تناولتِ الآيات جانبًا من قصة موسى عليه السلام بعد اضطراره إلى الهجرة من مصر هربًا من فرعون، وانتقاله إلى مدين
ولما اقترب رأى أغنام يجتمعون حول الماء ليسقوا أغنامهم، وكان هناك امرأتان تمنعان أغنامهما من السقاء، فعرف منهما أنّ أباهما شيخ كبير، فلا حيلة لهما إلا أن تقوما بهذا العمل، فبادر إلى مساعدتهما، وتقدم فسقى لهما على الرغم من تعبه ومسيره الطويل.
ولما علم أبوهما بما فعله موسى بعث إحدى ابنتَيْه لتستدعيه ليجزيه، ولما جاءه موسى عليه السلام قص عليه قصته مع قوم فرعون، فطمأنه والد الامرأتين، ثم اقترحت إحدى الامرأتين على أبيها أنْ يستأجره لقوته وأمانته .
الآيات الكريمة :
قال تعالى : (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) ) [القصص : 20 ، 26]
الشرح :
(وجاء رجل من أقصى المدينة) أي : آخرها فاختصر طريقًا قريبًا حتى سبقهم إلى موسى (يسعى) : أي يسرع في المشي فأخبره بذلك وأنذره وكان الرجل حزقيل مؤمن آل فرعون وقيل رجل اسمه شمعون وقيل سمعان .
(قال يا موسى إن الملأ) :أي الأشراف من آل فرعون.
(يأتمرون بك): أي يتشاورون فيك عن أبي عبيدة وقيل يأمر بعضهم .
(ليقتلوك فاخرج): من أرض مصر .
(إني لك من الناصحين): في هذا يقال نصحته ونصحت له .(فخرج منها): أي من مدينة فرعون .
(خائفًا) : من أن يطلب فيقتل .
(يترقب): الطلب (قال رب نجني من القوم الظالمين): قال ابن عباس خرج موسى متوجهًا نحو مدين وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه قال رب نجني من فرعون وقومه وقيل أنه خرج بغير زاد ولا ماء ولا حذاء ولا ظهر وكان لا يأكل إلا من حشيش الصحراء حتى بلغ ماء مدين .
(ولما توجه تلقاء مدين) : التوجه صرف الوجه إلى جهة من الجهات وقوله هذا المعنى يتوجه إلى كذا أي هو كالطالب له يصرف وجهه إليه قال الزجاج معناه ولما سلك في الطريق الذي يلقى مدين فيها وهي على مسيرة ثمانية أيام من مصر نحو ما بين البصرة إلى الكوفة ولم يكن له علم بالطريق .
ولذلك (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل): أي يرشدني قصد السبيل إلى مدين وقيل سواء السبيل وسطه المؤدي إلى النجاة لأن الأخذ يمينًا وشمالًا لا يباعد عن طريق الصواب وقيل أنه لم يقصد موضعًا بعينه ولكنه أخذ في طريق مدين وقال عكرمة عرضت لموسى أربعة طرق فلم يدرِ أيتها يسلك ولذلك قال عند استواء الطرق له (عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) فلما دعا ربه استجاب له ودله على الطريق المستقيم إلى مدين، وقيل جاء ملك على فرس بيده عنزة فانطلق به إلى مدين وقيل أنه خرج حافيًا ولم يصر إلى مدين حتى وقع خف قدميه.
(ولما ورد ماء مدين): وهو بئر كانت لهم .
(وجد عليه أمة من الناس يسقون): أي جماعة من الرعاة يسقون مواشيهم الماء من البئر.
(ووجد من دونهم امرأتين تذودان): أي تحبسان وتمنعان غنمهما من الورود إلى الماء عن السدي وقيل تذودان الناس عن مواشيهما عن قتادة وقيل تكفان الغنم عن أن تختلط بأغنام الناس عن الحسن فترك ذكر الغنم اختِصارًا .
(قال) :موسى لهما .
(ما خطبكما): أي ما شأنكما وما لكما لا تسقيان مع الناس .
(قالتا لا نسقي): عند المزاحمة مع الناس.
(حتى يصدر الرعاء): أي حتى ينصرف الناس فإنا لا نطيق السقي فننتظر فضول الماء فإذا انصرف الناس سقينا مواشينا من فضول الحوض .
(وأبونا شيخ كبير): لا يقدر على أن يتولى السقي بنفسه من الكبر ولذلك احتجنا ونحن نساء أن نسقي الغنم وإنما قالتا ذلك تعريضًا للطلب من موسى أن يعينهما على السقي وقيل إنما قالتا ذلك اعتذارًا إلى موسى في الخروج بغير محرم .
