الفكرة الرئيسة: القرضُ مِنَ المعاملات الّتي أباحَها الشرَّعُ وحثَّ عَلَيْها؛ لحاجةِ النّاسِ إليهِ في سدِّ حاجاتِهِمْ، وإظهارًا لمعنى التّكافلِ الاجتماعيِّ بينَهُمْ، وقَدْ وضعَ لَهُ الإسلامُ مجموعةً مِنَ الأحكامِ والآدابِ. |
أولاً: مفهومُ القرضِ
أَنْ يأخذَ شخصٌ مِنْ آخَرَ مالًا على أَنْ يردَّهُ بعدَ مدةٍ مِنْ دونِ زيادةٍ.
وبالتالي فإن أركان عقدِ القرض هي:
1. الصيغةُ: وهِيَ الإيجابُ والقبولُ.
2. العاقدانِ: وهُما المُقْرِضُ والمقْتَرِضُ.
3. محلُّ العقدِ: وهُوَ المالُ المُقْرَضُ.
ثانيًا: حُكمُ القرضِ
- القَرضُ سُنةٌ في حقِّ المُقْرِضِ، ومباحٌ في حقِّ المقترِضِ، وقد ثبَتَتْ مشروعيتُهُ في الكتابِ والسّنّةِ، وَمِنْ أدلةِ ذلكَ:
- قالَ تعالى: (وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا(.
- عَنْ عبدِ اللهِ بنِ ربيعةَ أَنَّ سيدَنا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم استلفَ منْهُ حينَ غزا حُنَينًا ثلاثينَ أَوْ أربعينَ ألفًا، فلمّ قدِمَ قضاها إيّاهُ. ثمَّ قالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم : «بارَكَ اللهُ لَكَ في أَهلِكَ ومالِكَ، إنَّما جزاءُ السَّلفِ الوفاءُ والحمدُ"
- ولا يصحُّ للمُقرِضِ أَنْ يشترطَ الزّيادةَ على القرضِ، فإذا اشترطَ زيادةً كانَ مِنَ الرّبا المحرّمِ.
ثالثًا: الحكمةُ مِنْ مشروعيةِ القرضِ
شرعَ الإسلامُ القرضَ لحِكمٍ كثيرةٍ، مِنْها:
أ. تفريجُ كُرَبِ النّاسِ، وقضاءُ حوائجِهِمْ، وتشجيعُهُمْ على فعلِ الخيرِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نفَّسَ عَنْ مؤمنٍ كُربةً مِنْ كُرَبِ الدنيا نفَّسَ الله عنهُ كُربةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، ومَنْ يسَّرَ على مُعسر يس~ر الله عليهِ في الدنيا والآخرةِ».
ب. التكافلُ والتعاونُ بَينَ أفرادِ المجتمعِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « مَثلُ المؤمنينَ في تَوادِّهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، مَثلُ الجَسدِ، إذا اشتَكى منه عُضوٌ تَداعى سائرُ الجَسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى».
رابعًا: أحكامُ القرضِ وآدابُهُ
للقرضِ أحكامٌ وآدابٌ ينبغي مراعاتُها، مِنْها:
أ) التوثيقُ: يُستحَبُّ توثيقُ القرضِ؛ ضمانًا للحقوقِ ودفعًا لتنازعِ الأطرافِ، ومِنْ وسائلِ توثيقِ القرضِ:
- كتابة الدَّينِ.
- الإشهادُ على الدَّينِ.
- وَقَدْ أجازَ الإسامُ الكفالةَ، وَهِيَ أَنْ يتعهَّدَ طرفٌ ثالثٌ غيرُ المَدينِ والدّائنِ يُسمّى (الكفيلَ) بِقضاءِ الدَّينِ عِنْدَ حُلولِ موعدِ السّدادِ، إذا امتنعَ المَدينُ مِنْ دفعِهِ أَوْ عجزَ عَنْ ذلكَ.
- كَما أجازَ الإسلامُ الرَّهْنَ، وَهُوَ ما يقدّمُهُ المَدينُ للدّائنِ ضمانًا لِسدادِ الدَّينِ.
- قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أخذَ أموالَ النّاسِ يريدُ أداءَها أدّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أخذَ يريدُ إتلافَها أتلفَهُ اللهُ » [رواه البخاري].
ب) إمهالُ المقرضِ للمَدينِ مدةً مِنَ الزّمنِ إِنْ كانَ مُعسرا حتّى يتمكّنَ مِنْ سَدادِ الدَّينِ، قالَ تَعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ، أَوِ التّصدقُ بالقرضِ أَوْ بجزءٍ منهُ على المَدينِ، قالَ سيدُنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «من أنظرَ معسرًا أو وضعَ لهُ أظلَّهُ اللهُ في ظِلِّهِ » [رواه مسلم].
أستزيدُ تقدمُ البنوكُ الإسلاميةُ قرضًا حسنًا لمتعامِليها عَنْ طريقِ بطاقةٍ مصرفيةٍ تسمّى "البطاقَة الائتمانيةَ"، وهِيَ بطاقةٌ ممغنَطةٌ يستخدمُها العميلُ في شراءِ السّلعِ والسَّحبِ النّقديِّ، ولا يلزمُ أَنْ يكونَ للعميلِ رصيدٌ في البنكِ، على أَنْ يتمَّ السّدادُ خلالَ مدةٍ معيّنةٍ مِنْ دونِ زيادةٍ. |