلى جَنْبِهِ وهُوَ يَعْلَمُ، لِإخلالِهِ بِما تَوَجَّبَ عَلَيْهِ في الشَّريعَةِ مِنْ حَقِّ الجِوار، والمُرادُ نَفْي كَمالِ الإيمانِ وذلك لأنَّهُ يَدُلُّ على قَسْوَةِ قَلْبِهِ وكَثْرَةِ شُحِّهِ وسُقوطِ مُروءَتِهِ ودناءَةِ طَبْعِهِ.
(5) قالَ أبو شُرَيْحٍ العَدوَيُّ خُوَيْلِدُ بنُ عمرِو، قالَ رسولُ اللّهِ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : "واللّهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ. قالُوا: ومَا ذاكَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: الجارُ الَّذي لا يأمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ. قالوا: وما بَوائِقُهُ؟ قالَ: شَرُّهُ".
(صحيح البُخاريّ: 616)
معاني المفردات:
الكلمة |
المعنى |
بَوائِقَهُ |
شَرَّهُ |
• اشْرَحِ الحديثَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
يُوصينا النَّبيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ دائِمًا بِالإحسانِ إلى الجارِ ومُعامَلَتِهِ مُعامَلَةً طَيِّبَةً، والبُعدِ عَنْ إيذائِه، وأنَّ المُؤمِنَ لا يَبْلُغُ الإيمانَ الكامِلَ حتّى يَمْنَعَ أذاهُ وضَرَرَهُ عَنْ جارِهِ، وفي الحَديثِ: التَّشديدُ في حِفْظِ الجارِ مِنَ الأذَى والضَّرَرِ، وفيهِ: أنَّ أمانَ الجارِ مِنْ كَمالِ الإيمانِ، وبُلوغِ أعْلى دَرَجاتِه.
وفي هذا الحَديثِ يُقْسِمُ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : "واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ، واللهِ لا يُؤمِنُ"، أيْ: إيمانًا كامِلًا، وكَرَّرَها النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم_ ثلاثًا لِلتَّحذيرِ الشَّديدِ، فَسَألَهُ الحاضِرون: ومَنِ الَّذي لا يُؤمِنُ؟ فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "الَّذي لا يَأمَنُ جارُهُ بَوايقَهُ"، والبوايِقُ والبوائِقُ: جَمْعُ بائِقَةٍ، وهِيَ الدّاهِيَةُ والبَلِيَّةُ، والفَتْكُ والشُّرور، والظُّلْمُ والجَورُ والتَّعَدِّي، والمُرادُ: أنَّ المُؤمِنَ لا يَبْلُغُ الإيمانَ الكامِلَ حتّى يَمْنَعَ أذاهُ وضَرَرَهُ عَنْ جارِهِ.
♦ وفي الحَديثِ: التَّشديدُ في حِفْظِ الجارِ مِنَ الأذَى والضَّرَرِ.
♦ وفيه: أنَّ أمانَ الجارِ مِنْ كَمالِ الإيمانِ، وبُلوغِ أعلى دَرَجاتِهِ.
(6) عَنْ أبي ذَرٍّ _رَضِيَ اللهُ عنهُ_ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ : "يا أبا ذَرٍّ، إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً فأكْثِرْ ماءَها، وتعاهَدْ جيرانَك".
(صحيحُ مُسلِمٍ: 2625)
• اشْرَحِ الحديثَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
حَثَّ الشَّرْعُ الحَكيمُ على جَميعِ أنواعِ المعروفِ، كالإحسانِ إلى النّاسِ ومُعامَلَتِهِمْ مُعامَلَةً حَسَنَةً، حَتّى لَوْ كانَ ذلِكَ أمْرًا هَيِّنًا لا يُكَلِّفُ المَرْءَ عَمَلًا كثيرًا، ونَهى عَنِ احْتِقارِ أو اسْتِصغارِ أيِّ مَعْروفٍ؛ فَقَدْ يكونُ لَهُ فَضْلٌ عَظيمٌ وأجْرٌ كبيرٌ عِنْدَ اللهِ تعالى.
