مقدّمة
- نزل القرآن الكريم مفرّقًا في ثلاث وعشرين سنةً؛
- تثبيتًا لفؤاد النّبي صلّى الله عليه وسلّم.
- وتسهيلًا لحفظه وفهمه وتطبيقه والالتزام به.
- واقتضت حكمة الله تعالى أن يتكوّن القرآن الكريم من سور، وكلّ سورة تتكوّن من آيات.
- واقتضت أيضًا أنّ سوَرَه وآياته مرتّبة من عنده سبحانه وتعالى، وأنّ هذا الترتيب ليس وفق زمن نزولها.
- وقد درس العلماء الحكمة من ترتيب سور المصحف وآياته، فلاحظوا جوانب إعجازية، وحِكَمًا جليّة من هذا الترتيب، فظهر ما يُعرف بعلم المناسبات.
أوّلًا: معنى علم المناسبات
- علم المناسبات: هو العلم الّذي يبحث في المعاني الرّابطة بين الآيات بعضها ببعض، وبين السُّوَر بعضها ببعض، كي تتعرَف الحكمة من ترتيب آيات القرآن الكريم وسُوَرِه.
ثانيًا: من صور التناسب في القرآن الكريم
يتميّز القرآن الكريم بالتّناسق بين مكوّناته من آيات أوسور أو موضوعات، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
1.مناسبة السّورة للسورة التّي تليها في الموضوع
من أمثلة ذلك: مناسبة سورة الضّحى لسورة الشّرح الّتي تليها؛
- كلتاهما تناولتا النِّعم الّتي أكرم الله تعالى بها نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.
- فذكرت سورة الضّحى:
- نعمة الرّعاية له صلّى الله عليه وسلّم منذ صغره، فيسّر له من يكفُلُه في يُتمه؛ فكَفَله جدُّهُ ثُمّ عمُّه أبو طالب.
- نعمة الغنى بعد الفقر؛ فيسّر له التّجارة في مال خديجة رضي الله عنها.
- تابعت سور ة الشرح الحديث عن هذه النّعم على النّبي صلّى الله عليه وسلّم:
- أن شرح الله تعالى له صدره، فكان صلّى الله عليه وسلّم مطمئن النّفس في جميع أحواله.
- وأذهب الله تعالى عنه ما يُثقله من الذّنوب بمغفرتها له.
2.مناسبة بداية السورة لخاتمة السّورة الّتي قبلها
من أمثلة ذلك مناسبة خاتمة سورة الطّور في قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)، مع بداية سورة النّجم في قوله تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى)؛
- فخاتمة سورة الطّور أمرت بتسبيح الله تعالى عند (إدبار النّجوم)، أي حين تغيب النّجوم عند الصُّبح.
- وبداية سورة النّجم جاءت بالقسم بالنّجم كذلك.
3.المناسبة بين بداية السّورة ونهايتها
من أمثلة ذلك: المناسبة بين بداية سورة النّحل الّتي بدأت بقوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)، وبين خاتمتها التي جاءت بقوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)؛
- بدأت بالنّهي عن استعجال أمر الله تعالى.
- وهو ما يستدعي الصّبر الّذي خُتِمت به السّورة.
4.المناسبة بين بدايات السُّوَر
من أمثلة ذلك: التّناسب بين السُّوَر الّتي تبدأ بـ () وهي سور: (غافر، وفُصِّلت، والشُّورى، والزُّخرُف، والدُّخان، والجاثية، والأحقاف).
- فهذه السُّوَر اتّفقت في الحديث عن صفات الله تعالى، وعن القرآن الكريم.
ثالثًا: فوائد علم المناسبات
- تعزيز الإيمان بأنّ القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المعجز.
- إعانة المفسّر على بيان معاني القرآن الكريم وأغراضه.
- إظهار التّناسق بين سُوَر القرآن الكريم، وذلك بأنّ كلّ سورة جاءت متّصلة بما قبلها وبما بعدها، على الرغم من التباعد في زمان نزول كلٍّ منها.
- الكشف عن وجوه جديدة لإعجاز القرآن الكريم في سوره وآياته.