الفيزياء فصل ثاني

التاسع

icon

 العدساتُ الرقيقةُ

درستُ في صفٍّ سابقٍ تكوُّنَ الأخيلةِ للأجسامِ

في المرايا (المستويةِ والكرويةِ) بوصفِها تطبيقًا

عمليًّا على ظاهرةِ  انعكاسِ الضوءِ، وسأتعرّفُ

في هذا الدرسِ تطبيقًا عمليًّا على ظاهرةِ انكسارِ 

الضوءِ، وهو تكوّنُ الأخيلةِ في العدساتِ.

فما المقصودُ بالعدسةِ؟ وهل تكوّنُ الأخيلةِ في

العدساتِ يشبهُ تكونُّها  في المرايا؟
العدساتُ Lenses
العدساتُ جمعُ عدسةٍ Lens ، وهي قطعةٌ بصريّةٌ

 تتكوّنُ من وسطٍ شفّافٍ يحدُّه سطحانِ مُنحنيانِ،

أو أحدُهما مستوٍ  والآخرُ مُنحنٍ. وكلمةُ «عدسةٍ lens »

مشتقةٌ منَ الكلمةِ  اللاتينيةِ lentil seed التي تعني

حبّةَ العدسِ، فهي تشبهُ  العدسةَ محدَّبةَ الوجهينِ.

وتُستخدمُ العدساتُ في كثيرٍ منَ الأدواتِ والأجهزةِ

البصريّةِ، مثلُ النظاراتِ، والمنظارِ، والمِجهرِ، ... وغيرِها.

والشكلُ ( 16 ) يبيّنُ بعضَ هذهِ الأدواتِ والأجهزةِ.


الشكلُ ( 1): بعضُ الأدواتِ والأجهزةِ البصريةِ.

 عدسة  محدبو

  عدسة  محدبة ( مجمعة)

 

عدسة  مقعرة ( مفرقة)

  عدسة  مقعرة( مفرقة)

أنواعُ العدساتِ Types of Lenses
تُصنَّفُ العدساتُ بحسبِ شكلِها الهندسيِّ إلى نوعينِ:

  • مُحدَّبةٌ
  • مُقعَّرةُ

وتعملُ العدساتُ بوجهٍ عامٍّ على تغييرِ مساراتِ الأشعةِ

الساقطةِ عليها تبعًا لقانون الانكسارِ.
أولاً: العدساتُ المحدّبةُ Convex Lenses
تكونُ سميكةً من الوسطِ وأقلَّ سمكًا عندَ الحافاتِ
،

ولها ثلاثةُ أشكالٍ مختلفةٍ، على نحوِ ما يظهرُ في

 الشكلِ ( 17 ).

وتُجمِّعُ العدسةُ المحدّبةُ الأشعّةَ الضوئيّةَ الساقطةَ

عليها، لذا يُطلقُ عليها اسمَ عدسةٍ مُجمِّعةٍ

Converging lens. ولدراسةِ سلوكِ الأشعّةِ الضوئيّةِ

التي تعبرُ العدسةَ، أتأمّلُ الشكلَ ( 18 )، حيثُ تمثّلُ

المصطلحاتُ الواردةُ في الشكلِ ما يأتي:

- المركزُ البصريُّ: النقطةُ التي تتوسّطُ العدسةَ.

-البؤرةُ (F): نقطةُ التقاءِ الأشعةِ الضوئيّةِ المُنكسرةِ 

     عنِ العدسةِ عندَما تسقطُ موازيةً للمحورِ الرئيسِ.

-المحورُ الرئيسُ: الخطُّ المستقيمُ المارُّ ببؤرتي العدسةِ

     ومَركَزِها البصريِّ.

-البعدُ البؤريُّ: المسافةُ بينَ البؤرةِ والمركزِ البصريِّ.