وفي هذا الحديثِ يَأمُرُ النَّبِيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ أَبا ذَرٍّ الغِفاريّ _رَضِيَ اللهُ عَنْهُ_ أنَّهُ إذا طَبَخَ مَرَقةً، وهُوَ كِنايَةٌ عَنْ طَبْخِ اللَّحْمِ وتَسْوِيَتِهِ، والمَرَقُ هُوَ الماءُ الَّذي يُغْلى فيهِ اللَّحْمُ فيَصيرُ دَسِمًا، فَلْيَزِدْ مِنْ هذا الماءِ الَّذي يُسَوَّى بِهِ اللَّحْمُ وَيُكَثِّرْهُ؛ وذلِكَ حَتّى يُوَزِّعَ مِنْ هذا المَرَقِ على جِيرانِهِ ومَنْ حَوْلَهُ مِنْ بابِ التَّهادي والتَّحابُبِ بَيْنَ النّاسِ؛ لِلتَّوسِعَةِ عَلَيْهِمْ، وقَدْ أَوْصَى الشَّرْعُ عُمومًا بِالجارِ؛ فالجارُ المُسلِمُ لَهُ حَقُّ الجِوارِ وحَقُّ الإسلامِ، وإنْ كانَ الجارُ غَيْرَ مُسلِمٍ فَلُهُ حَقُّ الجِوارِ.
♦ وفي الحديثِ: الحَضُّ عَلى تَعاهُدِ الجِيرانِ وَلو بالقَليلِ؛ لِمَا يَترتَّبُ عَلى ذلكَ منَ المَحبَّةِ والأُلفَةِ، ولِمَا يَحصُلُ بِه منَ المنفَعَةِ ودَفعِ المَفسدَةِ.
♦ وفيه: الحَثُّ على بذْلِ المعروفِ وما تَيسَّر مِنه وإنْ قلَّ، وإدخالِ السُّرورِ على المسلِمين.
(7) عَنْ أبي هُرَيْرَةَ _رَضِيَ اللهُ عنهُ_ أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى رسولِ اللهِ _ صلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ _ فقالَ: "إنَّ لي جارًا يُؤذيني". قالَ: "انْطَلِقْ، فَأخْرِجْ متاعَكَ إلى الطَّريقِ"، فَفَعَلَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ النّاسُ يقولونَ: ما شأنُكَ؟ فَجَعَلَ يقولُ: جاري يُؤذيني، فَجَعَلُوا يقولونَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أخْزِهِ، فَبَلَغَهُ ذلكَ فأتاهُ، فقالَ: ارْجِعْ إلى مَنْزِلِكَ، فواللهِ لا أؤذيكَ أبَدًا".
(البُخاريُّ / الأدَبُ المُفرَدُ: 124)
معاني المفردات:
الكلمة |
المعنى |
متاعَـكَ |
كُلُّ ما يُنتَفَعُ بِهِ مِنْ سِلَعٍ وأثاثٍ ولِباسٍ وحوائِجَ أوْ لوازِمَ ضروريَّةٍ |
الْعَــنْـــهُ |
التَّلَفُّظُ بِكَلِماتٍ تُعَبِّرُ عَنْ طَلَبِ الشَّرِّ لِشَخْصٍ أو التَّمَنِّي بِأنْ يَحِلَّ بِهِ شَرٌّ وسوء |
• اشْرَحِ الحديثَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
حُقوقُ الجارِ حُقوقٌ عظيمَةٌ في الإسلامِ، وكانَ النَّبِيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ كثيرًا ما يُؤَكِّدُ على عِظَمِ حَقِّ الجارِ وأهَمِّيَّتِهِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي الصَّحابيُّ الجَليلُ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّه: "جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ يَشْكو جارَه"، أيْ: إنَّهُ يُؤذيهِ ويَظْلِمُهُ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلّمَ_ : "اذْهَبْ فاصْبِرْ"، أيْ: ارْجِعْ إلى دارِكَ واصْبِرْ على جارِكَ؛ لَعَلَّهُ يَنتَهي عَنْ إيذائِكَ، فَرَجَعَ الرَّجُلُ لكِنَّهُ لَمْ يَلْبَثْ أنْ عادَ مَرَّةً أُخرى يَشْكو مِنْ إيذاءِ جارِهِ لَهُ، حَتّى عادَ الرَّجُلُ في ذلِكَ مَرَّتَيْنِ أو ثَلاثًا، وفي كُلِّ مَرَّةٍ يأمُرُهُ النَّبِيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ بِالرُّجوعِ والصَّبْرِ على جارِه، حَتّى جاءَهُ مَرَّةً أُخرى يَشْكو ظُلْمَ جارِهِ وإيذاءَهُ الَّذي لا يَنْتَهي، فقالَ لَهُ النَّبِيُّ _صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم_ : "اطْرَحْ"، أيْ: ألْقِ وارْمِ، "مَتاعَكَ"، أيْ: أَثاثَ مَنْزِلِكَ ومُقتَنَياتِكَ، "في الطَّريقِ"، أيْ: في الشّارِعِ أمامَ المارَّةِ، فأخْرَجَ الرَّجُلُ مَتاعَهُ وأشْياءَهُ في الطَّريقِ، "فَجَعَلَ النّاسُ يسألونَهُ" أيْ: عَنْ سَبَبِ ما بِهِ؟ "فيُخبِرُهُمْ خَبَرَهُ"، أيْ: يُخْبِرُهُمْ أنَّ جارَهُ يُؤذيهِ وقَدْ أمَرَهُ النَّبِيُّ _صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ_ بِطَرْحِ مَتاعِهِ في الطَّريقِ، "فجَعَلَ النّاسُ يَلْعَنونَهُ"، أيْ: يلْعَنونَ هذا الجارَ المُؤذي ويَدْعونَ عَلَيْهِ ويقولُون: "فَعَلَ اللهُ بِهِ، وفَعَلَ، وفَعَلَ"، أيْ: عاقَبَهُ اللهُ ولَعَنَهُ على فِعْلَتِهِ هذه.