(فسقى لهما): معناه فسقى موسى غنمها الماء لأجلهما وهو أنه زحم القوم عن الماء حتى أخرجهم عنه ثم سقى لهما وقيل رفع لأجلهما حجرًا عن بئر كان لا يقدر على رفع ذلك الحجر عنها إلا عشرة رجال وسألهم أن يعطوه دلوًا فناولوه دَلْوًا وقالوا له: انزح إن أمكنك وكان لا ينزحها إلا عشرة فنزحها وحدة وسقى أغنامهما .
(ثم تولى إلى الظل): أي ثم انصرف إلى ظل سمرة فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع (فقال رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير): سأل نبي الله فلق خبز يقيم به صلبه لأنه كان يأكل بقلة الأرض لقد كانت خضرة البقلة ترى من شفيف صفاق بطنه لهزاله وتشذب لحمه.
(فجاءَتْه إحداهما تمشي على استحياء): أي مستحية لا تحسن المشي بين أيدي الرجال والكلام معهم وقيل أراد أنها كانت تمشي عادلة عن الطريق .
(قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا): أي لِيكافئك على سقيك لغنمنا وأكثر المفسرين على أن أباها شعيب (عليه السلام) .
(ليجزيك أجر ما سقيت لنا): كره ذلك موسى وأراد أن لا يتبعها ولم يجد بُدًّا من أن يتبعها لأنه كان في أرض مسبعة وخوف فخرج معها وكانت الريح تضرب ثوبها فتصف لموسى عجزها فجعل موسى يعرض عنها مرة ويغض مرة فناداها يا أمة الله كوني خلفي وأرني الطريق بقولك .
فلما دخل على شعيب إذا هو بالعشاء مهيِّئًا فقال له شعيب: اجلس يا شاب فتعشَّ فقال له موسى: أعوذ بالله، قال شعيب: ولِمَ ذاك؟ ألَستَ بجائع! قال: بلى، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضًا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئًا من عمل الآخرة بِمُلْكِ الأرض ذهبًا، فقال له شعيب: لا والله يا شاب، ولكنها عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم الطعام قال فجعل موسى يأكل .
(فلما جاءه وقص عليه القصص): أي فلما جاء موسى شعيبًا وقص عليه أمره أجمع من قتل القبطي وأنهم يطلبونه ليقتلوه.
(قال): له شعيب (لا تخف نجوت من القوم الظالمين): يعني فرعون وقومه فلا سلطان له بأرضنا ولسنا في مملكته .
ثم ذكر سبحانه أمر موسى في مدين وانصرافه عنه فقال (قالت إحداهما): أي إحدى ابنتيه واسمها صفورة وهي التي تزوج بها واسم الأخرى ليا وقيل إن اسم الكبرى صفراء واسم الصغرى صفيراء .
(يا أبت استأجره): أيِ اتَّخِذْهُ أجيرًا .
(إن خير من استأجرت القوي الأمين): أي خير من استعملت من قوي على العمل وأداء الأمانة، قال عمر بن الخطاب لما قالت المرأة هذا: قال شعيب: وما علمك بأمانته وقوته؟ قالت: أمّا قوته فلأنه رفع الحجر الذي لا يرفعه كذا وكذا وأما أمانته فإنه قال لي امشي خلفي فأنا أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي عجزك، وقيل القوي في نزعه الحجر من البئر وكان لا يستطيعه إلا النفر . الأمين في غض طرفه عنهما حين سقى لهما فصدرتا وقد عرفتا قوته وأمانته فلما ذكرت المرأة من حاله ما ذكرت زاده ذلك رغبة فيه .
القضايا اللغوية :
ما هو المعجم الوسيط؟
هو كتاب عربي كبير، أصدره مجمع اللغة العربية بالقاهرة لأول مرة عام 1960، وقد أعيدت طباعته لأكثر من مرة. ويقدم المعجم الوسيط للقارئ والمثقف ما يحتاج إليه من مواد لغوية بأسلوب بسيط وميسر. والكلمات في المعجم الوسيط مرتبة وفق الترتيب الهجائي للحروف ( أ، ب، ت،ث،…، هـ، و، ي).
استعمال المعجم الوسيط:
1- البحث عن الفعل المجرد مباشرة حيث نبحث عن الفعل المجرد مباشرةً.
