الدراسات الإسلامية فصل ثاني

التوجيهي أدبي

icon

التعلم القبليّ:

   أمر الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة المشرفة، وقد أعانه على ذلك ابنُه سيدُنا إسماعيل عليه السلام حتى اكتمل بناؤها. وقد أراد الله تعالى أن تكون الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، وقِبْلة المسلمين، قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96] وبذلك أصبحت مكة المكرمة مقصدًا للمسلمين؛ يزورونها تقربًا لله تعالى وتلبيةً لندائه.

أتذكر وأعدِّد:

أتذكر مناسك الحج، ثم أعددها.

←  الإحرام- طواف القدوم- الوقوف بعرفة- المبيت بمزدلفة- رمي الجمرات- ذبح الهدي- التحلل من الإحرام-طواف الإفاضة- السعي بين الصفا والمروة- الحَلْق والتقصير- طواف الوداع.


الفهم والتحليل

   يمثِّل الحجُّ أهميةً كبيرةً في الإسلام؛ لمَا يترتب عليه من آثارٍ عظيمةٍ في الدنيا والآخرة؛ إذ يُعدّ أداءُ فريضة الحجّ دليلًا على صِدْق إيمان العبد بالله تعالى، وذلك بالاستجابة لأمره سبحانه وتلبيةِ ندائه. قال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[الحج: 27].

أولًا: مكانة الحج وفضله

يتبوّأ الحجُّ مكانةً رفيعةً ومنزلةً عظيمةً في الإسلام، ويتجلى ذلك فيما يأتي:

أ. الحجُّ ركنٌ من أركان الإسلام: وقد فرضه سبحانه وتعالى مرّةً واحدة في العمر على كل مسلمٍ بالغٍ وعاقلٍ وقادر على أدائه، قال رسولُ الله : (أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ الله؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رسول الله : لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ) [رواه البخاري ومسلم].

أتوقف

فصّل الله تعالى ذكر الحج ومناسكه في مواضع عديدةٍ من سور القرآن الكريم.

وقد سمّى تعالى سورةً في كتابه الكريم باسم هذه العبادة (سورة الحج)، وهي السورة الوحيدة التي سميت باسم رُكنٍ من أركان الإسلام.

ب. من أفضل الأعمال: فقد عَدَّ سيدُنا رسول الله الحجَّ من أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد في سبيل الله تعالى؛ إذ سُئل أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قالَ: (إيمَانٌ بالله ورَسولِهِ) قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: (جِهَادٌ في سَبيلِ الله) قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: (حَجٌّ مَبْرُورٌ) [رواه البخاري ومسلم].

ذلك أنَّ الحجَّ يجمع بين العبادة القلبية والعبادة البدنية والعبادة الماليِّة.

كما بيّن سيّدُنا رسولُ الله أنَّ الحجَّ المبرور: ((1)الخالصَ لله تعالى، (2)بعيدًا من الرّياء والسّمعة، (3)الذي لا يخالطه إثمٌ أو معصيةٌ)= إنما جزاؤه عند الله تعالى الجنة. قال : (والحَجُّ المَبْرُورُ ليسَ له جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ) [رواه البخاري ومسلم] ( المَبْرُورُ: الخالص لله تعالى، الذي لا يخالطه إثم).

 

أتأمل وأستدل:

أتأمل الحديثين النبويين الشريفين الآتيين، ثم أستدل بكلٍّ منهما على مكانة الحج وفضلِه:

أ. قال رسول الله : ( مَن حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، ولَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ) [رواه البخاري].

← الإجابة: جعل الإسلام الحجَّ المُستوفيَ لشُروطِه مُكفِّرًا للذُّنوبِ جَميعِها.

ب. قال رسول الله : ( تابعوا بين الحجِّ والعمرةِ فإنّهما ينفيان الفقرَ والذنوبَ) [رواه النسائي].

← الإجابة: أكّد النبي أنّ أداء فريضتي الحَجِّ والعُمرةِ أكثرَ مِن مرّةٍ سَببٌ في زوالِ الفَقرِ، وسببٌ لغُفرانِ الذُّنوبِ ومحوِها.


