اقرأ الأمثلة الآتية ثمّ ألاحظ الكلمات الملوّنة :
- قال تعالى: "وكلَّمَ اللهُ موسى تكليمًا ."
- شكرتُ صديقي شكرًا جزيلًا .
- قال تعالى: "وترى الجبالَ تحسبها جامدةً وهي تمرُّ مرَّ السّحابِ."
- زارَ أخي المدينةَ زيارتينِ.
- ركضتُ في السّباقِ ركضَ الفائزِ.
- قرأتُ الكتابَ قراءتينِ.
تأمّل الأمثلة السّابقة، ستلاحظ أنّ كل مثال منها يحتوي على اسمٍ منصوبٍ مأخوذٍ من لفظ الفعل الّذي سبقه. ففي "كلّم اللهُ موسى تكليمًا "، جاءت كلمة "تكليمًا " لتؤكّد وقوع الفعل "كلّم". وفي "شكرتُ صديقي شكر ًا جزيلًا "، لم تكتفِ الكلمة بتأكيد الشّكر فقط، بل وصفت نوعه بأنّه "جزيل".
وفي المثال القرآني "تمرُّ مرَّ السّحابِ"، لم يقتصر الأمر على تأكيد المرور، بل بيّن نوعه بأنّه كمرور السّحاب الّذي يوحي بالسّرعة. أمّا في "زارَ أخي المدينةَ زيارتينِ" و"قرأتُ الكتابَ قراءتينِ"، جاءت الكلمة لتبيّن عدد مرات وقوع الفعل بدقّة.
هذه الأسماء الّتي تحمل معاني التّأكيد أو التّبيين للنّوع أو العدد تُسمى المفعول المطلق.
- مفهوم المفعول المطلق وأنواعه:
المفعول المطلق: هو مصدر منصوب يأتي بعد الفعل لتوكيده، أو لبيان نوعه، أو لبيان عدده، ويُشتق من لفظ الفعل نفسه.
أنواعه:
- المفعول المطلق المؤكِّد للفعل: هو الّذي يأتي لتأكيد معنى الفعل دون أن يتبعه وصف أو عدد. ويكون الهدف منه رفع احتمال الشّك في وقوع الفعل.
مثال: فهمتُ الدّرسَ فَهْمًا .
- المفعول المطلق المُبَيِّن للنّوع: هو الّذي يأتي لبيان نوع الفعل، ويتبعُه وصف (نعت) أو إضافة (مضاف إليه).
مثال: سجدتُ للهِ سجودَ الشّاكرينَ. (أضافت كلمة "الشّاكرين" نوع السّجود)
مثال: قفزَ اللاعبُ قفزًا عاليًا . (وصفت كلمة "عاليًا " نوع القفز)
- المفعول المطلق المُبَيِّن للعدد: هو الّذي يأتي لبيان عدد مرّات حدوث الفعل.
مثال: ركعتُ في صلاتي ركعتينِ.
مثال: طرقتُ البابَ خمس طرقات.
نائب المفعول المطلق
هو اسمٌ يأتي ليحل محلَّ المفعول المطلق المحذوف، ويأخذ نفس حكمه الإعرابيّ وهو النّصب. أي أنّه يقوم بنفس وظيفة المفعول المطلق في الجملة، ولكن بكلمة مختلفة.
هناك عدة أنواع من الكلمات الّتي يمكن أن تكون نائبًا عن المفعول المطلق، ومن أبرزها:
- كلّ أو بعض،
مثال: أُعرض عن قراءة الرّوايات بعضَ الإعراض.
أصل الجملة ( أُعرض عن قراءة الرّوايات الإعراض بعضه)
- صفة المصدر: يأتي هذا النّوع ليدلّ على المصدر المحذوف.
مثال: نمتُ كثيرًا.
أصل الجملة: نمتُ نومًا كثيرًا .
- اسم الإشارة: يُستخدم للإشارة إلى المصدر، ويأتي بعده المصدر نفسه.
مثال: أحببتُك هذا الحبَّ.
(أصل الجملة: أحببتُك حبًّا هذا الحبَّ).
- اسم العدد: يأتي ليدل على عدد المرّات الّتي وقع فيها الفعل.
مثال: سجدتُ للهِ أربعَ سجداتٍ.
(أصل الجملة: سجدتُ سجداتٍ أربعَ).
