مِن جامعة الإسكندريّة إلى جائزة نُوبِلَ
إنّما العلمُ ، لو أردْتَ ، سلاحٌ
في دروبِ الكفاحِ يَعطي الأمَانَا
خُذْ زُويلًا إلى النّجاحِ دَليلًا
واسبِقِ العصرَ واحفظِ الأوطانا
جرس الهاتفِ يرنُّ :
- أأنتَ الدّكتورُ زُوَيْلٌ ؟
- نعمْ .
- نأسفُ للإزعاج في هذا الوقتِ المُبكِّرِ مِنَ الصَّباح ، ولكنْ عندي لكَ بعضُ الأنباءُ المشوِّقةِ ؛ أنا السكرتير العامُّ لأكاديميّةِ الملكيِّ السّويديّة للعلوم ، نُهنئكُ بأنّك أنتَ الفائزُ بجائزةِ نُوبِل للكيمياءِ هذا العام ، وسَنعلنُ هذا الخبرَ رسميًّا بعدَ عشرينَ دقيقةً ، وسوف تكونُ هذه آخرَ عشرينَ دقيقةً تنعمُ فيها بالسّلام في حياتِكِ .
الفكرة الرّئيسة : خبر فَوْز أحمد زويل بجائزة نوبل .
س1 : أستخرجُ كلمةً منتهيةً بالتّنوين .
دقيقةً . رسميًّا .
س2: أستخرجُ اسمًا أُدخلت اللام الشّمسيّة عليها .
للعلوم .
نعمْ ، لقد تغيّرتِ الحياة بعد تلك الدّقائق كما قال بالفعلِ .
ومنذُ ذلكَ اليومِ وأنا أُسألُ :
كيف تَسنّى لك أنْ تفوزَ بجائزةِ نوبل ؟!
سؤالٌ وجهْتُ به أينما كُنتُ وحيثُما ذهبتُ ، حتّى في ستوكهولمَ ذاتِها ، موطنِ الجائزةِ .
وأنا أُحبُّ أنْ أبدأَ جوابي هُنا بمّا أعُدُّهُ أوّلَ خطوةٍ صحيحةٍ على هذا الدَّربِ ، يوم أتيتُ الإسكندريّةَ ؛ لأدخلَ بوّابةَ العلمِ فيها ، وهي جامعةُ الإسكندريّة . وقدْ كانَتِ الإسكندريّةُ منذُ قديمِ الزّمانِ قلعةً شامخةً للمعارفِ والعلومِ ، وكانت مقصِدَ الباحثين عنِ العلمِ والمعرفةِ مِنْ جميع أرجاء العالمِ .
وحينما وصلْتُ إلى الولاياتِ المتّحدة وعلِموا أنّني قدْ تعلّمتُ في جامعةِ الإسكندريّةِ بادروني بالسّؤال التّالي : مَنِ الذي أحرقَ مكتبةَ الإسكندريّةِ ؟ وهلْ لَكم أيُّها المصريّون أنْ تعيدوا أمجادَ أسلافِكم مِنْ علماءِ مكتبةِ الإسكندريّةِ القُدامى ؟ وحينما أنشأَ الإسكندرُ المقدونيُّ مدينةَ الإسكندريّةِ في القرنِ الرّابعِ قبلَ الميلادِ كان يهدفُ إلى أنْ يَجعلَها مركزًا للعلمِ والحضارةِ والتّجارةِ للعالَم القديم ، وقد تحقّقَ لهُ ما أرادَ ، فأصبحتِ الإسكندرُ الأكبرُ قائدًا عسكريًّا فذًا فقدْ كان أيضًا مهتمًّا بالعلومِ والفنونِ، ويَرجعُ الفضلُ في ذلكَ إلى معلّمِهِ الفيلسوف اليونانيّ الأشهر أرسطو (322- 384 ق.م ) . وعلى مَدى التّاريخِ لم تتقدّمْ أمّةٌ مِنَ الأممِ دونَ إنجازاتِ العلمِ والعلماءِ .
