تاريخ الأردن أكاديمي فصل ثاني

الحادي عشر خطة جديدة

icon

 

الأردنّ والعلاقات العربية والدوليّة 

انبثقت الدولة الأردنية من رحم المشروع النهضوي العربي، الذي قاده الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى من مكّة المكرّمة؛ لتحقيق مطالب العرب في الحرّية والاستقلال والوحدة. وشكّل هذا المشروع المرجعية الفكرية والسياسية للدولة الأردنية وحكم سياساتها ومواقفها. ووجدت الدولة الأردنية نفسها منذ التأسيس في قلب معادلات السياسة الدولية والإقليمية، متأثرة بها تأثُّرا مباشرًا، ما جعل صانع القرار في الأردنّ مُشتبكًا بصورة دائمة مع الشؤون العربية والإقليمية والدولية لحماية المصالح الوطنية.

الأردنّ والعلاقات العربية

حرص الأردنّ على إدامة علاقات الإخوّة والتعاون مع الدول العربية وبخاصّة الدول العربية المجاورة، وحرص على عدم التدخّل في شؤونها الداخلية، وتقديم الدعم والمساندة لها كلّما اقتضت الحاجة لذلك. وآمن الأردنّ بأنّ مصلحته تقتضي الحرص على علاقات طيبة مع الدول العربية جميعها، بفعل موقعه الجيوسياسي والمواجهة مع الخطر الصهيوني والتحدّيات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها؛ بسبب نقص موارده الطبيعية، وتلقيه موجات متتالية من اللاجئين الفلسطينيّين والعرب.

لذا، لم يتخلّف الأردنّ عن المشاركة في مؤسّسات العمل العربي المشترك، وحرص على بناء علاقات ثنائية وطيدة مع الأقطار الشقيقة. كما حرص على دور نشط وإيجابي لتمتين علاقات التعاون العربي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بالإضافة إلى الإسهام في بناء نهضة الأقطار العربية الشقيقة، عبر رفدها بالكفاءات والخبرات الأردنية المتميّزة.

الأردنّ ومشاريع الوحدة العربية

الأردنّ ومشروع وحدة سوريا الكبرى

تطّلع قادة الثورة العربية الكبرى ومعهم أحرار العرب، إلى قيام دولة عربية موحّدة تشمل أقطار آسيا العربية. ودعا الأمير عبد الله بن الحسين لمشروع وحدة سورية الطبيعية (بلاد الشام) منذ عام 1936م، لكنّ المشروع أخذ زخمًا في ظلّ تطوّرات الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، لا سيّما في بلاد الشام والعراق.

 استعاد الأمير عبد الله الأمل بأن تتوقّف بريطانيا عن معارضتها التقليدية لأيّ مشروع وحدوي عربي، على إثر التصريح الذي ألقاه وزير الخارجية البريطاني أنتوني إيدن(Anthony Eden)  في 29 أيار1941م، ومفاده أنّ بريطانيا ستُقدّم دعمها لأيّ مشروع وحدوي عربي ينال موافقة الجميع. وفي شباط 1943م جدّد الوزير البريطاني أنتوني إيدن الإعلان بأنّ بريطانيا تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب لتعزيز الوحدة الاقتصادية والثقافية والسياسية، على أن تأتي الخطوة الأولى من العرب أنفسهم؛ فأخذ الأمير عبد الله يعمل على إعداد صيغة رسمية للمشروع، لنقله من مجرد دعوة عامّة إلى دعوة رسمية منظّمة، فدعا إلى مؤتمر وطني عُقِد في عمّان يومَي الخامس والسادس من آذار 1943م، وقدّم المؤتمر مشروعين للوحدة السورية، هما:

* المشروع الأوّل (الدولة السورية الموحّدة)، ويتضمّن استقلال سورية الطبيعية ووحدتها في ظل نظام ملكي دستوري، وإيجاد إدارة خاصّة في بعض مناطق فلسطين لحفظ حقوق الأقلية اليهودية، وأن يؤلّف بعد ذلك اتّحاد من الدولة السورية الموحّدة والعراق، تنضم إليه أيّ دولة عربية ترغب في ذلك.

