الفكرة الرئيسة
- يَقومُ خُلُقُ الْأَمانَةِ عَلى أَداءِ الْواجِباتِ وَحِفْظِ الْحُقوقِ، وَقَدْ حَثَّ عَلَيْهِ الْإِسْلامُ؛ لِما لَهُ مِنْ آثارٍ طَيِّبَةٍ بَيْنَ النّاسِ.
أستنير
- عَمِلَ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبِعْثَةِ في التِّجارَةِ مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، وَاشْتُهِرَ بِالْأَمانَةِ، فَكانَ لا يَغِشُّ وَلا يَخْدَعُ مَنْ يَتَعامَلُ مَعَهُمْ، وَلَمّا عَلِمَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنينَ السَّيِّدَةُ خَديجَةُ بنْتُ خُوَيْلدٍ رضي الله عنها بِأَخْلاقِهِ الْكَريمَةِ، عَرَضَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُتاجِرَ في أَمْوالِها، فَوافَقَ صلى الله عليه وسلم عَلى ذلِكَ.
- وقد سافَرَ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلى الشّامِ قَبْلَ بِعْثَتِهِ مَرَّتَيْنِ لِلتِّجارَةِ:
- الْمَرَّةَ الْأولى مَعَ عَمِّهِ أَبي طالِبٍ وَكانَ صَغيرًا.
- وَالثّانِيَةَ لِلتِّجارَةِ في مالِ أُمِّ الْمُؤْمِنينَ السَّيِّدَةِ خَديجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رضي الله عنها
أَوَّلًا: مَفْهومُ الْأَمانَةِ
- الْأَمانةُ خُلُقٌ عَظيمٌ يَعْني الْقِيامَ بِالْواجِباتِ عَلى أَحْسَنِ صورَةٍ وَالْمُحافَظَةَ عَلى حُقوقِ النّاسِ وَأَمْوالِهِمْ، وَرَدَّها إِلى أَصْحابِها.
- حَثَّ الْإِسْلامُ عَلى التَّحَلّي بِخُلُقِ الْأَمانَةِ في كافَّةِ جَوانِبِ الْحَياةِ؛
- قالَ تَعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا).
- وَقالَ سَيِّدُنا رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَدِّ الْأَمانَةَ إلِى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خانَكَ».
- وقد تَمَيَّزَ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ الْبِعْثَةِ بِأَخْلاقِهِ الْعَظيمَةِ، وَمِنْ أَعْظَمِها: خُلُقُ الْأَمانَةِ، فقد تَصَدَّعَ بُنْيانُ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ قَبْلَ الْبِعْثَةِ بِسَنَواتٍ قَليلَةٍ بِفِعْلِ سُيولِ الْأَمْطارِ، فَقَرَّرَتْ قُرَيْشٌ إِعادَةَ بِنائِها، فَلَمّا فَرَغوا وَأَرادوا وَضْعَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مَوْضِعَهُ، اخْتَلفوا حَوْلَ مَنْ يَحْظى بِهذا الشَّرَفِ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: اجْعَلوا بَيْنَكُمْ في ما تَخْتَلِفونَ فيهِ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بابِ هذا الْمَسْجِدِ يَقْضي بَيْنَكُمْ فيهِ، فَكانَ أَوَّلُ داخِلٍ عَلَيْهِمْ سَيِّدَنا رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمّا رَأَوْهُ قالوا: هذا الْأَمينُ، رَضينا.
ثانيًا: أَهَمِّيَّةُ خُلُقِ الْأَمانَةِ
- نَيْلُ مَحَبَّةِ الله تَعالى وَرَسولهِ صلى الله عليه وسلم.
- كَسْبُ مَحَبَّةِ النّاسِ وَثِقَتِهِمْ.
- تَحْصيلُ الْأَجْرِ وَالثَّوابِ مِنَ اللهِ تَعالى.
