التربية الإسلامية فصل ثاني

الثامن

icon

الفكرةُ الرئيسةُ

  • أرشدَ اللهُ تعالى عبادَهُ إلى الأخذِ بالأسبابِ، والاعتمادِ عليهِ، والاستعانةِ بِهِ في شؤونِ حياتِهِمْ كافّةً، قالَ تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ
  • الأخذُ بالأسبابِ: هو أن يتِّخذَ الإنسان الإجراءاتِ العمليةَ الصحيحةَ لتحقيق غايته، كالعملِ لِمَنْ أرادَ الكسبَ، والدراسةِ لِمَن أرادَ النجاحَ.

 

أَسْتَنيرُ

أولًاً: مفهومُ التوكّلِ على للهِ تعالى.

 

  • التوكّلُ على الله تعالى: هوَ الاعتمادُ على اللهِ تعالى، والاستعانةُ بِهِ، واللجوءُ إليهِ، معَ الأخذِ بالأسبابِ لتحصيلِ مصلحةٍ أَوْ دفعِ ضررٍ.
  • أمّا تركُ الأخذِ بالأسبابِ بذريعةِ التوكّلِ على اللهِ تعالى، فيُعَدُّ تواكُلًا، وفهمًا غيرَ صحيحٍ للتوكُّلِ على اللهِ تعالى.
  • وقَدْ بَيَّنَ لَنا سيّدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المفهومَ الحقيقيَّ للتوكّلِ بما تقومُ بِهِ الطيورُ، إذْ تأخذُ بالأسبابِ وتخرجُ في الصباحِ الباكرِ بحثًا عَنْ رزقِها، وتعتمدُ على اللهِ تعالى في الوصولِ إليهِ، فيرزقُها اللهُ تعالى، فتعودُ وقَدْ حصلَتْ على طعامِها، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ أنّكمْ كنتُمْ توكّلونَ على اللهِ حَقَّ توكُّلِهِ لرُزِقْتُمْ كما يُرزَقُ الطَّيْرَ تَغدو خِماصًا وتَروحُ بِطانًا )
    • ​​​​​​تَغدو: تخرجُ باكرًا.
    • خِماصًا: جائعةً.
    • بطانًا: ممتلئةَ البطونِ.
  • وحينَ سألَ رجُلٌ سيِّدَنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائلاً: (أُرْسِلُ ناقتي وأَتَوَكَّلُ)، فقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم له: (اعْقِلْها وتَوَكَّلْ).
    • أُرْسِلُ: أتركُها.
    • اعْقِلْها: اربِطْها.
  • وفي عهدِ سيِّدِنا عمرَ بْنِ الخطابِ رضي الله عنه ترك جماعةً مِنَ الناسِ العملَ ولم يطلبوا تحصيلَ أرزاقِهِمْ، وادّعَوا أنَّهُمْ متوكِّلونَ على اللهِ تعالى، فقالَ لهُمْ: (بل أَنتمُ المتّكلونَ، إِنّما المتوكّلُ الّذي يُلقي حَبَّهُ في الأرضِ، ويتوكّلُ على اللهِ تَعالى). فبيَّنَ رضي الله عنه أنَّ تركَ الأخذِ بالأسبابِ يُنافي التوكّلَ على اللهِ تعالى.

 

