المدينة الوردية
بَيْنَ الصُّخورِ وَخَلْفَ الشُّقوقِ عَالَمٌ أُسْطورِيٌّ قديم ساحِرٌ بِتاريخِهِ، وَأَصْواتٌ تَدْخُلُ رَأْسَكَ لِتَعودَ إِلى عامِ 268م؛ لِتَسْمَعَ صَوْتَ الْمَلِكَةِ الَّتي حارَبَتْ مِنْ أَجْلِ الْبَتْرا. اسْمي عامِرٌ، وَهذِهِ أُخْتي وَفاءُ، وَنَحْنُ مِنْ بَلْدَةِ يُطْلَقُ عَلَيْها اسْمُ مَدينَةِ الْحِجْرِ، يَأْتي إِلَيْها كَثيرٌّ مِنَ الزُّوّارِ كُلَّ عامِ، وَيَقْضونَ ساعاتٍ فَوْقَ الطُّرُقِ الصَّحْراوِيَّةِ؛ حَتّى يَتَأَمَّلوا الْبُيوتَ الْمَنْحوتَةَ في الصَّخْرِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بُيوتًا جامِدَةً، وَلكِنَّها تَحْكي تاريخًا حافِلا بِالْأَحْداثِ.
الشرح :
يبدأ الكاتب بوصفٍ خياليّ لعالمٍ قديمٍ يقع بين الصخور والشقوق، وكأنّ المكان ينبض بالحياة ويحمل أصوات الماضي. هذه الأصوات تُعيد السامع إلى زمنٍ بعيد (عام 268م) ليسمع صوت الملكة التي دافعت عن البترا، في إشارةٍ إلى تاريخ المدينة العريق ومكانتها الحضارية
معاني الكلمات :
|
أسطوري |
خيالي |
|
المنحوتة |
المحفورة |
|
جامدة |
ساكنه |
الاستخراج :
|
حرف جر |
من / في |
|
اسم مذكر |
ولد |
|
اسم مؤنث |
وفاء |
|
فعل مضارع |
يقضون / تحكي |
دَعونا نَتَوَقَّفْ قَليلًا أَمامَ هذا الْمَعْبَدِ، إِنَّهُ كَما تَرَوْنَ يا أَصْدِقائي مَحفُورٌ وَسَطَ شَقٍّ مِنْ صُخورِ هذا الْجَبَلِ، وَيَعودُ عُمْرُهُ إِلى أَكْثَرَ مِنْ 1800 عامِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قاوَمَ الزَّلازِلَ الَّتي دَمَّرَتْ كَثيرًاً مِنْ مَعالِمِ الْبَتْرا، وَقاوَمَ عَواصِفَ الرِّمالِ الَّتي دَفَنَتْ مَجْموعَةً مِنْ بُيوتِها، وَقَدْ وَقَفَ أَوَّلُ رَحّالَةٍ أوروبِيٍّ وَصَلَ إِلى هذا الْمَكانِ مَذْهولا مِنْ رَوْعَةِ الْبِناءِ. كانَ ذلِكَ عامَ 1812م، عِنْدَما وَصَل الرَّحّالَةُ السُّويسْرِيُّ
(جوهان بورْخارت) إِلى هذِهِ الْمَنْطِقَةِ، وَوَقَفَ أَمامَ مَدْخَلٍ الْمَدينَةِ، وَاكْتَشَفَ أَنَّ أطلال الْبَتْرا مُنْذُ الْقَرْنِ السّابعِ الْميلادِيِّ ما زالَتْ مَوْجودَةً.
