التربية الإسلامية فصل ثاني

المواد المشتركة أول ثانوي

icon

التَّعلُّمُ القَبليُّ

هيّأ الله تعالى لدينِ الإسلامِ شخصيّات عظيمة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي بكر الصِّدّيق، وعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان، وعليّ بن أبي طالب، وخديجة، وعائشة، وأمّ سلمة رضي الله عنهم.

وممّن جاء بعدهم من القادة الأوفياء الصادقين، والعلماء المصلحين الّذين دافعوا عن الإسلام وحََوْهُ، وكان لهم دور بارز في خدمته، كالبخاريّ ومسلم رحمهما الله والواجب علينا معرفة سِيَِر أولئك العظماء وتقديرهم والاقتداء بهم.

 

الفَهمُ والتَّحليلُ

صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله بطل من الأبطال وقائد مجاهد، كان له دور كبير في خدمة الإسلام.

أولًا: البطاقة الشّخصيّة والنّشأة

اسمه ونسبه

يوسف بن نجم الدّين أيوب التّكريتيّ.

ولادته

تكريت بالعراق عام 1138 م/ 532 ﻫ

ألقابه

اشتهر بلقبه (صلاح الدّين) في سوريّة قبل أن يصبح سلطانًا لمصر، وسمي بالملك الناصر.

نشأته 

قضى صلاح الدّين الأيوبيّ طفولته في كَنفِ والده نجم الدّين الّذي كان واليًا على تكريت في العراق.

 ثمّ انتقل مع والده إلى دمشق فنشأ فيها، وتربّى على الشّجاعة والحكمة مما جعل له مكانة مميّزة بين أقرانه.

 

ثانيًا: أخلاقه وصفاته

تميّز صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله بصفات كثيرة جعلت منه قائدًا كبيرًا، ومن ذلك:

أ. التّقوى والصّلاح:

  • كان رحمه الله ورِعًا تقيًّا ملتزمًا بشعائر الدّين وأحكامه حريصًا على الدّعوة إلى الله تعالى.
  • أُثِرَ عنه أنّه مكث سبعة عشر عامًا يجهِّز جيشه ويربّيهم على الإيمان بالله تعالى وطاعته وعلى العبادة قبل أن يسير بهم لتحرير المسجد الأقصى المبارك من الصّليبيّين.
  •  وفي أوج انتصاراته على الصّليبيّين يوم حطّين قال في خطبة النّصر: «أيها النّاس هذا يوم من أيام الله لا ينبغي فيه البغي ولا الفخر، فاسجدوا لله شاكرين».

ب. التسّامح:

  • فقد اشتهر بحسن معاملته أعداءَهُ، ومن ذلك:
    • تسامحه مع الصّليبيّين بعد فتح القدس، فلم ينتقم منهم لما فعلوه من مجازر وحشيّة عند احتلالهم القدس، بل عفا عمّن لا يملك الفدية من الأسرى واستأجر لهم سُفُنًا تردّهم إلى بلادهم الّتي جاؤوا منها.
    • ذكر المؤرِّخ ابن شدّاد في كتابه (النّوادر السُّلطانيّة والمحاسن اليوسفيّة) نماذج من معاملة صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله للصّليبيّين والّتي تمثّل قمّة التّسامح في الحضارة الإسلاميّة، فإنّ سيّدة من نساء الصّليبيّين فقدت رضيعها من الفوضى والاضطراب الّذي حلّ بالصّليبيّين بعد هزيمتهم في معركة حطّين، فتعالى صراخها حتّى وصل خبرها إلى ملوكهم، فقالوا لها: إنّ صلاح الدّين رجل رحيم القلب، فاخرجي واطلبي منه، أن يردّه عليك، فخرجت تستغيث فأخذها الجند إلى السُّلطان فأتته وبكت بكاء شديدًا فسألها عن أمرها فأخبرته بما حدث لها، فَرَقَّ قلبه ودمعت عيناه، وأمر بإحضار الرّضيع فورًا، ولم يزل واقفًا حتّى أُحضر الطِّفل وسلّمه إليها، ثمّ أمر بها فحُملت على فَرَس وأُلحقت بعسكرهم مع طفلها.

ج. الشّجاعة:

  • عُرف بقوّته وشدّة بأسه وثباته.
  • فقد انهزم جيشه في إحدى المعارك مع الصّليبيّين قرب عكّا حتّى سقطت الرّاية، وهو ثابت مع مجموعة قليلة، فانحاز إلى جبل، وجمع النّاس، وحثّهم على الجهاد في سبيل الله تعالى، ومقاومة الصّليبيّين المحتلّين، ولم يزل كذلك حتّى تحقّق له النّصر.