أضيفُ إلى مُعجمي :
تسنّى : استطاع إنجازه .
شامخة : عالية ومرتفعة .
مقصِد :وِجْهة .
أرجاء : أنحاء .
أمجاد أسلافكم : عزُّ أجدادكم وآبائكم ورِفعتهم .
- الفكرة الرئيسة : مكانة جامعة الإسكندريّة وقيمة مكتبتها مقصد الباحثين والعلماء .
كانتْ أولى زياراتي لحَرَمِ جامعةِ الإسكندريّةِ بصحبةِ خَالي رِزْقٍ ؛ وذلكَ لتسجيلِ اسمي طالبًا جديدًا بكلّيّةِ العلومِ ، وكانَ ذلكَ في صيفِ عام 1963 ، وأتذكّرُ أنَّ قطراتٍ منَ الدمعِ قدْ تساقطتْ مِنْ مُقْلتيَّ في أثناءِ زيارتي الأولى هذهِ ؛ ولمْ يكنْ ذلكَ عَنْ حزنٍ ، إنَّما هِي دموعُ الفرحِ لِرؤيتي حرمَ الجامعةِ لأوّلِ مرّةٍ في حَياتِي ، حرمَ العلمِ والعلماءِ الّذي تَنْطلقُ مِنْهُ إبداعاتُ العقولِ في مجالاتِ العلومِ والفنونِ بأنواعها المختلفةِ ، ووسطَ الهدوءِ الّذي خيّمَ على حرمِ الجامعةِ اصْطفّتِ الأشجارُ والشُّجيراتُ على جوانبِ الممّراتِ الّتي تخْترقُ أرْضيّةَ حَرَمِ الجامعةِ .
أذكرُ هُنا عبارةً مشهورةً للدّكتورِ طه حسين ، وهي أنَّ " العلمَ كَالماءِ والهواءِ " . ولقدْ كانَ صُعودُنا وارْتِقاؤنا إلى مَوْضعِ الحَرَمِ الجامعيِّ كمثلِ مَنْ يَرِدُ إلى مصدرِ الماءِ والهواءِ في هذه الدُّنيا.
الفكرة الرئيسة : زيارة أحمد زويل الأولى لحرم جامعة الإسكندريّة .
- أستخرجُ حرفًا ناسخًا محدّدًا اسمه .
الحرف : أنّ / اسمه : قطراتٍ .
قطراتٍ : اسم أنّ منصوب وعلامة نصبه تنوين الكسر لأنّ جمع مؤنث سالم .
- أوضّحُ دلالة العبارة : " العلمَ كَالماءِ والهواءِ "
أهمية العلم فهو أساس الحياة كالماء والهواء .
ومنذُ اليومِ الأوّلِ لي في الدّراسةِ الجامعيّةِ اجتهدتُ في تحصيلِ دروسِي لأصلَ إلى أعلى درجاتِ التّفوّقِ والامتيازِ ، وكانَ لِي مَا أردْتُ ؛ ولَمْ يكنْ ذلك غريبًا ؛فذلكَ كانَ مِنْ طبيعةِ الأشـــياءِ عندي ؛ فقدْ توافَقَتِ المقرّراتُ الدّراسيَّةُ التي كُنتُ أدْرُسُها معَ ميولي واستعدادي الفطريِّ ، ولمْ تكنْ تلكَ المقرّراتُ تَشْملُ التّاريخَ أوِ العلومَ الاجتماعيّةَ أوِ اللُّغويّاتِ. وفي صيفِ عام 1967 أعلنتِ الجامعةُ نتائجَ جميعِ الطّلبةِ ، وذهبْتُ في ذلكَ اليوِ كما فعلتُ في أوّلِ أيّامي في جامعةِ الإسكندريّةِ ، بصحبةِ خالي رزق إلى حَرَمِ الجامعةِ ، وكان ترتيبي الأوّل على الدّفعةِ بجامعةِ الإسكندريّة .
الفكرة الرئيسة : تميّز أحمد زويل وتفوّقه في الجامعة .