* المشروع الثاني (مشروع تأسيس دولة سورية اتّحادية)، ونصّ على تأسيس اتّحاد سوري مركزي، يضم شرقيّ الأردنّ وسورية ولبنان وفلسطين. تكون عاصمته دمشق، ويكون برئاسة الأمير عبد الله. كما تضمّن المشروع إنشاء اتّحاد عربي من الدولة السورية الاتّحادية والعراق، تنضم إليه مستقبَلًا أيّ دولة عربية ترغب في ذلك.

- أقارن بين المشروعين، موضحاً أوجه الشبه والاختلاف بينهما، وأيهما أفضل، معللاً

ذلك.

 

الدولة السورية الموحّدة

مشروع تأسيس دولة سورية اتّحادية

أوجه الشبه

يضم شرقيّ الأردنّ وسورية ولبنان وفلسطين. تكون عاصمته دمشق، ويكون برئاسة الأمير عبد الله. كما تضمّن المشروع إنشاء اتّحاد عربي من الدولة السورية الاتّحادية والعراق، تنضم إليه مستقبَلًا أيّ دولة عربية ترغب في ذلك.

 

أوجه الاختلاف

نظام ملكي دستوري، وإيجاد إدارة خاصّة في بعض مناطق فلسطين لحفظ حقوق الأقلية اليهودية

تأسيس اتّحاد سوري مركزي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

برأيي المشروع الثاني أفضل لأنه اتحاد مركزي، لا ينص على وجود إدارة خاصة في بعض مناطق فلسطين لحفظ حقوق الأقلية اليهودية.

 

 

 

 

 

 

 

 

وفي 18 أيار 1943م، أرسل الأمير عبد الله مذكّرة إلى الحكومة البريطانية تضمّنت الصياغة الرسمية لمشروع وحدة سورية الكبرى. لكنّ بريطانيا كانت تُعطّل المقترحات جميعها وتعيق خطوات الأمير ومحاولاته المستمرة. وبعد استقلال المملكة الأردنية الهاشمية واصل الملك عبد الله بن الحسين الدعوة إلى المشروع نفسه في المناسبات السياسية، وفي مشاوراته واجتماعاته مع المسؤولين العرب والقوى السياسية العربية.

عوامل فشل مشروع وحدة سوريا الكبرى:

  • الرفض البريطاني للمشروع؛ لتعارضه مع مصالح بريطانيا الاستعمارية في المنطقة العربية.
  • الرفض الفرنسي للمشروع؛ نظرًا إلى أطماع فرنسا في سورية ولبنان.
  • رفض الحركة الصهيونية للمشروع وتحريضها الدول الغربية للوقوف ضده؛ لتعارضه مع مشروعها الاستيطاني الاستعماري في فلسطين.
  • معارضة بعض الدول العربية للمشروع الذي رأت فيه تعزيزًا للدور الهاشمي في السياسة العربية؛ إذ سينتج عنه إنشاء دولة هاشمية قوية تنافس دولًا عربية كبيرة في المكانة والدور في سياسات المنطقة.
  • عدم تقبّل فئات سياسية واجتماعية في مناطق بلاد الشام أن تكون قيادة الدولة الموحّدة في البيت الهاشمي والأردنّ.

