التربية الإسلامية فصل أول

التاسع

icon

مقدّمة

خلق الله تعالى الإنسان وهيّأ له أسباب الحياة كلّها، وأسبغ عليه نِعَمًا ظاهرةً وباطنةً لا تُحصَى، قال الله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، وإنّ هذه النّعم الّتي رزق الله تعالى بها عباده؛ رفقًا بهم ورحمة.

 

أولًّا: معنى الرِّزق

  • الرِّزق هو كلّ ما أنعم الله تعالى به على مخلوقاته من أسباب الحياة المادّيّة والمعنويّة، ومتاعها كالمال والمسكن والصّحة وغيرها. قال تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ).
  • ولم يطلب الله تعالى من عباده مقابل تلك النّعم أجرًا، بل أمرهم بشكره على ذلك، وعبادته وطاعته، وكلُّ ذلك لمنفعتهم، قال الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)).

 

ثانيًا: السعي في طلب الرّزق

  • طرق كسب الرِّزق كثيرة، ومتنوّعة، وأهمّها: السّعي والعمل للحصول على المال، وقد يستدعي ذلك السّفر وترك الأهل والوطن، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).
  • ومع أنّ المال مُقَدّر من عند الله تعالى، إلّا أنّه يجب على الإنسان العمل والأخذ بالأسباب للحصول عليه؛ فالفلّاح يبذر الحبّ في الأرض ويعتمد على الله تعالى في النّتائج.
  • وأبواب الرّزق كثيرة؛ فعلى الإنسان أن يسعى إليها لتحصيل الرّزق، وأن يبذل قُصارَى جهده فيها، فإن أصاب خيرًا حمد الله، وإن فاته شيءٌُ من الرزق لم ييأس من رحمة الله، وأعاد المحاولة مرّة أخرى.
  • على أن يكون في كلّ الأحوال طالبًا للرزق ضمن الوسائل المشروعة، لا بالطّرُق المُحَرَّمة غير المشروعة، كالسرقة أو أكل مال النّاس بالباطل، أو الرشوة، وما شابه ذلك.
  • وعلى المسلم أن يكون متيقنًا بأنّ ما كتبه الله تعالى من رزق سيناله من دون نقصان قبل أن يموت، فعليه ألّا يستعجل في طلب رزقه بسلوك غير مشروع، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:  (لَا يَسْتَبْطِئَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ رِزْقَهُ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقَى فِي رُوعِيَ أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ رِزْقَهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنِ اسْتَبْطَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ رِزْقَهُ، فَلَا يَطْلُبْهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ فَضْلُهُ بِمَعْصِيَةٍ).

 

ثالثًا: تفاوت الأرزاق بين النّاس

  • تصوَّر لو أنّ النّاس جميعًا تساووا في أرزاقهم فماذا يحصل؟ هل ستجد عاملًا، أو مزارعًا أو طبيبًا أو مهندسًا؟ وهذا ما يجيبنا عنه سبحانه وتعالى في قوله: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، وهذا يعني أنّ الأرزاق متفاوتة ليعمل النّاس عند بعضهم بعضًا كلٌّ حسب مهارته وتخصّصه، فتستقيم الحياة عندئذٍ.
  • ويبسط الله تعالى الرّزق للغني ليختبر شكره بإخراج حقّ الله تعالى فيه.
  •  ويضيّق الرِّزق على الفقير ليختبر صبره ورضاه بما قسم الله تعالى له فلا يجزع, ولا يتذمّر.
  • فعلى الإنسان أن يوقن بأن الفقر ليس عقوبة من الله تعالى، وأن الغنى ليس تكريمًا، فالله تعالى أعلم بعباده، ويعلم ما ينفع كلًّا منهم، وأنّه جعل التّفاوت في الرِّزق ليستمرّ الجميع في العطاء والعمل.

 

القيم المستفادة من الإيمان بأنّ الرزق من عند الله تعالى

  • أطمئن على رزقي، فلا أقلق إذا نقص، ولا أبطر إذا كثر.
  • أطلب الرّزق بطاعة الله تعالى، فأتحرّى طرق الكسب الحلال.
  • أُعَظِّم نعم الله تعالى على عباده.
  • أُوقن بأنّ الله تعالى إذا أغلق بابًا للرّزق يفتح غيره.