فَلَمّا رَأى الجارُ المُؤذي ذلِكَ؛ مِنْ دُعاءِ النّاسِ عَلَيْهِ ولَعَناتِهِمْ جاءَ إلى جارِهِ المَظلومِ فقالَ لَهُ: "ارْجِعْ" أيْ: إلى بَيْتِك، "لا تَرى مِنّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ"، أيْ: طَلَبَ مِنْ جارِهِ أنْ يَرْجِعَ إلى دارِهِ ووَعَدَهُ بِأنَّهُ لَنْ يَرى مِنْهُ شَيْئًا يَكْرَهُ أبدًا، ولَنْ يؤذِيَهُ مَرَّةً أُخرى.
♦ وفي الحَديثِ: عِظَمُ حَقِّ الجارِ، والتَّحذيرُ مِنْ إيذائِه.
(8) صَعِدَ الأحنَفُ بنُ قَيْسٍ فَوْقَ بَيْتِهِ فأشْرَفَ على جارِهِ، فقالَ: سَوْءَةٌ سَوْءَةٌ؛ دَخَلْتُ على جاري بِغَيْرِ إذْنٍ، لا صَعِدْتُ فَوْقَ هذا البيتِ أبدًا.
(مكارِمُ الأخلاقِ لابنِ أبي الدُّنيا ص: 87)
• اشْرَحِ النَّصَّ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
الأحنَف بن قَيْس يَظْهَرُ في هذا النَّصِّ كَقُدوَةٍ في الحِفاظِ على حُقوقِ الجارِ واحْتِرامِ الخُصوصيَّة. بِالرّغمِ مِنْ أنَّ صُعودَهُ إلى السَّطْحِ لَمْ يَكُنْ بِهَدَفِ التَّجَسُّسِ أو انتِهاكِ الخُصوصيَّةِ، فإنَّهُ شَعَرَ بِالذَّنْبِ عِنْدَما أدرَكَ أنَّهُ قَدْ نَظَرَ إلى بَيْتِ جارِهِ دونَ إذِنٍ.
تكرارُهُ لِكَلِمَةِ "سَوْءَةٌ" يَعْكِسُ شُعورَهُ العميقَ بِالخَجَلِ والنَّدَمِ. هذا النَّصُّ يُبْرِزُ أهَمِّيَّةَ احتِرامِ حُقوقِ الجيرانِ وخُصوصيّاتِهِمْ، ويُعَلِّمُنا كَيْفَ يَجِبُ أنْ نكونَ حَذِرينَ في تَصَرُّفاتِنا تّجاهَ الآخَرينَ، حتّى في الأُمورِ الَّتي قَدْ تَبْدو بسيطةً وغَيْرَ مقصودَةٍ.
