الدراسات الإسلامية فصل ثاني

التوجيهي أدبي

icon

  التعلّم القبليّ

    جعل الله تعالى النوم نعمةً للإنسان؛ إذ يستعيد به الراحة والنشاط، ويتجدد فيه العزم ليومٍ آخر يبتغي فيه الخير، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9].

   وقد أرشدنا سيدنا رسول الله ﷺ إلى مجموعةٍ من الآداب قبل النوم وبعده، مثل: النوم على طهارةٍ، وقراءة آية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، وسورة الإخلاص، والمعوذتين، قال رسول الله(الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سورةِ البقرةِ مَنْ قَرَأَهما في ليلةٍ كَفَتَاهُ) [رواه البخاري ومسلم]، فيكون الإنسان بذلك في حِفْظ الله تعالى.

  أتدبّر وأَستخرجُ

أتدبّر النصين الشرعيين الآتيين، ثم أَستخرجُ منهما آداب النوم التي يُسنُ للمؤمن الحرص عليها:

النص الشرعي آداب النوم
قال رسول الله ﷺ: (إذا أَوَى أحدُكم إلى فِرَاشِهِ فَلْيَقُلْ: باسْمِكَ ربِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وبِكَ أَرْفَعُه، إنْ أَمْسَكَتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وإنْ أَرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تحفظُ به عبادَكَ الصالحين) [رواه البخاري]. الحرص على قراءة الأذكار عند النوم.
كان رسولَ اللَّهِ يُعلِّمُ أصحابه إذا فزعوا من النوم أن يقولوا: (أعوذُ بِكَلماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، من غَضبِهِ وشرِّ عبادِهِ، ومن هَمزاتِ الشَّياطينِ وأن يحضُرونِ) [رواه أبو داود]. الحرص على التعوّذ بالله تعالى من شر الشيطان الرجيم بعد الاستيقاظ من النوم

 

الفهم والتحليلُ

 اعتنى الإسلام بالإنسان في كل أحواله، ومنها حالة النوم وما يراه فيه من الرؤى والأحلام.

أَولًا: مفهوم الرؤى والأحلام 

أتوقف

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (رؤيا الأنبياء وحيٌ) [رواه الحاكم في المستدرك]، أي إنّها حقٌّ من الله تعالى. ولهذا امتثل الأنبياء عليهم السلام أمر الله تعالى في الرؤى، وسَارَعوا إلى تطبيق ما فيها من توجيهات.

قالت أُمّ الْمُؤُمِنِينَ السيدة عائِشَةَ رضي الله عنها: (أَوَّلُ مَا بُدِىءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ مِنَ الْوَحْيِ الرؤيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ) [رواه البخاري].

الرؤى: هي ما يراه النائمُ من البشائر بالخير أو التحذير من الشرّ.

الأحلام: هي ما يراه النائمُ من الأمور المختلطة غير الواضحة والمُشَوَّشة.

   وتظهر بين الرؤى الصادقة والأحلام مجموعة من الفروق، أهمها: اشتمالُ الرؤى الصادقة على بِشَارةٍ أو تحذيرٍ من الله تعالى، واشتمال الأحلام على خليطٍ من وساوسِ الشيطان وأحاديث النفس. قال رسول الله (إذا رَأَى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يُحِبُّها، فإنَّها مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها، وإذا رَأَى غيرَ ذلكَ ممَّا يَكْرَهُ، فإنَّما هي مِنَ الشَّيْطانِ) [رواه البخاري].

