تاريخ الأردن أكاديمي فصل أول

الحادي عشر خطة جديدة

icon

 شهد الأردنّ في العصر الحديدي ظهور الدولة المنظّمة، التي أسّسها سكان الأردنّ في هذه الفترة بدلًا من دويلات المدن.

العصر الحديدي ( 1200ق. م -  332ق. م)

سُمّي العصر الحديدي هذا الاسم؛ لأنّ الإنسان بدأ بصناعة أدواته وأسلحته من معدن الحديد، وشهد هذا العصر حدوث العديد من التغيّرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تمثّلت في تحوّل نظام الحكم من دويلات المدن الذي كان سائدًا في العصر البرونزي إلى نظام الحكم الملكي، وهجرة العديد من القبائل العربية من شبه الجزيرة العربية - نتيجة القحط والجفاف وانهيار سد مأرب والنزاعات في ما بينها - إلى بلاد الشام وبلاد الرافدين وأرض الأردنّ، واندماجها مع السكان المحليّين. وتطوّرت الأدوات الزراعية، وصُنعت المحاريث والمناجل وأدوات الطحن وغيرها، وسُكّت العملات المعدنية من الذهب والفضّة والبرونز.

نشأت على أرض الأردنّ في العصر الحديدي ثلاث ممالك، هي: المملكة الآدومية، والمملكة المؤابية، والمملكة العمونية.

أولا المملكة الآدومية

الآدوميّون من القبائل العربية التي هاجرت من شبه الجزيرة العربية واستقرت في جنوب الأردن، وسمّوا الآدوميّين نسبة إلى كلمة (آدوم) وتعني اللون الأحمر الذي تتميّز به منطقة سكناهم في جنوب الأردن من الصخور الرملية. وامتدّت مملكة الآدوميّين من العقبة جنوبًا حتّى وادي الحسا شمالًا، واتّخذوا مدينة بصيرا (في محافظة الطفيلة) عاصمة لهم؛ لموقعها الإستراتيجي على الطرق التجارية.

اعتمد نظام الحكم عند الآدوميّين على النظام القبلي؛ إذ كان شيوخ القبائل يختارون من بينهم شيخًا يُلقّب بشيخ الشيوخ أو الملك، وكانت مَهمّته القيادة الإدارية والعسكرية للدولة. ومن ملوكهم: قوص ملك، وأيارامو. وعبد الآدوميّون الآلهة، ومن أشهرها: بعل وإيل وقوس، وشيّدوا لها المعابد.

اشتُهر الآدوميّون بالزراعة والرعي؛ إذ دلّت الاكتشافات الأثرية على تقنيات متطوّرة للريّ عن طريق حفر القنوات وإنشاء السدود والآبار؛ لتجميع مياه الأمطار واستخدامها في الزراعة، وتميّزوا بنمط العمارة التي ورثها الأنباط من بعدهم. وعمل الآدوميّون بالتجارة أدلّاء للقوافل التجارية التي وصلت إلى الخليج العربي، وبَيع ما يُنتجونه من أراضيهم إلى سكّان المناطق المجاورة لهم.

توسّع الآدوميّون بمملكتهم غربًا حتّى وصلت إلى جنوب فلسطين، اندمجوا مع العرب الأنباط الذين استقرّوا في جنوبي الأردن.

 

ثانيا: المملكة المؤابية

سُمّيت المملكة المؤابية هذه التسمية نسبة إلى المنطقة التي تمتدّ من وادي الحسا جنوبًا إلى وادي الموجب شمالًا، وتوسّعت لاحقًا حتّى وصلت إلى وادي الوالة، وقد اتّخذت مدينة ذيبان في محافظة مأدبا بعد مؤاب (الكرك) عاصمة لهم؛ لموقعها الحصين بين وادي الموجب ووادي الوالة، ووفرة الأراضي الزراعية والمراعي فيها.

