أوّلًا: الأردنّ في عهد المملكة العربية السورية (1918 - 1920م)
دخلت قوات الثورة العربية بقيادة الأمير فيصل بن الحسين دمشق في عام (1918م)، وبدأ الأمير فيصل بتشكيل حكومة عربية، سُمّيت لاحقًا المملكة العربية السورية، وقد شملت جميع أقطار بلاد الشام (سوريا ولبنان وفلسطين وشرقي الأردنّ).
لجنة كنج - كرين
بحث مجلس الحلفاء في مؤتمر الصلح المنعقد في قصر فرساي قرب باريس في عامَي (1919 و1920م) بحضور الأمير فيصل بن الحسين، مستقبل البلاد العربية، وتقرّر إرسال لجنة دولية لاستطلاع رأي الأهالي في بلاد الشام حول مستقبل البلاد، وما يطالبون به.
رفضت دولتا بريطانيا وفرنسا المشاركة في اللجنة التي اقترحها الرئيس الأمريكي ودروو ويلسون (Woodrow Wilson)، فتشكّلت لجنة أمريكية صرفة سُمّيت لجنة كنج - كرين (King-Crane)، برئاسة السيدين هنري كينغ (Henry King) وتشالرز كرين (Charles Crane) تجوّلت في أنحاء بلاد الشام بما فيها الأردن، بين 10 حزيران و21 تموّز من عام (1919م)، واستمعت لمطالب الأهالي.
مطالب سكان بلاد الشام:
- المطالبة باستقلال بلاد الشام
- رفض وعد بلفور
- رفض تجزئة البلاد العربية.
- المطالبة بوقف الهجرة الى فلسطين وانتقال الأراضي لليهود.
- القبول بفكرة الانتداب بشرط أن يرمي الى تقديم مساعدة نزيهة للسكان.
توصيات اللجنة الأمريكية:
- القبول بنظام الانتداب تحت وصاية عصبة الأمم.
- المحافظة على وحدة بلاد الشام.
- ترشيح الأمير فيصل رئيسًا للدولة السورية.
المؤتمر السوري العام وإعلان استقلال سورية الطبيعية:
قرارات المؤتمر السوري العام 1919م.
- استقلال البلاد السورية بحدودها الطبيعية وعلى الأساس النيابي.
- رفض مزاعم الصهيونية في جعل فلسطين وطن هجرة لهم.
- اختيار الأمير فيصل ابن الحسين ملكاً دستورياً على سوريا الطبيعية.
وأعاد المؤتمر السوري العام التأكيد على قراراته هذه، في اجتماعه في تاريخ 8 آذار (1920م). كما نادى بالأمير فيصل بن الحسين ملكًا على سورية الطبيعية (بلاد الشام)، وأعلن قيام المملكة العربية السورية.
موقف الحلفاء على المملكة العربية السورية:
عقد المجلس الأعلى للحلفاء بمشاركة رؤساء وزراء بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وبحضور مندوبين عن كل من اليابان وبلجيكا واليونان والحركة الصهيونية اجتماعًا بين (18-26) نيسان (1920م) في مدينة سان ريمو (San Remo) الإيطالية، وقرّر بخصوص مستقبل البلاد العربية في الهلال الخصيب بتاريخ 25 نيسان (1920م)، ما يأتي:
- وضع البلاد العربية الواقعة ضمن المستطيل الممتد من شاطئ البحر المتوسّط إلى الحدود الإيرانية تحت الانتداب.
- تجزئة البلاد السورية إلى ثلاثة كيانات مستقلّة هي: فلسطين ولبنان وبقيّة البلاد.
- فرض الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين وشرقي الأردن، مع الالتزام بتنفيذ وعد بلفور.
- فرض الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان.
- تنازل فرنسا عن منطقة الموصل مقابل حصّة (25%) من نفط الموصل الذي تستخرجه (شركة نفط العراق) البريطانية، مع منح فرنسا الشركة تسهيلات لنقل النفط.
