الحضارةُ الآشوريةُ (911 – 612 ق. م)
الحضارةُ الآشوريةُ حضارةٌ ذاتُ طابعٍ عسكريٍّ حربيٍّ، وهيَ منْ أقدمِ الحضاراتِ والشعوبِ الساميةِ الّتي هاجرَتْ منْ شبهِ الجزيرةِ العربيةِ إلى شمالِ بلادِ الرافدَينِ، واتصفَ الآشوريونَ بالقوّةِ العسكريةِ والرغبةِ في التوسُّعِ وضمِّ الممالكِ المجاورةِ لهمْ.
الموقعُ والنشأةُ
كانَ الآشوريونَ جماعاتٍ بدويةً، سكنَتِ الخيامَ واستوطنَتْ شمالَ منطقةِ بلادِ الرافدَينِ على ضفافِ نهرِ دجلةَ بقيادةِ الملكِ توديا، ما شجّعَهُمْ على الزراعةِ وبناءِ القرى الزراعيةِ والمدنِ، ومنها: آشورُ العاصمةُ، ونينوى، ونمرودُ، وخورسبادُ الّتي شيّدَها الملكُ سرجونُ الثاني المعروفُ بإنجازاتِهِ الفنيةِ والمعماريةِ وفتوحاتِهِ الخارجيةِ.
ومنْ ملوكِهِمْ أيضًا الملكُ آشور بانيبالُ الّذي جمعَ مختلفَ أصنافِ العلومِ والمعارفِ المحفورةِ على قطعِ الآجرِ المشويِّ، وخزّنَها في دارٍ للكتبِ شيّدَها في العاصمةِ نينوى، فكانَتْ أوّلَ مكتبةٍ في التاريخِ، وقدِ احتوَتْ على آلافِ الألواحِ الطينيةِ المشويةِ التي نُقِشَتْ عليها موضوعاتٌ مختلفةٌ باللغةِ الأكاديةِ.
الحياةُ الاقتصاديةُ
اهتمَّ الآشوريونَ بالزراعةِ، وحقّقوا عنْ طريقِهاالاكتفاءَ الذاتيَّ، وعرفوا صناعةَ النسيجِ والمعادنِ، واستوردوا الأخشابَ من الفنيقيّين في سواحلِ بلادِ الشامِ والصوفَ منَ الأناضولِ، وأقاموا علاقاتٍ تجاريةً معَ مصرَ، وسَكّوا العملةَ الفضيةَ، واستخدموا المعادنَ، مثلَ البرونزِ والحديدِ، في صناعةِ الأدواتِ والأسلحةِ، وهمْ أوّلُ منْ صنعَ إطاراتٍ معدنيةً.
مظاهرُ الحضارةِ الآشوريةِ
- فنونُ القتالِ: أنشأَ الآشوريونَ جيشًا قويًّا مبنيًّا على الكفاءةِ، وتمكّنوا منَ السيطرةِ على بلادِ الرافدَينِ، ورسموا مشاهدَ الحروبِ والجنودِ على الخزفِ والمزهرياتِ والأواني المصنوعةِ منَ الطينِ.
2- فنُّ العمارةِ: برعَ الآشوريونَ في فنونِ النحتِ والعمارةِ، فبَنوا القصورَ والمعابدَ والحدائقَ العامّةَ، وزيّنوها بالنقوشِ والمنحوتاتِ.
3- الفلكُ: ألمَّ الآشوريونَ بحركةِ الكواكبِ والنجومِ والقمرِ، وتنبّؤوا بها، ووظّفوا ذلكَ في حياتِهِمُ الاقتصاديةِ والدينيةِ.
نهايةُ الآشوريينَ
بلغَتِ الدولةُ الآشوريةُ أوجَ ازدهارِها في عهدِ سرجونِ الثاني وآشورِ بانيبال، ثمَّ كانَتْ نهايتُهُمْ على يدِ الكلدانيينَ الذينَ استطاعوا احتلالَ بلادِهِمْ والسيطرةَ عليها؛ نتيجةَ الحروبِ الداخليةِ.