تلخيص الفصل الثالث : جنوب أفريقيا
تعد جنوب أفريقيا من الدول التي نجحت في تحقيق تنمية شاملة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية بالرغم من ظروف قارة أفريقيا القاسية؛ ما مكنها من التحول إلى دولة ذات نمو اقتصادي مرتفع.
تقــع جمهورية، جنــوب أفريقيــا في أقصى جنوب القــارة الأفريقي وتبلــغ مساحتهــا (037. 221. 1كم2)، وبلغ عدد سكانها (54)مليون نسمة.
تتميز بالتنوع العرقي لسكانها؛ فهم خليط من أصول أفريقية وأوروبية وآسيوية، وذلك نتيجة خضوعها للاستعمار الهولندي، ثم للاستعمار البريطاني.
تعرضت جنوب أفريقيا للاستعمار الهولندي والبريطاني، حيث مارس كلاهما سياسة استعمارية استيطانية عنصرية ضد السكان الأصيلين،
تشكل اتحاد جنوب أفريقيا في عام 1910م، وحصلت على استقلالها في عام1931م، وفي عام 1948م وصل الحزب الوطني إلى الحكم، فتبنى سياسة الفصل العنصري، وتحولت البلاد إلى النظام الجمهوري في عام 1961م.
|
الفصل العنصري (Apartheid) هي سياسة تمييز عنصري عرقي بين الأقلية البيضاء ذات الأصول الأوروبية والأغلبية السوداء الأفريقية وقد بدأت تلك السياسية منذ سيطرة الهولنديين على جنوب أفريقيا في عام 1652م، بوصفها أيدلوجية تقوم على حصر السلطة بيد الرجل الأبيض؛ ما يتيح له السيطرة على الثروات جميعها، والتمتع بالامتيازات، واحتقار السود واستعباده. |
أدت سياسة التمييز العنصري إلى تصاعد الكفاح ضد تلك السياسة بعد عام 1984م، وتفاقم الصراع في مناطق الأفارقة، وشكلت فرق في الجيش والشرطة مهمتها اغتيال قادة المعارضة
مع تزايد أعمال العنف، اضطرت حكومة الأقلية البيضاء إلى التفاوض مع المعارضين، أصدرت في عام 1990م عفوًا عن كثير من قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وسُمِحَ للأحزاب المعارضة بمواصلة نشاطها السياسي، وأطلق سراح نيلسون مانديلا أبرز زعماء الحركة الوطنية والنضال الوطني في جنوب أفريقيا.
بين عامي 1990م وعام 1994م شهدت البلاد فوضى عارمة، ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى؛ ما دفع الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقـي المعـارض إلى إجـراء مفاوضات بشـأن مستقبل الحكم في البلاد أدت إلى إنهاء العنف والاتفاق على إجراء أول انتخابات حرة في عام 1994م، حصل فيها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على أغلبية أصوات الناخبين، وأصبح نلسون مانديلا رئيسًا لجمهورية جنوب أفريقيا.
وتعد جنوب أفريقيا رائدة في التحول الديموقراطي, وإدارة التعددية في المجتمعات التي تشهد تنوعا دينيًّا وعرقيًا، ومن العوامل التي ساهمت في تحقيق السلام والتحول الديمقراطي من أهمها:
1 - قناعة الأطراف المتنازعة بأنه لا بديل عن معالجة أزمتهم إلا بالاعتماد على أنفسهم، وتحمل مسؤولية تحقيق السلام والتعايش في بلدهم.
2 - مشاركة الأحزاب السياسية جميعها بحوار شامل ومُثل كل حزب بصرف النظر عن حجمه وعدد أعضائه بثلاثة أعضاء شريطة أن يكون أحد المندوبين الثلاثة .امرأة؛ ما ضمن وجود ثلث الأعضاء من النساء. وقد كان يوجد اتجاه يدعو لاستبعاد الأحزاب الأفريقية المساندة لحكومة البيض، ولكن مانديلا رفض ذلك على أن يكون التمثيل شاملاً لا يستثني أحدًا
3 - إسهام المجتمع الدولي في الضغط على حكومة الأقلية البيضاء عبر المقاطعة الاقتصادية التي فرضت على النظام الحاكم في جنوب أفريقيا، ما أجبره على التفاوض مع المعارضة، وإنجاح الحوار.
حزب المؤتمر الوطني الأفريقي: أسسه في عام 1912م، الزعماء التقليديون والمثقفون الذين أغضبتهم السيطرة العنصرية المتزايدة للبيض، وممارسة سياسة التمييز العنصري في المجالات كلها. وقد شن سلسلة من الاحتجاجات الجماهيرية المنظمة الملتزمة بمبدأ اللاعنف بهدف اجتذاب السود من الطبقات جميعها إلى النضال من أجل الديموقراطية. واستطاع الوصول إلى الحكم في عام 1994م بزعامة نيلسون مانديلا.
واستطاع مانديال بكل جهده العمل على مصالحة عُدت الأنجح على مستوى العالم، أنموذجا يحتذى به عند الحديث عن تجارب التحول الديمقراطي، عن طريق السياسية التي اتبعها نيلسون مانديلا التي استندت إلى المطالبة بحقوق الإنسان وتطبيق الديمقراطية.