في ضوء هذه التطوّرات، أخذت القوات الفرنسية الموجودة في لبنان تُهدّد المملكة العربية السورية، ووجّهت لها الإنذار تلو الآخر، وأخيرًا هاجمت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال غورو (General Gouraud ( دمشق، ووقعت معركة ميسلون في تاريخ 24 تموز (1920م)، وأسفرت عن استشهاد وزير دفاع المملكة العربية السورية يوسف العظمة، واستيلاء القوات الفرنسية على العاصمة دمشق، وزوال المملكة العربية السورية.
التقسيم الإداري لشرقي الأردن في عهد المملكة العربية السورية:
- لواء الكرك: ومركزه بلدة الكرك، وتتبعه أقضية: الطفيلة ومعان والعقبة. ونواحي: الشوبك، والعراق (الكرك)، وذيبان، وتبوك.
- لواء البلقاء: ومركزه بلدة السلط، ويتبعه قضاء عمّان، وقضاء الجيزة أو زيزيا، وناحية مأدبا.
- لواء حوران: ومركزه درعا، ويضم في الأراضي الأردنية: قضائَي عجلون وجرش.
المشاركة الأردنية في المملكة العربية السورية:
-
- المشاركة في المؤتمر السوري العامّ
شارك عدد من الشخصيات الأردنية بصفتهم التمثيلية لأهالي شرقي الأردن في المؤتمر السوري العام، الذي مثّل الأقطار الشامية كلها، وهم:
- خليل التلهوني وناجي ذيب عن معان.
- حسن عطيوي وعبد المهدي المرافي عن الطفيلة.
- سعيد الصليبي وسعيد أبو جابر عن السلط.
- عيسى المدانات عن الكرك.
- سليمان السودي الروسان وعبد الرحمن إرشيدات عن عجلون.
- ناصر الفواز البركات الزعبي من الرمثا ضمن وفد حوران.
كما وجّه الأمير فيصل الدعوات لعدد من الشخصيات الأردنية لحضور أعمال المؤتمر.
- تقلّد الوظائف في الحكومة والإدارة
تقلّد عدد من الأردنيين وظائف في أجهزة الإدارة في المملكة العربية السورية، كان من بينهم: الضابط محمد علي العجلوني مرافقًا للأمير فيصل، والضابط علي خلقي الشرايري، والشيخ رفيفان المجالي مديراً للأمن الخارجي في لواء الكرك، والشيخ حسين الطراونة مديرًا للأمن الداخلي في لواء الكرك، والشيخ هشّال الطوالبة مديرًا لناحية ذيبان.
- المشاركة في أعمال الثورة والمقاومة ضد الفرنسيين في بلاد الشام
شارك الأردنيّون في أعمال الثورة العربية والمقاومة في بلاد الشام، ومنهم متطوّعون من مناطق شمال الأردن بقيادة علي خلقي الشرايري ومحمود أبو راس (الروسان)، شاركوا في أعمال مقاومة الفرنسيين في جنوب لبنان والقنيطرة، وفي معركة ميسلون. كما انطلقت قوات متطوّعين أردنيّين للمشاركة في معركة ميسلون والدفاع عن دمشق، بقيادة الشيخ سلطان العدوان، وقوّة أخرى من شراكسة الأردن بزعامة ميرزا باشا وسعيد المفتي، لكنّ هذه القوات قفلت راجعة من منطقة المزيريب، لما وصلتها أنباء انتهاء معركة ميسلون.
- مقاومة الاستيطان الصهيوني في فلسطين
شكّلت زعامات شمال الأردن في مؤتمرها في قرية قم (في محافظة إربد) في تاريخ 6 نيسان (1920م) قوّة من المجاهدين لمواجهة الهجرة والاستيطان اليهوديّين في فلسطين، وتولّى قيادة القوة شيخ مشايخ الكفارات الشيخ كايد المفلح العبيدات، وقد هاجمت مستعمرة صهيونية ومعسكرًا بريطانيًّا في سمخ قرب بيسان، في معركة تل الثعالب في تاريخ 20 نيسان 1920)م)، واستُشهد فيها كايد المفلح العبيدات وعدد من المناضلين الأردنيّين، وشكّلت هذه الحادثة أوّل صدام مسلح ضد المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، كما كان كايد المفلح العبيدات أول شهيد أردني وعربي على أرض فلسطين منذ صدور وعد بلفور في عام (1917م).