 

ثالثًا: دوره في خدمة الإسلام

أ . نشرُهُ العِلمَ:

عُرف صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله باهتمامه الشّديد بالعلم، ووعيه بدور العلم في نهضة الأمّة، وممّا يدلّ على ذلك:

  • قيامه ببناء المساجد للعبادة والتّدريس والقضاء.
  • فتح الكتاتيب لتعليم الصّغار.
  • أنشأ المدارس الشّرعيّة كالمدرسة النّاصريّة في القاهرة، والمدرسة الصّلاحيّة في القدس.
  • قام بالعناية بالعلماء وتقريبهم واستشارتهم، وتكريمهم، والأخذ بآرائهم وتوفير ما يحتاجونه لنشر العقيدة الصّحيحة، ومحاربة صور الضّلال والبدع المنتشرة بين النّاس آنذاك، ممّا ساهم في القضاء على أسباب الضّعف والفرقة.

ب. جهاده في سبيل الله تعالى:

  • تربّى صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله في بيت جهاد وتقوى؛ فوالده نجم الدّين وعمّه (أسد الدّين شيركوه) من قادة الجهاد في ذلك العصر.
  • وقد قضى صلاح الدّين رحمه الله فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدّين زنكي رحمه الله ملك دمشق الّذي قاد طليعة حملة تحرير بلاد الشّام من الصّليبيّين.
  •  ثمّ أصبح صلاح الدّين رحمه الله من القادة في جيش نور الدّين، فأرسله على رأس الجيش في الحملات إلى الشام وإلى مصر لمواجهة الصّليبيّين.
  • وقد نذر صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله حياته للجهاد في سبيل الله تعالى، ويظهر ذلك في مسيرة جهاده الطّويلة:
    • بذل رحمه الله جهدًا كبيرًا لتوحيد الشّام ومصر وليبيا والحجاز واليمن.
    • قام بمواجهة الحملات الصليبيّة وتحرير بلاد الشّام، حيث خاض رحمه الله سلسلة من المعارك الّتي انتصر فيها المسلمون وحقّقوا النّصر العظيم يوم حطّين بعد ثمانٍ وثمانين سنة من الاحتلال الصّليبيّ.
    • تقدّم بجيش المسلمين لبيت المقدس فحاصروا الصّليبيّين فيها حصارًا شديدًا حتّى استسلموا وطلبوا الصُّلح، فدخلها صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله محرّرًا لها في مشهد عظيم، وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق لذكرى الإسراء والمعراج في السّابع والعشرين من رجب من عام 583 ﻫ الموافق 1187 م.
    • حمل صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله معه هديّة التّحرير للمسجد الأقصى المبارك؛ وهو مِنْبَر أمرَ بصُنْعِهِ نورُ الدّين زنكي رحمه الله ليضعه في المسجد الأقصى بعد أن يقوم بفتح المدينة، لكنّ الموت عاجله قبل ذلك، فقام صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله بهذه المهمّة.

 

رابعًا: وفاته

  • مرض صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله بالحمّى بعد صلح الرّملة الّذي جرى بين المسلمين والصّليبيّين، وتُوفّي على إثر ذلك عام 589 ﻫ، بعد حياة حافلة بالجهاد في سبيل الله تعالى.
  •  دفن رحمه الله في ضريح قرب الجامع الأُمويّ في دمشق إلى جوار الملك نور الدّين زنكي رحمه الله.

 

الإِثراءُ والتَّوسُعُ

  • يُعَدُّ صلاح الدّين الأيوبيّ رحمه الله محرّر القدس والمسجد الأقصى المبارك.
  •  وصفت شخصيّته بأنها ملهمة للأدباء في الملاحم والأشعار، فقد أُلِّفت عشرات الكتب عن سيرته وحياته، وتناولتها المسرحيّات والأعمال الدّراميّة.
  •  وبالرّغم من كونه خصمًا عنيدًا للأوروبيّين فإنّ صلاح الدّين رحمه الله في الوعي الأوروبيّ ظلّ نموذجًا للفارس الشّهم، حتّى إنّه ذُكِرَ في ملحمة شعبيّة شعريّة من القرن الرّابع عشر تصف أعماله البطوليّة، كما ذُكِرَ في روايات متعدّدة.