التربية الإسلامية11 فصل ثاني

الحادي عشر خطة جديدة

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ:

حرص الإسلام على حماية حقوق الناس، وشرع الأحكام للمحافظة عليها، وحَثَّ على إقامة علاقات طيِّبة فيما بينهم، وحرمَّ الاعتداء على النفس والمال والعِرْض؛ لسوء عاقبة ذلك على الفرد والمجتمع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ دِماءَكُمْ وَأَمْوالَكُمْ وَأَعْراضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرامٌ».

أَذْكُرُ
أَذْكُرُ صورتين من صور الاعتداء على النفس الإنسانية.

الاعتداء على النفس بالفعل كالقتل والضرب/ الاعتداء على النفس بالقول كالشتم والسخرية والغيبة والنميمة.

 

الفهمُ والتَّحليلُ

حذر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  من الوقوع في المعاصي وظلم الآخرين، وبيّن ما يترتب عليه من خسران في الآخرة.

أَولًا: أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التوجيه والإرشاد

كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم أساليب متنوعة في موعظة أصحابه وتعليمهم أحكام دينهم، وفي هذا الحديث الشريف بدأ بسؤال أصحابه رضي الله عنهم عن معنى المفلس، ولم يكن سؤاله للاستفهام بل لإثارة تفكيرهم وشد انتباههم، فأخبروه بالمعنى الشائع للمفلس في الدنيا وهو الذي لا يملك شيئًا من متاع الدنيا مما ينتفع به، فما كان منه صلى الله عليه وسلم  إلا أن بيَّن لهم معنًى آخر للإفلاس.

أَتأَمَّلُ وأَستنتجُ

أَتأَمَّلُ الحديث النبوي الشريف، ثم أَستنتجُ أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‌تَدْرُونَ مَنِ ‌الْمُسْلِمُ؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ"، قَالَ صلى الله عليه وسلم: " ‌تَدْرُونَ مَنِ الْمُؤْمِنُ؟ " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ".

اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب توجيه الأسئلة في التعليم لإثارة انتباه السامعين، وتشويق نفوسهم إلى الجواب، وحضهم على إعمال الفكر للجواب

ثانيًا: من الأعمال التي تكون سببًا في  الإفلاس يوم القيامة

بيَّن سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ المُفلِس في الآخرة هو مَنْ يأتي يوم القيامة بحسنات كثيرة اكتسبها من صلاته وصيامه وزكاته وأعماله الصالحة التي عملها في الدنيا، لكنَّه لم يستفد من تلك الحسنات بسبب اعتدائه على حقوق العباد.

من الأعمال المحرمة التي تذهب الحسنات يوم القيامة كما بينها الحديث الشريف:

أ. الشتم: أي سب الناس، وهو من الأخلاق الذميمة التي يجب على المسلم أن يترفع عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «‌سِبَابُ ‌المُسْلِمِ ‌فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»،(فسوق: الخروج عن الحق)

ب. القذف: وهو اتهام  الأبرياء بالزنا، وهو من الكبائر التي حرمها الشرع؛ حماية لأعراض الناس، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

ج. أكل مال الناس بالباطل: وهو الاعتداء على الأموال من دون وجه حق، بأي صورة كانت، مثل: السرقة والغش والاحتكار والرشوة ورفع الأسعار، وعدم الوفاء بالديون، قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾.

د. سفك الدماء: وهو الاعتداء على النفس الإنسانية بالقتل بغير حقبغض النظر عن اللون و الدين والعرق، وقد حرّم الإسلام ذلك وجعل قتل النفس الإنسانية من كبائر الذنوب التي توجب سخط الله تعالى وعقوبته، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

هـ. إيذاء الآخرين: يكون ذلك بالاعتداء على الآخرين ظلمًا، وهو يشمل جميع أنواع الإيذاء بما في ذلك الاعتداء على النفس، و العرض، و في المال، وقد يكون الإيذاء ماديًا مثل: القتل، والضرب، أو معنوياًّ مثل: الاستهزاء، والسخرية، والغيبة.

أتأمل وأستنتج

أتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم  الآتي، ثم أستنتج صورة الإفلاس الواردة فيه.

قيلَ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا رَسولَ الله: إنَّ فلانةَ تقومُ اللَّيلَ وتَصومُ النَّهارَ وتفعلُ، وتصدَّقُ، وتُؤذي جيرانَها بلِسانِها؟ فقال رسولُ صلى الله عليه وسلم: "لا خَيرَ فيها هيَ من أهلِ النَّارِ".

ستأتي المرأة يوم القيامة بحسنات كثيرة اكتسبها من قيامها وصلاتها وصدقاتها وأعمالها الصالحة التي عملها في الدنيا، لكنها لم تستفد من تلك الحسنات بسبب اعتدائها على حقوق العباد.

 

ثالثًا: العدل الإلهي يوم القيامة

من عدل الله تعالى في الآخرة، إعطاء كلِّ ذي حقٍّ حقَّه. 

ووفاء الحقوق في الآخرة لا يكون بالدرهم والدينار؛ فمَنْ كانت عليه مظالم للعباد، فإنَّم يأخذون من حسناته، فإنْ لم تكن له حسنات أو نفدت حسناته، فإنَّه يُؤخَذ من سيِّئاتهم، فتُطرَح عليه، ثمَّ يُلقى في النار، فيكون الهلاك والإفلاس والخسارة.

أتأمل وأَستدِلُّ

أتأمل الحديث النبوي الشريف الآتي، ثم أَستدِلُّ منه على ضمان الحقوق.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌مَنْ ‌كَانَتْ ‌لَهُ ‌مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ» (فليتحلله: فليطلب منه الحِل والإباحة).

التركيز على رد الحقوق إلى أصحابها قبل فوات الأوان وتحقيق العدل بين الناس

الإِثراءُ والتَّوسُّعُ

إضافةً إلى ما ورد في الحديث النبوي الشريف من أعمال فيها اعتداء على الحقِّ الخاصِّ للناس، توجد أعمال كثيرة يقع فيها اعتداء على الحقوق العامَّة؛ ما يُنقِص من حسنات الإنسان يوم القيامة، أو يزيد من سيِّئاته، مثل:

- الاعتداء على حقِّ الطريق.

- العبث بخطوط الماء والكهرباء والحدائق العامة والأشجار الحرجية.

من القِيَم المستفادة من الدرس.
- أَحْرِصُ على أداء الحقوق إلى أصحابها.

Jo Academy Logo