الفلسفةُ اليونانية
بدأَ ظهورُ الفلسفةِ اليونانيةِ بينَ القرنَينِ السابعِ والسادسِ قبلِ الميلادِ، وتطوّرَتْ في القرنِ الرابعِ قبلَ الميلادِ أثناءَ حُكمِ الإسكندرِ المقدونيِّ.
يرى عددٌ منَ المُؤرّخينَ أنَّ تاريخَ الفلسفةِ بدأَ في اليونانِ، وافترضوا أنَّ مؤشّراتِ المعرفةِ في الحضارةِ اليونانيةِ هيَ بدايةُ المعرفةِ الفلسفيةِ.
مرَّتِ الفلسفةُ اليونانيةُ عبرَ تاريخِها بثلاثِ مراحلَ، هيَ:
- مرحلةُ النشوءِ: هيَ مرحلةُ ما قبلَ سقراطَ، وتتّصفُ بوضعِ أُسُسِ الفلسفةِ وتطوُّرِ الفكرِ لتفسيرِ أصولِ الأخلاقِ ومناهجِ الجدلِ.
- المرحلةُ الثانيةُ: مرحلةُ ظهورِ كلٍّ منْ أفلاطونَ وأرسطو، وفيها درسَ أفلاطونُ المسائلَ الفلسفيةَ العلميةَ والنظريةَ، وتوصّلَ عنْ طريقِ ذلكَ إلى حقائقَ ونتائجَ مهمّةٍ، أمّا أرسطو فقدِ استطاعَ حلَّ المسائلِ الفلسفيةِ عنْ طريقِ علمِ المنطقِ.
- المرحلةُ الثالثةُ: مرحلةُ جمودِ الفلسفةِ اليونانيةِ واقتصارِ دورِها على حلِّ المسائلِ الفلسفيةِ وابتكارِ الحلولِ، وتعديلِ المذاهبِ السابقةِ وتجديدِها.
عواملُ تطوُّرِ الفلسفةِ اليونانيةِ
أسهمَتْ عدّةُ عواملَ في تطوُّرِ الفلسفةِ اليونانيةِ، أهمُّها:
- العواملُ السياسيةُ: تمثّلَتْ بالتغيُّرِ الّذي طرأَ على نظامِ الحكمِ في اليونانِ القديمةِ، نتيجةَ تحوُّلِهِ إلى نظامٍ ديمقراطيٍّ، ما منحَ الناسَ مزيدًا منَ الحرّيةِ لطرحِ مختلفِ القضايا ومناقشتِها، فأسهمَ ذلكَ في تولُّدِ الأفكارِ ووُجهاتِ النظرِ المختلفةِ.
- العواملُ الاقتصاديةُ: شهدَ المجتمعُ اليونانيُّ، بفضلِ الموقعِ الاستراتيجيِّ ونشاطِ الحركةِ التجاريةِ والصناعيةِ، نهضةً أدَّتْ إلى ازدهارِ الاقتصادِ، ما هيّأَ مُناخًا فكريًّا مريحًا، والانتقالَ منَ الرعيِ والزراعةِ إلى النشاطاتِ الصناعيةِ والتجاريةِ الّتي ساعدَتْ على الاختلاطِ معَ الحضاراتِ الأُخرى والاستفادةِ منْ إنجازاتِها.
- العواملُ الثقافيةُ: تطوّرَ الفكرُ في اليونانِ القديمةِ بسببِ انتشارِ العلومِ، وتحديدًا علومَ الفلكِ والرياضياتِ، ولمْ يَعُدْ للأساطيرِ دورٌ في الحدِّ منَ الأفكارِ وتقييدِها، وأسهمَ انتشارُ الكتابةِ بينَ الناسِ في تطويرِ الفكرِ، وإرساءِ مبادئِ الفلسفةِ، وظهورِ الأعمالِ الأدبيةِ والمسرحيةِ.
منْ أعلامِ الفلسفةِ اليونانيةِ
سقراطُ: وُلِدَ في أثينا في القرنِ الخامسِ قبلَ الميلادِ، وعاشَ حياةً بسيطةً يتجوّلُ في الأسواقِ والشوارعِ، ويناقشُ الناسَ في الفكرِ والأخلاقِ.
اشتُهِرَ سقراطُ بأسلوبِهِ في الحوارِ، المعروفِ بالجدلِ السقراطيِّ (المنهجِ السقراطيِّ)، إذِ استخدمَ التساؤلَ والاستقصاءَ للوصولِ إلى الحقيقةِ.
رأى سقراطُ أنَّ للفلسفةِ قدرةً عظيمةً على نشرِ الخيرِ في المجتمعِ، وسعى لتأسيسِ نظامٍ أخلاقيٍّ مُرتكِزٍ على المنطقِ، وأنَّ الحكمةَ ما هيَ إلاّ نتيجةُ التفكُّرِ العميقِ في الذاتِ.
أفلاطونُ: تلميذُ سقراطَ، وُلِدَ في أثينا حواليْ عامَ 427 قبلَ الميلادِ، وقدْ أسّسَ أكاديميةَ أثينا. كتبَ أعمالًا فلسفيةً عدّةً، ووظّفَ أسلوبَ الحوارِ في كتابةِ أفكارِهِ، ومنْ أبرزِ مُؤلَّفاتِهِ: الجمهوريةُ، وفيدوسُ. وهوَ مُؤسِّسُ مدرسةِ الفلسفةِ المعروفةِ بالفكرِ المثاليِّ.
أرسطو: تلميذُ أفلاطونَ في أكاديميةِ أثينا، وُلِدَ في مقدونيا حواليْ عامَ 384 قبلَ الميلادِ. اهتمَّ بالفلسفةِ الطبيعيةِ والأخلاقيةِ والسياسيةِ، وأسّسَ المدرسةَ المعروفةَ بالأرسكولِ، وهوَ مُؤسِّسُ علمِ المنطقِ. لهُ مُؤلَّفاتٌ عدّةٌ مهمّةٌ، منها: الميتافيزيقا، والسياسةُ.