العلوم الإسلامية فصل ثاني

الأول ثانوي أدبي

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ

  • نظّم الإسلام علاقات الناس بعضهم ببعض، ونظم علاقات أفراد المجتمع الواحد.
  • كما أوجد مجموعة من التشريعات والتوجيهات التي تنظم شؤون الأسرة وتضبط علاقاتهم.
  •  وهي تشريعات عادلة متوازنة شاملة لمراحل الحياة كلها واختلاف أحوال الناس وظروفهم.
  •  ولما كان الإنسان يمرّ في حياته بمراحل عدة، حيث يبدأ جنينًا، ثم طفلًا ضعيفًا، ثمّ شابًا قويًّا، وإذا تقدّمت به السنّ يصبح شيخًا كبيرًا  يعتريه الهزال.
  •  فهو يحتاج إلى المساعدة والرعاية من أفراد المجتمع، قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ).

 
الفَهمُ والتَّحليلُ
حث الإسلام على العناية بكبار السنّ، وحُسن التعامل معهم، ورعاية حقوقهم؛ وفاءً لهم، وتثبيتًا لمكانتهم.

أولًا مكانة كبار السنّ

  • بيَّن الإسلام أنَّ لكبار السنِّ مكانةً كبيرة في مجتمعهم على الرغم من ضعفهم وحاجتهم إلى غيرهم.
  • حيث عدّهم الإسلام من أسباب البركة والخير والنّصر في المجتمع، قالَ رَسولَ اللهِ ﷺ: "البَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ".
  • وذلك لما يمتلكونه من الحكمة وحُسْن الرأي، وكثرة الخبرات والتجارب.
  •  الأمر الذي يُسهم في نقل الخبرات والمعرفة للأجيال المتلاحقة وتقديم الاستشارات والنصائح، وقال النَّبِيُّ ﷺ: "فَإِنَّما تُرْزَقونَ وتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ".
  • كما أنّ المؤمن لا يُزادُ في عُمُرِهِ إلا كان خيرًا له، إذ إنّه يزيد من طاعته لله تعالى فتزداد حسناته وتمحى ذنوبه وتعلو منزلته عبد ربّه عزّ وجلّ.

 

ثانيًا: حقوق كبار السنّ
شرَّع الإسلام لكبار السن حقوقًا كثيرةً تحفظ لهم مكانتهم وحياتهم الكريمة، سواء كانوا من الوالدين أو الأقارب أو من أفراد المجتمع الآخرين، ومنها:


أ‌. حقّ الرعاية الأسريّة:

  • فالمكان الطبيعي لرعاية المسنّين هو الأسرة، حيث يقوم الأبناء بهذا الدور تقرّبًا لله تعالى، ووفاءً لوالديهم دون تأفّف. قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا).
    • تشير كلمة (عندك) في الآية الكريمة إلى وجودهما في كنفك ورعايتك، كما كنت في كنفهما ورعايتهما في صغرك؛ ليتذكر الإنسان حاجته إليهما في الصغر ليردّ الجميل إلى الأبوين في حالة الحاجة الملحّة عند الكبر دون ملل أو ضجر أو غضب.
  •  ومن صور الرعاية الأسريّة:
    • الإحسان إليهم.
    • توفير السكن المناسب لهم.
    • التلطّف والتأدّب معهم في الأقوال والأفعال.
    • الدعاء لهم.
    • احترام آرائهم.
    • تقديمهم في المجالس.
    • مشاركتهم الطعام والشراب.
    • الاهتمام بنظافتهم وملبسهم.
    • مساعدتهم على تناول الدواء.
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّه أبصر رجلين، فقال لأحدهما: ما هذا منك؟ قال: أبي، قال: "لا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، ولا تَمشِ أَمامَهُ، وَلا تَجْلِسْ قَبْلَهُ".
  • وعن أنسِ بن مالك رضي الله عنه قال: جاء شيخ يريد النَّبيَّ ﷺ، فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال رسول الله ﷺ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنا ويُوَقرْ كَبيرنا".

ب.حقّ الرعاية النّفسيّة:

  • يشير هذا الحقّ إلى العناية بالجوانب العاطفية لهم، ومن ذلك:
    • مراعاة مشاعرهم وأحاسيسهم.
    • مخاطبتهم بأفضل الأسماء والألقاب وأحبّها إلى قلوبهم.
    • الإصغاء إليهم وبدْؤهم بالسلام، قال النَّبيُّ ﷺ: "إِنَّ من إجلالِ اللهِ إكرامَ ذي الشَّيبةِ المسلمِ"
      • (إجلال الله : تعظيمه وأداء حقّه).
  • ولّما جاء أبو بكرٍ رضي الله عنه بأبيهِ أبي قُحافةَ إلى رسول الله ﷺ يومَ فتحِ مكَّةَ يحمله حتى يُعلن إسلامه بين يدي النَّبيِّ ﷺ، فقال رسول اللهِ ﷺ لأبي بكرٍ رضي الله عنه: "لو أقرَرْتَ الشَّيخَ في بَيْتِه لأَتيناهُ".
  • وقَسَمَ النَّبيُّ ﷺ ذات مرَّةٍ ثيابًا على النّاسِ، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، وكان شيخًا كبيرًا حادّ اللسان، غليظ الطبع، فَقالَ مَخْرَمَةُ لولده: يَا بُنَيَّ: انْطَلِقْ بِنا إلى رَسولِ اللهِ ﷺ، قال : فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، قالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لي، قالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقالَ له - وقد أمسك بيده أحد هذه الثياب: ( خَبأْتُ هذَا لَكَ)، قالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقالَ الشيخ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ.

