تاريخ العرب فصل ثاني

التوجيهي أدبي

icon

الفصل الثالث : منظمة التعاون الإسلامي

 مرت المنظمة منذ تأسيسها بمرحلتين: -   المرحلة الأولى منذ عام 1969م وحتى عام 2011م، وكانت تسمى باسم منظمة المؤتمر الإسلامي.

                                                                  والمرحلة الثانية منذ عام 2011م حتى الوقت الحاضر، حيث تقرر تغيير اسم المنظمة إلى منظمة التعاون الإسلامي.

أولا : نشأة منظمة المؤتمر الإسلامي

وجدت محاولات عدة لإنشاء تكتل إسلامي لتنسيق جهود الدول الإسلامية في التصدي للتحديات التي تواجهها، حيث عقدت مؤتمرات عدة لهذه الغاية، وكانت أول دعوة حديثة لإنشاء منظمة تجمع الدول الإسلامية في عام 1964م إثر لقاء في مدينة مقديشو في الصومال ضم عددا من ممثلي الدول والحركات الإسلامية، وقد توالت بعد ذلك المؤتمرات التي تنادي بالتضامن والوحدة إلى أن تمخض عنها قيام منظمة المؤتمر الإسلامي.

أثارت جريمة حرق المسجد الأقصى على أيدي الصهاينة في العام 1969م غضب المسلمين في أرجاء العالم كله، ما شكل دافعاً مباشراً للدول الإسلامية لإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي  لتدارس هذا الاعتداء، والنظر في كيفية حماية المقدسات الإسلامية، حيث دعا الملك الحسين بن طلال والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية إلى عقد مؤتمر إسلامي لدعم القضية الفلسطينية، واتخاذ موقف حازم لحماية المقدسات الإسلامية، فاجتمع ملوك ورؤساء وممثلون من (25)دولة إسلامية في الرباط عاصمة المملكة المغربية في عام 1969م لمناقشة هذه القضايا.

وبالرغم من أن المؤتمر كان موجهاً أساسًا لبحث حادثة إحراق المسجد الأقصى إلا أن البيان الذي أصدره قادة العالم الإسلامي أكد

                                                                     - حرصهم على توثيق الروابط الأخوية والروحية بين شعوبهم،

                                                                     - وعزمهم على توحيد جهودهم لحفظ السلم الدولي،

                                                                     - والتعاون في المجالات الاقتصادية والثقافية والروحية، انطلاقًا من تعاليم الدين الإسلامي،

                                                                     - وتقرر أن تكون مدينة جدة مقراً مؤقتا للمنظمة، إلى أن تحرر ر مدينة القدس، لتكون المقر الدائم للأمانة العامة.

ثانًّيا : أهداف  منظمة التعاون الإسلامي

سعت منظمة التعاون الإسلامي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف منها:

1 -دعم التعاون بين الدول الأعضاء في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية.

2 -دعم الأمن والسلم الدوليين القائمين على العدل.

3 -محاربة التفرقة العنصرية والقضاء على الاستعمار في صورة جميعها.

4 -السعي من أجل تحرير الأماكن المقدسة في فلسطين، والحفاظ على سلامتها، ودعم الشعب الفلسطيني ومساعدته على تحرير أرضه واسترجاع حقوقه       المشروعة.

ثالثًا : إنجازات منظمة التعاون الإسلامي إقليميًا ودوليًّا

كان لمنظمة التعاون الإسلامي إنجازات عدة في المجالات المختلفة انسجمت مع الأهداف التي أنشئت من أجلها، ومن هذه الإنجازات:

1 - إنشاء صندوق التضامن الإسلامي في عام 1974م لتقديم المساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة جراء الكوارث الطبيعية والحروب، مثل بناء وحدات سكنية لضحايا الزلازل في جزيرة ”سومطرة“ في إندونيسيا، ومساعدة اللاجئين في البوسنة والهرسك والصومال، وتقديم المعونات المادية للجاليات الإسلامية في شتى أنحاء العالم.

2 - دعم كفاح الشعوب الإسلامية في سبيل المحافظة على استقلالها وحقوقها الوطنية، فقد وقفت بجانب الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال الصهيوني، فأنشأت ”صندوق القدس“ الذي يهدف إلى جمع الأموال لدعم كفاح أهل القدس والمناطق المحتلة، والمحافظة على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في فلسطين وترميمها، ومقاومة سياسة التهويد التي تتبعهما سلطات الاحتلال في مدينة القدس، والمحافظة على الطابع العربي والإسلامي للمدينة.

3 - إنشاء البنك الإسلامي للتنمية في عام 1975م بهدف تقديم الدعم الاقتصادي للدول الأعضاء عن طريق القروض، لإقامة المشاريع التنموية، وتحسين أحوال المجتمعات الإسلامية فيها.

4 - تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان عن طريق عقد الملتقيات الإقليمية والدولية، وإصدار المؤلفات العلمية.

5 - إنشاء المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ” أسيسكو“ في عام 1981م، ومقرها الرباط في المملكة المغربية، وهي المنظمة التي تعنى بشؤون التربية والتعليم والثقافة وإستراتيجيات تطبيقها وتنفيذها، ومن مشاريع هذه المنظمة:

أ - إنشاء المراكز الثقافية والجامعات الإسلامية لنشر المعرفة والثقافة الإسلامية، وفي هذا الإطار أُنشئت الجامعة الإسلامية في النيجر في عام 1986م، والجامعة الإسلامية في أوغندا في عام 1988م.

ب - الاهتمام باللغة العربية ونشرها وإدراجها بوصفها مادة رئيسة في برامج التعليم، وكُتِبَتْ(17)لغة أفريقية بالحرف العربي، وأُنشئت مدارس لتعليمها في مناطق مختلفة مثل السودان والباكستان.

جـ - إنشاء مركز لأبحاث التاريخ والفنون والحضارة الإسلامية ( أرسيكا)، في عام 1980م في مدينة إسطنبول، يهدف لحماية التراث الإسلامي والمعالم التاريخية الإسلامية والتراث الفكري والتاريخي، ومن أهم إنجازاته: إنشاء مكتبة تحوي كتبًا ومخطوطات وخرائط إسلامية نادرة، ونشر كتب وأبحاث ونشرات إعلامية حول التراث والمعالم الإسلامية، وترجمة القرآن الكريم لمختلف اللغات. 

د - تفعيل الدراسات الإسلامية عن طريق مجمع الفقه الإسلامي في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية.

6 - الإسهام في حل بعض المشكلات التي تواجه المسلمين في العالم، مثل مشكلة المسلمين في الفلبين، حيث استطاعت أن توفق بين حكومة الفلبين "وجبهة تحرير مورو الوطنية" وذلك لمنح الحكم الذاتي لإقليم مسلمي جنوب الفلبين، حيث وُقِّعت معاهدة سلام بين الطرفين في عام 1996م. 

وبالرغم من أن منظمة التعاون الإسلامي حققت كثير من الإنجازات في الميادين المختلفة إلا أنها أخفقت في الميدان السياسي، والا سيما في ما يتعلق بما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من ممارسات تجاه الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين، ويمكن إرجاع هذا الإخفاق إلى افتقار المنظمة لمبدأ الإلزام في قراراتها.