أَتأملُ وأُصنِّفُ

أتأملُ الفرق السابق بين الرؤى والأحلام، ثُمَّ  أُصنِّفُ النصين الشرعيين الآتيين إلى رؤيا أو حُلُم:

النصُّ الشرعي رؤيا/حلُم
قال رسول الله ﷺ: (ومنها جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) [رواه ابن حبان]. رؤيا
قال رسول الله ﷺ: (مِنْها أَهاوِيلُ مِنَ الشيطانِ لِيَحْزُنَ بِها ابنَ آدمَ) [رواه ابن ماجه]. حُلُم

 

ثانيا: آداب التعامل مع الرؤى والأحلام

أرشدنا سيدنا رسول الله ﷺ إلى مجموعة آداب ينبغي التأدب بها بعد الرؤى والأحلام، منها:

أ) أن يحمد الرائي ربَّه سبحانه على الرؤيا الطيبة، قال رسول الله (إذا رَأَى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يُحِبُّها، فإنَّها مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها) [رواه البخاري].

ب) ألّا يُحدِّث بالرؤيا الطيبة إلا مَن يُحبُّ له الخيرَ، ولا يُطْلِع عليها الحاسِدَ والعدوَّ والمُبْغِض، ومَن يُضْمِرُ له الشرّ، قال رسول الله ﷺ: (إِنْ رأى رؤْيا حَسَنةً فلْيُبَشِّرْ وَلَا يُخْبِرْ بها إلَّا مَنْ يُحِبُّ) [رواه مسلم].

ج) أن يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم عند رؤية الأحلام المزعجة، وأن ينفخ عن يساره ثلاثًا، قال رسول الله ﷺ: (وإنْ رأى ما يَكْرَهُ فَلْيَتْفِلْ عن يساره ثلاثًا، ولْيَتَعَوَّذْ باللهِ مِن شرِّ الشيطانِ وشرِّها) [رواه مسلم] (فَلْيَتْفِلْفَلْيَنْفُخْ).

د). ألّا يروي أحلامَه المزعجةَ لأحدٍ، فيتسرّع بتفسيرٍها له بمكروهٍ، فيصيبه من ذلك الهمُّ والخوفُ. قال رسول الله ﷺ: (ولا يُحدِّثْ بها أحدًا، فإنَّها لنْ تَضُرَّهُ) [رواه البخاري].

 

أتدبرُ وأَناقش

أتدبرُ قوله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يوسف:5]، ثم أناقشُ أفراد مجموعتي في سبب وصيّة نبي الله سيدنا يعقوب ﷺ لابنه نبي الله سيدنا يوسف ﷺ ألّا يُخْبِرَ إخوته بالرؤيا التي رآها في منامه.

لأنه خاف على ابنه يوسف عليه السلام من حسَدِ إخوته له، لمكانته من أبيهم يعقوب عليه السلام، ولأنّ الرؤيا فيها بشارةٌ بأمرٍ عظيمٍ ليوسف عليه السلام، سيكون علمُهم بها سببٌ آخرُ لحسَدِهم له، مما يدفعهم إلى إيذائه.


ثالثًا: أخطاء التعامل مع الرؤى والأحلام

 يقع كثير من الناس في مخالفاتٍ وأخطاءَ عند التعامل مع الرؤى والأحلام، منها:

أ. المبالغة في الانشغال طوالَ الوقت فيما يراه الإنسان في

أتوقف
يربط كثيرٌ من الناس بين صلاة الاستخارة أو صلاة الحاجة، وبين الرؤى والأحلام، حيث يجعلون علامة قبول الاستخارة أو تحقُّق ما يرجون من صلاة الحاجة متوقِّفًا على ما يرونه في منامهم، وكل ذلك غير صحيح.

منامه؛ ما يؤدي إلى الشعور بالخوف والقلق والترقُّب.

ب. عقد برامج ومجالس لتفسير الأحلام قد تُحْرِج الرائي، أو تُوْقِعُه في خصوماتٍ مع آخرين.

ج. دفع أموال لقاءَ تفسير الأحلام، حتى أصبح ذلك مجالًا للتكسُّب عند بعض الناس، وطريقًا لاستغلال الدجَّالين للنّاس.

د. تفسير بعض الناس الرؤى والأحلام من غير علم.