ج. الاستفادة من تجاربهم وحكمتهم:

  • عن طريق أدوارهم، والاستفادة من خبراتهم في اللجان الاستشاريّة والمواقع القياديّة في المجتمع.
  • وقد ورد في الحديث الشريف أنه لمّا جاء عبدُ الرحمنِ بنُ سهلٍ وابنا مسعود رضي الله عنه إلى النَّبيِّ ﷺ فتكلّموا فبدأ عبد الرحمن وكان أصغر القوم، فقال له النَّبيُّ ﷺ: (كَبِّرِ الكُبْرَ).
    • (كَبِّرِ الكُبْرَ: قدّم الأكبر سنًّا فليتكلّم).

د. حقّ الرعاية الاقتصاديّة:

  • بتوفير الحياة الكريمة لهم، ومن ذلك:
    • تخصيص رواتب مناسبة لهم عند التقاعد.
    • تقديم المعونات المختلفة لهم من الدولة.
  • أبْصَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَابِ رضي الله عنه شَيْخًا من غير المسلمين ممن يعيش في المجتمع الإسلامي، يَسْأَلُ الناس حاجةً، فقال عُمَرُ رضي الله عنه: مَا أَنْصَفْناكَ، إِنْ أَكَلْنا شَبِيبَتَكَ (أي: وأنت شاب)، ثُمَّ كَتَبَ إِلى عُمَالِهِ أَن ينظروا أمثال هذا الشيخ ويرعوا شؤونهم ويعطوهم من بيت المال.

هـ. حقّ الرعاية الصّحيّة:

  • فالإنسان عند كِبَرِ سِنِّه تَضَعُفُ قُواهُ وتَقِلُّ حركته، ويثقل سمعه، وقد يضعف بصره، ولا يقوى جسده على مقاومة الأمراض كما كان في شبابه؛ لذا كان في حاجة إلى رعاية صحية تتناسب مع ظروفه، ومن صور ذلك:
    • تقديم العلاج المناسب لهم.
    • المتابعة الدوريّة لحالتهم الصّحيّة.
    • الرعاية المنزليّة لأصحاب الحاجة منهم.
    •  مساعدتهم على ممارسة العادات الصحيّة في الأكل، والشرب، والنوم، والمشي.
    • توفير سبل الراحة الجسديّة لهم والقيام بشؤونهم، فقد قامت بنتا الرجل الصالح الذي التقاه سيدنا موسى عليه السلام بسقي الغنم لأنّ أباهما شيخ كبير لا يقدر على القيام بذلك، قال تعالى: (قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾.
  • وقد حرص المسلمون عبر التاريخ على:
    • بناء المستشفيات.
    • ودور الرعاية الصحية.
    • وتوفير الأطباء الماهرين للعناية بكبار  السنّ.

 

صور مشرقة
روى طلحةُ بنُ عبدِ اللهِ رضي الله عنه: أنّ عُمَرَ بنَ الخطّابِ رضي الله عنه خرج ليلة في سواد الليل فتبعته فدخل بيتًا، فلمّا أصبحتُ، ذهبت إلى ذلك البيت فإذا عجوز عمياء مقعدة، فقلت لها : ما بال هذا الرجل يأتيكِ؟ فقالت: إنّه يتعاهدني مدّة كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني.

 

الإِثراءُ والتَّوسُّعُ

  • راعي الإسلام كبار السنّ وجعل لهم أحكامًا خاصَّةً في العبادات وغيرها، ومن ذلك:
    • أن يصلي جالسًا إذا كان لا يستطيع القيام، قال النَّبيُّ ﷺ: "صَلِّ قائِمَا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعلى جَنْبٍ".
    • ووجّه من يؤمّ المسلمين إلى مراعاة أحوالهم، يقول النَّبيُّ ﷺ: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ؛ فَإِنَّ مِنْهُمُ الضَّعِيفَ والسَّقيمَ والكَبيرَ".
  • وأباح لكبير السنّ العاجز عن الصيام أن يفطر في رمضان ويدفع الكفارة، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.
  • وله أن يُنيب غيره بالحجّ عنه إذا لم يستطع الحج بنفسه.
  •  ولم يوجِب عليه القتال في سبيل الله تعالى.

 

دراسةٌ مُعمَّقةٌ

  • من الدراسات التي بحثت في كبار السنّ وحقوقهم: (حق المسن في رعاية الأسرة في الشريعة الإسلاميّة والمواثيق الدوليّة).
    • وقد تضمن البحث مفهوم المسنّ ومكانته في الشريعة الإسلاميّة والمواثيق الدوليّة.
    • وأهمّ الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة المتعلقة به في الشريعة الإسلاميّة ومن وجهة نظر المواثيق الدوليّة.

 

القيمُ المستفادةُ
1. أَحترِمُ كبار السن وأقدر مكانتهم.
2. أتقربُ إلى الله تعالى برعاية والِدَي.
3. أستفيدُ من تجارب وحكمة والِدَي.