وقدْ شَجّعني ثلاثةٌ مِنْ أَساتذتي في جامعةِ الإسكندريّةِ عَلى استكمالِ دراستي في الولاياتِ المتّحدةِ ، وقدّموا لي توصياتٍ وتزكيةٍ مكتوبةً بهذا الشّأْنِ . كُنْتُ أعلمُ أنَّ الولاياتِ المتّحدةَ هيَ في مقدّمةِ العالَم في الأبحاثِ المتطوّرة ، وكانَ يكفي القولُ وقتذاك : إنّ الولاياتِ المتّحدةَ الأمريكيّةَ تُخطّطُ لإنزال أوّل إنسانٍ على سطحِ القمرِ . اتّصلتُ ببعضِ الأساتذةِ الأمريكيّينَ بناءً على تلكَ التّوصياتِ ، وذاتَ يومٍ ربيعيٍّ مُشمسٍ مِنْ شهرِ نيسانَ وجدْتُ خطابًا مُرسَلًا إليّ منَ الولاياتِ المتّحدة ، وتشيرُ الكلماتُ المطبوعةُ على غلافِ الخِطابِ بحروفٍ بارزةٍ إلى أنّه مِنْ جامعةِ بنسِلفانيا في فيلادلفيا ، فتحْتُ الكتابَ بشيءٍ مِنَ التّوتّرِ القَلقِ ، بعدَ أنْ دَعوْتُ الله وتوسّلْتُ إليه ، فإذا بي أجدُ البُشرى في كلماتٍ محدّدةٍ واضحةٍ تقولُ : " إنَّ لجنةَ الدّراساتِ العليا بقسمِ الكيمياءِ قدْ أوصتْ بقَبولكَ ... " . وكانَتْ تلكَ واحدةً مِنْ أكثرِ اللّحظاتِ المؤثرةِ التي اهتزّتْ فِيها مَشَاعري؛ لحظةً لا أنْساها طيلةَ حياتي .
وبقِيتُ أظنُّ أنّني أحْلُمُ ، لكنّني بعدَ أنْ وجدْتُ نَفسي في الطّائرةِ أيْقنْتُ أنَّ الحُلُمَ قدْ أصْبحَ حقيقةً لا مِراءَ فيها .
الفكرة الرئيسة : دور أساتذة أحمد زويل ومساندتهم له لدعم تفوّقه العلميّ .
أضيفُ إلى معجمي :
تزكية : الفوز دون منافسة .
لا مِراءَ : لا جدال ، ولا نِزاع .
أتعرّفُ جوَّ النَّصِّ :
يتناول هذا النصّ جانبًا من حياة عالم الكيمياء المصريّ أحمد زويل ( 1946 - 2016 م ) ، الذي حاز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 م لأبحاثه في مجال الكيمياء ؛ إذ قام باختراع ميكروسكوب يقوم بتصوير أشعة اللّيزر في زمن مقدارُهُ فمتوثانية ، وهكذا يمكنُ رؤيةُ الجزيئات في أثناء التّفاعلات الكيميائيّة ، ويُعدُّ رائد علم كيمياء الفيمتو . مِن كُتبه : رحلةٌ عبرَ الزّمن ، والطّريق إلى نوبلَ ، وحِوارُ الحضاراتِ ، وعصرُ العلمِ ،الذي أُخذَ منهُ هذا النّصّ .
يعرضُ النّصّ لمفاصل مهمّةٍ في حياة عالم الكيمياء زويل بدءًا مِن لحظة تلقِّيه نبأ فوزه بجائزة نوبل للكيمياء ، وما مرَّ به من أحداث وأسباب قادته للفوز ، وذلك بأسلوب سرديٍّ عذبٍ ومؤثّر ، عارضًا كذلك لأثر جامعة الإسكندريّة وأساتذته في تحقيق طموحه وصولًا في النّهاية إلى تيقّنه بحقيقة الحُلُم الّذي آمن به .
أحمد زويل : عصرُ العلمِ / بتصرّفِ
**********************************************************************