التربية الإسلامية فصل ثاني

التاسع

icon

الْفِكْرَةُ الرَّئيسَةُ

  • نَزَلَتْ بعضُ سُوَرِ القرآنِ الكريمِ وآياتِهِ الكريمةِ لأسبابٍ معيّنةٍ.
    •  مثلِ: وقوعِ حادثةٍ.
    •  أو للإجابةِ عنْ سؤالٍ وُجِّهَ إلى سيدِنا رسولِ اللهِ ﷺ.

 

إِضاءَةٌ

  • علومُ القرآنِ: هوَ أحدُ المباحثِ المتصلةِ بالقرآنِ الكريمِ منْ حيثُ:
    •  بيانُ ترتيبِ آياتِهِ وسُوَرِهِ.
    •  ومراحلُ جمعِهِ وكتابتِهِ.
    •  والقراءاتُ القرآنيةُ.
    •  وأسبابُ نزولِهِ.
    •  وتفسيرُ آياتِهِ وغيرُ ذلكَ من العلومِ المتعلقةِ بِهِ.

 

أَستَنيرُ

  • بذلَ المسلمونَ جهودًا عظيمةً لخدمةِ القرآنِ الكريمِ والعنايةِ بِهِ، وكانَ منها:
    •  جمعُ أسبابِ نزولِ آياتِ القرآنِ الكريمِ وسُوَرِهِ.
    •  وبيانُ صحيحِها من ضعيفِها.

أولًا: مفهومُ سببِ النزولِ

  • سببُ النزولِ: هوَ الأمرُ الذي نزلَتِ السورةُ القرآنيةُ أو الآياتُ الكريمةُ منَ القرآنِ الكريمِ بشأنِهِ، مثلَ:
    • وقوعِ حادثةٍ.
    •  أو توجيهِ سؤالٍ إلى سيدِنا رسولِ اللهِ ﷺ.
    •  وهوَ خاصٌّ بما جرى بعدَ بعثةِ سيدِنا رسولِ اللهِ ﷺ.
    •  أمّا الوقائعُ والأحداثُ التي ذُكِرَتْ في القرآنِ الكريمِ وحصلَت قبلَ بعثتِهِ صلى الله عليه وسلم فليسَتْ من أسبابِ النزولِ؛ مثلُ:
    •  ذكرِ أحداثِ الأُمَمِ السابقةِ.

 

أَتَعَلَّمُ

ليسَ بالضرورةِ أنْ يكونَ لكلِّ سورةٍ أو آيةٍ في القرآنِ الكريمِ سببُ نزولِ خاصٌّ.

 

ثانيًا: أهميةُ معرفةِ سببِ النزولِ

  • تتمثلُ أهميةُ معرفةِ سببِ النزولِ بأنَّهُ يؤدّي إلى فهمِ الآيةِ الكريمةِ فهمًا سليمًا.
    •  ويزيلُ اللُّبسَ عندَ الوقوفِ على معناها الظاهريِّ.
    • ومنَ الأمثلةِ عليهِ ما رواهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه قالَ: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها، فقلتُ لها: أرأيتِ قولَ اللهِ تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة: ١٥٨). (جُنَاحَ: إثم)، فما على أحدٍ من إثمٍ إذا لم يَسْعَ بينَ الصفا والمروةِ؟ قالت عائشةُ رضي الله عنها: لا، لو كانَت كما تقولُ لكانَتِ الآيةُ: لا جُناحَ عليهِ ألّا يتطوّفَ بهما. إِنَّما أُنزِلَتْ في الأنصارِ رضي الله عنهم، كانوا قبلَ أن يُسلِموا يُهِلوّنَ بينَ الصنمِ (أسافَ) الذي كانَ على الصفا، والصنمِ (نائلةَ) الذي كانَ على المروةِ، فلمّا أسلموا سألوا رسولَ اللهِ ﷺ عن ذلكَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ؛ إنّا كنّا نتحرّجُ أن نطوفَ بين الصفا والمروةِ ممّا يُذَكِّرُنا بِعِبادةِ الأصنام. فأنزلَ اللهُ تعالى الآيةَ) (رواه البخاري ومسلم). (يُهِلوّنَ: يسعَونَ).
    • فَعُرْوَةُ رضي الله عنه كانَ يرى أنَّ السعيَ بينَ الصفا والمروةِ ليسَ واجبًا، نتيجةَ فهمِهِ لهذهِ الآيةِ.
    •  فصحّحَتْ لَهُ السيدةُ عائشةُ رضي الله عنها هذا الفهمَ بناءً على سببِ النزولِ.

أَتَعَلَّمُ

أمُّ المؤمنينَ السيدةُ عائشةُ رضي الله عنها هيَ خالةُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه.

ثالثًا: صورُ أسبابِ النزولِ

  • تعدّدَتْ صورُ أسبابِ نزولِ القرآنِ الكريمِ، ومنْ أهمِّها:

1. وقوعُ بعضِ الأحداثِ التي تحتاجُ إلى بيانِ حُكمِها.

