الحضارةُ السومريةُ (4000 – 2200 ق.م)
أتخيّلُ نفسي هناكَ: على الضفةِ الغربيةِ لنهرِ الفراتِ جنوبَ العراقِ، أستمتعُ بسحرِ المكانِ الّذي ينبضُ بتاريخٍ عريقٍ وحكايا قديمةٍ، وتتدفّقُ الأفكارُ والتساؤلاتُ حولَ الحضاراتِ القديمةِ الّتي عاشَتْ في هذا المكانِ.
يطلق اسم بلاد الرافدين على المنطقة الواقعة بين نهري دجلة و الفرات وتسمى تاريخياً وحضارياً " بلاد ما بين الرافدين)
وقد ظهرَتْ حضاراتُ بلادِ الرافدَينِ (العراقِ حاليًّا) خلالَ العصرِ الحجريِّ القديمِ، وامتدَّ تأثيرُها حتى وصلَتْ إلى مصرَ وبلادِ الشامِ، وسُمّيَتْ بهذا الاسمِ نسبةً إلى نهرَيْ دجلةَ والفراتِ، فقدْ نشأَتْ في الوديانِ الخِصبةِ ما بينَ هذَينِ النهرَينِ حضاراتٌ، منها: السومريةُ، والأكاديةُ، والبابليةُ، والآشوريةُ، والكلدانيةُ.
* أستنتجُ العواملَ الّتي ساعدَتْ على قيامِ الحضاراتِ في بلادِ الرافدَينِ.
توفر المياه وخصوبة التربة والمناخ الملائم، الاراضي السهلية وسهولة التنقل.
* أبيّنُ سببَ تسميةِ حضارةِ بلادِ الرافدَينِ "حضارةَ ما بينَ النهرَينِ".
للاشارة إلى أن تلك الحضارة نشأت بين نهري دجلة والفرات
تُعَدُّ الحضارةُ السومريةُ أقدمَ الحضاراتِ الّتي عرفَها الإنسانُ على وجهِ الأرضِ، وأطولَ حضاراتِ بلادِ الرافدَينِ عمرًا.
الموقعُ والنشأةُ
ظهرَ السومريونَ في فترةٍ مُبكِّرةٍ منَ التاريخِ، وظهرَتْ عندَهُمْ أنظمةٌ سياسيةٌ تميّزَتْ بظهورِ دولةِ المدينةِ، فكانَ لكلِّ مدينةٍ مستقلة عن الأخرى ولها أسوارُها وحكّامُها وآلهتُها وقوانينُها، مثلِ: أريدو، ولكش، والوركاءِ، واتّخذوا منْ مدينةِ أورَ عاصمةً لهمْ، وكانَتْ مركزًا تجاريًّا وثقافيًّا بارزًا.
- أستنتجُ المقصودَ بدولةِ المدينةِ.
يقصد بذلك أن الدولة تتكون من مدينة واحدة، أو بشكل آخر أن المدينة الواحدة تشكل دولة.
الحياة الاقتصادية
مارسَ السومريونَ الزراعةَ، وأقاموا القُرى الزراعيةَ على ضفافِ نهرِ الفراتِ، وقدْ أسهمَ الموقعُ الجغرافيُّ ووفرةُ المياهِ في تنوُّعِ محاصيلِهِمُ الزراعيةِ، وابتكارِ أساليبَ جديدةٍ في الرِّيِّ منْ خلالِ بناءِ السدودِ، وحفرِ القنواتِ المائيةِ، وتطويرِ أدواتٍ زراعيةٍ مثلِ المحراثِ الّذي ساعدَهُمْ على تقليبِ التربةِ واستغلالِ مساحاتٍ واسعةٍ. وارتبطَتِ الزراعةُ عندَهُمْ ارتباطًا وثيقًا بالمُعتقَداتِ الدينيةِ، إذْ أقاموا الصلواتِ والقرابينَ للحصولِ على إنتاجٍ وفيرٍ وصدِّ أخطارِ الفيضاناتِ والآفاتِ الزراعيةِ. وأتقنَ السومريونَ صناعةَ الأواني المنزليةِ وتصنيعَ الأدواتِ الزراعيةِ وصناعةَ الخزفِ.
وقد أسهم الموقعِ الجغرافيِّ الاستراتيجيِّ دورٌ مهمٌّ في توسُّعِ التجارةِ الداخليةِ والخارجيةِ والبَرّيّةِ والبحريةِ، وبَنوا لأجلِ ذلكَ الموانئَ والسُّفُنَ لتسهيلِ تبادلِ البضائعِ. وكانَتِ التجارةُ وعملياتُ البيعِ والشراءِ تتمُّ منْ خلالِ نظامِ المُقايَضةِ، وأقاموا العلاقاتِ التجاريةَ معَ البحرينِ وبلادِ الشامِ ومصرَ، ما أدّى إلى تفاعلٍ حضاريٍّ وثقافيٍّ بينَ الحضارتَينِ.
