عربي مادة الأدب فصل أول

الثاني عشر خطة جديدة

icon

🟢 شِعر الطبيعة

🔹 تمهيد: شعر الطبيعة بشكل عام

هو الشعر الذي يتخذ من عناصر الطبيعة — الحيّة كالنبات والحيوان، أو الصامتة كالجبال والأنهار — مادةً له وموضوعًا رئيسيًا.
ويشمل مظاهر وصف مثل:

  • السماء، الشمس، القمر، النجوم.

  • الزهور، الأشجار، الأنهار، الحدائق.

  • مظاهر الجمال الطبيعي والهدوء أو القوة والعظمة في الكون.


🌿 شعر الطبيعة في الأندلس

كان شعر الطبيعة في الأندلس حالةً فنية خاصة ومتفردة، إذ فاق الأندلسيون المشارقة كمًّا وكيفًا في هذا الفن.
امتاز شعرهم بالتجديد والابتكار في التصوير والتعبير، وكثيرًا ما مزجوا وصف الطبيعة بأغراض أخرى كالغزل والمدح والرثاء.

📝 مثال من شعر ابن زيدون:
في غزله بولادة، نسي الغزل وغرق في وصف الطبيعة من شدّة تأثره بجمالها.


🌸 أسباب ازدهار شعر الطبيعة الأندلسيّ:

1️⃣ جمال الطبيعة الأندلسية:

  • الأندلس كانت تُشبه الجنّة بجمالها الفاتن، من أنهارٍ وأشجارٍ وبساتين.

  • هذا الجمال ألهم الشعراء وصفًا دقيقًا للطبيعة ومظاهرها.

مكونات الجمال:
أ- الطبيعة الخلّابة: أنهار، ظلال، أشجار، زهور.
ب- الحضارة الممزوجة بالطبيعة: حدائق مزهرة، بساتين مثمرة، مصايف جميلة، ومدن مزدهرة بالقلاع والقصور.

📝 شاهد شعري (ابن خفاجة):

يا أهلَ أندلسٍ للهِ دَرُّكُم
ماءٌ وظلٌّ وأنهارٌ وأشجارُ
ما جنةُ الخلدِ إلا في ديارِكُمُ
ولو تخيّرتُ هذي كنتُ أختارُ


2️⃣ الأثر الأدبي:

جمال الأندلس منح الشعراء إلهامًا فنيًا ومادةً تصويريةً ثريةً، ليعبّروا عن انبهارهم ببلادهم ومظاهرها الساحرة.


3️⃣ حياة اللهو والترف:

كانت الطبيعة الأندلسية مسرحًا لحياة الرفاهية والطرب ومجالس الأنس، مما ساعد على ازدهار شعر الطبيعة وتنوّعه.

🌀 التفنّن والتقسيم:
بلغ شعر الطبيعة من الدقة حدًّا جعل الشعراء يقسّمونه إلى أنواع بحسب العنصر الموصوف:

  • وصف الأنهار

  • وصف الحدائق

  • وصف الزهور

  • وصف الجبال والرياض


4️⃣ تعلّق الأندلسي بموطنه:

كان الأندلسيون مفتونين بوطنهم واعتزّوا به فخرًا وحبًّا.
📝 شاهد (ابن سفر المَريني):

في أرضِ أندلسَ تُلْتذّ نعماءُ
ولا يُفارقُ فيها القلبَ سرّاءُ
وليس في غيرها بالعيش منتفعٌ
ولا تقوم بحقّ الماءِ صهباءُ


5️⃣ سقوط المدن الأندلسية:

تحوّل شعر الطبيعة بعد سقوط المدن من الفرح والوصف إلى الحزن والرثاء، إذ صار الشعراء يقارنون بين ماضي الأندلس الجميل وحاضرها المؤلم.

📝 شاهد (ابن خفاجة في البلنسية):

عادت بساحتِك العِدا يا دارُ
ومحا محاسنَكِ البِلى والنارُ
فإذا تردّد في جنابِكِ ناظرٌ
طالَ اعتبارٌ فيكِ واستعبارُ

🕯️ ومن هذا الحزن نشأ فنّ رثاء المدن، ومن أبرز شعرائه أبو البقاء الرندي:

لكلّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ
فلا يُغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
وهذه الدارُ لا تبقي على أحدٍ
ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ


🎨 الخصائص الفنيّة لشعر الطبيعة الأندلسي:

1️⃣ الهُوية الأندلسيّة:

إصرار الشاعر على أن الأندلس أجمل بقاع الأرض، وأن جمالها فريد لا يُضاهى.

2️⃣ الزخرفة والتزيين البديعي:

استخدام واسع للمحسّنات اللفظية كـ السجع والجناس والمقابلة مما أعطى الشعر موسيقى عذبة.

3️⃣ غلبة التصوير الفني:

  • استخدام الخيال والتشبيه والاستعارة لنقل الجمال الحسي إلى صورٍ فنية.

  • التشخيص والتجسيم: إضفاء صفات إنسانية على الجمادات.
    🩵 مثل: تصوير الجبل كأنه وقورٌ صامتٌ يفكّر في العواقب.


🏞️ شاهد من قصيدة الجبل لابن خفاجة (البيت الأخير حفظ):

فَحَتَّى مَتى أَبقى ويَظعنُ صاحِبٌ
أُوَدِّعُ مِنهُ راحِلًا غَيرَ آيِبِ

🪶 ابن خفاجة (450 – 533 هـ)
شاعر وُلد في جزيرة شُقر شرق الأندلس، لُقّب بـ "الشاعر الجَنّان" و**"صنوبريّ الأندلس"** لكثرة وصفه للبساتين والطبيعة الغنّاء.