تاريخ العرب فصل أول

الأول ثانوي أدبي

icon

الاستعمار لغة: مشتق من الفعل استعمر، واستعمر الإنسان الأرض أي عمرها لقوله تعالى "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" سورة هود، آية (61)، أي جعلهم ساكنيها وعمارا لها. والأصل اللغـوي يفيد طلب التعمير والسعي لتحقيق العمران، لكن الواقع لا علاقة له بالمعنى اللغوي لأن الاستعمار اصطلاحا: هو حركة توسع من جانب الدول القوية على حساب دول أخرى ضعيفة من أجل إخضاعها بالقوة بهدف نهب ثرواتها الطبيعية وتسخير مواردها البشرية في خدمة مصالحها.

 

والاستعمار ظاهرة بشرية قديمة، فقد شهد العـالم القديم قيام إمبرطوريات استعمارية ضخمة كالإمبراطوريتين الفارسية والرومانية، أما الاستعمار الحديث (الرأسمالي) فقد ارتبط ظهوره بثلاثة عوامل هي: الاكتشافات الجغرافية، والنهضة الأوروبية، والثورة الصناعية.

تعددت دوافع الاستعمار الأوروبي، ويمكن إجمالها بما يلي :

1 - الدوافع السياسية والعسكرية

أ - تنافس الـدول الاستعمارية فيما بينها للسيطرة وتحسين مركزها الدولي،ومن الأمثلة على هذا التنافس:

1.  تمويل بعثات الاكتشافات الجغرافية الأوروبية التي استهدفت البحث عن المناطق الاستراتيجية

2. تأسيس الشركات التجارية بهدف تعزيز قوة البلاد المستعمرة مثل شركة الهند الشرقية الهولندية عام 1601م وشركة الهند الغربية الهولندية عـام ١٦٢١م

3. سعي الدول الأوروبية الكبرى نتيجة هذا التنافس الاستعماري إلى التكتل ضد دولة مـا أو مجموعة من الدول التي تحاول بسط السيطرة على بقية الدول، وهذا أوجد ما يسمى بنظرية (توازن القوى وهو مصطلح ظهر بعد مؤتمر فيينا عام ١٨١٥م للحد من التنافس الاستعماري السياسي بين الدول الكبرى من خلال اتحاد الدولة أو مجموعـة الـدول المحيطة إزاء نمو دولـة ما أو مجموعة دول منافسة لها

ب - السيطرة على طرق المواصلات العالمية والمواقع الإستراتيجية المتمثلة بالمضائق والقنوات ألمانية والموانئ البحرية الكبيرة والجزر المهمة؛ فساعد ذلك على إحكام قبضة الدولة المستعمرة على هذه المناطق.

۲ - الدوافع الاقتصادية

تعتبر الدوافع الاقتصادية المحرك الرئيس للاستعمار منذ القدم، ومنها: 

أ - الحصول على المواد الأولية للصناعة.

 ب - البحث عن الأسواق التجارية لتصريف الإنتاج.

 ج - تأمين طرق المواصلات

 د - الحصول على الأيدي العاملة الرخيصة الأجر.

 

3 - الدوافع الاجتماعية

تزايـد عـدد السكان في بعض الدول الأوروبية، جعلها تعتقد أن المخرج الوحيد لحل هذه المشكلة هو الإقدام على الاستعمار خارج بلادهـا لتصدير الفائض السكاني إليها، وهناك دوافع اجتماعيـة أخرى من مثل إيجاد جاليات تخدم مصالح دول الاستعمار في الخارج وحل مشكلة البطالة؛ كل هذه الدوافع استرعت أنظار بعض الدول الأوروبية للاهتمام بفكرة الاستيطان خارج دول أوروبا وإقامة المستعمرات الاستيطانية.

4 - الدوافع الثقافية والدينية

كان مـن دوافع الاستعمار الأوروبي نشر المذهبين الكاثوليكي والبروتستانتي، وتقويض المقومات الحضارية والدينية للشعوب التي تستعمرها متذرعة بتمدين تلك الشعوب من خلال إعادة تشكيل المنظومة الدينية والحضارية والثقافيـة للمجتمعات المستعمرة. ولجعلها أكثر ارتباطاً بالدولة المستعمرة عملت على إحلال لغتها مكان اللغة المحلية

ومن أشكال الاستعمار في الوطن العربي

 1- الاستعمار العسكري: أقدم أشكال الاستعمار، حيث تحتل الدولة القوية (المستعمرة) البلد  الضعيف (المستعمر) وإخضاعه بقوة السلاح.

2- الحماية: أن تعقد دولة قوية معاهدة مع دولة ضعيفة بالقوة، وتتعهد بحمايتها من كل عدوان خارجي

3- الاستعمار الثقافي: أشد أشكال الاستعمار خطرا؛ لأنه يهاجم روح الأمة ومعتقداتها وقيمها وعاداتها  ويصل بالأمة إلى حالة من الضياع وفقدان الثقة بالنفس.

4 - مناطق النفوذ: تقسيم الدولة المستعمرة بين عدد من الدول المستعمرة مع الحفاظ على وحدة ويكون للدولة المستعمرة الأولوية للتحقيق مصالحها فيها.

5- الانتداب والوصاية: وضع البلد الضعيف تحت إشراف دولة متقدمة  بحجة مساعدتها على التطور  والتقدم وجعلها قادرة على حكم نفسها بنفسها، وقد طبق هذا النظام بعد الحرب العالمية الأولى،  وبعد الحرب العالمية الثانية أطلق على هذا النظام اسم الوصاية

6- المعاهدات غير المتكافئة: اعتراف الدولة المستعمرة بالاستقلال التام والسيادة للدولة الضعيفة المستعمرة  ولكنها تعقد معها معاهدة تنص على قيام تحالف بين الدولتين  بمساعدة كل منهما الأخرى في حال الحرب، مع ضرورة الاحتفاظ بقواعد عسكرية للدولة المستعمرة.

7- الاستعمار الاستيطاني: تشجيع الدولة المستعمرة بتشجيع رعاياها على الهجرة إلى البلاد المستعمرة للاستيطان فيها، واستغلال ثرواتها، وتهجير سكانها.