فحقوق الإنسان حسب رؤية مانديلا السياسية؟
هي محور العلاقات الدولية، ويجب فهم أنها تتجاوز القضايا السياسية، وتشمل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛
- ومن المقترحات التي قدمها للوصول إلى حلول عادلة ودائمة للمشكلات البشرية؟
تعزيز الديمقراطية في أنحاء العالم جميعه؛ وأن اعتبارات العدالة واحترام القانون الدولي
أن السلام ينبغي أن يكون هو الهدف الذي تسعى من أجله الأمم جميعها
تحل المشكلات من خلال توافق دولي وبآليات غير عنيفة
تعد جنوب أفريقيا من الدول الغنية بالموارد الطبيعية/وتمتلك قطاعات متطورة في الأسواق المالية والطاقة والاتصالات/ وهي من أكبر خمسة عشر سوقًا في العالم فزاد دورها الاقتصادي منذ عام 1994م.
وضعت الحكومة الجديدة برنامج التعمير والتنمية بوصفه إطارًا اقتصاديًا - اجتماعيًا لمعالجة ما أسفر عنه الفصل العنصري من تناقضات واختلالات، وعمل على - تخفيف حدة الفقر - ومعالجة أوجه القصور في تقديم الخدمات- دفع عجلة الاقتصاد، مثل احتواء التضخم المالي، وتخفيض الضرائب، وتقليص الديون الحكومية، وتحرير التجارة - احتواء معظم مطالب نقابات العمال ولذلك لم تشهد البلاد أعمال عنف - التركيز على بناء القدرات العلمية - وتأكيد أهمية بناء الكفاءات - إيجاد بيئة استثمارية جاذبة لكثير من الفرص الاستثمارية بالنسبة إلى المستثمرين على المستويين الدولي والمحلي، وأصبحت البلد الرائدة عالميًا في كثير من المجالات الاقتصادية منها:
1 - الصناعة
اشتهرت جنوب أفريقيا بمناطق التصنيع المتخصصة، من أكبر الدول في إنتاج الذهب والفحم والماس، وتتصدر أيضًا ورائدة في معالجة المعادن، مثل البلاتين والنحاس، والحديد، والمنجنيز، والبالتينيوم، واليورانيوم والفولاذ المقاوم للصدأ، بالإضافة إلى صناعة الآلات والمعدات، وتنتج المصانع كل ما تحتاج إليه البلاد من بضائع ومعدات، مثل الغذاء والملابس والنسيج والمعادن والسيارات والمنتجات الصناعية الأخرى.
وتنتج جنوب أفريقيا نحو (40%) من المنتجات الصناعية في أفريقيا وقرابة (50%) من المنتجات التعدينية، ووصلت صناعة الأسلحة في جمهورية جنوب أفريقيا إلى مرتبة متقدمة في قدرتها التقنية في الإنتاج، بحيث أصبحت من بين أكثر الدول تقدمًا في العالم.
2 - الزراعة
تنتج جنوب أفريقيا ما يكفي حاجة السكان من المواد الغذائية، إضافة إلى المواد الأولية المطلوبة للصناعة، وتمتاز بسعة الغابات التي تعد مصدرًا مهمًا للصناعات الخشبية.
وتشتهر بزراعة القمح وقصب السكر والقطن والفول والذرة الصفراء، وتنتج أنواع الفواكه والخضروات جميعها، بالإضافة إلى زراعة الورود وتجارتها، وتعد من الدول الرئيسة في تربية الأغنام وتصدير الصوف.
3 - السياحة
جنوب أفريقيا جاذبة للسياحة ففيها الجبال العالية، والهضاب الواسعة والصحاري الجافة والقاحلة، والحياة البرية، والغابات المطيرة الاستوائية، والسواحل الشاسعة التي تطل على المحيطين الأطلسي والهندي. وتتميز بكثرة الحدائق والمتنزهات الوطنية، بالإضافة إلى المحميات وحدائق الحيوان والمتاحف المائية والحدائق النباتية التي تستقطب أعدادًا هائلة من السياح من أنحاء العالم جميعه.
التعليم في جنوب أفريقيا سابقًا مظهرًا للتفرقة والتمييز العنصري، لكنه أصبح الآن إحدى ركائز الدولة في تحقيق الوحدة بين أبناء الشعب الواحد بكل أطيافه وأعراقه، حيث لا يستثنى أي طفل من الالتحاق بالمدرسة بسبب عرقه وديانته.
وتعد وزارة التعليم الأساسي مسؤولة عن السياسة التعليمية العامة في البلاد بينما تتمتع كل ولاية من ولايات الدولة التسع بإدارة تعليمية خاصة بها، حيث تنتخب الأجهزة التعليمية التي تتولى إدارة المدارس، وتتمتع مؤسسات التعليم العالي بالاستقلال الذاتي.
وتمتاز جنوب أفريقيا بأنها من الدول الرائدة على مستوى العالم في مجال علم الفلك بعد إنشاء مركز رئيس لعلم الفلك "مرصد أشعة جاما لنظام التجسيم عالي الطاقة" وكذلك التليسكوب، واستقطبت جنوب أفريقيا عددا كبيرًا من علماء الفلك الذين كانوا يأتون من أنحاء العالم للتعلم والعمل فيها.