استطاع العثمانيون ضم البلاد العربية لحكمهم منذ الربع الأول من القرن السادس عشر الميلادي بعد أن خاضوا عدة معارك مع المماليك في مصر وبلاد الشام، ومع الصفويين في العراق وقد أحاط العثمانيون البلاد العربية بسياح من العزلة عن التأثيرات الخارجية، مما انعكس سلبا على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية فيها.ومن أهم سمات الحكم العثماني أوائل عهده في البلاد العربية.الإبقاء على بعض الزعامات المحلية في البلاد العربية كما هي وتطبيق نظام الحكم المركزي وخاصة في البلاد العربية القريبة من عاصمة الدولة العثمانية وضعف تأثيره على المجمعات العربية بل هي التي أثرت فيه. وصبغته بالصبغة الشرقية
وقد لجأت الدولة العثمانية منذ بداية الحكم العثماني للبلاد العربية إلى تعيين الزعماء المحليين حكاماً لها في ولاياتها العربية، وقد رأت في هذا الإجراء أنها ستحظى ببعض الفوائد ومنها: إقناع الأهالي بأن حكامهم منهم، وإرضاء الزعماء المحليين المتنفذين في المنطقة، وضمان ولائهم للدولة، وحفظ الأمن في مناطقهم.
ومن ناحية الزراعة فاقطعوا القسم الأكبر من الأرض الصالحة الزراعة للعسكرين ضمن نظام الإقطاع الحربي ، فكانوا يتقاضون جزءا من نتاجها مقابل القيام بواجباتهم العسكرية، وأما باقي إنتاج الأرض فيذهب للفلاحين، كما مورست جباية الضرائب من خلال نظام الالتزام، وشهدت الزراعة تراجعا واضحا بسبب القحط والجراد ، والفقر وكثرة الضرائب وانعدام الأمن واستخدام أدوات تقليدية في الزراعة
وقد ظهرت في البلاد العربية صناعات حرفية بسيطة، اعتمدت على المواد الأولية المتوافرة في كل منطقة ومقايضة منتجاتها مع المناطق الأخرى .ولم تستطع هذه الصناعات الحرفية الصمود في مواجهة الصناعات الأوروبية التي اتسمت بجودة التصنيع ورخص الثمن بعد الثورة الصناعية التي شهدنها أوروبا.
وقد شهدت التجارة تراجعاً واضحا وخاصة بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح جنوب إفريقيا، وتحول طرق التجارة عن العالم الإسلامي منذ العهد المملوكي، وسوء طرق المواصلات، والفقر العـام للسكان، والاضطرابات السياسية وانعدام الأمن، وتعرض القوافـل التجارية لهجمات اللصوص وقطاع الطرق ، ومع ذلك فإن التجارة الخارجية لم تنقطع تماماً بين البلاد العربية وأوروبا في العهد العثماني، كما كان هناك نوع من التجارة الداخلية بين الولايات العربية كمصر وسوريا والعراق والحجاز، ومن العوامل التي ساعدت على نشاط التجارة الداخلية إعفاء الدولة العثمانية التجار من بعض الضرائب، بالإضافة إلى مرور قوافل الحج عبر الولايات العربية وصولا إلى الديار المقدسة
وبالنسبة للضرائب التي فرضها العثمانيون في دولتهم.
- ضرائب تفرض على الأراضي وإنتاجها مثل ضريبة العشر، والرسوم على المواشي والمطاحن ومعاصر الزيتون، وضريبة المسقفات التي تفرض على المباني السكنية.
- ضرائب تفرض على الفلاحين والحرفيين والتجار، وضريبة الرأس (الجزية) التي تفرض على أهل الذمة من المسيحيين واليهود.
- الضرائب العرفية التي تفرض في أوقات طارئة مثل الحروب.
وانقسم المجتمع في عهد الدولة العثمانية إلى فئتين هما : الفئة العليا: أصحاب الامتيازات من الحكام والأمراء المحليين والأعراف، وهم الذين ينتسب للرسول صلى الله عليه وسلم، والإقطاعيون، والعلماء ورجال الدين، وقد أعفوا من الضرائب . وفئة عامة الشعب: من الفلاحين والصناع والتجار ورعايا الدولة من غير المسلمين، وكانوا يدفعون الضرائب .
أما الحالة الفكرية والثقافية فقد أصبحت إستانبول عاصمة الدولة العثمانية مركزا للحياة العلمية والثقافية للأسباب منها هجرة الكثير من الأدباء والعلماء والمفكرين من البلاد العربية إليها، ممن نشطوا في التدريس والتأليف والتمتين العربية والتركية. وجمع المخطوطات العربية والثقافية على اختلاف معارفها في مكتبات إستانبول ومساجدها.