هـ. لجوءُ بعض ضعاف النفوس إلى اختلاق عددٍ مِن الرؤى والأحلام، وهذا من أكذب الكذب الذي جاء به الوعيد؛ كما قال سيدنا رسول الله ﷺ: ( إنَّ مِنْ أَفْرَى الفِرَى أنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ ما لمْ تَرَ) [رواه البخاري].

 

أَتأملُ وأُصنِّف

أَتأملُ الحالات الآتية، ثم أَكتشفُ الخطأَ السلوكيَّ في كلٍّ منها:

1. انشغال الإنسانِ بتفسير بعض الناس لكلِّ ما يَعْرِضُ له في منامِه.

المبالغة والانشغال بتفسير الإنسان لكل ما يراه في منامه، لأنّ كثيرًا منها يكون حديثَ نفسٍ.

2. تصدِّي بعض الأشخاص لتفسير أحلام الناس مِن غير علمٍ.

ادّعاء معرفة تفسير الرؤى من غير علمٍ يُعدّ من الكذب، ويُوقِعُ الناسَ في المشاكل.


رابعا: نماذج من الرؤى في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهَّرة

1. الرؤى في القرآن الكريم: جاء ذكر الرؤى في مواضع متعددة من القرآن الكريم، منها: 
الرؤيا تحققها

أ. رؤيا سيدنا يوسف عليه السلام، قال تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف:4].​​​​​​

وهذه الرؤيا جاء تحقيقها عندما أصبح سيدنا يوسف عليه السلامُ عزيزَ مصر، وجاء بأبويه وإخوته ليسكنوا معه بمصر، فلمَّا دخلوا عليه، أجلس أَبَوْيه على عرشِه، وسجد له أَبَوَاه  وإخوتُه سجودَ تكريمٍ وتعظيمٍ، فتحققت بذلك الرؤيا. قال تعالى:{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف:100].
 ب. رؤيا سيدنا محمد ﷺ،  إذ رأى في العام السادس للهجرة أنه يدخل مع أصحابه رضي الله عنهم مكة المكرمة معتمرين، قال تعالى: {لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ} [الفتح:27]. فذهب  مع أصحابه في العام نفسِه إلى مكة للعُمْرة، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك في تلك السَّنَة؛ لأنهم وقَّعوا مع قريشٍ صُلْح الحديبية، الذي من بنوده أن يعود المسلمون العام القادم للعمرة، وقد تحقَّقت الرؤيا في العام السابع للهجرة بأنْ كانت عمرة القضاء.
2. الرؤى في السنَّة النبوية: ورد عن سيدنا رسول الله ﷺ مجموعة من الرؤى، منها:
الرؤيا تحقُّقها

أ. رأى سيدنا رسول الله ﷺ في المنام دار الهجرة (المدينة المنورة) قبل ذهابه إليها. قال رسول الله ﷺ: (إِنِّي أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ) [رواه البخاري] (لابَتَيْن: حَرَّتين، والحَرَّة: الأرض ذات الحجارة السوداء).

 

ب. رأى سيّدُنا رسول الله ﷺ قبل يومِ أُحُدٍ سيفًا مقطوعًا، وبقَرًا تُذْبَح، فأخبر بذلك أصحابَه رضي الله عنهم في مَعْرض مناقشتهم له أن يخرجوا لملاقاة المشركين خارج المدينة، أو يبقوا في داخلها.

وقد فسَّر سيدُنا رسولُ الله ﷺ ذلك بعد المعركة بانكسار المسلمين في أُحُدٍ، وقتْلِ عددٍ كبيرٍ منهم؛ إذ قال ﷺ: (رأيتُ في رُؤيَايَ هذه أنِّي هَزَزْتُ سيفًا، فانقطع صدرُه، فإذا هو ما أُصِيبَ مِن المؤمنين يومَ أُحُدٍ، ورأيتُ فيها أيضًا بَقَرًا تُذْبَح) [رواه البخاري ومسلم].