 

 

الأردنّ وجامعة الدول العربية 1945م

عملت بريطانيا ومعها الدول الاستعمارية على مقاومة فكرة الوحدة العربية، وأخذت بريطانيا تطلق أفكارًا لامتصاص مطالب الشعوب العربية في الوحدة والاستقلال، فجاءت تصريحات وزير خارجيتها أنتوني إيدن في أيّار 1941م وشباط 1943م، عن عطف بريطانيا على فكرة الوحدة العربية، وعدم ممانعتها في توثيق الصلات بين العرب؛ فبادر كلّ من رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد، ورئيس الوزراء المصري مصطفى النحّاس إلى الدعوة لاجتماع للدول العربية انعقد في الإسكندرية في أيلول 1944م، بحضور مندوبين عن كل من شرقيّ الأردنّ ومصر والعراق وسورية ولبنان والسعودية واليمن، وأسفر الاجتماع عن إقرار بروتوكول الإسكندرية في 7 تشرين الأوّل 1944م. وعلى الفور، تألّفت لجنة وضعت ميثاق جامعة الدول العربية، وجرى توقيع الميثاق في القاهرة في 22 آذار 1945م.

حافظ الأردنّ على دور حيوي في مؤسّسات جامعة الدول العربية ومنظّماتها، حرصًا على إدامة العمل العربي المشترك. وكان الحضور الأردني فاعلًا ومؤثِّرًا في مؤسّسة القمة العربية، ولم يتخلّف الأردنّ عن حضور القمم العربية.

استضاف الأردنّ عددًا من القمم العربية، هي:

  • قمّة عمّان في تشرين الثاني 1980م.
  • قمّة عمّان (قمة الوفاق والاتفاق) في تشرين الثاني 1987م.
  • قمّة عمّان في آذار 2001م.
  • قمّة البحر الميّت في آذار 2017م.

للتعرّف إلى ميثاق جامعة الدول العربية، أتأمّل النصّ الآتي:

من ميثاق جامعة الدول العربية

المادّة (1): تتألّف جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلّة الموقّعة على هذا الميثاق. ولكلّ دولة عربية مستقلّة الحقّ في أن تنضمّ الى الجامعة، فإذا رغبت في الانضمام؛ قدّمت طلبًا بذلك يودع لدى الأمانة العامة الدائمة، ويُعرض على المجلس في أوّل اجتماع يُعقد بعد تقديم الطلب.

المادّة (2): الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية؛ تحقيقًا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامّة في شؤون البلاد العربية ومصالحها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأردنّ ووحدة الضفتين 1950م

جاءت الوحدة الأردنية الفلسطينية (وحدة الضفتين) في عام 1950م، معبّرة عن الفكر الوحدوي الذي آمن به الملك عبد الله بن الحسين، واستجابة لرغبة قيادات شعبية فلسطينية وأردنية، رأت في هذه الوحدة خطوة إنقاذية للضفّة الغربية من التسلّل الإسرائيلي إليها ووضع اليد عليها، بحكم نتائج حرب النكبة 1948م.

تباينت مواقف الدول العربية من قرار وحدة الضفّتين، فقد اعترف العراق بهذه الوحدة وأعلن ترحيبه بها، وعارضتها مصر وسورية والسعودية ولبنان. اعترفت الحكومة البريطانية بوحدة الضفتين، في حين عارضته إسرائيل بشدّة. وبقيت الضفّة الغربية ضمن المملكة الأردنية الهاشمية حتّى الاحتلال الاسرائيلي لها في حزيران 1967م.

ميثاق الضمان الجماعي 1952م

زاد الشعور بحاجة العرب إلى التضامن في ضوء نتائج الحرب (العربية - اليهودية) في عام 1948م، وما ترتّب على ذلك من قيام دولة إسرائيل وما فرضته من تهديد للدول العربية. ما دفع الدول العربية للبحث في سبل مواجهة الأطماع التوسعية الإسرائيلية؛ فعقدت بين دول الجامعة العربية في عام 1952م اتّفاقية أطلق عليها اسم (الضمان الجماعي العربي)، ومضمونها أن يقوم بين دول الجامعة العربية ميثاق تعاون عسكري لمواجهة ما يهدّدها من أخطار.