 

 

 

 

 

 

 

أُلاحظُ أنَّ للعدسةِ بؤرتينِ ( F1 , F2 ) تقعانِ على

جانبي العدسةِ وعلى البُعدِ نفسِه منها، ونظَرًا إلى

أنَّ للعدسةِ وجهينِ، فعندَ سقوطِ أشعّةٍ ضوئيّةٍ

على أحدِ وجهي العدسةِ موازيةٍ للمحورِ الرئيسِ

فإنَّها تلتقي في البؤرةِ المقابلةِ للوجهِ الآخرِ للعدسةِ،

على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (19). وتوصَفُ بؤرةُ

العدسةِ المحدَّبةِ بأنَّها حقيقيةٌ،لأنَّها ناتجةٌ منَ

التقاءِ الأشعةِ النافذةِ منَ العدسةِ.

 بؤرة  العدسة  المحدبة

ثانيًا: العدساتُ المقعَّرةُ

Concave Lenses
تكونُ سميكةً عندَ الحافاتِ وأقلَّ سمكًا عندَ الوسطِ،

ولها ثلاثةُ أشكالٍ مختلفةٍ، على نحوِ ما يظهرُ في

 الشكلِ (20).

وتعملُ العدسةُ المقعَّرةُ على تفريقِ الأشعّةِ الضوئيّةِ

الساقطةِ عليها، لذا يُطلقُ عليها اسمَ عدسةٍ مفرِّقةٍ

Diverging lens. ومثلَما للعدسةِ المحدّبةِ بؤرتانِ، فإنَّ

للعدسةِ المقعَّرةِ بؤرتينِ أيضًا، لكنَّ بؤرةَ العدسةِ

المقعّرةِ وهميّةٌ لأنَّها ناتجةٌ عنِ امتداداتِ الأشعةِ

النافذةِ منَ العدسةِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ(21).

  بؤرة العدسة المقعرة

 

تكوّنُ الأخيلةِ في العدساتِ

Images Formation by Lenses

تكمنُ أهميّةُ العدساتِ في أنَّها تُكوِّنُ أخيلةً للأجسامِ

التي توضعُ أمامَها، وتختلفُ صفاتُ الأخيلةِ المتكوِّنةِ

باختلافِ نوعِ العدسةِ وبُعْدِها البؤريِّ وموقعِ الجسمِ

بالنسبةِ إليها. وسأتعرّفُ صفاتِ الأخيلةِ المتكوِّنةِ في

العدساتِ من خلالِ النشاطِ الآتي، ومن خلالِ مخطّطاتِ

 الأشعةِ التي تلي النشاطَ.

 

المخطّطاتُ الشعاعيّةُ المعياريّةُ

Standard Ray Diagrams
الشعاعُ المعياريُّ هو الشعاعُ الذي نعرفُ مسارَه

 الكاملُ.

 وتوجدُ ثلاثةُ أشعّةٍ معياريّةٍ، يمكنُ استخدامُها لتحديدِ

موقعِ الخيالِ المتكوّنِ لجسمٍ وصِفاتِه وهي:

1 . الشعاعُ المارُّ بالمَركزِ البصريِّ للعدسةِ المحدّبةِ

  أو  العدسةِ المقعّرةِ، يستمرُّ في مسارِه دونَ انحرافٍ،

   على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ ( 22 ).

2 . الشعاعُ الموازي للمحورِ الرئيسِ ينكسرُ في

العدسةِ المحدّبةِ مارًّا بالبؤرةِ، وفي العدسةِ

المقعّرةِ ينكسرُ بحيث يمرُّ امتدادُه بالبؤرةِ،

على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (23).


3 . الشعاعُ المارُّ ببؤرةِ العدسةِ المحدّبةِ، أو امتدادُه

يمرُّ ببؤرةِ العدسةِ المقعّرةِ، ينكسرُ موازيًا للمحورِ

الرئيسِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (24).

 

ولإيجادِ موقعِ وصفاتِ الخيالِ المتكوّنِ في

العدسةِ بالرسمِ،   أَتّبعُ الخطواتِ الآتيةَ:

1- أرسمُ رسمًا تخطيطيًّا يمثّلُ العدسةَ، ويمكنُ

    استخدامُ  الرمزينِ الموضَّحيِن في الشكلِ (25)

    لكلٍّ منَ العدسةِ المحدّبةِ والعدسةِ المقعّرةِ.

