التربية الإسلامية11 فصل ثاني

الحادي عشر خطة جديدة

icon

التعلم القبلي

أَوْلت الشريعة الإسلامية المرأة جُلَّ اهتمامها، وأعلت من شأنها، وأقرَّت لها جُملة من الحقوق التي تُمكِّنها من أداء دورها الفاعل في الحياة الأُسَرية والعملية.

وتشمل هذه الحقوق جوانب مادية، مثل: أهليَّتها لمُلْكية المال، والبيع، والشراء، والعمل، والميراث، والمهر.

وجوانب أُخرى اجتماعية، مثل: حقِّ التكريم، والتعلُّم، واختيار الزوج، والمشاركة في بناء الأُسْرة وتربية الأبناء.

 

الْفَهْمُ وَالتَّحْليلُ

يُقصَد بالحقوق السياسية: الامتيازات التي يتمتع بها المُواطِن، وينصُّ عليها الدستور، وتُمكِّنه من المشاركة في صنع القرارات المُتعلِّقة بإدارة شؤون الدولة.
خاضت المرأة في الإسلام مُعترَك الحياة السياسية، وعُهِد إليها بكثير من الأعمال والمهام التي تشير إلى إقرار الإسلام بذلك.

أولًا: تقديم النصيحة لولي الأمر

يُعَدُّ إبداء النصح تطبيقًا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر، وهو مسؤولية مشتركة بين الرجال والنساء، قال تعالى: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾.

- يُمكِن للمرأة أنْ تُقدِّم النصح في الشؤون العامَّة، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ». قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلَِأئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ ».
(مثال): ناقشت إحدى الصحابيات سيِّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه في قراره بخصوص مسألة تحديد مهور النساء، وذكَّرته بما في كتاب الله تعالى، فقبل سيِّدنا عمر ابن الخطّاب رضي الله عنه نصيحتها، وتراجع عن قراره.

ثانيًا: المشاركة في بناء الدولة ومؤسساتها
مارست المرأة في الإسلام حقَّها السياسي في بناء الدولة الإسلامية ومؤسساتها، وذلك عن طريق:

أ . المشاركة في صنع القرار: شاركت بعض نساء الأنصار في بيعة العقبة الثانية قبل الهجرة. وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المُنوَّرة، كانت النساء يبايعن النبي صلى الله عليه وسلم.
من الصحابيات الجليلات اللاتي بايعن النبي صلى الله عليه وسلم  في بيعة العقبة الثانية:
1) الصحابية الجليلة أُمُّ عمارة نُسَيْبَة بنت كعب الأنصارية رضي الله عنها.
2) الصحابية الجليلة أُمُّ منيع أسماء بنت عمرو رضي الله عنها.

ب. المشاركة في الهجرة: تُعَدُّ الهجرة حدثاً تاريخياًّ مُهِمًّا في الحياة السياسية، وركيزةً أساسيةً لبناء الدولة الإسلامية.

وقد شاركت النساء المسلمات في الهجرة الأولى إلى الحبشة، وتحمَّلْنَ كثيرًا من الأذى في سبيل الدعوة الإسلامية؛ إذ كانت السيِّدة رُقَيَّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها سيِّدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه في طليعة المهاجرين إلى الحبشة، مُفضِّلةً الهجرة في سبيل الله تعالى على البقاء في الأرض التي عاشت فيها طفولتها وشبابها.
بعد هجرة سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنُوَّرة، هاجرت المسلمات من أهل مَكَّة وما حولها، ومارسْنَ دورهن في تأسيس الدولة وبنائها، وتحمَّلْنَ الغربة بعدما فُرِضت الهجرة. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ﴾.

ج. ممارسة الحقِّ في إعطاء الأمان:

 - أجارت السيِّدة زينب رضي الله عنها (ابنة سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) زوجها أبا العاص الذي أُسِرَ في السنة السادسة من الهجرة واستطاع الهرب ثم استجار بزينب رضي الله عنها، فأجارته، فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم إجارتها. وقد أجمع الفقهاء على حقِّ المرأة المسلمة في منح الأمان؛ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «المُْسْلمِونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهُمْ، وَيَسْعى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ»(تَتَكافَأُ دِماؤُهُمْ: تتساوى دماؤهم في القِصاص والدِّيات لبعضهم من بعض، يَسْعى بذِِمَّتهِمْ أَدْناهُمْ: أيْ: إذا أعطى أحد المسلمين عهدًا وذِمَّةً لغير مسلم، وجب على بقيَّة المسلمين أنْ يوفوا له عهده).

