♦ الشرح
نص الاستماع (المُسحراتيُّ)
يا لَها منْ أحلامِ تضيءُ باحةً القلبِ ! كنتُ أسرحُ بخيالي قُبيلَ حلولِ شهرِ رمضانَ، وأنا أرى العمَّ ونيسًا يُجهّزُ فوانيسَهُ الزّجاجيَّةَ الّتي تُبهرُنا بألوانِها الجميلةِ. يمسحُ زجاجَها منَ الأتربةِ، ثمَّ يُعلّقُها على واجهةِ دُكّانِهِ الصّغيرِ، كانَ بشوشَ الوجهِ دائمَ الابتسامةِ، طيّبَ القلبِ، عَذَبَ الكلامِ. كنتُ أُصِرُّ على الصّومِ، على الرّغمِ منْ صِغَرِ سنّي، كانتْ أمّي توقظُني وقتَ السَّحورِ؛ فأسمعُ صوت (العمِّ شاكرِ المسحّراتي)، وكنتُ أقضي اللّيالي على الشّرفةِ أنتظرُ طبلةَ العمِّ شاكرٍ؛ إذْ يعلو صوتُها في الليل، فيخفقُ قلبي بحنانٍ لا أعرفُ مصدرَهُ، ثمّ يقتربُ صوتُهُ رويدًا رويدًا، فأسمعُهُ يُنادي: ((اصحَ يا نايم ... وحّدِ الدّايم ... ))، فيقتربُ أكثرَ منْ بيتِنا ويتابعُ: (يا عبادَ اللهِ وحّدوا الله ... يا زيدُ ... يازينُ ... يا فرحُ ... رمضانُ كريمٌ)). كلَّ ليلةٍ يقتربُ من بيتِنا، وأقولُ في نفسي: ((الآنَ سيُقرعُ بابُ بيتِنا، وسيُنادي بأسمائِنا وسينطقُّ اسمي)). وما هيَ إلّا لحْظاتٌ أسمعُهُ يقولُ: ((قوموا للسَّحورِ ))، فشعرتُ بأنَّ أجنحةً نبتَتْ لي، ورحتُ أُحلَّقُ في ليلِ رمضانَ.