- المرادف (الاسم الّذي يحمل نفس معنى المصدر): هو كلمة لها نفس معنى المصدر، ولكنها ليست من لفظ الفعل.
مثال: (فرحتُ سرورًا )
كلمة "سرورًا " مرادف لكلمة "فرحًا .
- اسم الآلة: وهو اسم يدلّ على الأداة الّتي تمّ بها الفعل.
مثال: (ضُربَ اللصَّ سوطًا ).
أصل الجملة: ضربَ اللصَّ ضربَ سوطٍ.
- نستنتج أنَّ: نائب المفعول المطلق هو اسم منصوب يحل محل المصدر المحذوف، ويقوم بنفس وظيفته في تأكيد الفعل أو بيان نوعه أو عدده.
- المصدر النائب عن فعله
هو حالة خاصة من حالات المفعول المطلق، فهو مصدر يأتي في الجملة دون وجود فعله، وينوب عنه ليؤدي معناه ويقوم بوظيفته، ويأتي دائماً منصوبًا ، ويُعرب على أنّه مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا .
- أشهر حالاته:
يأتي المصدر نائبًا عن فعله في عدة مواضع، منها:
- سياق الأمر أو الطّلب:
صبرًا على الشّدائد. (والتّقدير: اصبرْ صبرًا).
اجتهادًا في دروسك. (والتّقدير: اجتهدْ اجتهادًا).
- للدّعاء أو التّمني:
سُقيًا لك أيّها البطل. (والتّقدير: سقاكَ اللهُ سُقيًا ).
رحمةً من الله. (والتّقدير: اطلبْ رحمةً).
3- التّوبيخ في الاستفهام:
أبخلًا وأنت واسع الغنى؟ ( والتّقدير: أتَبْخَلُ بُخْلاً وأنت واسع الغنى؟)
- نستنتج مما سبق، المصدر النّائب عن فعله هو وسيلة بلاغيّة لإيجاز الجملة وإعطائها قوة وتأكيدًا ، حيث يُحذف الفعل ويُكتفى بالمصدر الدّال عليه.
يرد المصدر النّائب عن فعله في الأقوال السّائرة والمأثورة بكثرة، والسّبب في ذلك هو تحقيق الإيجاز والتّركيز والقوّة في التّعبير، حيث يُحذف الفعل لأن وجوده مفهوم من السّياق.
- أمثلة على المصدر النّائب عن فعله:
- في الأقوال المأثورة "سمعًا وطاعةً
أصل القول: نَسمعُ سمعًا ونطيعُ طاعةً.
هنا، حُذف الفعل للدّلالة على الاستجابة الفوريّة والكاملة. فالمصدر "سمعًا " و"طاعةً" جاءا ليؤكّدا على فعل السّمع والطّاعة الّذي تمّ بالفعل.
" – شكرَا .
أصل القول: أشكرُكَ شكرًا .
في هذا الرّد الموجز، حُذف الفعل "أشكر" للاختصار، وبقي المصدر "شكرًا " ليقوم بوظيفة التّأكيد على الشّكر والامتنان.
والعديد من الاقوال مثل: حمدًا لله، لبيّك، معاذ الله، عجبًا، حذف الفعل في هذه الحالات يمنح القولَ قوةً وتأثيرًا بلاغيًا ، ويجعله يبدو حاسمًا ومطلقًا ..
- إعراب المفعول المطلق والنّائب عنه
يمكن تلخيص إعراب المفعول المطلق ونائبه في ثلاث حالات رئيسة:
1. المفعول المطلق (المصدر):
"لتأكيد الفعل" "لبيان النّوع" "لبيان العدد"
علامة نصبه: تكون حسب نوع الاسم (الفتحة للمفرد، الياء للمثنّى، الكسرة لجمع المؤنّث السّالم).
يُعرب دائمًا : نائب عن المفعول المطلق منصوب.
يأتي هذا الإعراب عندما تكون الكلمة ليست مصدرًا من لفظ الفعل، ولكنّها حلّت محله (مثل: اسم العدد، اسم الإشارة، أو صفة المصدر).
يُعرب دائمًا : مفعول مطلق منصوب لفعل محذوف وجوبًا .
يُستخدم هذا الإعراب عندما يأتي المصدر لوحده في الجملة دون وجود فعله.