 2- أرسمُ خطًّا أُفقيًّا مستقيمًا باستخدامِ المسطرةِ

  يمرُّ بمنتصفِ العدسةِ يمثّلُ المحورَ الرئيسَ، ثمَّ

   أُحدّدُ نقطتينِ على جانبي العدسةِ تقعانِ على

   المحورِ الرئيسِ وعلى البعدِ نفسِه منَ المركزِ

   البصريِّ (نقطةُ التقاءِ المحورِ  الرئيسِ بالعدسةِ)

    لتُمثّلا بؤرتي العدسةِ.

 3- أرسمُ مخطّطًا للجسمِ، أو سهمًا ذيلُه يقعُ على

  المحورِ

  الرئيسِ يمثّلُ الجسمَ المرادَ تحديدُ صفاتِ خيالِه، أتأمّلُ

  الشكلَ (26).

4- أرسمُ مستخدمًا المِسطرةَ من رأسِ الجسمِ (السهمِ)

  مخطّطاتِ الأشعةِ المعياريّةِ الثلاثةِ ( 3 , 2 , 1)، وألاحظُ

 أنَّها تلتقي جميعُها أو امتداداتُها، بعدَ نفاذِها منَ العدسةِ

 في نقطةٍ واحدةٍ تمثّلُ خيالَ رأسِ الجسمِ (يمكنُ تحديدُ

 الخيالِ بشعاعينِ فقطْ منَ الأشعةِ المعياريّةِ، وأرسمُ

  الشعاعَ الثالثَ للتحقّقِ منَ الدقّةِ التي رسمتُ بها أوّلَ

 شعاعينِ). أمّا خيالُ الجزءِ السفليِّ للجسمِ، فإنَّه يتكوّنُ

  على المحورِ الرئيسِ.

 5- أرسمُ مخطّطًا للخيالِ أو سهمًا يكونُ ذيلُه على المحورِ

الرئيسِ ورأسُه عندَ نقطةِ التقاءِ الأشعّةِ المعياريّةِ،

 وأقيسُ كل من طولِ الخيالِ وطولِ الجسمِ، مستخدمًا

 المِسطرةَ، وأُلاحظُ ما يأتي:

 

أ . إذا كانَ حجمُ (طولُ) الخيالِ أكبرَ من حجمِ (طولِ)

  الجسمِ فإنَّه يكونُ مُكبَّرًا، وإذا كانَ حجمُ الخيالِ أصغرَ

 من حجمِ الجسمِ فإنَّه يكونُ مُصغَّرًا، وأمّا إذا كانَ غيرَ

  ذلكَ، فهو مساوٍ للجسمِ في الحجمِ.

ب . إذا كانَ الخيالُ ناتجًا عنِ التقاءِ الأشعةِ النافذةِ منَ

   العدسةِ فإنًّه يكونُ حقيقيّا، وإذا كانَ ناتجًا عنِ التقاءِ

   امتداداتِ الأشعةِ  النافذةِ منَ العدسةِ فإنَّه يكونُ وهميًّا.

ج. إذا وقعَ خيالُ رأسِ الجسمِ فوقَ المحورِ الرئيسِ يكونُ

    معتدلاً وإذا وقعَ أسفلَ المحورِ الرئيسِ يكونُ مقلوبًا.

 

تكوّنُ الأخيلةِ في العدساتِ

  Images Formation by Lenses
لتحديدِ موقعِ الخيالِ المتكوّنِ في العدسةِ وصفاتِه نتّبعُ الخطواتِ السابقةَ، والأمثلةُ الآتيةُ توضّحُ ذلكَ:

 

مثال

أُحدّدُ بالرسمِ موقعَ وصفاتِ الخيالِ المتكوِّنِ لجسمٍ

 موضوعٍ أمامَ عدسةٍ محدّبةٍ عندَما يكونُ:
1 . بُعدُ الجسمِ عنِ العدسةِ أكبرَ منْ مِثْلَيِ البُعدِ

    البؤريِّ.

2 . الجسمُ بينَ البؤرةِ ومِثْلَيِ البعدِ البؤريِّ.

