حرص الإسلام على تكوين شخصية متميزة للإنسان المسلم؛ ليقيم حياته وفق منهج هذا الدين العظيم، وليعيد للإنسان حريته، وليحرره من قيود العبودية والتبعية لغير الله تعالى.
مفهوم الشخصية الإسلامية
هي الشخصية القائمة على الانقياد لأوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله ﷺ وتستقي قيمها من كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ، وبذلك تكون قادرة على تحقيق الخيرية التي أرادها الله تعالى في قوله سبحانه: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ".
معالم الشخصية الإسلامية
للشخصية المسلمة معالم عديدة، منها:
- الاهتداء بقيم القرآن الكريم والسنة النبوية، فالقرآن الكريم والسنة المطهرة هما المصدران الأساسيان اللذان يستمد منهما المسلم أحكامه وقيمه وتصوره للحياة.
- الالتزام بأخلاقيات الإسلام وسلوكياته.
- فالشخصية الإسلامية شخصية أخلاقية.
- أخلاقها نابعة من إيمانها بالله تعالى.
- غايتها رضا الله تعالى.
- تتعامل مع البشر كافة بغض النظر عن عرقهم أو لونهم أو دينهم أو أصلهم بأخلاق راقية.
- وهذا سرُّ تميز الشخصية الأخلاقية للمسلم وعدم تبعيتها، فالمسلم يدرك ما عليه من واجبات تجاه مجتمعه ووطنه.
- الاعتزاز بالعبودية لله تعالى وحده لا شريك له، ودعوة الناس إليها، قال الله تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ".
- الاعتزاز باللغة العربية الفصيحة، لغة القرآن الكريم، حيث نربطها بحديثنا ومعاملاتنا. وهذا لا يعني عدم جواز تعلم اللغات الأخرى؛ فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: أمرني رسولُ الله ﷺ أن أتعلم له كلماتٍ من كتابِ يهودَ.
- السعي إلى التميُّز، واستثمار الطاقة الإيجابية التي أودعها الله تعالى في النفس والكون، لتعمير الأرض، وإقامة شرع الله تعالى، قال تعالى: "وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، وسعي المسلم إلى استقلال الشخصية يتطلب منه:
- ألا يكون اتكاليًا على الآخرين.
- ألا يستهين بما عنده من طاقات ومواهب.
- قال رسول الله ﷺ: "لا يحقرنَّ أحدُكمْ نفسَهُ"، وهذا لا يعني عدم جواز الإفادة من الآخرين في المجالات التي تخدم البشرية، وإنما الأمر المذموم، هو التقليد الأعمى والأخذ من الآخرين من غير تمييز، مع الاتكال عليهم، الأمر الذي يؤدي إلى الكسل والتواني وترك السعي إلى النهوض والتميز والإتقان في العمل.
العوامل التي تؤثر سلبًا في سمات الشخصية المسلمة
توجد عوامل كثيرة تؤثر في سمات الشخصية المسلمة، منها:
- تلقي الأفكار والمعلومات عن الحياة من مصادر غير موثوقة، بما يخالف المصادر الأصيلة (القرآن الكريم والسنة النبوية، وعلماء الأمة الثقات)، ما يوقعه في فهمٍ خطأ أو منحرف لمراد الله تعالى، فقد قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا".
- التقليد والتبعية:
- إن من أكثر العوامل التي تؤثر سلبًا في الشخصية الإسلامية، أن يتبع الإنسان غيره تبعية عمياء، في قوله أو فعله أو اعتقاده، من غير دليل ولا تفكر ولا إدراك؛ ما يؤدي إلى تنكره لقيم أمته وتاريخها وأخلاقها، ويورث الضعف والانهزامية أمام الآخرين؛ بسبب الاحتياج إليهم، والتبعية لهم.
- ذمّ الله تعالى التقليد والتبعية في آيات كثيرة من القرآن الكريم، منها ذمُّهُ تعالى للمشركين حين عللوا تمسكهم بشركهم باتباع عقيدة آبائهم، فقال: " وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ".
- وقد حذر النبي ﷺ أفراد أمته من التبعية العمياء، وأمر باتباع الحق والعدل بعد التفكر والنظر في الأمور، قال رسول الله ﷺ: "لا تكونوا إمعةً، تقولون: إن أحسن الناسُ أحسنَّا، وإنْ ظلموا ظلمْنَا، ولكنْ وطّنوا أنفسَكمْ، إنْ أحسنَ الناسُ أنْ تحسنوا، وإنْ أساؤوا فلا تظلموا".