ثالثًا: مظاهرُ الحضارةِ السومريةِ
تعدّدَتْ مظاهرُ الحضارةِ السومريةِ، ومنْ أبرزِها:
- الكتابةُ المسماريةُ: تُعَدُّ أهمَّ إنجازاتِ السومريّينَ الثقافيةِ، وقدْ دُوِّنَتْ بها الأحداثُ البارزةُ والأساطيرُ والملاحمُ، مثلُ: قصةِ عشتارَ وتموزَ، وقصةِ الطوفانِ، و"ملحمةِ جلجامشَ" الَّتي تُعَدُّ واحدةً منْ أقدمِ الأعمالِ الأدبيةِ المحفوظةِ في العالمِ، وقدْ كُتِبَتْ هذِهِ الأحداثُ والأساطيرُ على قطعٍ منَ الطينِ الناعمِ باستخدامِ أداةٍ تشبهُ القلمَ. واستعملَ السومريونَ الأختامَ الأسطوانيةَ والأختامَ المُنبسِطةَ على ألواحِ الطينِ الرطبِ.
- أستنتجُ فائدةَ استخدامِ الأختامِ.
تدل على نوع من تثبيت الملكية للافراد
السببُ: لانها كتبت باشكال تشبه المسمار |
النتيجةُ: سُمِّيَتِ الكتابةَ المسماريةَ. |
- أستنتج: يُعَدُّ اختراعُ الكتابةِ حدثًا أنهى عصورَ ما قبلَ التأريخِ.
يعد اكتشاف الكتابة حدا فاصلا بين مرحلة العصور التاريخية والعصور ما قبل التاريخ ، باكتشاف الكتابة وصفه العلماء والمؤرخين بأنه حدث انهى العصور ما قبل التاريخ ودخل الانسان مرحلة جديدة .
ملحمةُ جلجامشَ: ملحمةٌ شعريةٌ وقصائدُ باللغةِ السومريةِ عنِ الملكِ السومريِّ الّذي حكمَ مدينةَ أوروكَ، وكانَ نصفَ إنسانٍ ونصفَ إلهٍ، مُزِجَ فيها الواقعُ بالخيالِ، والحقيقةُ بالأسطورةِ، إذْ كانَ واقعُها ممزوجًا بالحكمةِ وخيالُها يتّسمُ بالرمزيةِ. |
- القواعدُ القانونيةُ: وضعَ السومريونَ القواعدَ القانونيةَ عنْ طريقِ المُدوَّناتِ القانونيةِ.
- الرياضياتُ: استخدمَها السومريونَ في مشاريعِ البناءِ الخاصّةِ بهمْ، وطوّروا نظامَ العَدِّ الستّينيِّ (وهوَ نظامُ عَدٍّ قائمٌ على مضاعفةِ رقمِ 60)، وقسّموا الساعةَ إلى 60 دقيقةً والدقيقةَ إلى 60 ثانيةً، وقسّموا الدائرةَ إلى 360 درجةً.
- علمُ الفلكِ: يُعَدُّ السومريونَ أوّلَ مَنْ وضعَ التقويمَ الشمسيَّ والقمريَّ، وصنعوا العدساتِ المُحدَّبةَ والمُقعَّرةَ، وعرفوا كواكبَ المجموعةِ الشمسيةِ.
- الزقوراتُ: بناها السومريونَ على التلالِ المرتفعةِ؛ لتجنُّبِ فيضاناتِ نهرَيْ دجلةَ والفراتِ، وكانَتْ تُبنى عليها المعابدُ منَ الطوبِ الطينيِّ، والزقورةُ: صرحٌ هرميٌّ مدرَّجٌ شاهقُ الارتفاعِ، تُغلَّفُ واجهاتُها بالحجرِ وبتشكيلٍ هندسيٍّ متميّزٍ يجعلُ زواياها بالاتجاهاتِ الجغرافيةِ الأربعةِ، وجدرانُها الخارجيةُ مزخرَفةٌ، وتُعَدُّ زقورةُ " أورَ" أقدمَ الزقوراتِ التي عُرِفَتْ في بلادِ الرافدَينِ، وقد ضمّتْ بعضُ الزقوراتِ بينَ جدرانِها السميكةِ مقابرَ. واستُخدِمَتْ في العبادةِ، فقدْ تعدّدَتِ الآلهةُ عندَهُمْ وارتبطَتْ بِقُوى الطبيعةِ، مثلِ آلهةِ الشمسِ والقمر والحبِّ والحرب. وفي بعضِ الأحيانِ استُخدِمَتِ الزقوراتُ لغاياتٍ فلكيةٍ، مثلِ: مراقبةِ النجومِ.
ضعفُ الحضارةِ السومريةِ
لم يتمكن السومريونَ من الصمود أمام الغزوات الخارجية بسبب النزاعات والخلافات بين مدنهم، ما أتاح الفرصة الأكاديينَ الّذينَ كانوا يُقيمونَ إلى الشمالِ منْ بلادِ سومرَ من استغلال هذا الضعفَ فسيطروا على كافّةِ المدنِ السومريةِ، وضمّوها في دولةٍ واحدةٍ تحتَ سيطرتِهِمْ.
السببُ: ضعفُ المدنِ السومريةِ |
النتيجةُ: سيطرة الاكاديون على المدن السومرية |