 

أَرجعُ وأُبيِّنُ

أرجعُ إلى تفسير ابن كثير، ثم أبيّنُ ما ورد فيه من تفسيرٍ للآيات الكريمة من سورة يوسف التي تناولت رؤيا عزيز مصر. قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف:43].

هَذِهِ الرُّؤْيَا مِنْ مَلِك مِصْر كَانَتْ سَبَبًا لِخُرُوجِ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ السِّجْن مُعَزَّزًا مُكَرَّمًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَلِك رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا فَتَعَجَّبَ مِنْ أَمْرهَا وَمَا يَكُون تَفْسِيرهَا، فَجَمَعَ كِبَار دَوْلَته وَأُمَرَاءَهُ فَقَصَّ عَلَيْهِمْ مَا رَأَى وَسَأَلَهُمْ عَنْ تَأْوِيلهَا، فَلَمْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ، فَعِنْد ذَلِكَ تَذَكَّرَ الغلامُ الَّذِي نَجَا مِنْ السِّجْن يُوسُف عليه السلام.

فلمَّا ذهب إلى سيِّدنا يوسف عليه السلام ليسأله عن تعبير الرؤيا، قالَ يوسف عليه السلام: {تَزْرَعُونَ سَبْع سِنِينَ دَأَبًا} أَيْ: يَأْتِيكُمْ الْخِصْب وَالْمَطَر سَبْع سِنِينَ مُتَوَالِيَات؛ فَفَسَّرَ الْبَقَر بِالسِّنِينَ لِأَنَّهَا تُثِير الْأَرْض الَّتِي تَشْتَغِل مِنْهَا الثَّمَرَات وَالزُّرُوع وَهُنَّ السُّنْبُلَات الْخُضْر. ثُمَّ أَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا يَعْتَدُّونَهُ فِي تِلْكَ السِّنِينَ، لِيَنْتَفِعُوا فِي السَّبْع الشِّدَاد وَهُنَّ السَّبْع السِّنِينَ الْمَحْل الَّتِي تَعْقُب هَذِهِ السَّبْع الْمُتَوَالِيَات وَهُنَّ الْبَقَرَات الْعِجَاف اللَّاتِي تَأْكُل السِّمَان؛ لِأَنَّ سِنِيَّ الْجَدْب يُؤْكَل فِيهَا مَا جَمَعُوهُ فِي سِنِي الْخِصْب وَهُنَّ السُّنْبُلَات الْيَابِسَات، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُنَّ لَا يُنْبِتْنَ شَيْئًا.

ثُمَّ بَشَّرَهُمْ بَعْد الْجَدْب الْعَامّ الْمُتَوَالِي بِأَنَّهُ يَعْقُبهُمْ بَعْد ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاث النَّاس؛ أَيْ: يَأْتِيهِمْ الْغَيْث وَهُوَ الْمَطَر وَيَعْصِر النَّاس مَا كَانُوا يَعْصِرُونَ عَلَى عَادَتهمْ مِنْ زَيْتٍ وَنَحْوه.


 

صُورٌ مشرقة

يختلف تعبيرُ الرؤى وتفسيرُها للناس تبعًا لاختلاف حال الرائي.

ومثال ذلك أنّ رجُلًا رأى في المنام أنه يُؤذِّن، فذهب إلى محمد بن سيرين رحمه الله لِيُفَسِّر له رُؤياه، فقال له: تحُجُّ هذا العام.

وجاءه رجلٌ آخر رأى أنه يُؤذِّن، فقال له: سوف تَسْرِقُ وتُعَاقَب على ذلك.

فلمَّا سُئِل عن سبب اختلاف تفسيره للرُّؤيَتَيْنِ قال: رأيت في الرجل الأول الصلاحَ، فتأوَّلتُ قوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج:27]، ورأيت في الثاني هيئةً لا تُرْضِيني، فتأوَّلتُ قولَه تعالى: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف:70].