الشرح :
يقف الكاتب مع أصدقائه أمام المعبد المنحوت في صخور الجبل، ويشير إلى أن عمره يتجاوز 1800 سنة. رغم مرور الزمن والكوارث الطبيعية، مثل الزلازل وعواصف الرمال التي دمرت أو غطت العديد من بيوت البترا، ظل المعبد صامدًا
معاني الكلمات :
|
معبد |
مكان للعبادة |
|
مذهولًا |
مدهوشًا |
|
أطلال |
بقايا |
الاستخراج :
|
فعل مضارع |
نتوقف |
|
اسم إشارة |
هذا |
|
حرف جر |
من / إلى |
|
فعل ماضٍ |
وقف / وصل / اكتشف |
- هَلْ تَعْلَمينَ يا وَفاءُ أَنَّ مَدينَتَنَا لَمْ تَكُنْ بَلْدَةً مَعْزولَةً وَسَطَ الصَّحْراءِ؟
- وَفاءُ: نَعَمْ، إِنَّها تَقَعُ عَلى ذلِكَ الْمَمَرِّ الْجَبَليِّ الَّذي يَفْصِلُ الصَّحْراءَ الْعَرَبِيَّةَ جَنوبًا، وَسوريا وَفِلَسْطينَ وَمِصْرَ شَمَالًا وَغَرْبًا، وَبِذلِكَ فَقَدْ كَانَتْ طَرِيقًا مُهِمَّا لِكُلِّ الْقَوافِلِ الَّتي تَعْبُرُ هذِهِ الْمَنْطِقَةَ. وَلَكِنْ يا عامِرُ، كَيْفَ كانوا يَشْرَبُونَ في هذا الْمَكانِ الصَّخْريِّ؟
- تَعالي يا وَفاءُ، أَصْحَبْكِ إِلى القَنَواتِ الَّتي كانَتْ تَتَجَمَّعُ فيها مِياهُ الشُّرْبِ، لَقَدْ دُمِّرَتْ هذِهِ الْقَنَواتُ الْمَصنوعَةُ مِنَ الصَّخْرِ، وَامْتَلَأَتْ بِالرِّمالِ، وَلكِنَّها كانَتْ في الزَّمَنِ الْماضي جُزْءًا مِنْ شَبَكَةٍ مُمْتَدَّةٍ مِنَ الْقَنَواتِ وَالسُّدودِ الْمُقامَةِ في أَعالي الْجِبالِ؛ فَالْماءُ هُنا كانَ وَما زالَ ثَمينًا كَالذَّهَبِ؛ لِذلِكَ أَقامَ أَجْدادُنا الْأَنْباطُ تِلْكَ السُّدودَ حَتّى تَجْمَعَ مِياهَ الْأَمْطارِ، وَمِنْ هذِهِ السُّدودِ يَنْسابُ الْماءُ إِلى عَشَراتٍ مِنَ الْقَنَواتِ الْمُتَداخِلَةِ الَّتي تَهْبِطُ مِنَ الْجَبَلِ؛ لِتَصِلَ إِلى كُلِّ جُزْءٍ مِنَ الْمَدينَةِ.
الشرح :
النص يوضح أن مدينة البترا لم تكن معزولة في الصحراء، بل تقع على ممر جبلي مهم يربط الصحراء العربية بمناطق شمالية وغربية مثل سوريا وفلسطين ومصر، مما جعلها محطة حيوية للقوافل التجارية. كما يبرز النص ذكاء الأنباط في إدارة المياه في بيئة صخرية وجافة، حيث أقاموا سدودًا في أعالي الجبال لتجميع مياه الأمطار، وشبكة متداخلة من القنوات المصنوعة من الصخر لتوزيع الماء على المدينة. كان الماء ثمينًا جدًا، وحفاظ الأنباط على هذه الموارد ساعد على ازدهار المدينة واستمرار حياتها رغم الظروف الصحراوية القاسية
معاني الكلمات :
|
معزولة |
منفصلة عن الأماكن الأخرى |
|
قواقل |
مجموعات من الناس تتحرك معًا |
|
ينساب |
يتحرك بسلاسة |
|
تهبط |
تنزل |
الاستخراج :
|
أداة استفهام |
هل |
|
فعل مضارع |
يفصل |
|
فعل ماضٍ |
امتلأت |
|
حرف جر |
من / إلى |
- وَفاءُ: ما أَعْجَبَهُ مِنْ نِظامٍ! أَجْدادُنا الْعَرَبُ اَلَّذِينَ عَرَفوا قيمَةَ الْماءِ بَرَعوا في جَلْبِهِ، وَما زالَ هذا النِّظامُ مَوْجودًا في أَفْلاجِ عَمّانَ، وَفي مُدَرَّجاتِ الْيَمَنِ، وَوَسَطَ الْقَبائِلِ الْمَوْجودَةِ في صَحْراءِ الْجَزائِرِ. هَلْ تُريدونَ يا أَصْدِقائي أَنْ تَعرِفوا تاريخَ الْبَترا؟ سنَدْعو أَشْهَرَ شَخْصِيَّةٍ في تاريخِها؛ لِتُحَدِّثَكُمْ عَنْها.