ثالثاً: مَجالاتُ الْأَمانَةِ
لا يَقْتَصِرُ مَفْهومُ الْأَمانَةِ عَلى رَدِّ الْأَمْوالِ إلِى أَصْحابهِا، بَلْ إن للْأَمانَةِ مَجالاتٍ أَوْسَعَ مِنْ ذلِكَ، مِنْها:
- الْأَمانَةُ مَعَ اللهِ تَعالى؛ وَتَكونُ بِإِتْقانِ أَداءِ الْعِباداتِ، كَالْوُضوءِ وَالصَّلاةِ وَالصِّيامِ وَغَيْرِها، وَالْقِيامِ بِها كَما أَمَرَ اللهُ تَعالى وَبَيَّنَ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
- الْأَمانَةُ مَعَ النَّفْسِ؛ وَيكونُ ذلِكَ بِأَنْ يَحْرِصَ الْإِنْسانُ عَلى ما يَنْفَعُهُ في الدُّنْيا، فَيَعْتَني بِصِحَّةِ جِسْمِهِ، وَيَتَناوَلُ الطَّيِّباتِ مِنَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ، وَيُمارِسُ الرِّياضَةَ الْمُناسِبَةَ لَهُ لِيَبْقى جِسْمُهُ قَوِيًّا نَشيطًا.
- الْأَمانَةُ مَعَ النّاسِ؛ وَيَكونُ ذلِكَ بِالْمُحافَظَةِ عَلى أَمْوالِهمْ وَرَدِّ الْأَماناتِ إِلى أَصْحابِها، وَإِتْقانِ الْعَمَلِ، وَالصِّدْقِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّراءِ وَفي الْمُعامَلاتِ كُلِّها، وَسَدادِ الدُّيونِ إِلى أَصْحابِها، وَالْمُحافَظَةِ عَلى أَحاديثِ الْمَجالِسِ، وَحِفْظِ أَسْرارِ النّاسِ وَعَدَمِ نَشْرِها، وَعَدَمِ الْغِشِّ في الِامْتِحاناتِ أَوْ غَيْرِها.
ومن الصور المشرقة في الحفاظ على الأمانة أنه كانَ لِلْإِمامِ أَبي حَنيفَةَ رحمه الله شَريكٌ في التِّجارَةِ، فَباعَ يَوْمًا ثَوْبًا فيهِ عَيْبٌ دونَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَري ذلِكَ الْعَيْبَ، فَلَمّا عَلِمَ أَبو حَنيفَةَ رحمه الله بذِلكَ عاتبَهُ ثُمَّ تصَدَّقَ بثِمَنِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ باعَ شَيْئًا فَلا يَحِلُّ لَهُ حَتّى يُبَيِّنَ ما فيهِ، وَلا يَحِلُّ لمَنْ يَعْلَمُ ذلِكَ أَنْ لا يُبَيِّنَهُ».
رابعًا: آثارُ تَضْييعِ الْأَمانَةِ
لتَضْييعِ الْأَمانَةِ آثارٌ سَلْبيةٌ عَلى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، مِثْلُ:
- ضَياعِ الْحُقوقِ.
- وَانْتشِارِ الْحِقْدِ وَالْكَراهِيَّةِ بيْنَ النّاسِ.
- مِمّا يُنْهي الثِّقَةَ بيْنَهُمْ.
- وَيضْعِفُ الْمُجْتَمَعَ.
- وَيَجْلُبُ غَضَبَ الله تَعالى.
أستزيد
- خُلُقُ الْأَمانَةِ مِنْ أَعْظَمِ الصِّفاتِ الَّتي اتَّصَفَ بِها الصَّحابِيُّ الْجَليلُ أَبو عُبَيْدَةَ عامِرُ بْنُ الْجَرّاحِ رضي الله عنه؛ لِذا لَقَّبَهُ سَيِّدُنا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَمينِ الْأُمَّةِ، قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمينٌ، وأَمينُ هذِهِ الْأُمَّةِ أَبو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرّاحِ).
أَرْبِطُ مَعَ التِّكْنولوجْيا
مِنْ صُوَرِ خِيانَةِ الْأَمانَةِ ما يَفْعَلُهُ الْمُخْتَرِقونَ مِنَ الْوُصولِ إِلى الْبَرامِجِ وَالْبَياناتِ الْمُخَزَّنَةِ في الْحَواسيبِ الْأُخْرى بِطُرُقٍ غَيْرِ مَشْروعَةٍ وَالْعَبَثِ بِها، وَهُوَ ما يُسَمّى بِالتَّهْكيرِ.