ثانيًا: آثار الحج في الفرد

للحج آثار عظيمة تعود بالخير والنفع على الفرد، منها:

أ. تقويةُ صلةِ العبد بالله تعالى: ما يؤدي إلى (1)بَعْثِ الطمأنينة والسعادة في نفسِه، (2)وتخليصِه من الهموم، (3)ومساعدته على تجاوز اليأس والإحباط الناتجة من الشعور بالذنب؛ لأنَّ الله تعالى وعده بمغفرة الذنوب ودخول الجنة، قال رسول الله : (ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ الله فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟) [رواه مسلم]

ب. تعويد العبد على الرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه: فيستشعر مراقبته، ويتقرَّب إليه بالدعاء والرجاء، قال رسول الله : (الغازي في سبيلِ الله والحاجُّ والمعتمِرُ وفْدُ الله، دعاهُم فأجابوهُ، وسألوهُ فأعطاهُم) [رواه ابن ماجه].

جـ - تذكيرُ العبد باليوم الآخر وأحداثه: وجَعْلُه دائمَ الاستعداد ليوم الحساب.

د- تربية النفس على مكارم الأخلاق، (مثل: الصبر، والتسامح، والإيثار، والتعاون، والمحبة، والعفة). والمساعدةُ على ضبط النفس، وتهذيبِها، والتحكّمِ في شهواتها، وتعويدِها تحمُّلَ المشاقِّ والتعب.

وكذا تطهير نفسِه من الأخلاقِ الذميمةِ، مثل: الكِبْر، والكراهية، والقول الفاحش. قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

أستنتج:

كيف يذكرنا الحج بأحداث يوم القيامة؟

← الإجابة: كل مناسك الحج تُذكِّرُنا باليوم الآخر، ومن ذلك:

1. ارتداء الإنسان ملابس الإحرام وتجرّدُه من متاع الحياة الدنيا، يُذكِّر بحال الإنسان بعد موتِه.

2. تنقُّل الحجاج بين مناسك مختلفة، يُذكِّر بتنقل الإنسان بين أحداث ومشاهد يوم القيامة.

3. وقوف الناس يوم عرفة، يُذكِّر بمشهد الحشر يوم القيامة.

 

أتدبر وأستنتج:

أتدبر قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197]، ثم أستنتج منه أثر تحديد المواقيت الزمانية في الفرد.

 الإجابة: تعويد الفرد على التخطيط والنظام والترتيب واستتثمار الوقت؛ حتى يصبح أكثر إنجازًا في حياته.


ثالثًا: آثار الحجِّ على المجتمع

يحفل الحجُّ بآثارٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ عظيمةٍ تعود بالخير والنفع على المجتمع؛ منها:

أ- الشعور بالوحدة الإسلامية، فالحج يؤكد وحدة هذه الأمة، ويَعدُّها كالجسد الواحد. قال تعالى: {إنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون} [الأنبياء: 92].  

ب- تحقيق المساواة بين الناس؛ إذ يجتمع المسلمون من كل جنسٍ وعِرْقٍ ولونٍ ولغةٍ في صعيدٍ واحدٍ، لباسُهم واحدٌ، ووجهتُهم واحدةٌ، وهدفُهم واحدٌ، فلا تفاخر بينهم ولا تفاضل إلا بالتقوى. وهذا ما أكّده سيّدُنا رسول الله في خُطبة حّجَّة الوداع، إذ قال :(يا أيُّها النَّاسُ، ألَا إنَّ ربَّكم واحِدٌ، وإنَّ أباكم واحِدٌ، ألَا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عَجَميٍّ، ولا لعَجَميٍّ على عَرَبيٍّ، ولا أحمَرَ على أسوَدَ، ولا أسوَدَ على أحمَرَ؛ إلَّا بالتَّقْوى) [رواه أحمد].

جـ- التعارف وبناء العلاقات الاجتماعية؛ إذ يجتمع في الحجِّ المسلمون من مختلف أنحاء العالم كلَّ عامٍ، ويتعارفون بطرائق رسميّةٍ وشعبيّةٍ، فتسود بينهم المحبة ويتحقق السلام. قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة 125].

د- تحقيق المنافع الاقتصادية؛ فالحج يُسهم في تحريك عجلة الاقتصاد في مجالات عديدة؛ مثل: النقل، والسياحة، والصناعة، والتجارة. وقد أباح الإسلام البيع والشراء في مواسم الحج. قال تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة: 198].

أتدبر وأتعاون:

أتدبر قول الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج:28]، ثم أتعاون مع أفراد مجموعتي لذكر مثالين على كلٍّ من المنافع الدينية والمنافع الدنيوية التي يُسهم الحجُّ في تحقيقها.

الإجابة: ⇔من المنافع الدينية: التفقُّه في الدين، والاهتمام بشؤون المسلمين عمومًا، والتعاون على البر والتقوى، والدعوة إلى الله سبحانه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والاستكثار من الصلاة والطواف وذكر الله تعالى، والصلاة على النبي ﷺ ، وتكفير السيئات، والفوز بالجنة، وتنزُّل الرحمة على عباد الله في هذه المشاعر العظيمة.