ثانيًا: أهميةُ التّوكّلِ على للهِ تعالى

  • يُعَدُّ التوكّلُ على اللهِ تعالى مِنْ لوازمِ الإيمانِ باللهِ تعالى؛ لأنَّ المسلمَ يَثِقُ بقدرةِ اللهِ تعالى على تدبيرِ أمرِهِ، فيعينُهُ ذلكَ على الرضا بقضائِهِ وقدرِهِ، قالَ تعالى: (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ).
  • وبالتوكّلِ ينالُ المؤمنُ محبةَ اللهِ تعالى، لقولِهِ سبحانَهُ: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).
  • كَما يشعرُ بالراحةِ والطمأنينةِ؛ لأنَّهُ جعلَ أمرَهُ بيدِ اللهِ تعالى القادرِ على عونِهِ ومساعدتِهِ في قضاءِ حوائجِهِ بعدَ أخذِهِ بالأسبابِ، قالَ تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
  • ويؤدّي الأخذُ بالمفهومِ الصحيحِ للتوكّلِ على اللهِ تعالى إلى إنجازِ الأعمالِ والنجاحِ في تحصيلِ المطلوبِ؛ لأنَّ فيهِ الأخذَ بالأسبابِ والتخطيطَ والعملَ والاجتهادَ، والابتعادَ عَنِ الخُمولِ والكسلِ والتواكُلِ.

 

صُوَرٌ مشرقةٌ

ضرَب سيّدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأصحابُهُ الكرامُ أروعَ الأمثلةِ في التوكلِ على اللهِ تعالى، ومِنْ ذلكَ:

  • في الهجرةُ النبويةُ: أخذَ سيّدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالأسبابِ المؤدّيةِ لنجاحِ هجرتِهِ إلى المدينةِ المنورةِ، مِنِ:
    • اتخاذِ الرفيقِ والدليلِ.
    • وتجهيزِ الراحلةِ.
    • وتغييرِ الطريقِ التي اعتادَ الناسُ أَنْ يسلُكوها إلى المدينةِ المنورةِ.
    • وتكليفِ مَنْ يزوّدُهُ بالطعامِ والأخبارِ.
    • ثُمَّ توجَّهَ إلى اللهِ تعالى بالدعاءِ أَنْ يُنَجِّيَهُ، قالَ تعالى: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.
  • في يومُ الخندقِ:
    • ثقتُهُ صلى الله عليه وسلم بنصرِ اللهِ تعالى وتحقّقِ وعدِهِ، والاعتمادُ عليهِ، والاستعانةُ بهِ.
    • بعدَ أنْ أخذَ بالأسبابِ واستشارَ أصحابَهُ رضي الله عنهم حولَ كيفيةِ مواجهةِ اعتداءِ الأحزابِ على المدينةِ المنورةِ.
    • وحينَ أشارَ عليهِ سلمانُ الفارسيُّ رضي الله عنه بحفرِ الخندقِ، أمرَ صلى الله عليه وسلم الصحابةَ رضي الله عنهم بحفرِ الخندقِ، وشاركَهُمْ في حفرِهِ، وحرصَ على الدعاءِ لهُمْ.

 

أَسْتَزيدُ

  • الإيمانُ بالقضاءِ والقدرِ لا يتعارضُ معَ الأخذِ بالأسبابِ.
  • لأنَّ اللهَ تعالى أمرَ عبادَهُ بالأخذِ بالأسبابِ، والسعيِ لتحقيقِ مصالحِهِمْ بالتخطيطِ والعملِ المنظَّمِ.
  • وهذا مِنْ متطلّباتِ الإيمانِ بالقضاءِ والقدرِ.

 

أَرْبِطُ معَ الصّحّةِ

  • أمرَ اللهُ تعالى الإنسانَ بالأخذِ بأسبابِ الشفاءِ والتداوي.
  • وحينَ سألَ قومٌ مِنَ الأعرابِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: (هَلْ علينا جُناحٌ أَلّا نتداوى) ؟ قالَ: (تَداوَوْا عبادَ اللهِ، فإنَّ اللهَ سبحانَهُ لَمْ يَضَعْ داءً إلّا وَضَعَ معهُ شفاءً ).
  • وقالَ صلى الله عليه وسلم: (لكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصيبَ دواءُ الدّاءِ بَرَأَ بإذنِ اللهِ عزَّ وجلَّ )
    • أصيبَ دَواءُ: استُخدِمَ الدواءُ للعلاجِ.