العلوم الدينية والإنسانية والتطبيقية |
أولاً: المؤسسات التعليمية
دعا الدين الإسلامي إلى التفكر والتدبر في الكون ومظاهره، وحث على طلب العلم؛ لذا اهتم الأمويون بالعلوم على اختلاف أصنافها، ومن مظاهر هذا الاهتمام إنشاء المؤسسات التعليمية فمنها:
1- الكتاتيب
وهي أماكن أقيمت بالقرب من المساجد أو في بيت شيخ الكتاب، يتعلم فيها الصبيان في سن مبكرة حفظ القرآن ومبادئ القراءة والكتابة والحساب.
2- المساجد
لم تكن المساجد في ذلك الوقت دوراً للعبادة فقط، بل دوراً لتلقي العلم أيضاً، وكان التدريس فيها بنظام الحلقات، أي يلتف الطلاب على شكل حلقة حول أحد العلماء لتلقي العلم، ويتوافر في المساجد أكثر من حلقة للتدريس في مواضيع مختلفة، ومن أشهر هذه المساجد: المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأموي في دمشق والمسجد الأقصى في القدس.
لم يقتصر التعليم في العصر الأموي على الكتاتيب والمساجد فحسب، بل كان يختار لأبناء الخاصة من الخلفاء والولاة والقادة والأعيان علماء ومعلمون من ذوي الخبرة أطلق عليهم المؤدبون.
وقد شاع في العصر الأموي الرحلة في طلب العلم، فسافر العديد من طلاب العلم إلى البلدان لتلقي العلوم من كبار العلماء في أنحاء الدولة.
ثانياً: العلوم الدينية
-- وهي العلوم التي انبثقت عن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لارتباطها بالحياة ومن هذه العلوم:
1- علوم القرآن الكريم
وهي علوم متعلقة بالقرآن الكريم كالتفسير وأسباب النزول والقراءات وغيرها.
2- علم الحديث
يقصد بالحديث النبوي الشريف كل ما صح نقله عن الرسول الكريم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، وقد كانت الأحاديث تحفظ في صدور الرجال أو بعض الصحائف المتفرقة، حتى جاء عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز الذي أمر بتدوين الحديث الصحيح وجمعه في كتب، بعد ظهور الأحاديث الموضوعة (المكذوبة) وتفرق الصحابة والتابعين من حفظة الحديث في البلاد المفتوحة ووفاة الكثير منهم. فأرسلت عدة نسخ إلى أقاليم الدولة الأموية، ومن أشهر المحدثين في ذلك العصر، سفيان الثوري صاحب كتاب ((الجامع الكبير)).
هل تعلم: أن مدينة أيلة الأردنية (العقبة حالياً) كانت من أهم مراكز رواية الحديث النبوي في العصر الأموي نظراً لموقعها المميز كحلقة وصل بين أقاليم الدولة الأموية، وازداد سكانها بعد الفتوحات، فسكنها موال وتجار، وقد ارتبطت المدينة بإمام المحدثين محمد بن مسلم الزهري الذي نزلها، وساهم تلاميذه من أبناء المدينة في انتشار علم الحديث، فظهر العديد من علماء الحديث مثل خالد بن عقيل الأيلي. |
3- علم الفقه
وهو العلم بالأحكام الشرعية العلمية المستنبطة من أدلتها التفصيلية (القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والقياس)، وقد زادت الحاجة لهذا العلم نظراً لاتساع الدولة وتنوع شعوبها واختلاف أحوالها، ومن أشهر الفقهاء في العصر الأموي عبدالرحمن بن عمر الأوزاعي صاحب كتاب السنن في الفقه.
ثالثاً: العلوم الإنسانية
1- اللغة
قام علماء اللغة بوضع قواعد للمحافظة على اللغة العربية من اللحن (الخطأ)، بعد دخول العديد من الشعوب غير العربية في الإسلام. وللتعرف إلى أهم التطورات في علم اللغة انظر الشكل الآتي:
مظاهر تطور علم اللغة في العصر الأموي |
|
تنقيط أحرف اللغة العربية وضبطها بالحركات وذلك بتشجيع من الخليفة عبدالملك بن مروان على يد عالم اللغة أبي الأسود الدؤلي وتلاميذه من بعده. |
ظهور مصطلحات جديدة نتيجة لترجمة العلوم والمعارف وما استحدث من نظم شرعية وإدارية وسياسية جديدة، ويعد معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي أول معاجم اللغة التي صنفت في العصر الأموي. |
2- الشعر والخطابة
تطور الشعر في العصر الأموي، ومن مظاهر هذا التطور ظهور علم العروض الذي يعنى بضبط اوزان الشعر على يد الخليل بن احمد الفراهيدي، وتعددت أغراض الشعر من مديح وفخر وهجاء وغزل ورثاء، وقد شجع الخلفاء والأمراء الأمويون الشعراء وقربوهم، ومن أشهرهم الأخطل شاعر معاوية بن أبي سفيان والفرزدق شاعر عبد الملك بن مروان.
وازدهرت الخطابة في العصر الأموي وزادت أهميتها للمساهمة في تثبيت دعائم الحكم الأموي، واشتهر كثير من الخلفاء والأمراء والقادة بالخطابة، مثل الخليفة معاوية بن أبي سفيان وأمير العراق ((زياد بن أبيه)) الذي اشتهر بخطبته ((البتراء)).