 - أجارت أُمُّ هانئ رضي الله عنها (ابنة عَمِّ النبي صلى الله عليه وسلم، وأخت سيِّدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه) رجلين من المشركين، استجارا بها يوم فتح مَكَّة المُكرَّمة، فأيَّدها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «قَدْ أجََرْناَ مَنْ أجََرْتِ يَا أُمَّ هَانئٍِ».

 

ثالثًا:المشاورة في الرأي العامِّ

تبوَّأت المرأة مكانة رفيعة في العهد النبوي، وتعدَّدت الواجبات والمهام المنوطة بها. ومن ذلك، استشارتها في كثير من القضايا التي تهمُّ المجتمع:

-  كانت السيِّدة خديجة رضي الله عنها تقدم الرأي والمشورة للنبي صلى الله عليه وسلم، وظهر ذلك جَلِيًّا في موقفها حين نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء؛ إذ رجع صلى الله عليه وسلم إلى أُمِّ المؤمنين السيِّدة خديجة رضي الله عنها، فأشارت عليه أنْ يذهب إلى ابن عمِّها ورقة بن نوفل، وأنْ يُخبِره بما حدث معه؛ نظرًا إلى معرفته الواسعة بأهل الكتاب الذين عندهم أخبار الأنبياء، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورتها.

- استشار عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الناس في اختيار الخليفة الثالث، فكان للنساء دور فاعل في المشاركة في إسداء المشورة.

رابعًا: الجهاد 

شاركت النساء في الجهاد أيام النبي صلى الله عليه وسلم:

- عن أُمِّ عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى». وفي هذا إشارة إلى أنَّ النساء كُنَّ يُسهِمْنَ في خدمة المقاتلين، ويعملْنَ على إعداد الطعام لهم، وتزويدهم بالماء، ومداواة الجرحى، ونقل الشهداء.

- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بأُِمِّ سُلَيْمٍ وَنسِْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى ».

كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيح للنساء حمل السلاح في الجهاد:

- عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا، فَكَانَ مَعَهَا، فَرَآهَا أَبوُ طَلْحَةَ رضي الله عنه، فَقَالَ: «يَا رَسُولَ الله،ِ هَذِه أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ »، فَقَالَ لََا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟ » قَالَتْ: «اتَّخَذْتُهُ إنِْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، بَقَرْتُ بهِ بَطْنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ».

- وقد ورد أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرَّ قتال أُمِّ عمارة رضي الله عنه عندما رآها تُقاتِل دفاعًا عنه يوم أُحد، حين أحاط به المشركون، وتفرَّق جَمعُ المسلمين. 

 

الْإِثْراءُ وَالتَّوَسُّعُ 

شهد العالَم المعاصر منح المرأة كثيرًا من الحقوق السياسية التي تُقِرُّها الشريعة الإسلامية للمرأة، وتجيز لها ممارستها كالرجل سواء بسواء. ومن ذلك:
أ . حقُّ الانتخاب: يُقصَد به حقُّ التصويت لاختيار الأشخاص الذين ينوبون عن أفراد الأمُةَّ في تولّي السلطات العامَّة، مثل المشاركة في الانتخابات النيابية، أو البلدية، أو النقابية.
ب. حقُّ الترشُّح وتمثيل الشعب في المجالس المختلفة: يَحِقُّ للمرأة أنْ تُقدِّم نفسها إلى هيئة الناخبين لتولّي السلطات العامَّة نيابةً عنهم، مثل حقِّها في الترشُّح لمجلس النوّاب؛ ما يُمكِّنها من مراقبة السلطة التنفيذية، وتشريع القوانين والأنظمة اللازمة لتحقيق مصالح الناس.
ج. حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة: يَحِقُّ للمرأة تبوُّؤ المناصب العليا في الدولة مثل الوزارة؛ فتولّي هذه الوظائف حقٌّ مشروع لكلِّ مُواطِن ومُواطِنة؛ شرط توافر الكفاءة، والخبرة.

القيم المستفادة 

أُقَدِّرُ حرص الإسلام على منح المرأة حقوقها السياسية.

Jo Academy Logo