من المنافع الدنيوية: البيع والشراء، ومكاسب أصحاب الحِرَف التي تتعلق بالحجَّاج والحركة المستمرة في وسائل النقل المختلفة، ومنفعة الفقراء مما يُدفَع لهم من صدقاتٍ أو يُقدَّم من ذبائح الهدي والأضاحي والكفارات عن كل محظورٍ يرتكبه المحرم، وتسويق البضائع والأنعام، وغيرها.


الإثراء والتوسع

حرصًا من وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في المملكة الأردنية الهاشمية على تقديم أفضل خدمةٍ لحُجَّاج بيت الله الحرام، أنشأت الوزارة صندوقًا خاصًا بالحج، يهدف إلى تحفيز الناس على الادخار للحج، وهو (صندوق الحج للادخار والاستثمار)؛ إذ يُعدّ الصندوق مؤسسة ادخارية استثمارية، تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وتقوم على قبول المُدَّخَرات واستثمارها بحسب طرائق الاستثمار الإسلامي، ومنح المُدَّخِرين الذين انطبقت عليهم الشروط حقَّ الحج إلى بيت الله الحرام.

أتعرف مهام صندوق الحج.

الإجابة: 1. منح المدخرين في الصندوق ممن انطبقت عليهم الشروط ميزة الحج إلى بيت الله الحرام.

2. تمويل تكاليف الحج للمشتركين من مدخراتهم وأرباحها

3. استثمار أموال المدخرين وفقا لطرق الاستثمار الإسلامي وأحكام الشريعة الإسلامية.

4. التمويل الإسلامي لشراء المنازل والسلع المختلفة، ولإنشاء المشاريع التجارية والصناعية.


دراسة معمقة

تعددت الدراسات والبحوث التي تناولت فريضة الحج، مثل: الرسالة الجامعية التي حملت عنوان: (فريضة الحج وأبعادها التربوية)، وركّزت على بيان فريضة الحج من الناحية الفقهية، ثم ذكرت خصائص الحج التربوية، والآثارَ التي تُسفِر عنها فريضةُ الحج، إضافةً إلى استعراض أهداف الحج.

 

 

باستخدام الرمز المجاور، أرجع إلى الفصل الثالث من هذه الدراسة لتعرُّفِ كيف حقَّقت فريضةُ الحجِّ التربيةَ الماليةَ، ثم أعرض ذلك على أفراد مجموعتي.

الإجابة: ⇔ رتَّب الإسلام على المسلمين واجباتٍ مالية، ودعا إلى الإنفاق من المال في وجوه الخير المختلفة لنيل الأجر والثواب، والتقرب إلى الله تعالى. ومن ذلك أنه فرض الحج على المسلمين، وهو ما يستلزم أن يقوم المسلم بالإنفاق من ماله ليتمكن من أداء هذه الفريضة. والمتمعِّن في التربية المالية عند أداء فريضة الحج يجد أنها تعمل على تحقيق عدة فوائد، يمكن توضيحها على النحو الآتي:

  • تنمية الحسّ الاجتماعي في نفس الحاجّ، ومبدأ التكافل بين الأفراد والشعور بالآخرين، مما يعمق أواصر المودة والرحمة بين أفراد المجتمع، ويُعزّز مبدأ المشاركة للفقراء تطييبًا لنفوسهم وكسبًا لمودتهم.
  • تحقيق فائدة اقتصادية كبيرة تعود على البلد الحرام، فالحجَّاج يشترون الذبائح ويدفعون أثمانها لأهل البلد الحرام.
  • تطهير نفس الحاج وتحريرها من البخل، وتمكينها من السيطرة على حُب التملّك، فهي تربِّي الحاج المسلم على البذل والعطاء، وتحثّه على إنفاق المال في وجوه الخير المختلفة.
  • تربي الفرد المسلم على شُكر نعمة المال، وذلك بأن ينفق ما رزقه الله من مالٍ في وجوه الخير المتنوعة طاعةً لله عز وجل.

القيم المستفادة:

أستخلص بعضًا من القيم المستفادة من الدرس:

  1.  أحرص على تعظيم شعائر الله تعالى في أشهر الحج.
  2.  أحرص على تعويد نفسي الرجوع إلى الله تعالى والتوبة إليه.
  3.  أشعر بالوحدة الإسلامية وأهمية المساواة بين الناس.