 

الحلُّ:
1 . أرسمُ من رأسِ الجسمِ مخطّطاتِ الأشعةِ

  المعياريّةِ ( 3 , 2 , 1)، مستخدمًا المسطرةَ،

   على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ المجاورِ. وأُلاحظُ

    ما يأتي:
  أ . الخيالُ المتكوِّنُ للجسمِ يقعُ خلفَ العدسةِ

   بينَ البؤرةِ ومِثْلَيِ البعدِ البؤريِّ، وحجمُه (طولُه) 

    أصغرُ من حجمِ (طولِ) الجسمِ، ومقلوبٌ أيضًا.
ب . نظرًا إلى أنَّ الخيالَ ناتجٌ منَ التقاءِ الأشعةِ

    النافذةِ منَ العدسةِ، فهو حقيقيٌّ.
   أيْ أنَّ صفاتِ الخيالِ تكونُ على النحوِ الآتي:

    مصغّرٌ ومقلوبٌ وحقيقيٌّ.

 الخيال  في  العدسة المحدبة

2 . أرسمُ من رأسِ الجسمِ مخطّطاتِ الأشعةِ

   المعياريةِ  ( 3 , 2 , 1)، مستخدمًا المسطرةَ،

  على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ. وأُلاحظُ ما يأتي:

    أ . الشعاعُ المعياريُّ الثالثُ لا يلتقي بالعدسةِ،

    لذا يمكنُ عملُ امتدادٍ للعدسةِ حتى تلتقيَ بالشعاعِ

   وتكملةِ مسارِ الشعاعِ ليلتقيَ بالشعاعينِ الآخرينِ،

   على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ المجاورِ، أو الاكتفاءِ   

   .بالشعاعينِ ( 2 , 1) فقطْ   
ب . الخيالُ المتكوّنُ للجسمِ يقعُ خلفَ العدسةِ على

 بُعدٍ أكبرَ منْ مِثليِ البُعدِ البؤريِّ، وحجمُه أكبرُ منِ حجمِ

الجسمِ، ومقلوبٌ  
ج. نظرًا إلى أنَّ الخيالَ ناتجٌ منِ التقاءِ الأشعةِ النافذةِ منَ

العدسةِ، فهو حقيقيّ
أيْ أنَّ صفاتِ الخيالِ تكونُ على النحوِ الآتي: مُكبّرٌ ومقلوبٌ

 وحقيقيٌّ  

مثال

أُحدّدُ بالرسمِ موقعَ وصفاتِ الخيالِ المتكوّنِ لجسمٍ موضوعٍ بينَ عدسةٍ محدّبةٍ وبؤرتِها.
الحلُّ:
أرسمُ من رأسِ الجسمِ مخطّطاتِ الأشعةِ المعياريةِ
( 3 , 2 , 1)، مستخدمًا المسطرةَ، على نحو ما يظهرُ
في الشكلِ المجاورِ. وأُلاحظُ ما يأتي:
أ . الخيالُ المتكوّنُ للجسمِ يقعُ في الجهةِ نفسِها التي

يقعُ فيها الجسمُ بينَ البؤرةِ ومِثلي البُعدِ البؤريِّ، وحجمُه أكبرُ من حجمِ الجسمِ ومعتدلٌ أيضًا.
ب . لا تلتقي الأشعةُ النافذةُ منَ العدسةِ بلْ تلتقي امتداداتُها، لذا يكونُ الخيالُ المتكوّنُ وهميًّا.
أيْ أنَّ صفاتِ الخيالِ تكونُ على النحوِ الآتي: مكبّرٌ ومعتدلٌ ووهميٌّ.

مثال

أُحدّدُ بالرسمِ موقعَ وصفاتِ الخيالِ المتكوّنِ لجسمٍ
موضوعٍ أمامَ عدسةٍ مقعّرةٍ.

