يطبع الإسلام شخصية الفرد بطابع إيجابي فريد، إذ إنّه يستهدف بناء شخصية المسلم الذي يبني المجتمع القوي، وينشر رسالة الخير ودعوة البرّ، ويكون نموذجًا وقدوة للناس، فالإسلام في طبيعته دين إيجابي متوازن، يهدف إلى:
- بناء شخصية إيجابية.
- وحمايتها من كل محاولات الهدم التي تستنزف طاقاتها، وتسعى إلى تحويلها إلى شخصية سلبية.
الإيجابية: هي دافع ذاتي للإنسان نحو المبادرة إلى القيام بواجباته وأدواره.
الإيجابية في القرآن الكريم والسنة النبوية
دعا القرآن الكريم والسنة النبوية إلى تكوين مجتمع إيجابي، يكون فيه أفراد المجتمع جميعًا متعاونين إيجابيين في تعاملهم وسلوكهم مع بعضهم بعضًا، قال الله تعالى: " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ".
والمتتبع آيات القرآن الكريم يجد دلائل للإيجابية في مواقف كثيرةٍ منها:
(1) سلوك النملة:
قال تعالى: "حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ"، فعندما مشى نبي الله سليمان عليه السلام هو وجيشه في طريق وأمامهم مجموعة من النمل تسعى لطلب الرزق، تحملت نملة واحدة مسؤولية الإنذار والتحذير مؤديةً واجبها بإيجابية على أكمل وجه، فصاحت في النمل: "يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ" وأحسنت الظنّ بسليمان وجنوده، ولم تكن سلبيةً تجاههم، فقالت: "وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ".
(2) قصة مؤمن القرية:
قال الله عز وجل: "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ"، فهذا الرجل كان من عامة الناس، لم يمنعه بُعد المكان أن يأتي ليبلغ دعوته، فقد جاء من أقصى المدينة! لأن ما قام في قلبه من الهمة العالية والرغبة في نقل ما عنده للآخرين حمله على أن يسعى، ولم يكتف بوجود ثلاثة رسل، وإنما جاء بنفسه ليدعو قومه، ويرغبهم في اتباع المرسلين.
والناظر في سيرة الرسول ﷺ يرى الإيجابية واضحة في كل معانيها:
- من يوم أن كان غلامًا يتيمًا إلى حين وفاته عليه الصلاة والسلام، وهكذا ربى أصحابه على معاني الإيجابية الفاعلة، فقد كان يقول لهم: "بادروا بالأعمالِ الصالحةِ".
- وكان النبي ﷺ يحث أصحابه على المبادرة للأعمال المطلوبة منهم قبل فوات الأوان، فقال لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هرمِكَ، وصحتَكَ قبل سقمِكَ، وغناكَ قبلَ فقرِكَ، وفراغَكَ قبل شغلِكَ، وحياتَكَ قبل موتِكَ".
- وكان ﷺ يكره أن يرى الرجل لا يقوم بواجبه في العمل، ولما اشتكى إليه رجل قويّ قلة المال، قال له: "اذهب فاحتطِبْ" حتى لا يكون عالة على غيره.
- ومن النماذج الإيجابية التي جاءت تنفيذًا لأمر النبي ﷺ في جانب الفكر والتربية نجد:
- عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، يسارع لتدوين الحديث الشريف.
- وزيد بن ثابت رضي الله عنه يسارع لجمع القرآن الكريم وتعلم العبرانية والسريانية.
- وسلمان الفارسي يسارع لنصح النبي ﷺ أن يحفر خندقًا حول المدينة ليصد عدوان المشركين عنها يوم الخندق.
أهمية الإيجابية
للإيجابية أهمية كبيرة تعود بالخير على الفرد والمجتمع، حيث إنها:
- تدفع الإنسان إلى القيام بما هو مطلوب منه على أفضل وجه.
- تدفع الأفراد إلى المسارعة في فعل الخيرات.
- تزيد من الإنتاجية، وتعين على بناء المجتمع، وتتحقق بها عمارة الأرض.
- تؤدي إلى نجاح الإنسان وتميّزه في الحياة؛ ما يشعر الفرد بالسعادة والرضا.
الفرق بين الفرد الإيجابي والفرد السلبي
يوجد فرق كبير بين الفرد الإيجابي والفرد السلبي في التعامل مع المشكلات والنظر إلى الأمور، يوضح بعضها الجدول الآتي:
الفرد الإيجابي |
الفرد السلبي |
يعزو فشله إلى أسباب ذاتية داخلية |
يعزو فشله إلى أسباب أخرى ويلقي اللوم على الآخرين |
لا تنضب أفكاره |
لا تنضب أعذاره |
يرى وجود حل لكل مشكلة |
يرى مشكلة في كل حل |
لديه آمال يحققها |
لديه أوهام يتعلق بها |
يرى في العمل أملًا |
يرى في العمل ألمًا |
يتمسك بالقيم، وتشغله عظائم الأمور |
يتنازل عن القيم، وتشغله صغائر الأمور |
مُتفائل في نظرته للحياة ومجرياتها |
متشائم في نظرته للحياة |
معيقات الإيجابية وكيفية التغلب عليها
للإيجابية معيقات كثيرة يجب أن يحذرها المسلم، منها ما يأتي:
- غياب الوعي بمعرفة الإنسان للمهمة المطلوبة منه، وضعف طلبه العلمَ اللازم لتأدية مهمته على أكمل وجه.
- ضعف الهمة والدافعية اللازمتين للقيام بالواجبات المطلوبة.
- ضعف الاهتمام بتطوير المهارات: يوجد عند الكثير من الناس مواهب وقدرات ولكنها غير مفعلة، وذلك لعدم تطوير هذه المهارات والقدرات وتنميتها سواء أكانت من الأفراد أم المؤسسات.
- ضعف الثقة: ويظهرُ بالارتباك عندما يكون الإنسان محطّ نظر الآخرين، وضعف الثقة قد يمنع الكثيرين من تحقيق أهدافهم أو من التأثير بإيجابية في من حولهم.