الأردنّ وتأسيس الاتّحاد العربي عام 1958م

أُعلن عن قيام الاتّحاد العربي بين الأردنّ والعراق في 14 شباط  1958م، على شكل اتّحاد (كونفدرالي)، وقد نص دستور الاتّحاد على فتح العضوية لكلّ دولة عربية ترغب في الانضمام إليه بالاتّفاق مع حكومة الاتحاد.

لكنّ الاتّحاد العربي انتهى مبكّرًا بعد انقلاب دمويّ في 14 تموّز 1958م في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم، الذي أنهى النظام الملكي وأعلن تأسيس الجمهورية في العراق. وتعرّض الأردنّ في عام 1958م لحصار من محيطه العربي، وكافح الملك الحسين عبر علاقاته الدولية لإبقاء الأردنّ صامدًا في وجه التحريض والفتنة ومحاولات وإنهاك البلد اقتصاديًّا ومعنويًّا وإسقاط الحكم الملكي.

الأردن ومشروع المملكة العربية المتحدة 1972م

عرض الملك الحسين بن طلال مشروع المملكة العربية المتّحدة لإقامة شكل جديد للوحدة بين الأردنّ وفلسطين (الضفة الغربية)، حرصًا منه على الحفاظ على العلاقة الأردنية الفلسطينية وإعادة ترتيبها، بما يُحقّق الدعم الأردني للشعب الفلسطيني في أرضه، وكانت أبرز بنود هذا المشروع، ما يأتي:

  1. تُسمّى المملكة الأردنية الهاشمية بعد إعلان الاتّحاد باسم المملكة العربية المتّحدة، التي تتكوّن من الضفّتين الغربية والشرقية.
  2. تكون عمّان العاصمة المركزية للمملكة العربية المتّحدة.
  3. يتولّى الملك رئاسة المملكة العربية المتّحدة والسلطة التنفيذية بمساعدة مجلس وزراء مركزي، وتُناط السلطة التشريعية بالملك وبمجلس الأمّة، في حين تكون السلطة القضائية منوطة بمحكمة مركزية عليا.

لكنّ منظمة التحرير الفلسطينية رفضت المشروع كما عارضته دول عربية كثيرة، وكان ردّها عليه بإعلان منظمة التحرير الفلسطينية ممثّلًا شرعيًّا ووحيدًا للشعب الفلسطيني في مؤتمر القمة العربية في الرباط عام 1974م.

 

الأردنّ ومجلس التعاون العربي 1989م

ضمّ هذا المجلس أربع دول عربية، هي: الأردنّ والعراق ومصر واليمن الشمالي، مع إمكانية انضمام دول عربية أخرى، وشكّل هذا المجلس أنموذجًا عمليًّا لسعي الدول العربية للتضامن العربي والعمل المشترك. وقد جاء تأسيسه بعد قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربي في عام 1981م، والاتّحاد المغربي في عام 1989م، إلّا أنّ مجلس التعاون العربي انتهى بسبب احتلال العراق للكويت في عام 1990م، وما خلّفه هذا الحدث من خلافات وتداعيات على الدول العربية.

 

- أُبيّن أوجه الشبه والاختلاف بين وحدة الضفّتين في عام 1950م ومشروع  المملكة العربية المتّحدة.

 

وحدة الضفّتين في عام  1950

مشروع المملكة العربية المتّحدة.

 

أوجه الشبه

الحفاظ على أراضي الضفة الغربية

أوجه الاختلاف

ضم الضفة الغربية للمملكة الأردنية الهاشمية لإنقاذها من التسلل الإسرائيلي.

الحفاظ على العلاقة الأردنية الفلسطينية وإعادة ترتيبها، بما يُحقّق الدعم الأردني للشعب الفلسطيني في أرضه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأردنّ والعلاقات العربية المشتركة

وقّع الأردنّ معاهدة الدفاع العربي المشترك مع دول الجامعة العربية في عام 1952م. ووقفَ بجانب مصر في أثناء العدوان الثلاثي عليها (1956م). وشارك في اتّفاقية التضامن العربي (1957م).

