اللغة العربية 11 فصل أول

الحادي عشر خطة جديدة

icon

 

 مُؤسَّساتُ التَّعليمِ المِهنيِّ ودَوْرُها في تنميةِ المُجتمعِ

 

يُعدُّ التَّعليمُ المِهنيُّ نمطًا منَ التَّعليمِ النِّظاميِّ الَّذي يتطلَّبُ الإعدادَ التَّربويَّ وإكسابَ المهاراتِ اليدويَّةِ والمعرفةِ المِهنيَّةِ، وتقومُ بهِ مُؤسَّساتٌ تعليميَّةٌ نظاميَّةٌ بِمُستوى الدِّراسةِ الثَّانويَّةِ لِغَرَضِ إعدادِ عُمَّالٍ مَهَرَةٍ في مُختلفِ الاختصاصاتِ الصِّناعيَّةِ والزِّراعيَّةِ والصِّحيَّةِ والإداريَّةِ وغيرها، بعدَ فترةٍ أَمَدُها ( ثلاثُ سنواتٍ) بعدَ مرحلةِ التَّعليمِ الأساسيِّ. ولِخرِّيجي التَّعليمِ المِهنيِّ القُدرةُ على تنفيذِ المَهامِّ المُوكَلَةِ إليهم، والمُساهَمَةِ في الإنتاجِ الفرديِّ أو الجماعيِّ ضِمْنَ تخصُّصاتِهِمْ، كما يُشكِّلُ هؤلاءِ حَلْقةَ الوَصْلِ بينَ التِّقنيِّينَ وبينَ العُمَّالِ غيرِ المَهَرَةِ في هَرَمِ القُوى العاملةِ، وينطوي ضِمْنَ هذا المفهومِ التَّدريبُ المِهنيُّ الَّذي يتمُّ في مراكزَ مُتخصِّصةٍ مُرتبطةٍ بِمُؤسَّساتٍ إنتاجيَّةٍ أو أَيِّ مُؤسَّساتٍ مُستفيدةٍ مِنْ مُخْرَجاتِ هذهِ المراكزِ.
ويُمكنُ تعريفُ التَّعليمِ المِهنيِّ إجرائيًّا أَنَّهُ ضَرْبٌ منَ التَّعليمِ النِّظاميِّ الَّذي يعملُ على إعدادِ الفردِ فكريًّا ومِهنيًّا؛ مِمَّا يُساعدُ على تحقيقِ التَّنميةِ الاجتماعيَّةِ والبشريَّةِ وفْقَ التَّخصُّصاتِ الموجودةِ بكلِّ مُؤسَّسةٍ تعملُ على توفيرِ مُتطلَّباتِ احتضانِ الفردِ وتكوينِهِ ليصيرَ فردًا فاعلًا في المجتمعِ. ويُعرِّفُهُ "عبدُ الغنيِّ عبود" بأَنَّهُ نَمطٌ منَ التَّعليمِ العالي النِّظاميِّ الَّذي يتضمَّنُ الإعدادَ التَّربويَّ وإكسابَ المهاراتِ والمعرفةِ التِّقنيَّةِ، تقومُ بهِ مُؤسَّساتٌ تعليميَّةٌ نظاميَّةٌ لِمُدَّةٍ لا تقلُّ عنْ سنتينِ بعدَ مرحلةِ الدِّراسةِ الثَّانويَّةِ؛ لإعدادِ أُطُرٍ فنيَّةٍ في مُختلفِ الاختصاصاتِ الصِّناعيَّةِ والزِّراعيَّةِ والصِّحيَّةِ والإداريَّةِ وغيرها. وتقعُ عليها مسؤوليَّةُ التشغيل والصِّيانةِ والخدماتِ، ويُمثِّلُ الفنيُّونَ في مستواهم حَلْقةَ الوَصْلِ بينَ المُختصِّينَ (خرِّيجي الجامعاتِ) والعُمَّالِ المَهَرَةِ خرِّيجي الثَّانويَّاتِ المِهنيَّةِ.