الحلُّ:

أرسمُ من رأسِ الجسمِ مخطّطاتِ الأشعةِ

 المعياريّةِ  (3 , 2 , 1)، مستخدمًا المِسطرةَ،

 على نحوِ ما يظهرُ في الشكل المجاورِ. وأُلاحظُ

 ما يأتي:

أ . الخيالُ المتكوّنُ للجسمِ يقعُ في الجهةِ

 نفسِها التي يقعُ فيها الجسمُ بينَ البؤرةِ والعدسةِ، وحجمُه أصغرُ من حجمِ الجسمِ،

ومعتدلٌ أيضًا 
ب . لا تلتقي الأشعةُ النافذةُ منَ العدسةِ،

 ولكنْ تلتقي امتداداتُها، لذا يكونُ الخيالُ المتكوّنُ وهميًّا، أيْ أنَّ صفاتِ الخيالِ تكونُ على النحو الآتي:

مصغّرٌ ومعتدلٌ ووهميٌّ.

 الخيال في  العدسة المقعرة

أُلاحظُ من خلالِ التجربةِ (3) والأمثلةِ السابقةِ أنَّ العدسةَ
المحدّبةَ يمكنُ أنْ تكوّنَ لجسمٍ خيالً حقيقيًّا أو وهميًّا، مقلوبًا أو معتدلً، مصغَّرًا أو مساويًا لحجم الجسم أو

مكبَّرًا، ويعتمدُ ذلكَ على موقعِ الجسمِ بالنسبةِ إلى العدسة. أمّا بالنسبةِ إلى العدسةِ المقعّرةِ، فإنَّ

 الخيالَ يكونُ دائمًا مصغّرًا ومعتدلً ووهميًّا، بغضِّ

 النظرِ عن موقعِه منّ العدسةِ، ويقعُ دائمًا بينَ

 العدسةِ المقعّرةِ وبؤرتِها. ويمكنُ ملاحظةُ أنَّ الخيالَ الحقيقيَّ يكونُ دائمًا مقلوبًا، ويمكنُ تكوينُه على حاجزٍ (جدارٍ)، في حينِ أنَّ الخيالَ الوهميَّ يكونُ دائمًا معتدلً،

 ولا يمكنُ تكوينُه على حاجزٍ.

 

تمرين

أُحدّدُ بالرسمِ موقعَ وصفاتِ الخيالِ المتكوّنِ لجسمٍ موضوعٍ عندَ نقطةٍ تقعُ على بُعدٍ يساوي مِثْليِ البُعدِ البؤريِّ لعدسةٍ إذا كانتِ العدسةُ:
1 . محدّبةً.
2 . مقعّرةً.

الحل

          

 

تطبيقاتُ العدساتِ Applications of Lenses
العينُ البشريةُ The Human Eye
هي العضوُ الخاصُّ بإبصارِ الأشياءِ وتمييزِ الألوانِ، وتتكوّنُ من أجزاءٍ خاصّةٍ باستقبالِ الأشعةِ الضوئيّةِ وتمريرِها وتكوينِ أخيلةِ واضحةٍ للأشياءِ، والشكلُ ( 27 ) يبيّنُ الأجزاءَ الرئيسةَ للعينِ المتعلّقةَ بعمليةِ الإبصارِ.
وتتلخصُ عمليةُ الإبصارِ بدخولِ أشعةِ الضوءِ إلى العينِ عبرَ
القرنيةِ (وهي طبقةٌ رقيقةٌ شفّافةٌ تقعُ في مقدمةِ العينِ)، ومنها
إلى العدسةِ (وهي محدَّبةُ الوجهينِ) لتشكّلا نظامًا يُجمّعُ الأشعةَ الضوئيّةَ القادمةَ من جسمٍ ما، ويوجّهُها نحوَ الشبكيّةِ فتكوّنُ خيالًا للجسمِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (28)، التي تقومُ بتحويلِها إلى إشاراتٍ كهربائيةٍ ينقلُها العصبُ البصريُّ إلى مركزِ الإبصارِ في الدماغِ لتحليلِها، فتحدثُ الرؤيةُ.