وقدّم الأردنّ الدعمَ المادّي والمعنوي للشعب الجزائري في أثناء ثورته لنيل الاستقلال، ووقف بجانب الكويت بإرسال قوات أردنية لمساندتها في عام 1961م بعد اعتراض العراق على استقلالها، ووقف الأردنّ بقواته العسكرية لجانب الشرعية في اليمن في عام 1962م، وإلى جانب مصر وسوريا في حرب حزيران 1967م، وحرب رمضان 1973م.

ودعم الأردنّ استقلال دول الخليج العربية، وأسهمت الكفاءات الأردنية العسكرية والمدنية والأمنية في بناء المؤسّسات في دول الخليج العربية. وساندت القوات الأردنية سلطنة عُمان ضدّ التمرد في منطقة ظفار (1974-1979م)، كما دعم الأردنّ الاستقرار في لبنان وتعزيز سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها، وجهود إنهاء الحرب الأهلية فيها، وتطبيق اتفاق الطائف لوقفها.

ووقف الأردنّ إلى جانب العراق في حربه مع إيران (1980-1988م)، وذهب متطوّعون أردنيّون للقتال إلى جانب العراق في ما سُمّي قوات اليرموك، ورفض الأردنّ المشاركة في التحالف الدولي ضدّ العراق بعد احتلاله للكويت (1990-1991م)، وأصدر وثيقة الكتاب الأبيض في عام 1991م لتوضيح حقيقة الموقف الأردني. وساند الأردنّ توحيد اليمن الشمالي واليمن الجنوبي، وأسهمت الوساطة الأردنية في رأب الصدع بين الأشقاء اليمنيّين وتحقيق المصالحة لإنهاء الحرب الأهلية، وذلك بتوقيع الأشقاء اليمنيّين (وثيقة العهد والاتّفاق) في قصر رغدان في العاصمة عمّان في رمضان 1994م.

الأردنّ والعلاقات العربية في عهد الملك عبد الله الثاني

سعى الملك عبد الله الثاني في سياسته الخارجية إلى الحفاظ على أواصر الإخوّة والتضامن والتعاون مع الدول العربية، وعمل على تمتين منظومة العلاقات الأردنية العربية، ورسّخ الأردنّ في هذه المرحلة علاقاته مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي ومصر والعراق، وعزّز التعاون المشترك بين الأردنّ ومصر والعراق في عام 2021م.

عارض الأردنّ الاحتلال الأمريكي للعراق وإسقاط نظامه الحاكم في عام 2003م. ومارس دبلوماسية وقائية لثني الولايات المتحدة عن قرار الحرب على العراق، وحاول إقناع القيادة العراقية بخطورة عواقب الحرب، وأرسل الأردنّ استجابةً لواجبه العربي والإنساني، المستشفى الميداني الأردني إلى العراق بين عامَي (2003-2011م). وكان الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يكسر عزلة العراق عن المحيط العربي التي امتدّت منذ عام 2003، إذ زار بغداد في عام 2008م؛ في الوقت الذي استضاف فيه الأردنّ نصف مليون عراقي تقريبًا على أراضيه. وعلى مدى أعوام، التزم الأردنّ بدعم العراق في بناء قدراته الأمنية عن طريق تدريب الجيش والشرطة العراقيين.

 

كان لأحداث الربيع العربي الذي بدأ في تونس وانتقل إلى مصر وليبيا واليمن وسورية صدى قويًّا في الأردنّ، الذي استقبل مئات الألوف من مواطني بعض هذه الدول، ولا سيّما سورية وليبيا واليمن. ومع تطوّر الأزمة السورية، بلغ عدد اللاجئين منها إلى الأردنّ مليونَ ونصفَ مليونِ لاجئٍ تقريبًا، واستند الموقف الأردني من الأزمة السورية إلى المبادئ الآتية:

  1. المحافظة على الدولة السورية، ووحدة وسلامة أراضيها. 
  2. الحيلولة دون وصول القوى المتطرّفة إلى الحكم في سورية.
  3. المحافظة على الهدوء الممكن في المنطقة الجنوبية لسورية، والحدّ من النشاط العسكري فيها.

