الاستعمار الأوروبي في الوطن العربي قبل الحرب العالمية الأولى
استطاعت بريطانيا وفرنسا أن تستأثرا بالمنطقة العربية بعد صراع طويل مع الدول الأوروبية وخاصة إيطاليا وإسبانيا فسيطرنا على معظم بلدان الوطن العربي قبل الحرب العالمية الأولى .
واستطاع البريطانيون طرد البرتغاليين وإحكام سيطرتهم على الخليج العربي واليمن في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، فقاموا بعقد سلسلة من الاتفاقيات والمعاهدات مع مشيخات وحكام الخليج العربي واليمن، مثل:
1 - معاهدة بريطانيا مع سلطان مسقط عام ١٨٠٠م.
2 – توقيع سلسلة من المعاهدات مع شيوخ البحرين وقطر وأبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القوين ورأس الخيمة عام ١٨٢٠م.
وتمكنت بريطانيا من احتلال خليج عدن عام ١٨٣٩م وذلك لأهميته التجارية وزادت أهميته بعـد حفر قناة السويس عام 1869م وتحكمها بمضيق باب المندب الذي يصل المحيط الهندي بالبحر الأحمر ، ومن أسباب احتلال فرنسا للجزائر الأسباب الغير المباشرة ومنها :
- عدت فرنسا الجزائر سوقا اقتصادية مهمة لتطوير الصناعات الفرنسية واعتبرت أن لها الحق في احتكار تجـارة المرجان في السواحل الجزائرية.
- رغبـة الملاكين الفرنسيين الذيـن فـقـدوا أراضيهـم بسبب الثورة الفرنسية لتعويضهم خلال السيطرة على أراض جديدة.
- رغبـة فرنسا التخلص من نشاط المقاومة البحرية في البحر المتوسط.
أما السبب المباشرة فهو حادثة المروحة التي تذرعت بها فرنسا لاحتلال الجزائر
وبعد استيلاء فرنسا على الجزائر أخذت تتوجه أنظارها إلى تونس لاستعمارها لقربها من الجزائر ، فاستغلت دخول قبيلة الخمير التونسية الحدود الجزائرية ذريعة لغزو تونس وأجبرت الباي محمد الصادق حاكم تونس على توقيع معاهدة (باردو) في عام ١٨٨١م، وبعدها بسنتين معاهدة المرسى الكبير عام ١٨٨٣م،
بعد أن احتل الفرنسيون الجزائر وتونس أخذوا يتطلعون إلى استعمار المغرب فانتهزن طلـب السلطان عبد الحفيظ سلطان المغرب حمايته مـن القبائل الثائرة ضده، فعقدت معه معاهدة عام ١٩١٢م، تنص على حمايته من تلك القبائل ووضع بلاده تحت الحماية الفرنسية، وفي السنة نفسها تنازلت فرنسا عن منطقة الريف لإسبانيا، وأعلنت مدينة طنجة ميناء دوليا.
ثم تمكنت فرنسا من فرض سيطرتها على موريتانيا عام ١٩٠٥م لوقوعها على طريق المستعمرات في إفريقيا ، وقامت بتقسيمها إداريا بشكل يخدم مصالحها دون المساس بمصالح القبائل الموريتانية.
مهـدت إيطاليا الطريق لاستعمار ليبيا عام ١٩١١م عبر سلسلة اتفاقيات وقعتها مع الأوروبية، نصت على منع اقتسام البحر المتوسط إلا على أساس التعويضات المتبادلة، وسمحت للكثير من رعاياهـا بالهجرة إلى ليبيا، وفتحت البنوك وقدمت القروض للفلاحين الشركات التجارية، وبنت المدارس والمشافي، ثم استغلت قيام الحرب العالمية الأولى
ومنذ جلاء القوات الفرنسية عن مصر عام ١٨٠١م، وبريطانيا تنتظر الفرصة المناسبة الاحتلال مصر، وجاءت هذه الفرصة عندما وقعت مصر تحت طائلة الديون؛ بسبب الإسراف والتبذير الذي مارسه كل من الخديوي سعيد باشا وابنه إسماعيل وخاصة في حفل افتتاح قناة السويس، وانتهزت بريطانيا هذه الفرصـة بحجـة الحفاظ على أموال الدائنين، وقامت كل من بريطانيا وفرنسا يوضع مالية مصر تحت المراقبة فيما عرف باللجنة الثنائية، فأخذت هذه اللجنة تتدخل في شؤون مصر السياسية والاقتصادية. مما أدى إلى قيام العديد من الثورات ومنها الثورة العرابية (1881-1882م) ومن الأسباب الغير المباشرة
- ازدياد التدخل الأجنبي في شؤون مصر المالية والسياسية.
- أصبحت معظم وظائف الدولة بيد الأجانب.
- اليقظة الوطنية
أما السبب المباشر :أصدر وزير الحربية عثمان رفقي باشا قانونا بمنع ترقية الجنود المصريين إلى رتبة ضابط
وبعدها اتخذت بريطانيا من تحصينات أحمد عرابي في ميناء الإسكندرية، وقيام مشاجرة بين أحد المصريين وأحد الرعايا الأجانب في ميناء الإسكندرية ذريعة للاحتلال؛ مما دفع بريطانيا لتوجيه إنذار للحامية العسكرية في الإسكندرية وضربها بالمدافع إلى أن تهدمت، ووقف الخديوي توفيق إلى جانب البريطانيين، وتصدى لهم أحمد عرابي ومن معه من الجيش المصري في معركة التل الكير غربي مدينة الإسماعيلية، إلا أن الجيش البريطاني استطاع هزيمة المصريين وتقدم نحو القاهرة واحتلها في آب عام 1882م
أما السودان فقد احتلتها بريطانيا بعد معركة عطبرة عام ١٨٩٨م ضد أتباع المهدي فاحتلت مدينـة الخرطوم، ثم تابعت طريقها نحو فاشودا التي كانت تحتلها قوة فرنسية، فطلبت القوات البريطانية من القوات الفرنسية الانسحاب، والاعتراف بسيادة مصر على السودان، وكادت الأمور تتأزم بين الطرفين فيما عرف تاريخيا بحادثة فاشودا عام ١٨٩٩م.وفي العام نفسه وقعت بريطانيا مع مصر اتفاقية الحكم الثنائي ونصت على أن:
أ - تكون إدارة السودان بموافقة بريطانيا ومصر.
ب - يكون الحاكم العام للسودان بريطانيا، ويتولى الحاكم قيادة الجيش.
جـ - تلغى الامتيازات الأجنبية وما يتبعها من محاكم قنصلية في السودان.
د - تقوم الحكومة المصرية بالإنفاق على المشروعات العامة في السودان .
وأخيرا تطلعت بريطانيا إلى احتلال ساحـل إفريقيا الشرقي بسبب قربه من مضيق باب المندب وقناة السويس؛ فسيطرت على المناطق المطلة عليه وعرف بالصومال البريطاني، وسيطرت إيطاليا على بقية أراضي الصومال فعـرف بالصومال الإيطالي، أمـا فرنسا فسيطرت على جيبوتي وعرف بالصومال الفرنسي.