الشرح :
النص يسلط الضوء على براعة الأجداد العرب في إدارة المياه والحفاظ عليها، ويشير إلى أن هذا النظام المائي لم يختفِ بالكامل، بل استمر وجوده في مناطق مختلفة مثل أفلاج عمان، المدرجات في اليمن، وبعض قبائل صحراء الجزائر، مما يدل على استمرارية هذه المعرفة عبر الزمن والمكان
معاني الكلمات :
|
برعوا |
تفوقوا |
|
أفلاج |
جمع فلج وهو نظام قديم لقنوات المياه يستخدم لتوزيع المياه من مكان إلى آخر |
الاستخراج :
|
حرف جر |
من / في |
|
أداة استفهام |
هل |
|
فعل مضارع |
تريدون |
- أَنا مَلِكَةُ الْبَتْرا، وَكانَ الرّومانُ يَفْرِضونَ سَيْطَرَتَهُمْ عَلى الْمَدينَةِ، وَعَلى أَماكِنَ كَثيرَةٍ في الْعَالَمِ، تَزَوَّجْتُ مِنْ مَلِكِ الْبَتْرا، كانَ مَلِكًا شُجاعًا، يَحلُمُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَيُحارِبُ الرّومانَ، يَتْتَصِرُ حينًا وَيَنْهَزِمُ حينًا، وَلكِنَّهُ لا يَسْتَسْلِمُ، إِلّا أَنَّ الرّومانَ
تَمَكَّنوا مِنْهُ وَقَتَلوهُ، فَأَصْبَحْتُ الْمَلِكَةَ عامَ 268 م، وَكانَ عَلَيَّ أَنْ أَظْفَرَ بِالْحُرِّيَّةِ لِشَعْبي؛ فَأَنْشَأْتُ جَيْشًا، وَفَتَحْتُهُ أَمامَ كُلِّ اَلَّذينَ يَحْلُمونَ بِالْخَلاصِ مِنْ سَيْطَرَةِ هذِهِ الْإِمْبِراطورِيَّةِ حَتّى لْتَحِقوا بِهِ؛ فَجاءَ إِلَيْهِ كَثيرٌ مِنَ الْعَرَبِ وَالْفُرْسِ وَالْيونانِ الَّذينَ تَجَمَّعوا لِصُنْعِ جَيْشٍ قَوِيٍّ اسْتَطاعَ أَنْ يُقاوِمَ (روما) عَلى مَدى
أَرْبَعَةَ عَشَرَ عامًا. لَمْ نُحَرِّرِ الْبَتْرا مِنْ سَيْطَرَةِ الرّومانِ فَقَطْ، وَلكِنَّنا صَنَعْنا دَوْلَةً حُرَّةً امْتَدَّتْ مِنْ تُخومِ (الْبُسْفورِ) في (تُرْكِيّا) حَتّى ضِفافِ النِّيلِ في مِصرَ. أَيْقَظْتُ حُلْمَ الْحُرِّيَّةِ في صَدْرِ كُلِّ الشُّعوبِ، وَبَيَّنْتُ أَنَّ الْمُدُنَ الصَّغيرَةَ تَسْتَطيعُ أَنْ تُقاوِمَ الْإِمْبِراطورِيّاتِ الْعِملاقَةَ.
مُحَمَّد سَيْف - رِحْلاتُ الْعَرَبيِّ الصَّغيرِ - الْعَدَد102ُ، بِتَصَرُّفٍ
الشرح :
النص يروي قصة ملكة البترا وبطولتها في مقاومة الرومان. بعد مقتل زوجها الملك الشجاع الذي كان يحلم بالحرية ويحارب الرومان، تولت الملكة عام 268م مسؤولية قيادة شعبها. أنشأت جيشًا قويًا جمعت فيه العرب والفرس واليونان، واستمرت المقاومة ضد روما لمدة أربعة عشر عامًا. لم تحرّر البترا فقط، بل أسست دولة حرة امتدت من ضفاف البوسفور في تركيا حتى النيل في مصر، وأثبتت أن المدن الصغيرة يمكن أن تقاوم الإمبراطوريات الكبرى وأن الإرادة القوية تصنع الحرية والتاريخ
معاني الكلمات :
|
يفرضون |
يجبرون |
|
أظفر |
أحصل / أحقق |
|
تخوم |
حدود |
|
|
|
الاستخراج :
|
فعل مضارع |
يفرضون |
|
حرف جر |
من |
|
فعل ماضي |
أنشأت |
|
اسم مدينة |
روما / تركيا |
الفكرة الرئيسة :
الفكرة الرئيسة من النص كامل هي أن مدينة البترا، رغم موقعها الصحراوي الصعب، كانت مركزًا حضاريًا وتجاريًا مهمًا بفضل عبقرية الأنباط في إدارة المياه والبناء، وأن الملكة التي تولت الحكم بعد وفاة زوجها استطاعت بقيادة شعبها وجيش قوي مقاومة الاحتلال الروماني، فأثبتت أن المدن الصغيرة والشعوب العزيزة بالإرادة تستطيع مقاومة الإمبراطوريات الكبرى وصنع الحرية والتاريخ
أعرف عن النص :
يَأْخُذُنا النَّصُّ في جَوْلَةٍ في الْبَتْرا أَوِ الْمَدينَةِ الْوَرْدِيَّة إِحْدى عَجائِبِ الدُّنْيا السَّبْعِ الْجَديدَةِئالَّتي تَقَعُ في جَنوبِ الأُردُنِّ، وَهِيَ مَدينَةٌ تاريخِيَّةٌ نَحَتَها الأَنْباطُ في الصَّخْرِ. وَفيها السّيقُ، والْخَزْنَةُ، وَالدَّيْرُ، وَالْمُدَرَّجُ. كانَتِ الْبَتْرا مَرْكَزًا تجارِيًّا، وتُمَثِّلُ اليَوْمَ وُجْهَةً سِياحِيَّةً تَجْذِبُ الزُّوَّارَ مِنْ شَتّى أَنْحاءِ العالَمِ.