 

 

الأردنّ والعالم

ارتبط الأردنّ وبريطانيا بسلسلة من الاتّفاقيات والمعاهدات، منذ وضع الأردنّ تحت الانتداب البريطاني، وكان آخرها معاهدة التحالف (الأردنية - البريطانية) في عام 1948م. وقد سعى الأردنّ قيادة وشعبًا إلى التخلّص منها.

وفي عام1955 م، وقع توتّر في العلاقات (الأردنية - البريطانية)، بسبب رفض الأردنّ الدخول في معاهدة حلف بغداد، الذي يضمّ تركيا والعراق وإيران وباكستان بالإضافة إلى بريطانيا؛ للوقوف في وجه الزحف الشيوعي على المنطقة. وقد رفضت القوى الشعبية السياسية الأردنية دخول الحلف، فقد عدّته شكلًا جديدًا من أشكال الأحلاف الاستعمارية. وقد استجاب الملك الحسين بن طلال للموقف الشعبي الأردني، وأوقف المباحثات (الأردنية - البريطانية) بهذا الخصوص.

وحدث توتّر آخر في العلاقات (الأردنية - البريطانية) بعد أن قرّر الملك الحسين في عام

وحرص الأردنّ على إقامة توازن في علاقاته الدولية بين الغرب والشرق والانفتاح على الجميع، كما حرص الأردنّ على بناء شبكة متينة من العلاقات مع الدول الأوروبية وكندا واليابان والصين ودول عدم الانحياز؛ فقد أقام الأردنّ علاقات دبلوماسية مع الاتّحاد السوفياتي ، والصين الشعبية.

وانضمّ الأردنّ إلى عدد كبير من الاتّفاقيات والمبادرات الدولية، بهدف تحقيق مصالح أردنية سياسية واقتصادية وعسكرية، فقد انضم لمبادرة الحوار الاطلنطي المتوسّطي التي عرضها حلف شمال الأطلسي.    

واصل الملك عبد الله الثاني بعد وفاة والده المحافظة على إدامة شبكة العلاقات الدولية التي تربط الأردنّ بالعالم، وسعى إلى تمتينها وتوسيعها، وإخضاعها للمبادئ ذاتها الحاكمة للسياسة الخارجية الأردنية، الموجّهة بالكلّية لخدمة المصالح الأردنية. وقد وظفت السياسة الخارجية في هذه المرحلة بكفاءة في خدمة المصالح الوطنية، ومضاعفة المكاسب وتعزيز الوزن السياسي للدولة الأردنية ودورها الإقليمي وحضورها الدولي. فقد استطاع الملك عبد الله الثاني في بداية عهده أن يأتي بالمنتدى الاقتصادي العالمي في أوّل اجتماع له في الشرق الأوسط في منطقة البحر الميت في عام 2003م، وعُقد المنتدى (10) مرّات في البحر الميت بين عامَي (2003-2019م).

الأردنّ في مواجهة الإرهاب والتطرّف

خاض الأردنّ مواجهة واسعة ضد الإرهاب منذ وقت مبكر مع بداية القرن الحالي، واستُهدفت أراضيه بعدّة هجمات إرهابية بين عامَي (2002-2005م)، نجح في اعتراض وإفشال معظمها. وصُدم الأردنيون في عام 2005م بعملية إرهابية كبيرة لتفجير ثلاثة فنادق في عمّان في وقت واحد، أسفرت عن استشهاد (60) شخصًا وإصابة (200) من مواطنيه ومن جنسيات أُخرى. ومنذ تلك الحادثة، أسهمت الأجهزة الأمنية الأردنية الكفؤة مسنودةً بالدعم الشعبي في مكافحة الأعمال الإرهابية على الساحة المحلّية، وأثبتت الأجهزة الأمنية الأردنية كفاءة عالية في هذا الأمر؛ إذ استطاعت القوات المسلحة فرض سيادة كاملة على الحدود الأردنية، ومنعت تسلّل العناصر الإرهابية.