ويتحكّمُ البؤبؤُ (فتحةٌ في وسطِ القزحيةِ، وهي الجزءُ الملوّنُ من
العينِ) في شدّةِ الضوءِ الداخلِ إلى العينِ عن طريقِ زيادةِ اتّساعِ الفتحةِ، لتمريرِ أكبرِ قدرٍ منَ الأشعةِ الضوئيةِ عندَما يكونُ الضوءُ خافتًا، وإنقاصِ اتّساعِ الفتحةِ عندما يكونُ الضوءُ قويًّا. في حينِ تتحكّمُ العضلاتُ الهدبيّةُ في درجةِ انبساطِ العدسةِ لتكوينِ أخيلةٍ للأجسامِ البعيدةِ أو انقباضِها لتكوينِ أخيلةٍ للأجسامِ القريبةِ، فيما يُعرفُ بتكيُّفِ العينِ.
وتزدادُ أقربُ مسافةٍ للرؤيةِ الواضحةِ عندَ الإنسانِ معَ التقدُّمِ في العمرِ، إذْ تبلغُ نحوَ ( 18 cm ) في سنِّ ( 10 ) سنواتٍ، وتصلُ ( 25 cm ) عندَ الإنسانِ السليمِ في سنِّ الشبابِ ( 20 ) سنةً ، في حينِ تصلُ إلى نحوِ ( 50 cm ) في سنِّ ( 40 ) سنةً، وإلى ( 500 cm ) أو أكثرَ في سنِّ ( 60 ) سنةً.
 

العيوبُ التي تصيبُ العينَ Defects that Can Affect the Eye
يوجدُ عيبانِ شائعانِ يُصيبانِ كثيرًا منَ الناسِ ينتجُ عنهُما عدمُ قدرةِ العينِ على تكوينِ أخيلةٍ واضحةٍ على شبكيّةِ العينِ، هما:  

طولُ النظرِ ( Farsightedness (Hyperopia
أقربُ مسافةٍ للرؤيةِ الواضحةِ عندَ الشخصِ الذي يُعاني من طولِ النظرِ تكونُ أكبرَ من ( 25 cm )، فهو يرى الأجسامَ البعيدةَ بوضوحٍ، أمّا الأجسامُ القريبةُ (التي يقلُّ بُعدُها عن أصغرِ مسافةٍ للرؤيةِ الواضحةِ) فتتكوّنُ أخيلتُها خلفَ الشبكيةِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (29 /أ) فلا يراها الشخصُ بوضوحٍ.

ويمكنُ معالجةُ هذهِ الحالةِ بوضعِ عدسةٍ محدّبةٍ أمامَ العينِ، تكسرُ الأشعةَ نحوَ المحورِ الرئيسِ قبلَ أنْ تدخلَ العينَ، ما يؤدّي إلى تركيزِ هذهِ الأشعةِ على شبكيّةِ العينِ وتكوينِ خيالٍ واضحٍ على الشبكيّةِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (29 /ب).

قِصرُ النظرِ ( Nearsightedness (Myopia
الشخصُ الذي يُعاني قِصرِ النظرِ لا يرى الأجسامَ البعيدةَ بوضوحٍ، حيثُ تتكوّنُ أخيلتُها أمامَ الشبكيّةِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (30 /أ). ويمكنُ معالجةُ هذهِ الحالةِ بوضعِ عدسةٍ مقعّرةٍ أمامَ العينِ، تفرّقُ الأشعةَ بعيدًا عنِ المحورِ الرئيسِ قبلَ أنْ تدخلَ العينَ، ما يؤدّي إلى تركيزِ الأشعةِ على شبكيّةِ العينِ وتكوينِ خيالٍ واضحٍ على الشبكيّةِ، على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (30 /ب).

المِجهرُ البسيطُ (العدسةُ المكبّرةُ) The Simple Magnifier
يتكوّنُ من عدسةٍ محدّبةٍ واحدةٍ تكوِّنُ أخيلةً مكبّرةً للأشياءِ، فيمكنُنا من خلالِها رؤيةُ الأشياءِ الصغيرةِ أو تفاصيلِها بوضوحٍ أكبرَ. فعندَما أنظرُ
بالعينِ المجرّدةِ إلى حشرةٍ صغيرةِ الحجمِ، على نحوِ ما هو مبيَّنٌ في الشكلِ (31) مثلًا، لن أتمكّنَ من تمييزِ تفاصيلِها. لذا فإنَّ العدسةَ المُكبِّرةَ تكوِّنُ خيالً وهميًّا مُكبّرًا على بُعدٍ يساوي (25 cm) من العينِ، وهي أقربُ مسافةٍ للرؤيةِ الواضحةِ عندَ الشخصِ السليمِ، أتأمّلُ الشكلَ (32 /أ، ب).