فكلمة (خَفَرَ) نأخذها كما هي، ونبحث عنها في باب الخاء؛ حيث نجد مفرداتٍ وافرةً تبدأ بهذا الحرف ولكنها تتسلسل وفق الحرف الثاني منها والثالث وهكذا؛ فكلمة (خَبَزَ) تأتي قبل كلمة (خَدَمَ)، وكلمة (خَفَقَ) تأتي قبل كلمة ( خَلَقَ )، وكلمة ( برهَنَ) تأتي في باب الباء، وكلمة ( ترجمَ ) تأتي في باب التاء، وهكذا.
2- تجريد الكلمة المزيدة حيث نجرد الكلمة المزيدة من حروف الزيادة.
فكلمة (العلاقة) تُرد إلى أصلها الثلاثي (علقَ) وكلمة (انهمار) أصلها ( همر). وكلمة (مزمجرٌ ) أصلها ( زَمجرَ)، وهكذا.
3- ردّ الجموع إلى مفردها حيث ترد الجموع إلى مفردها.
مثل (أعلام) مفردها (علم) فنبحث عنها في باب العين. أما إذا كان المفرد فيه حروف زائدة فنرده إلى أصله مثل (مقترعين) مفردها (مقترع) وأصلها (قرع) فنبحث عنها في باب القاف.
4- رد الأفعال المضارعة وأفعال الأمر إلى ماضيها.
حيث تُردّ الأفعال المضارعة وأفعال الأمر إلى ماضيها فإن كان مزيدًا جردناه من حروف الزيادة مثل الفعل المضارع (يستأذن) ماضيها (استأذن) ومجرده (أذِنَ) فنبحث عنه في باب الهمزة. والفعل المضارع (يَعِدُ) ماضيه (وَعَدَ) فنبحث عنه في باب الواو. أما فعل الأمر (ابتعدْ) فإن ماضيه (ابتعدَ) ومجرده (بَعُدَ) فنبحث عنه في باب الباء، وفعل الأمر (قفْ) ماضيه (وَقَفَ) فنبحث عنه في باب الواو .
5- رد الكلمات التي تنتهي بالألف ( كحرفٍ أصلي) إلى أصلها حيث إذا كان في الكلمة حرف العلة الألف (حرف أصلي) ترد الألف إلى أصلها (و، ي).
بأن نأخذ المضارع أو المصدر مثل: الفعل (رمى) مضارعه (يرمي) إذن أصل الكلمة (رمي). والفعل (باعَ) مضارعه (يبيعُ) فأصل الكلمة (بيع). والفعل (نام) مصدره (نوم) فأصل الكلمة (نوم ). والفعل (سعى) مصدره (سعي) فأصل الكلمة (سعي).
6- فك تضعيف الكلمات المُضعّفة حيث نفك تضعيف الكلمات المضعفة .
فكلمة (جَدَّ) نجدها تحت (جدد). وكلمة (هَبّ) نجدها تحت (هَبَبَ).
فوائد المعجم الوسيط : ويفيدنا المعجم في معرفة أمورٍ أخرى غير معاني الكلمات مثل: الضبط الصحيح للكلمات. والمفرد والجمع. وجذر الكلمات.
الكتابة:
الفقرة مجموعة من الجمل المترابطة التي تكون الفكرة ووظيفتها تقسيم أفكار الكاتب وحدات. وتمتاز الفقرة بأنها:
1- تبدأ بسطر جديد.
2- تنتهي بعلامة ترقيم غالبًا تكون نقطة .
. 3- تتناول فكرة جزئية واحدة.
4- فيها جملة مفتاحية.
5- فيها جملة ختامية.
مثال :
يحكى أن بعض رعاة الغنم من العرب لاحظوا أن أغنامهم ظلت طوال إحدى الليالي لا تنام، وعندما فكروا فيما عسى أن تكون قد أكلت من بعض بذور نباتات برية ولما أكلوا منها في اليوم الثاني أصيبوا بالأرق من شده التنبيه وكان هذا أول ما عرفوه عن البن.
الفكرة العامة: اكتشاف البن.
الجملة المفتاحية: يحكى أن بعض رعاة الغنم من العرب.
الجملة الختامية: وكان هذا أول ما عرفوه عن البن.
اكتب في واحد من الموضوعين الآتيين مراعيًا ما تعلمته عن الفقرة:
1- أهمية الوقوف مع الأهل والجيران والأصدقاء في الظروف الصعبة.
2- فوائد المبادرة في الحياة والمجتمع.