وقد انضمّ الأردنّ للتحالف الدولي ضدّ الإرهاب، وأولى الملك عبد الله الدفاع عن صورة الإسلام، وخاطب العالم ونخبه السياسية والفكرية لشرح حقيقة الإسلام عبر رسالة عمان في عام 2004م.

رسالة عمّان

بيان أصدره الملك عبد الله الثاني ومجموعة من كبار علماء الأردن في عام 2004م، لتوضيح حقيقة الإسلام في اعتداله وتسامحه، وقد تُرجمت إلى العديد من اللغات العالمية لتتمكّن الشعوب من الاطلاع عليها، وأقرّها (552) مفكّرًا من (84) بلدًا عربيًّا وإسلاميًّا وأجنبيًّا

 

دور الأردنّ في الأمم المتّحدة ومنظّماتها

دأب الأردنّ منذ انضمامه إلى منظّمة الأمم المتّحدة في عام 1955م، على التعاون مع الدول الأعضاء فيها لتحقيق أهداف المنظّمة والنهوض بركائزها الثلاث، وهي: التنمية المُستدامة، والأمن والسلم، وحقوق الإنسان.

وغدا الأردنّ عضوًا فاعلًا في الوكالات المتخصّصة واللجان التابعة لها، وانتُخب عضوًا غير دائم في مجلس الأمن (3) مرّات.

يُمثّل الأردنّ لدى الأمّم المتحدة عبر بعثات المملكة في نيويورك وجنيف وفينّا وروما ونيروبي، في حين يُمثّل الأممَ المتحدة في الأردنّ مكتبٌ يرأسه منسّق مقيم. ويستضيف الأردنّ حاليًّا (10) مكاتب إقليمية تابعة للأمم المتحدة، في حين يضمّ الفريق القُطْري للأمم المتّحدة في الأردنّ (19) وكالة وصندوقًا وبرنامجًا تابعًا للأمم المتّحدة.

وينشط الأردنّ تحديدًا في عدد من المجالات في إطار الأمم المتّحدة، من أبرزها:

  • قوّات حفظ السلام الدولية بشقّيها العسكري والشُّرطي.
  • مكافحة الإرهاب والتطرّف.
  • نزع السلاح.
  • حماية حقوق اللاجئين، وضمان الدعم اللازم لهم وللدول المستضيفة؛ إذ إنّ المملكة من بين الدول التي تستضيف أكبر نسبة من اللاجئين مقارنة بعدد سكّانها في العالم.
  •  تعزيز الدعم السياسي والمالي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).
  • التصدّي لمشكلات تغيّر المُناخ وشحّ الموارد المائية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ومن أنشطة الأردنّ في إطار الأمم المتّحدة، إسهامات ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني في تبنّي مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم (2250) حول الشباب والسلم والأمن في عام 2015م.

وُلِد الأمير الحسين في مدينة عمان في 28 حزيران 1994م، وهو أكبر أنجال الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله. وقد صدرت الارادة الملكية السامية في 2 تموز 2009م بتسمية الأمير الحسين بن عبد الله الثاني وليًّا للعهد. أطلق الأمير الحسين العديد من المبادرات النوعية والهادفة عبر مؤسّسة ولي العهد، مثل جامعة الحسين التقنية، ومبادرة (سمع بلا حدود) لدعم الأطفال الصمّ وتأهيلهم، ومبادرة (حقّق) لتنمية مهارات الشباب في مجال التعاون والعمل المشترك، ومبادرة (قُصيّ) لتأهيل الكوادر الطبية في المجال الرياضي، وبرنامج خُطى الحسين.

Jo Academy Logo