أسهم كثير من المسلمين في نشر الإسلام بعد وفاة الرسول ﷺ في ربوع الأرض.
ومنها الأرض الممتدة شمال القارة الإفريقية، أو ما يسمى اليوم ببلاد المغرب العربي والأندلس،
وهي من بين البقاع التي نعمت بنور الإسلام في وقت مبكر.
ومن هؤلاء الذي أسهموا في نشر الإسلام التابعي الجليل موسى بن نصير .
أولًا: مولده ونشأته
- ولد موسى بن نصير عام (١٩هـ)، في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- في قرية من قرى الجليل في شمال فلسطين.
- ونشأ موسى في بيت علم وأدب، فتعلم الكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وكثيرا من الأحاديث النبوية الشريفة، ونظم الشعر.
- وظهرت عليه علامات الطموح ومؤهلات القيادة منذ نعومة أظفاره.
- وكانت نشأته مع أبناء الخلفاء الأمويين، ومنهم مروان بن عبد الملك،لها أثر في شخصيته.
ثانيا :موسى بن نصير وحسن إدارة الأمور
تميز موسى بن نصير بحسن إدارته للأعمال والمهام التي وكل بها، ومن الأمور التي تدل على تميزه في الإدارة والقيادة أنه:
- عمل مع عبد العزيز بن مروان والي مصر، وكان مساعدا له.
- ثم تولى ولاية البصرى.
- ثم عينه الخليفة عبد العزيز بن مروان واليا على شمال أفريقيا.
- وتمكن موسى رحمه الله من نشر الإسلام في مدن أفريقيا المفتوحة، وبين قبائل البربر الذين يسكنون شمال أفريقيا.
ونجح في ذلك نجاحًا كبيرا، وحكم بين أهل هذه البلاد بالعدل، لا يفرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى وكان من فوائد ذلك أنّ :
- أهل هذه البلاد أحبوا الإسلام.
-واستجابوا لدعوة الحق.
- ودخلوا في دين الله أفواجا.
ثالثا :موسى بن نصير رحمه الله والهمة العالية
تعددت جهود موسى بن نصير في خدمة الإسلام، ودلت هذه الجهود على علو همته
ولم يقعده ما به من عرج في رجله من أداء واجبه.
ومن الأعمال التي قام بها ما يأتي:
1-قيادة الحملات البحرية
تمكن موسى بن نصير من إعادة فتح جزيرة قبرص في زمن الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وبنى فيها حصونا، ثم تولى إمارتها.
وكان أحد القادة الذين فتحوا جزيرة رودس المقابلة لسواحل اليونان.
2- بناء الأسطول البحري
بنى ابن نصير أسطولًا بحريًا جعل مركزه تونس.
وهذا الأسطول والمركز الذي وضع فيه سهل الأمر على المسلمين، في ما بعد
في فتح جزر عدة في البحر الأبيض المتوسط منها، جزيرتي صقلية وسردينيا.
3- فتح الأندلس
تمكن موسى بن نصير من فتح الأندلس في زمن الخليفة الوليد بن عبد الملك
حيث عبر مضيق جبل طارق إلى أرض الأندلس، بالتعاون مع القائد طارق بن زياد
واستطاعا فتح الأندلس، وعملا على نشر الإسلام فيها.
رابعا: مواقف من حياته
اتصف موسى بن نصير بصفات خلقية كثيرة:
- فقد كان عاقلًا كريمًا شجاعًا ورعًا تقيًا.
- واتصف أيضا بالعدل والإنصاف.
- وطاعة ولي الأمر.
- والحرص على نشر الإسلام، وفيما يأتي بيان لبعض هذه الأخلاق:
1- العدل والإنصاف
يظهر ذلك من خطبته يوم أن تولى قيادة شمال إفريقيا؛ إذ وقف في جنده خطيبًا، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
"إنما أنا رجل كأحدكم، فمن رأى منى حسنة فليحمد الله، وليحضَّ على مثلها، ومن رأى مني سيئة فلينكرها، فإني أخطئ كما تخطئون، وأصيب كما تصيبون".
2- طاعة ولي الأمر
كان موسى بن نصير قائدًا ملتزمًا بطاعة ولي أمره:
- فعندما حانت له فرصة التقدم لفتح الأندلس، لم يتسرع في الأمر
- فأرسل إلى الخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب إذنه ومشورته في ذلك
- ولم يتقدم لفتح الأندلس إلا بعد أن جاءه الأمر من الخليفة.
- وهذا يدل على حرصه الشديد على طاعة ولي الأمر.
3- الحرص على نشر الإسلام
لاحظ موسى بن نصير أن سكان شمال أفريقيا لم يعرفوا الإسلام حق المعرفة فقام بما يأتي:
- بدأ بتعليمهم الإسلام.
- فكان يأتي بالعلماء ليعلموهم أمور دينهم.
- فعمل على تثبيت دعائم الإسلام وتوطيدها في الشمال الإفريقي.
خامسا: وفاته.
ذهب الخليفة سليمان بن عبد الملك إلى الحج، فاصطحب معه موسى بن نصير، وبعد انتهائه من أداء المناسك، وفي طريق عودته توفي قريبًا من مدينة رسول الله ﷺ عام (٩٧ھ) ودفن فيها رضي الله عنه.