التربية الإسلامية فصل ثاني

المواد المشتركة توجيهي

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ:

حرص الإسلام على حماية حقوق الناس وشرع القوانين لحمايتها، وحث على إقامة علاقات طيبة بينهم، وحرم الاعتداء على نفوس الناس وأموالهم وأعراضهم، وذلك لسوء عاقبته على الفرد والمجتمع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ ‌دِمَاءَكُمْ ‌وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» (متفق عليه).

 

الفهمُ والتَّحليلُ

حذر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  من الوقوع في المعاصي وظلم الآخرين، وبيّن ما يترتب عليه من خسران في الآخرة.

أَولًا: أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التوجيه والإرشاد

كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم أساليب متنوعة في موعظة أصحابه وتعليمهم أحكام دينهم، وفي هذا الحديث الشريف بدأ بسؤال أصحابه رضي الله عنهم  عن معنى المفلس، ولم يكن سؤاله للاستفهام بل لإثارة تفكيرهم وشد انتباههم، فأخبروه بالمعنى الشائع للمفلس في الدنيا وهو الذي لا يملك درهمًا ولا دينارًا ولا شيئًا من متاع الدنيا مما ينتفع به، إلا أنه صلى الله عليه وسلم  بين لهم معنًى آخر للإفلاس.

 

ثانيًا: الأعمال التي تكون سببًا في  الإفلاس يوم القيامة

بيَّن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المفلس في الآخرة هو من يأتي يوم القيامة بحسنات كثيرة اكتسبها من صلاته وصيامه وزكاته وأعماله الصالحة التي عملها في الدنيا، لكنه لم يستفد من تلك الحسنات بسبب اعتدائه على حقوق العباد، فتؤدى الحقوق إلى أهلها يوم القيامة من هذه الحسنات.

ومن الأعمال المحرمة التي تذهب الحسنات يوم القيامة كما بينها الحديث الشريف:

أ. الشتم: أي سب الناس، وهو من الأخلاق الذميمة التي يجب على المسلم أن يترفع عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «‌سِبَابُ ‌المُسْلِمِ ‌فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»، (متفق عليه) (فسوق: الخروج عن الحق)

ب. القذف، وهو اتهام الناس الأبرياء بارتكاب فاحشة الزنا، وهي من الكبائر التي حرمها الشرع؛ حماية لأعراض الناس، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (النور:4).

ج. أكل مال الناس بالباطل: وهو الاعتداء على الأموال بغير حق بصوره المختلفة، كالسرقة والغش والاحتكار والرشوة وإغلاء الأسعار، وعدم الوفاء بالديون، قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ (البقرة:188).

 

أتوقف

 هنالك أعمال كثيرة يقع فيها الاعتداء على الحقوق العامة وهي تنقص من حسنات الإنسان يوم القيامة أو تزيد من سيئاته، مثل: الاعتداء على حق الطريق والاعتداء على خطوط الماء والكهرباء.

د. سفك الدماء: وهو الاعتداء على النفس الإنسانية بالقتل بغير حق، مهما كان لونها أو دينها أو عرضها، وقد حرّم الإسلام ذلك وجعل قتل النفس الإنسانية من كبائر الذنوب ويستوجب سخط الله تعالى وعقوبته، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾ (النساء: 93).

هـ. إيذاء الآخرين: وهو الاعتداء على الآخرين بغير وجه حق، ويدخل فيه كل أنواع الإيذاء سواء أكانت في النفس، أو في العرض، أو في المال، وسواء كان إيذاءً ماديًا كالقتل والضرب، أو معنويًا كالسب والشتم والاستهزاء.

 

ثالثًا: العدل الإلهي يوم القيامة

من عدل الله تعالى في الآخرة إعطاء كل ذي حق حقه، ووفاء الحقوق في الآخرة لا يكون بالدرهم والدينار، فمن كانت عليه مظالم للعباد فإنهم يأخذون من حسناته بقدر ما ظلمهم، فإن لم تكن له حسنات أو انتهت حسناته، فإنه يؤخذ من سيئاتهم فتطرح عليه، ثم يُلقى في النار فتكون الخسارة والهلاك والإفلاس.

 

الإِثراءُ والتَّوسُّعُ

تنوعت أساليب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعليم والتوجيه، ومن ذلك: 

  1. القدوة الحسنة: من أهم أساليبه صلى الله عليه وسلم في التعليم، فكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر بشيء عمل به أولًا ثم تأسى به الناس واقتدوا به، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21)، فهو صلى الله عليه وسلم أسوة لأمته في أخلاقه وأفعاله وسائر شؤون حياته كقائد وزوج وأب وإنسان.
  2. مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين:  كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب كل واحد بقدر فهمه وبما يلائم منزلته، وكان يجيب كل سائل عن سؤاله بما يهمه ويناسب حالته، ومن ذلك وصايا النبي صلى الله عليه وسلم المختلفة لأناس طلبوا منه الوصية، فأوصى كل واحد بغير ما أوصى به الآخر لاختلاف أحوالهم، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌اتَّقِ ‌اللَّهِ ‌حَيْثُمَا ‌كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» (رواه الترمذي)، و عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: «لَا تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لَا تَغْضَبْ» (رواه البخاري).
  3. ضرب الأمثال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحيان يستعين على توضيح المعاني التي يريد بيانها بضرب المثل، مما يشهده الناس، ويقع تحت حواسهم، وفي هذه الطريقة تيسير للفهم على المتعلم، ومن أمثلة ذلك قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ ‌الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ»، (رواه البخاري ومسلم) (‌الأُتْرُجَّةِ: ثمر طيب الطعم والرائحة يشبه البطيخ).