التاريخ فصل ثاني

السادس

icon

احترام العهود والمواثيق 

في العام السادس للهجرة أراد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أداء العمرة؛ فلبسوا ملابس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب، فلما اقتربوا من مكة بلغهم أن القبائل (قريشاً وحلفاءها) جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت الحرام.

عندها نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية وأرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش وقال له: (أخبِرهم أنا لم نأتي لقتالٍ، وإنما جئنا عُماراً (لأداء العمرة)، وادعهم إلى الإسلام).

ولكن المشركين من قريش احتبسوا عثمان بن عفان رضي الله عنه فتأخر في الرجوع إلى المسلمين، وشاع أنه قد قتل، فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى البيعة على قتال المشركين، فبايعه المسلمون، وهو تحت الشجرة، وهذه هي بيعة الرضوان (بيعة الشجرة).

أولاً: صلح الحديبية (6هـ/627م)

بعد أن بايع المسلمون الرسول صلى الله عليه وسلم على القتال تحت الشجرة (بيعة الرضوان) وصلت الأخبار إلى قبيلة قريش فخافت وقررت التفاوض مع المسلمين فأرسلت سهيل بن عمرو لمفاوضة الرسول صلى الله عليه وسلم على شروط الصلح الآتية: والتي عرفت بشروط صلح الحديبية:

1- أن من أراد أن يدخل من القبائل في عهد قريش دخل فيه، ومن أراد أن يدخل في عهد محمد صلى الله عليه وسلم من غير قريش دخل فيه.

2- أن يوقفوا الحرب بينهم لمدة عشرة أعوام.

3- أن يعود المسلمون إلى المدينة دون عمرة في هذا العام على أن يدخلوا مكة معتمرين العام المقبل.

4- عدم اعتداء بعضهم على بعض.

5- أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلماً بدون إذن وليه، وألا ترد قريش من أتى إليها مرتداً عن الإسلام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 نتائج صلح الحديبية

كان لصلح الحديبية نتائج عديدة أهمها:

1- اعتراف قريش بالرسول صلى الله عليه وسلم ودولته.

2- تحالفت قبيلة خزاعة مع المسلمين وتحالفت قبيلة بكر مع قريش.

3- دخلت أعداد كثيرة من العرب في الإسلام.

4- تفرع المسلمون للدعوة للإسلام ونشره بين الدول المجاورة.

 

ثانياً: فتح مكة (8هـ/630م)

بعد انتصار المسلمين على اليهود بقي مشركو قريش وحلفاؤهم يعادون المسلمين، وعندما نقض زعماء المشركين من قريش الهدنة التي عقدت بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديبية حين ساعد قريش حليفتها قبيلة بكر على قبيلة خزاعة حليفة الرسول صلى الله عليه وسلم فلما وصل الخبر للنبي صلى الله عليه وسلم عزم على معاقبة من نقض الهدنة من قريش وحلفائها فجهز جيشاً لذلك.

 اقرأ النص الآتي الذي يوضح أهمية فتح مكة وموقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي سفيان :

اتجه المسلمون بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة في السنة الثامنة للهجرة، وكان عدد المسلمين ما يقارب عشرة آلاف مسلم، وعند سماع المشركين من قريش خبر خروج المسلمين خافت على نفسها، ولما دخل جيش المسلمين مكة المكرمة خرج عليهم زعماء المشركين من قريش وفي مقدمتهم أبو سفيان، فأكرمه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن)، ثم سار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة وطاف بها، ثم أمر أصحابه بتحطيم الأصنام، وكانوا يرددون (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً).

ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل قريش: (يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا خيراً، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء).

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 هل تعلم:

أن الطلقاء هم أهل مكة الذين عفا عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

ثالثاً: يوم حنين (8هـ/630م)

حنين: هو واد يقع بين مكة والطائف اختاره المشركون مكاناً لمواجهة المسلمين لما له من أهمية إستراتيجية تتلخص في سيطرة المشركين على الجبال والهضاب المشرفة على الوادي وتوزيع الرماة عليها.

قال الله تعالى: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين).

اقرأ النص الآتي الذي يبين سبب يوم حُنين ونتائج يوم حُنين:

بعد فتح مكة قامت قبيلتا هوازن وثقيف بنقض العهد مع المسلمين والاستعداد للحرب؛ فأعد المسلمون جيشاً كبيراً لقتالهم، وبلغ تعداده ما يقارب اثني عشر ألفاً، والتقوا معهم في وادي حنين، ولكن المشركين فاجئوهم وانهالوا عليهم بالسهام، وكانت الدائرة على المسلمين في بداية يوم حنين ثم تحول الموقف لصالح المسلمين بفضل ثبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويعتبر يوم حنين مهماً في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وانهارت بعدها مقاومة القبائل للدعوة الإسلامية.