كان البيت في الماضي هو المدرسة الأولى للطّفل في تعلّم اللغة من خلال حديث الأهل والقراءة والحوار، فكلّما زاد التّفاعل اللفظيّ مع الطّفل، تحسّنت لغته.
ومع ظهور برامج الأطفال التّربويّة مثل "شارع السمسم"، ظنّ الأهل أن مشاهدة التّلفزيون يمكن أن تنمّي لغة الطّفل أكثر من الحوار المباشر، لكن الدّراسات أثبتت عكس ذلك تمامًا.
فقد بيّنت النّتائج أن الأطفال لم يحققوا تطورًا لغويًا حقيقيًا، باستثناء تحسّن بسيط في تمييز الحروف والأعداد، بينما تراجعت قدراتهم في اللعب التّخيلي والمثابرة والانتباه، وزادت حركتهم العشوائيّة وضعف تفاعلهم الواقعيّ.
أوضحت دراسات أخرى أن الإيقاع السّريع في البرامج التّلفزيونيّة يقلل من وقت التّفكير والتّأمل، ويؤدّي إلى ضعف التّركيز وتشتّت الانتباه. كما تبيّن أن الأطفال يستمتعون بالمشاهدة لكنّهم لا يفهمون إلّا القليل مما يرونه.
وأظهرت التّجارب أن الأطفال الّذين يشاهدون برامجًا تلفزيونيّة بكثرة أداؤهم اللغويّ أضعف من غيرهم، لأنّ المشاهدة لا تتطلّب جهدًا عقليًا أو تعبيرًا لفظيًا. فالطفل بحاجة إلى تجارب حركيّة وتفاعل لغويّ مباشر لتنمية اللغة والتّفكير.
ختامًا، تُحذّر الدّراسات من أن الإدمان التّلفزيونيّ يؤدي إلى ضعفٍ في النّمو اللغويّ والتّعبيريّ لدى الأطفال، وتؤكّد أن التّفاعل الإنسانيّ والمحادثة المباشرة هما الطّريق الأمثل لتطور لغتهم وعقولهم.