- المشاركة في ثورة جبل حوران (1920م):
عقب سقوط دمشق بيد الفرنسيين مباشرة، شارك متطوّعون أردنيّون في ثورة جبل حوران (جبل العرب)، وقد استُشهد فيها عدد من المناضلين الأردنيّين.
ثانيًا: الحكومات المحلية (آب 1920- نيسان 1921م)
وجّه هيربرت صموئيل (Herbert Samuel) المندوب السامي البريطاني في القدس، الذي عيّنته بريطانيا مندوبًا ساميًا على فلسطين وشرقي الأردن في عام (1920م)، دعوة للزعماء في شرقي الأردن للاجتماع بهم في مدينة السلط في آب (1920م)، للتباحث في مستقبل شرقي الأردن. حضر الاجتماع زعماء وسط وجنوب شرقي الأردن. ولم يحضره زعماء شمال شرقي الأردن. وفي اجتماع السلط، قال هربرت صموئيل إنّه لا نيّة لإلحاق منطقة شرقي الأردن بحكومة فلسطين البريطانية، وأنّها ستُمنح إدارة منفردةً أو حكمًا ذاتيًّا، وسيُعيّن ضباط سياسيّون بريطانيّون للمساعدة في إدارة شؤون المنطقة، ولا نيّة لفرض نظام إجباري للخدمة العسكرية.
وقد دعا هيربرت صموئيل زعماء شمال شرقي الأردن إلى اجتماع آخر عُقِد في قرية أم قيس في الثاني من أيلول من عام (1920م)، وحضره من الجانب البريطاني الميجر سمر ست (Sommerset) مندوبًا عن هيربرت صموئيل. وقد عُرضت في هذا الاجتماع المطالب الأردنية الآتية:
- تشكيل حكومة عربية في البلاد على رأسها أمير عربي.
- تكوين مجلس عام يُمثّل البلاد مهمّته سنّ القوانين وتولّي الشؤون الداخلية وتنظيم الميزانية.
- استقلال الحكومة العربية في شرقي الأردن عن حكومة فلسطين.
- منع الهجرة اليهودية إلى البلاد، وتحريم بيع الأرض لليهود.
- إنشاء جيش وطني لحفظ وتعزيز الأمن.
- حرية التبادل التجاري بين شرقي الأردن والبلاد المجاورة.
- انضمام شرقي الأردن إلى سوريا حينما تتحقّق الوحدة السورية.
وعلى الصعيد المحلي تشكّلت حكومات في مختلف أقضية ونواحي شرقي الأردن، وشملت:
1- حكومة عجلون، ومركزها مدينة إربد، برئاسة علي خلقي الشرايري، ثم انقسمت هذه الحكومة إلى عدد من الحكومات
2- حكومة السلط، ومركزها مدينة السلط. وتضمّ المنطقة من وادي الموجب جنوبًا إلى سيل الزرقاء شمالًا برئاسة مظهر أرسلان.
3- حكومة مؤاب (الكرك)، وتمتدّ من وادي الموجب شمالًا إلى وادي الحسا جنوبًا، برئاسة الشيخ رفيفان المجالي.
وكان مجموعة من الضباط الإنجليز يساعدون الزعماء المحليّين على تصريف شؤون هذه الحكومات، ما يُشير إلى وجود رمزي حتّى هذه اللحظة للانتداب البريطاني.
سمات الحكومات المحلية:
|
|
|
|
|
هذه الحكومات كانت عاجزة عن مواجهة المشكلات العامّة أو تحسين الوضع المتدهور في البلاد؛ لذا، كان الجميع يتطلعون إلى دولة واحدة تجمّع هذا الشتات تحت حكم أمير عربي.