3- التاريخ
هو العلم الذي يعنى بتسجيل الأحداث التاريخية وفقاً لزمن حدوثها. وقد كان للقرآن الكريم والسنة النبوية أثر في تشجيع هذا العلم، فالقرآن الكريم ذكر أخبار الأمم السابقة؛ لأخذ العظة والعبرة وعنيت كتب التاريخ بتدوين أخبار المسلمين وفتوحاتهم، واهتموا بتدوين أنساب القبائل العربية، وأول من دون التاريخ عبيد بن شرية في عهد معاوية بن أبي سفيان وأول من ألف في السيرة عروة بن الزبير بن العوام.
4- الفلسفة
كانت الفلسفة واحدة من العلوم التي تم نقلها إلى العربية عن اللغات الأخرى، ولم يقتصر اهتمام فلاسفة المسلمين على الترجمة بل تعدى ذلك إلى تأملات وشروحات ارتبطت بالعقيدة الإسلامية، ومن أشهر الفلاسفة في العصر الأموي واصل بن عطاء.
5- الترجمة
أدى اختلاط المسلمين بشعوب القبائل المفتوحة إلى اطلاعهم على ثقافات هذه الشعوب، فدفعهم ذلك إلى القيام بترجمة علومهم في الكيمياء والفلك والطب والفلسفة، بتشجيع من الخلفاء والأمراء كمعاوية بن أبي سفيان وخالد ابن يزيد بن معاوية وعمر بن عبد العزيز، ومن أشهر المترجمين ابن المقفع الذي ترجم الكتاب المشهور (كليلة ودمنة)، ويوحنا الدمشقي الذي كان يجيد اليونانية والآرامية والعربية، وأسطفن الإسكندراني الذي ترجم كتباً في الكيمياء، والطبيب ابن أثال الذي ترجم كتباً في الطب بطلب من معاوية بن أبي سفيان.
رابعاً: العلوم التطبيقية
وهي العلوم التي اعتمدت على التجربة والملاحظة والاستدلال ومنها:
1-الرياضيات والهندسة
تجلت براعة علماء المسلمين بعلمي الرياضيات والهندسة من خلال بناء القصور والمساجد والقناطر وحسن التخطيط عند بناء المدن في أرجاء الدولة الأموية.
2- الكيمياء
عرفت الكيمياء عند العرب بعلم الصنعة وهذا العلم يعتمد على التجربة والملاحظة الدقيقة، ويعد خالد بن يزيد بن معاوية أول من اشتهر بعلم الكيمياء في العصر الأموي.
حكيم بني مروان لقب أطلق على خالد بن يزيد ابن معاوية ( ت 85هـ/704م) ، وذلك لاهتمامه بالعلوم وانشغاله بها وإلى جانب ذلك كان خطيباً وشاعراً فصيحاً ومن مؤلفاته : كتاب الحَرارات وفردوس الحكمة في علم الكيمياء . |
3- الطب
اهتم العلماء المسلمون بالطب وعلومه ومن مظاهر هذا الاهتمام:
أ- تشجيع خلفاء بني أمية الأطباء وتقريبهم من أمثال الحكم الدمشقي وابن أثال طبيب معاوية وغيرهم.
ب- العناية بأصحاب الأمراض المزمنة والمعدية كالجذام، وذلك ببناء البيمارستانات (المستشفيات) الخاصة لهذه الأمراض في عهد الوليد بن عبدالملك.
ج- تطبيق فكرة الحجر الصحي والطب الوقائي.
البيمارستان : ( المستشفى ) لفظ فارسي مكون من (بيمار ) وتعني المرض و(ستان ) وتعني المكان . |
وللتعرف إلى أنواع المستشفيات تأمل الشكل الآتي:
أنواع المستشفيات في الدولة الأموية |
المستشفيات الثابتة وهي التي أقيمت في المدن الكبرى لعلاج الأمراض. |
المستشفيات المختصة وهي التي أقيمت لعلاج فئة خاصة من المرضى، أو لعلاج أمراض معينة كالأمراض المعدية، وأما الأمراض العقلية فكان لها مستشفيات خاصة تدعى ((المارستان)). |
المستشفيات المتنقلة وهي أنواع منها الخاصة بمرافقة الجيوش في الحروب أو مع قوافل الحج أو المناطق النائية، ومنها المجهزة للظروف الخاصة عند انتشار الأوبئة. |
4- الفلك
يعد الفلك من أوائل العلوم التي اهتم بها المسلمون، وقد عرف عندهم بعلم الهيئة وهو العلم الذي يهتم بدراسة الأجرام السماوية (النجوم)، وقد برزت أهمية هذا العلم في تحديد أوقات العبادة من صلاة وصيام وحج وغيرها، وأول كتاب في الفلك ترجم عن اليونانية في العصر الأموي هو كتاب ((مفتاح النجوم)) لهرمس الحكيم، وصنع العرب الأدوات الفلكية لمعرفة حركة الكواكب كالأسطرلاب والبوصلة التي عرفوا بها الاتجاهات الأربعة.