ويَمتازُ التَّعليمُ والتَّدريبُ المِهنيُّ بأَنَّ غَرَضَهُ تزويدُ المُتدرِّبينَ بالمهاراتِ القابلةِ للتَّطبيقِ (الكفاءَةِ)، وأنِهِ يُعِدُّهُمْ لحياةِ العملِ والمِهْنَةِ، وأَنَّهُ يُتيحُ لهم تحديثَ معارفِهِمْ ومهاراتِهِمْ أَو زيادةَ حَجْمِها أَو رفْعَ مُستواها أَو تبديلَها، وهُوَ ما يُطْلَقُ عليهِ "التَّعليمُ والتَّدريبُ المِهنيُّ المُستمِرُّ"، وأَنَّهُ يُجرى في مُؤسَّساتٍ تعليميَّةٍ مُتخصِّصةٍ، أَو جهاتٍ مُختصَّةٍ بهذا النَّوعِ منَ التَّدريبِ.
ولذلكَ وجدْنا البلدانَ المُختلفةَ تهتمُّ بالتَّعليمِ التِّقنيِّ، في ضوءِ حاجتِها إلى تحقيقِ مستوياتٍ عاليةٍ من التَّوازنِ بينَ مُدْخَلاتِ العمليَّةِ التَّعليميَّةِ ومُخرجاتِها من جهةٍ، وبينَ حاجةِ النَّشاطِ الاقتصاديِّ والتِّكنولوجيِّ والتَّغيُّراتِ الاجتماعيَّةِ المُختلفةِ، وهُوَ ضروريٌّ جدًّا في عمليَّةِ التَّنميةِ الشَّاملةِ للمجتمعاتِ؛ فهُوَ رُكْنٌ أساسٌ في تنميةِ المواردِ البشريَّةِ، وله دورٌ فاعلٌ في مجالِ التَّشغيلِ والحدِّ من البطالةِ، ولضمانِ تحقُّقِ ذلكَ لا بُدَّ مِنْ أَنْ تَتَّسِمَ نواتِجُ نُظُمِ تنميةِ المواردِ البشريَّةِ ومخرجاتُها بالجودةِ والمُواءَمةِ معَ المُتطلَّباتِ التَّنمويَّةِ واحتياجاتِ سوقِ العملِ كمًّا ونوعًا، وذلكَ يتطلَّبُ أيضًا نظرةً شاملةً للتَّنميةِ البشريَّةِ بحيثُ لا تقتصرُ على التَّنميةِ الاقتصاديَّةِ وحدَها على أهميَّةِ هذا الهدفِ، بل عليها السَّعيُ إلى التَّنميةِ الشَّاملةِ التي تتضمَّنُ قضايا التَّشغيلِ والحدِّ من البطالةِ، وتتضمَّنُ كذلكَ تطويرَ فُرَصِ العملِ جنبًا إلى جَنْبٍ معَ التَّنميةِ الاجتماعيَّةِ بكلِّ تفاصيلِها.
وعلى الأهميَّةِ البالغةِ للتَّعليمِ المِهنيِّ والتِّقنيِّ في تنميةِ المجتمعاتِ إِلَّا أَنَّهُ لمْ يَحْظَ بما هُوَ أهلُهُ من الاهتمامِ في بعضِ المجتمعاتِ، وأَنَّهُ في حاجةٍ إلى تطويرٍ في الجوانبِ النَّوعيَّةِ المُرافقةِ لهُ؛ بحيثُ يكونُ وفْقَ أَحْدَثِ التَّطوُّراتِ والمناهجِ كما في الدُّولِ المُتقدِّمةِ في هذا المجالِ، ويضمنُ تطويرَ ما يُرافقُها من نشاطاتٍ وفعاليَّاتٍ مُناسِبَةٍ لتنفيذِها، وفْقَ أَعلى المُواصفاتِ، كما يضمنُ الاهتمامَ الكبيرَ بتطويرِ كفاياتِ المُدرِّسينَ والمُدرِّبينَ في مُؤسَّساتِ التَّعليمِ التِّقنيِّ.
Jo Academy Logo