وجاءَ في قِصَصِ التُّراثِ:
(9) يُحكى أنَّ أعرابيًّا كانَ يُجيرُ قُبَّرَةً عَشَّشَتْ في حِماهُ، وكانَ هذا الأعرابيُّ يَعِدُّهَا جارَةً لَهُ، وناداها مَرَّةً مُهَدِّئًا مِنْ رَوْعِها حينَ طارَتْ مِنْ أمامِهِ وقَدْ خافَتْ مِنْ ناقَةٍ أنْ تَمُرَّ فوقَ بَيْضِها:
يـــا لَــكِ مِـــــنْ قُـــــــبَّـــــرَةٍ بِـــــمَــــعـــــمَـــــري قَـــــــــدْ ذَهَـــــبَ الـــــصَّـــــيّــــادُ عَــنْـــــكِ فـــــــابْــــــشِــــــــرِي
خَـــــلا لَــــكِ الــــجَـــــــوُّ فـــبيضِي واصْفِرِي ونَـــــــقّــــــــري مـــــــــا شِـــــــــــئْـــــــــــتِ أنْ تُــــــــــنَــــــــــقِّــــــري
فـــــــأنـــــتِ جــــاري مِـــنْ صُــروفِ الــحَـــذَرِ إلــــــــى بُـــــــلــــــــوغِ يَـــــــــوْمِـــــــــــــكِ الـــــــــــــمُـــــــــــــقَـــــــــــــدَّرِ
(الأندَلُسيّ، شَرْحُ كِتابِ الأمثالِ، تحقيقُ: إحسانُ عبّاس، مُؤَسَّسَةُ الرِّسالةِ، بيروت، لُبنان، ط1، 1971 م)
• اشْرَحِ القِصَّةَ السَّابِقَ شَرْحًا تامًّا.
يـــا لَــكِ مِـــــنْ قُـــــــبَّـــــرَةٍ بِـــــمَــــعـــــمَـــــري قَـــــــــدْ ذَهَـــــبَ الـــــصَّـــــيّــــادُ عَــنْـــــكِ فـــــــابْــــــشِــــــــرِي
يا لَكِ مِنْ قُبَّرَةٍ تعيشُ في جِواري (مَنْطِقَتي أو بَيْتي)، لَقَدْ ذَهَبَ الصَّيّادُ الَّذي كانَ يُهَدِّدُكِ، فاطْمَئِنّي واسْتَبْشِري.
خَـــــلا لَــــكِ الــــجَـــــــوُّ فـــبيضِي واصْفِرِي ونَـــــــقّــــــــري مـــــــــا شِـــــــــــئْـــــــــــتِ أنْ تُــــــــــنَــــــــــقِّــــــري
أصبَحَ الجَوُّ خالِيًا وآمِنًا لَكِ الآنَ، يُمكِنُكِ أنْ تبيضي وتُغَرِّدي بِحُرِّيَّةٍ، وتَحْفُري في الأرضِ وتُنَقِّري كيفَما تشائينَ دونَ خوفَ.
فـــــــأنـــــتِ جــــاري مِـــنْ صُــروفِ الــحَـــذَرِ إلــــــــى بُـــــــلــــــــوغِ يَـــــــــوْمِـــــــــــــكِ الـــــــــــــمُـــــــــــــقَـــــــــــــدَّرِ
فَأنتِ جارَةٌ لي تعيشينَ في حالَةٍ مِنَ الحَذَرِ والتَّنَقُّلِ بَيْنَ المخاوِفِ، حتّى تَصِلينَ إلى يَوْمِكِ المكتوب (أيْ يوم مَوْتِكِ الَّذي قَدَّرَهُ اللهُ لَكَ).
أتَذَكَّرُ: عِنْدَ البَحْثِ عَنِ الكَلِمَةِ ومعناها في المُعجَمِ الوسيطِ: • أُراعي ترتيبَ الحَرْفِ الهِجائيِّ. * إذا كانَ الفِعْلُ مُعتَلًّا أرُدُّهُ إلى أصْلِهِ بِأخْذِ المُضارِعِ أو المَصْدَرِ. فِعْلٌ مُعتَلُّ الوَسَطِ في حَرْفِ الألِفِ أُحَوِّلُهُ إلى المُضارِعِ (يبيعُ) ومَصْدَرُهُ (البَيْعُ) فأعْلَمُ حينَئِذٍ أنَّ أصْلَ الألِفِ ياءٌ، فَجَذْرُ الكَلِمَةِ إذَنْ (بَيَعَ). - دَعا. فَهُوَ فِعْلٌ مُعتَلُّ الآخِرِ مُضارِعُهُ (يدعو) ومَصْدَرُهُ (الدَّعوةُ) فأعْلَمُ حينَئِذٍ أنَّ أصلَ الألِفِ واوٌ، فَجَذْرُ الكَلِمَةِ إذَنْ: (دَعَوَ). |