تعتني الأمم الحية بشبابها وذلك لعدة أسباب منها :
- أنّ الشباب هم عدتها في بناء مستقبلها.
- والشباب ضمان قوتها.
- وذلك لما يتميز به الشباب من قوة جسدية، واندفاع، وأمل، وتفاؤل، وحب استطلاع ومغامرة.
- فهذه العناصر إذا استثمرها المجتمع في ما ينفع الناس والأوطان كانت أداة للتقدُّم والنجاح.
ويواجه الشباب في طريق تقدمهم تحديات تٌعيقهم، لذلك عليهم إدراك هذه التحديات ومعرفة كيفية مواجهتها.
أولا : عناية الإسلام بالشباب
عني الإسلام بفئة الشباب، ويظهر ذلك عن طريق أمور كثيرة، منها:
1- ذكر الشباب في القرآن الكريم في سياق المدح
كما في قصة أهل الكهف، في قول الله تعالى: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }
ورد ذكر الفتية وهم الشباب في الآية الكريمة في سياق المدح وذلك:
- لأنهم استطاعوا مقاومة الفتن المحيطة بهم.
- والتوجه إلى ربهم
_ والثبات على مبدئهم.
2- عد النبي ﷺ الشاب الذي نشأ في عبادة الله تعالى من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة
فقال ﷺ: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وذكر منهم "شاب نشأ في عبادة الله ".
3- حث على اغتنام هذه المرحلة من عمر الإنسان
- وذلك لما لهذه المرحلة من أهمية في تكوين شخصيتهم الإيمانية والعقلية والعملية.
- ولأنّ هذه المرحلة إذا انقضت من غير نفع فسيندمون عليها.
دل على ذلك قول رسول الله ﷺ : "اغتنم شبابك قبل هرمك".
4- كلف النبي ﷺ الشباب بمهمات متعددة كالدعوة إلى الله تعالى
ومن أمثلة ذلك:
- كان مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام أرسله النبي ﷺ إلى المدينة المنورة لدعوة أهلها إلى الإسلام.
- وجعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أمينه في رد الودائع إلى أهلها عندما هاجر ﷺ إلى المدينة المنورة.
- وأمّر أسامة بن زيد رضي الله عنه على جيش كبير للمسلمين فيه كبار الصحابة رضوان الله عليهم .
ثانيا: التحديات التي تواجه الشباب .
يواجه الشباب في البلدان الإسلامية تحديات متعددة في العصر الحاضر، حيث أسهمت المدنية والتقدم في ظهور مشكلات وتحديات جديدة تزيد من مسؤوليات الناس نحو:
- توعية الشباب للتغلب على هذه التحديات.
- وتأهيلهم لتفعيل طاقاتهم وإمكاناتهم وقدراتهم.
ومن أهم التحديات التي تواجه الشباب اليوم: ( التحدي الثقافي والفكري، الفقر والبطالة، الانحلال الخلقي ) وفيما يلي توضيح ذلك:
1- التحدي الثقافي والفكري
ظهر التحدي الثقافي والفكري:
- في ظل التقدم السريع والهائل في وسائل الاتصال.
- وهذا وضع الناس أمام كمّ ضخم من المعلومات والأفكار:
- منها الكثير الذي يُنتفع منه،
- ومنها ما هو مفسد للعقول والأفهام.
- وهو ما شكل عبئا ثقيلا على عقول الشباب، لأسباب كثيرة منها:
أ - اختلاط الصحيح بغيره:
في ما يتدفق من معلومات، فإن أخذ به الشباب من غير تمييز فسدت أخلاقهم، واختلطت مفاهيمهم.
ب- الاستخدام غير الآمن لوسائل التقنية الحديثة
كالإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي الجاذبة للشباب، وما فيها من سلبيات تؤثر في أفكارهم وأخلاقهم .
ويتحمل المجتمع بأكمله أفرادا ومؤسسات مسؤولية وعبء :
- حماية الشباب من الانسياق وراء المعلومات المخالفة لقيم الأمة والمجتمع.