كان نظام الحكم عند المؤابيين ملكياً ومن أشهر ملوكهم الملك ميشع الذي انتصر على العبرانيين( الذين كانوا يقيمون غربي نهر الأردن)، ووسع مملكته وشق الطرق وبنى المدن كمأدبا وخربة الدليلة فيها.وعبد المؤابيون الإله كموش (إله الحرب) وبنوا له المعابد.

اهتم المؤابيون بزراعة القمح والشعير والذرة زالأشجار المثمرة ومارسوا الرعي إذ عملوا على تربية الماعز والضأن، وحفروا الآبار لتجميع المياه وصنعوا الأدوات الزراعية والحربية المختلفة وعملوا بالتجارة وأدلاء للقوافل؛ فأقاموا التحصينات على طول الطرق التجارية لحمايتها وحراستها.

 دخلت المملكة المؤابية في القرن الثامن قبل الميلاد تحت حماية الدولة الآشورية في بلاد الرافدين (العراق حاليًّا) التي توسّعت في بلاد الشام. وبعد سقوط الدولة الآشورية، وقعت المملكة المؤابية تحت سيطرة الدولة البابلية ( الكلدانية) في بلاد الرافدين التي سقطت على يد الفرس في عام (539 ق. م)، واختفت حينئذٍ المملكة المؤابية عن مسرح الأحداث السياسية.

مسلّة ميشع (حجر مؤاب)

حجر من البازلت الأسود نُقشت عليه أهم انتصارات وأعمال الملك ميشع، وتُعدّ المسلّة أقدم نقش أثري مؤرّخ عُثِر عليه في الأردنّ يعود إلى العام (850 ق. م)، والنسخة الأصلية منها محفوظة في متحف اللوفر في باريس، وتوجد نُسخ أخرى منها موجودة في معظم المتاحف الأردنية

 

ثالثاً: المملكة العمونية

العمونيّون هم إحدى القبائل العربية التي استقرّت في المنطقة الواقعة بين وادي الموجب جنوبًا وحتّى نهر الزرقاء شمالًا، وأسّسوا فيها مملكة لهم، واتّخذوا من ربّة عمون (عمّان حاليًّا) عاصمة لهم. كان نظام الحكم لديهم ملكيًّا، ومن أشهر ملوكهم نحّاش الأول. وعبد العمونيّون العديد من الآلهة كعشتار وبعل وقوس.

وصلت المملكة العمونية في القرنين السابع والسادس قبل الميلاد إلى أوج ازدهارها،فقد ازدادت المواقع العمونية في كل من عمان ومأدبا وحسبان واهتموا بالزراعة وبخاصة الحبوب والأشجار المثمرة فانتشرت معاصر العنب وحفرت الآبار وشيدت أبراج حراسة المزروعات مثل رجم الملفوف ( في عمان بين الدوار الثالث والدوار الرابع) وصنعوا الأواني وأدوات الزينة والأسلحة وغيرها ومارسوا التجارة وعملوا أدلاء وحراساً للقوافل التجارية.

قارورة تل سيران

يقع تلّ سيران داخل حرم الجامعة الأردنية، عُثِر فيه على قارورة برونزية طولها (10) سنتيمترات، وعلى سطحها الخارجي كتابة مكوّنة من (92) حرفًا منقوشة في (8) أسطر، تذكر أسماء ثلاثة ملوك عمونيّين، وعُثِر في داخلها على بذور قمح وشعير، وهذا دلالة على اهتمام العمونيّين بالزراعة.

 وفي عام (582 ق. م) أصبحت المملكة العمونية تابعة للآشوريّين في شمال بلاد الرافدين، إلى أن حلّ البابليون محلّهم في النصف الثاني من القرن السادس قبل الميلاد، وفي عام (539 ق. م) دخلت تحت السيطرة الفارسية وبقيت كذلك حتّى سيطر عليها الإسكندر المقدوني في عام (332 ق. م).

الهكسوس

شعوب بدوية دخلت مصر عبر شبه جزيرة سيناء في القرن السادس عشر قبل الميلاد، وقد أطلق عليهم المصريون لقب الملوك الرعاة أو الحكام الغرباء، واستمرّ حكمهم لمصر مئة عام.