 

الإثراء والتوسُّع        

* المرجع المعتبر لتفسير الرؤى:

   إذا عرضت لإنسان رؤيا في منامه ورغب في تفسيرها، فعليه أن يتحرَّى أهلَ العلم والدراية، والتقوى والسيرة الحسنة، لِيَقُصَّها عليهم، ولا يعتمد على ما طُبِع مِن مؤلفاتٍ في تفسير الرؤى والأحلام، ولا يُطالِع ما كُتِبَ في المواقع الإلكترونية، أو ما يُعْرَض في القنوات الفضائية، أو ما يتداوله عامَّةُ الناس من تفسيرات.

 

* موقف المسلم من تعبير الرؤى:

أ. وفي كل الأحوال لا بد أنْ نُوْقِن أنَّ تعبير المُعَبِّر للرُّؤى ليس قطعيًّا، بل هو ظنيٌّ قد يخطئ وقد يصيب.

ب. وأنَّه يتعيَّنُ على المسلم ألّا ينشغل بذلك؛ حتى لا يبقى أسيرًا للأوهام.

ج. يجب العلم بأن الرؤى والأحلام لا تترتَّبُ عليها أحكامٌ شرعية؛ فلو رأى رجلٌ أنه طلَّق زوجته في المنام فلا يقع الطلاق، ولو رأى أنَّ جارَه يسيء إليه في المنام، فلا يجوز له أن يتخذ بسبب الرؤيا موقفًا تجاه جَارِه.

د. بل يتعيَّنُ عليه الأخذُ بالأسباب والتوكُّل على الله تعالى في كل الأحوال.

 

* شروط مفسِّر الرؤى:

يجب على مَن يتصدَّى لتفسير الرؤى أن يتصف بمجموعةٍ من الصفات، أهمها:

أ. التحلِّي بالتقوى والعفة.

ب. العِلم والإحاطة بالرؤى والأحلام.

ج. محاسَبة النفس على تفسيره.

د. حفْظُ أسرار الناس وخصوصيّاتهم.

هـ. فِعْلُ ذلك تقرُّبًا إلى الله تعالى.


 

 

دراسة معمقة

أُفرِدَت دراساتٌ وبحوثٌ عديدة للحديث عن موضوع الرؤى والأحلام، مثل الرسالة الجامعية: (الرؤى والأحلام في السنة النبوية: دراسةٌ وجمع وتصنيفٌ وتخريج)، التي قدم فيها الباحث تفصيلا لمفهوم الرؤى، وكيفية حدوثها، وأقسامها عند علماء الإسلام، وموقف علماء النفس منها، ثم انتقل للحديث عن الرؤى في القرآن الكريم، والرؤى في السنَّة النبوية من حيث: المصدر، وقواعد التعبير، والفوائد.

باستخدام الرمز المجاور، أرجع إلى هذه الرسالة، ثم أتعمق في دراسة علامات الرؤى الصادقة، وفوائدها في الإسلام، قال الله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ[يوسف:36].

 

الإجابة: علامات الرؤى الصادقة، وفوائدها:

انطباع الرؤى بتفاصيلها في حفْظِه، وسرعة انتباه الرائي وإدراكه لها، وأن تكون من رؤى الأسحار مع تنزُّل الملائكة، وقد تكون لحظة دخول الرائي في النوم أو خروجه من النوم.

ومن فوائدها أنها طريق لتلقّي التكاليف الشرعية للأنبياء عليهم السلام، ووسيلةٌ للتعرّف على حال الأموات، وطريق لمعرفة بعض الغيب، بالتحذير من الشرّ، أو التبشير بالخير.


 

القيم المستفادة

أستخلص بعض القيم المستفادة من الدرس.

  1. ألتزم الآداب النبوية في التعامل مع ما أراه أثناء النوم.
  2. أحرص على عدم الانشغال بما أراه في منامي.
  3. أستذكر الرؤى الصادقة التي ورت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.