- وتوجيههم نحو ما ينفعهم من ثقافات وأفكار، ومن تلك التوجيهات ما يأتي:
أ-تعميق الإيمان في نفوسهم عن طريق
- تربيتهم على الاعتزاز بالإسلام والانتماء إليه.
- وتعليمهم القرآن الكريم وحفظه.
- وتحفيظهم السنة النبوية الصحيحة.
- وتعليمهم أقوال العلماء والفقهاء.
ب- توعية الشباب بضرورة التحري والتثبت مما يصلهم من معلومات.
بسؤال أهل العلم والاختصاص عن النافع والضار منها.
ج - نشر الثقافة والأفكار السليمة للشباب
عن طريق الإعلام الهادف.
د - محاربة الأفكار المنحرفة التي تؤثر في عقول الشباب
بقيام مؤسسات المجتمع المعنية:
- ببيان خطر هذه الأفكار في الأفراد والمجتمع واستقراره،
- والتحذير من اتباعها.
2-الفقر والبطالة
تعيش كثير من الدول أوضاعًا اقتصاديةً صعبةً، وهذا يؤدي إلى عدم القدرة على دعم الشباب وتوفير فرص العمل لهم ويسبب ذلك:
- ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب.
- والبطالة تؤدي إلى زيادة الأزمات في المجتمع عند عدم تمكن الشباب من تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم إلى المستقبل.
- ويلجأ بعضهم إلى الطرق المخالفة للأخلاق والقانون لتحقيق رغباتهم.
لذلك ينبغي على الدولة ما يلي:
- أن ترسم خططا إستراتيجية بعيدة المدى لمحاربة الفقر والبطالة:
كأن تعمل على تأهيل الشباب للعمل في المناحي المختلفة الصناعية والحرفية والتجارية.
وينبغي أيضا على فئات المجتمع ومؤسساته جميعها الإسهام في حل هذه المشكلة.
فعلى الأغنياء :
- مساعدة الشباب عن طريق إنشاء المشاريع التجارية.
- أو بناء المصانع التي تسهم في توفير فرص العمل لهم.
وعلى الشباب أيضا:
- المبادرة إلى ريادة الأعمال.
- والتفكير في مشاريع بحسب طاقاتهم وقدراتهم.
- والابتعاد عن ثقافة العيب في كثير من المهن التي يعزف عنها الشباب.
ثالثا: الانحلال الخلقي
انتشرت في العصر الحديث كثير من التحديات والمغريات التي تواجه الشباب، ما أسهم في دفع فئة منهم إلى سلوك الطريق الخطأ في حياتهم مثل:
- تعاطي المخدرات.
- وشرب المسكرات.
- والعلاقات غير الشرعية.
- وغيرها من المظاهر التي انتشرت بين بعض الشباب في الوقت الحاضر.
وقد أرشد الإسلام إلى أمور تقي الشباب من الانحلال الخلقي، منها:
1-استشعار رقابة الله تعالى
واليقين بأن الناس محاسبون على أعمالهم صغيرها وكبيرها يوم القيامة.
دل على ذلك قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدً } (سورة الكهف، الآية 49).
2- ملء الفراغ بما هو نافع كممارسة الرياضة والمطالعة للكتب النافعة
قال رسول الله ﷺ: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".
3- اختيار الرفقة الصالحة
قال رسول الله ﷺ: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
4-تدريب النفس على العفة
وذلك بغض البصر عن المحرمات
دل على ذلك قول الله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }
5-الحذر من بعض وسائل الإعلام
التي تعمل على إفساد الأخلاق في ما تبثه من برامج وأعمال فنية مخالفة للقيم الإيمانية.
6 - توعية الشباب بالآثار النفسية والجسمية التي يخلفها الانحلال الخلقي
وأثر ذلك في المجتمع من جرائم وتفكك.
قال الله تعالى:{ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }
7- استثمار طاقات الشباب
نحو الأعمال النافعة التي يعود أثرها عليهم وعلى مجتمعهم وذلك مثل:
- التحاقهم بالمؤسسات المهنية وغير المهنية.
- والأعمال التطوعية.
- والأندية الثقافية، والحوارية.
- ودور القرآن الكريم، وغيرها.