  • فقد نزلَت بعضُ الآياتِ الكريمةِ على سيدِنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ لتبيّنَ السببَ الخاصَّ المُتعلّقَ بحادثةٍ معيّنةٍ.
  •  ومن أمثلةِ ذلكَ: أنَّ سيدَنا رسولَ اللهِ ﷺ خرجَ حتى أتى الصّفا، فصعِدَ عليها، ثمَّ نادى: (يا بني عبدِ المُطَّلبِ،  يا بني فِهْرٍ، يا بني عبدِ مَنافٍ، أَرَأَيْتُم لو أخبرتُكُمْ أَنَّ خيلًا بسَفحِ هذا الجبلِ تُريدُ أنْ تُغيرَ عليكُمْ، أصدَّقْتُموني؟) قالوا: (نعم). قالَ:(فإنِّي نذيرٌ لكم بينَ يَدَيْ عَذَابٍ شديد). فقالَ أبو لَهَبٍ: (تبًّا لكَ سائرَ اليومِ، أما دعَوتُمونا إلّا لهذا؟) فنزلَ قولُهُ تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (المَسَدُ: ١)، (رواه ابن حبّان).

2. الإجابةُ عن سؤالٍ وُجِّهَ إلى سيدِنا رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

  • فقدْ كَانَتْ تُوَجَّهُ إلى النبيِّ ﷺ أسئلةٌ يُرادُ جوابٌ لها.
  •  فتنزلُ الآياتُ الكريمةُ جوابًا عن تلكَ  الأسئلةِ.
  •  ومن أمثلةِ ذلكَ: ما وردَ في سببِ نزولِ قولِهِ تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) (الإسراء: ١٨٥ ).
  • فقد روى عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضي الله عنه قال: بينَما أنا أمشي معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍّ منَ اليهودِ، فقالَ بعضُهُمْ: سَلوهُ عنِ الروحِ. فسألوهُ عنها، قالَ: فسكتَ النبيُّ ﷺ فَلَمْ يَرُدَّ عليه شيئًا (رواه البخاري ومسلم).
  •  فنزلَتِ الآيةُ تُجيبُ عنِ السؤالِ الذي وُجِّهَ إليهِ صلى الله عليه وسلم.

3. معالجةُ بعضِ القضايا المجتمعيةِ.

  • ومن أمثلةِ ذلكَ: ما رواهُ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما فقالَ: (كانَ أهلُ الجاهليةِ يُحَرِّمُونَ ما يَحْرُمُ إلّا امرأةَ الأبِ والجمعَ بينَ الأختينِ، قال: فأنزلَ اللهُ تعالى قولَهُ: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) (النساء: ٢٢)، (رواه الطبري في تفسيره).
  •  فهذا السببُ يعالجُ ظاهرةً مجتمعيةً كانت سائدةً قديمًا، إذ كان الرجلُ يتزوجُ زوجةَ أبيهِ.
  •  فجاءَت الآيةُ الكريمةُ لبيانِ أنَّهُ لا يجوزُ ذلك.
  •  فنهاهُمُ اللهُ تعالى عن ذلك.
  •  وعفا لهم عمّا قد سلفَ قبلَ التحريمِ، فلا يؤاخذُهُمْ بِهِ.

 

أستزيدُ

  • يعتمدُ العلماءُ في معرفتِهِم سببَ النزولِ على الروايةِ الثابتةِ عن الصحابةِ الكرامِ رضي الله عنهم.
    •  لأنَّهُم رضي الله عنهم شَهِدوا التنزيلَ.
    •  وعاشوا أحداثَ نزولِهِ على سيدِنا رسولِ الله ﷺ.
    •  فما من سؤالٍ وُجِّهَ إلى سيدِنا رسولِ الله ﷺ.
    •  ولا وقعَت حادثةٌ في زمنِ نزولِهِ إلّا عرفوا مقصودَها.
    •  وسببَ نزولِها وفي مَنْ أُنزِلَتْ.
    •  وممّا يدلُّ على ذلكَ قولُ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه: (أَخَذْتُ مِنْ فِيِّ رسولِ اللهِ ﷺ سبعينَ سورةً، والذي لا إلهَ غيرُهُ ما نزلَتْ آيةٌ من كتابِ اللهِ إلّا وأنا أعلمُ فيمَ نزلَت، وأينَ نزلَتْ) (فيِّ: فَمِهِ الشريفِ صلى الله عليه وسلم).
    •  لذا فلا مجالَ للرأيِ والاجتهادِ في أسبابِ النزولِ.

 

أَتَعَلَّمُ

  • منَ المؤلَّفاتِ التي صُنِّفَتْ في أسبابِ النزولِ:
    • لُبابُ النُّقولِ في أسبابِ النزولِ، لمؤلِّفِهِ الإمامِ جلالِ الدينِ السيوطيِّ رحمه الله.

 

أَربِطُ معَ أصولِ الفقهِ

  • اتفقَ الفقهاءُ على أَنَّهُ إذا نزلَت آيةٌ كريمةٌ في شخصٍ معيّنٍ أو مناسبةٍ معيّنةٍ، فإنَّ الحُكمَ الواردَ فيها لا يقتصرُ عليهِ فقط، بل يشملُ عامّةَ الناسِ.
    •  لذا وضعوا قاعدةً فقهيةً نصُّها: (العِبرةُ بعُمومِ اللفظِ لا بخُصوصِ السببِ).

 

أَسمو بقيَمي

1. أَحْرِصُ على سؤالِ العلماءِ عن معاني آياتِ القرآنِ الكريمِ.

2. أقدّرُ جهود العلماء في خدمة القرآن الكريم.

3. أدرك أن الحكم الوارد في الآيات القرآنية لا يقتصر على سبب النزول وانما يشمل عامة الناس.