وتُعدُّ العدسةُ المُكبِّرةُ منَ الأدواتِ الأساسيةِ عندَ طبيبِ الأسنانِ للنظرِ من خلالِها إلى داخلِ فمِ المريضِ، وأنَّ فنّيَّ إصلاحِ الساعاتِ سيجدُ صعوبةً في تفحُّصِ الأجزاءِ الصغيرةِ للساعةِ دونَ الاستعانةِ بالعدسةِ المُكبِّرةِ، أتأمّلُ الشكلَ ( 33 ).

الشكلُ (33): النظرُ إلى أجزاءِ الساعةِ من خلالِ العدسةِ المكبِّرةِ.

المِجهرُ المركّبُ

 The Compound Microscope
للمِجهرِ البسيطِ قدرةٌ محدودةٌ في إظهارِ

التفاصيلِ الدقيقةِ لجسمٍ ما، ويمكنُ تحقيقُ

تكبيرٍ أكبرَ من خلالِ الجمعِ بينَ عدستينِ في

جهازٍ يُسمَّى المِجهرَ المركّبَ على نحوِ ما هو

مبيَّنٌ في الشكلِ(34 /أ)، الذي يتكوّنُ من

 عدسةٍ شيئيةٍ (يوضعُ أمامَها الجسمُ المرادُ

تكبيرُه) بُعْدُها البؤريُّ صغيرٌ جدًّا (أقلُّ من 1 cm)،

وعدسةٌ عينيّةٌ يبلغُ بُعدُها البؤريُّ بضعةَ سنتيمتراتٍ، ويفصلُ بينَ العدستينِ مسافةٌ

أكبرُ بكثيرٍ من بُعديْهِما البؤريّينِ. تُكوّنُ العدسةُ

 الشيئيّةُ للجسمِ خيالً حقيقيًّا مقلوبًا يقعُ بينَ

العدسةِ العينيّةِ وبؤرتِها، والتي تعملُ بدورِها

عملَ مِجهرٍ بسيطٍ، وتُكوّن خيالًا وهميًّا مكبّرًّا،

على نحوِ ما يظهرُ في الشكلِ (34 /ب).

التلسكوبُ (المِقرابُ الفلكيُّ) The Telescope
يُستخدمُ التلسكوبُ لتكوينِ أخيلةٍ واضحةٍ ومكبَّرةٍ

للأجسامِ البعيدةِ جدًّا، مثلَ النجومِ والأجرامِ السماويةِ الأخرى،

إذْ عندَما
أنظرُ إليها بالعينِ المجرّدةِ فإنَّها تظهرُ صغيرةً جد والتلسكوبُ
يشبهُ المجهرَ المركّبَ في أنَّ لهُ عدستينِ، عينيّةً وشيئيّةً. وتُرتَّبُالعدستانِ على أنْ تُكوّنَ العدسةُ الشيئيّةُ للجسمِ البعيدِ خيالً حقيقيًّا مقلوبًا في مكانٍ قريبٍ جدًّا من بؤرةِ العدسةِ العينيّةِ، ونظرًا إلى أنَّ الجسمَ (النجم مثلاً) يقعُ في اللانهايةِ، فإنَّ خيالَهُ سيتكوّنُ في بؤرةِ العدسةِ الشيئيّةِ، لذا تكونُ بؤرتا العدستينِ متجاورتينِ تمامًا ومتداخلتينِ، أيْ أنَّ بؤرةَ الشيئيّةِ تكونُ أقربُ للعينيّةِ، وبؤرةَ العينيةِ أقربُ للشيئيّةِ. والشكلُ ( 35 ) يبيّنُ الرسمَ التخطيطيَّ لتركيبِ التلسكوبِ وتكوّنَ الخيالِ فيهِ.